1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : علم اللغة : قضايا لغوية أخرى :

المغرب وتعريب البربر

المؤلف:  د. محمود فهمي حجازي

المصدر:  اسس علم اللغة العربية

الجزء والصفحة:  ص284- 292

21-4-2019

2780

 

المغرب وتعريب البربر:
كانت هجرة بني هلال وبني سليم هي العامل الحاسم في تعريب المغرب في القرن الحادي عشر الميلادي، فالفتح الاسلامي كان ذا أثر في تعريب منطقة الساحل،

ص284

 

وفي هذا يقول ابن خلدون: "العرب لم يكن المغرب لهم في الأيام السابقة بوطن، وإنما انتقل إليه في أواسط المائة الخامسة أفاريق من بني هلال وسليم اختلطوا في الدول هناك"(1). وفي موضع آخر يقول ابن خلدون: العرب لم يوطنوا المغرب، ثم إنهم دخلوا إليه في منتصف المائة الخامسة وأوطنوه، وافترقوا بأحيائهم وحللهم في جهانة(2)". والعبارتان تحملان قدرًا من التعميم الذي لا تبرره القرائن التاريخية التي نستقي بعضها من كتابات ابن خلدون نفسه، وعنصر التعميم هنا نفي ابن خلدون وجود تعريب في المغرب قبل الهجرة الهلالية.
وقد لاحظ اللغوي الفرنسي وليام مارسيه وجود مجموعتين اثنتين من اللهجات العربية في المغرب(3) فالمدن الساحلية مثل القيروان وتونس وتلمسان وفاس تختلف في لهجاتها -وهي متشابهةمتقاربة- عن لهجات البدو والمناطق الريفية ومنخضات برقة وجنوب تونس والريف الجزائري وجنوب المغرب والسواحل الجنوبية. وبهذا تنقسم لهجات المغرب إلى مجموعتين متميزتين، تمثل كل مجموعة منهما مرحلة بعينها من مرحلتي تعريب المغرب. فالمجموعة الأولى وريث اللغة المشتركة التي تكونت في القرون الثاني والثالث والرابع للهجرة مع قيام المدن العربية في المغرب، والمجموعة الثانية وريث لهجات بني هلال وبني سليم.
المجموعة الأولى -في المقام الأول- لهجات مدن، ويدعم هذا قول ابن خلدون عن عرب الفتح في المغرب: "إن الملك الذي حصل لهم يمنعهم من سكنى

ص285

 

الضاحية ويعدل بهم إلى المدن والأمصار". وينبغي أن نلاحظ هنا أن هذه المجموعة من اللهجات تضم كذلك عددًا من اللهجات التي أثبتتها الدراسات الميدانية الحديثة للمناطق الزراعية التالية: الساحل التونسي، المنطقة الساحلية شمال قسطنطينة، ومنطقة تراره شمال قسطنطينة، وكذلك مرتفعات جبالة في شمال فارس، وكل هذه اللهجات تكون مجموعة واحدة تتفق في عدد من الخصائص التي تميزها عن اللهجات العربية الأخرى في المغرب. فالمجموعة الأولى أقدم من المجموعة الثانية، يتضح هذا من كثرة الألفاظ البربرية بها، كما يتضح من أثر اللغة البربرية في هذه اللهجات.
إن هذه اللهجات كانت في القرون الأولى جزرًا لغوية عربية في منطقة تحيط بها لهجات بربرية مختلفة.
ومع هذا فقد تم في وقت مبكر تعريب قسم من البربر، فلا شك أن التعامل بالعربية مع مراكز الحكم جعل بعض البربر المحيطين بتلك المراكز يقبلون على تعلم العربية، وليس صحيحًا أن المناطق التي تعربت قبل الموجة الهلالية في القرن الحادي عشر الميلادي كانت تضم عرب الفتح وحدهم، فالبربر الذين بادروا إلى الإسلام وانتظموا في جيوش الفتح الإسلامي الزاحف إلى الأندلس اختلطوا بالعرب وتزاوجوا معهم، فاتخذت كثرة من الأسر الإسلامية الجديدة أنسابًا عربية ليدخلوا في الأرستقراطية الحاكمة. وبعد تأسيس مدينة فاس سنة 193هـ أصبحت هذه المدينة مركزًا للعرب والمتعربين في المغرب ولمن اضطروا لهجر الأندلس أو تونس في الظروف السياسية المضطربة.
وفي نفس الوقت كانت العلاقات بين الأندلس والمغرب الأقصى تدعم مكانة العربية باعتبارها لغة التعامل المشتركة فضلا عن كونها لغة القرآن الكريم، وبذلك أسهمت هذه العلاقات في تعريب المنطقة. وقد لاحظ الباحثون تشابه ما عرف عن اللهجات العربية في أسبانيا والاستخدام اللغوي في هذه المدن المغربية الأولى.
أما المجموعة الثانية من اللهجات العربية في المغرب فهي لهجات تتحدث بها

ص286

 

مجموعات بشرية تنتسب إلى بني هلال وبني سليم. ومعروف أن هجرة بني هلال وبني سليم على المغرب "تغريبة بني هلال" أحدثت أكبر تحول بشري عرفته المنطقة في العصور الوسطى. وينبغي أن نقف قليلا لنتابع ظروف تحركاتهم وخط سيرهم، فقد دخل الهلاليون مصر الفاطمية بدعوة من حكامها وعاشوا في الصعيد حياة بدوية، الغزو أحد مقوماتها "فعم ضررهم، وأحرق البلاد والدولة شررهم". وما لبث الفاطميون أن فكروا في دفعهم إلى المغرب ليقفوا في وجه البربر من صنهاجة الذين ثاروا على التبعية للفاطميين. وفي هذا يقول ابن خلدون: "دفعهم إلى حرب صنهاجة، ليكونوا عند نصر الشيعة والسبب في الدفاع عن الدولة، فإن صدقت المخيلة في ظفرهم بالمعز وصنهاجة كانوا أولياء للدعوة وعمالا بتلك القاصية، وارتفع عدوانهم عن ساحة الخلافة، وإن كانت الأخرى فلها ما بعدها"(4). وترغيبًا لبني هلال في دخول المغرب "وصل عامتهم بعير ودينار لكل منهم، وأباح لهم إجازة النيل، وقال لهم أعطيتكم المغرب وملك المعز بن بلكين الصنهاجي العبد الآبق فلا تفتقرون"(5). وهكذا تحركت بطون كثيرة من بني هلال متجهين إلى المغرب العربي، وفي هذا يقول ابن خلدون: "سارت ... جميع بطون هلال إلى أفريقية كالجراد المنتشر لا يمرون بشيء إلا أتوا عليه حتى وصلوا أفريقية سنة ثلاث وأربعين "443هـ"(6). وهكذا بدأت "تغريبة بني هلال" وبدأت بذلك سلسلة طويلة من الصدام والصراع بين الغازين وأبناء المنطقة. وقد اهتم ابن خلدون بهذه الموجة، واستخدم مصطلح "عرب الفتح" للدلالة على الموجة العربية الأولى التي دخلت المغرب، فهو يقول: "ولما تزاحم الفريقان انخذل بقية عرب الفتح وتحيزوا للهلالية للعصبية القديمة، وخانته زناتة وصنهاجة وكانت الهزيمة

ص287

 

على المعز"(7)، وهكذا دخل بنو هلال وبنو سليم المغرب.
وبعد فترة سادها الصدام البدوي المعتاد والغزوات المتجددة، لاحظ الهلالية والبربر أن نمط حياتهم ومثلهم متشابهة متماثلة، وفي هذا يقول ابن خلدون: البربر "أشبه الخلق بالعرب" فالبداوة ليست ظاهرة عربية ينفرد بها العرب، وما زلنا نعرف إلى اليوم بدوًا من البربر في المغرب، بل ويعتبر الطوارج "بجيم مصرية" أكثر البربر تبديا، وهم لا يمتون بصلة مباشرة إلى العرب، فهم لا يستخدمون في التعامل اليومي المحلي البربرية.
كان البربر والعرب الغازون يمثلون نمطًا من أنماط الحياة يقوم على الرعي، ويدور داخل القبيلة، ويحتفل بالدم والأنساب. وأدى هذا التشابه إلى الاندماج بين العرب والبربر. وكان من الممكن أن يؤدي هذا الاندماج إلى ذوبان العرب في البربر لولا أن اللقاء كان في إطار الإسلام والحضارة العربية الإسلامية وبذا كان هذا الإندماج مشجعًا على تعريب أكثر البربر في المغرب.
ونستطيع تتبع مراحل التعريب في ضوء ما كتبه المؤرخ ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي، فهو يصور لنا ثلاثة قرون من الانتقال المكاني والاندماج البشري والتحول اللغوي في المغرب.
لقد صور ابن خلدون انتشار العرب في المغرب قبل تغريبة بني هلال قائلًا: "إن آخر مواطن العرب كانت برقة، وكان فيها بنو قرة بن هلال بن عامر .... ولما أجاز بنو هلال وسليم إلى المغرب خالطوهم في تلك المواطن، ثم ارتحلوا معهم إلى المغرب .... وبقي في مواطنهم لهذا العهد -القرن الرابع عشر الميلادي-

ص288

 

حياء بن جعفر"(8). ومضت تحركات الهلالية وزاد اندماجهم لا مع عرب الفتح فحسب، بل مع البربر كذلك. ويهمنا هنا أن كثيرًا من القبائل البربرية قد تعربت بين القرنين الحادي عشر عندما دخل الهلالية، والرابع عشر عندما دون ابن خلدون كتابة: العبر. لقد تعربت قبائل بربرية كثيرة، فقبيلة كتامة من قبائل البربر(9) ولكنها كانت قد تعربت باندماج أهلها مع بني سليم، وأخذ التجمع البشري الناتج ينتسب إلى بني سليم، وفي هذا يقول ابن خلدون: وهم ينتفون من نسب كتامة ويفرون منه لما وقع من أربعمائة سنة من النكير على كتامة بانتحال الرافضة وعداوة الدول بعدهم فيتفادون الانتساب إليهم، وربما انتسبوا في سليم من قبل مضر، وليس بصحيح"(10).
وذكر ابن خلدون بطونًا أخرى، كانت بربرية ثم اختلطت وتعربت فنسبت نفسها إلى العرب(11). ومن أهم الأمثلة الدالة على تعريب قبائل من البربر بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر تعربًا كاملًا ما دونه ابن خلدون عن الهوارة(12)، فهذه القبيلة الكبرى كانت من بطون البرانس، يتفق في هذا نسابة البربر والعرب، وكانت مواطنهم في القرن العاشر الميلادي -كما نقل ابن خلدون عن البكري- بنواحي طرابلس وما يليها من برقة(13)، ولكنهم اختلطوا أول الأمر ببعض الهذليين الذين "جاءوا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى المغرب،

ص289

 

واختلطوا بهوارة وحطوا في عدادهم"(14). ويبدو أن اشتغالهم بالتجارة مع بلاد السودان عبر الصحراء ومع الإسكندرية عبر الساحل جعلهم ينتشرون في منطقة واسعة ويختلطون ببني سليم. وكانت بطون من بني سليم تعمر المنطقة الممتدة من الإسكندرية إلى برقة، وبمضي الوقت اندمج الهوارة في بني سليم فأصبحت منازلهم جميعًا بين برقة والإسكندرية، وما نكاد نصل إلى القرن الرابع عشر الميلادي حتى نجد الهوارة "صاروا في عداد الناجعة -عرب بني سليم- في اللغة والزي وسكنى الخيام وركوب الخيل والإبل وممارسة الحروب وإيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم، قد نسوا رطانة البربر واستبدلوها بفصاحة العرب، فلا يكاد يفرق بينهم"(15). وهكذا تحرك الهوراة شيئًا فشيئًا مقتربين من مصر وقد تعربوا باندماجهم مع بطون من بني سليم. ويبدو أن عددًا من الهوارة تحرك جنوباً إلى فزان فكانت لهم بها محطة تجارية عظيمة، أو كما يقول ابن خلدون: "كان لهم بها ملك ودولة"(16).
ولم تكن هوارة القبيلة البربرية الوحيدة التي اختلطت مع عرب بني سليم وبني هلال فتعربت، فابن خلدون يذكر أن المنطقة الممتدة غرب الدلتا كانت بها "قبائل رحالة ينتقلون في نواحي البحيرة هنا، ويعمرون أرضها بالسكنى والفلح ويخرجون في المشاتي إلى نواحي العقبة وبرقة" ويذكر ابن خلدون من هذه القبائل "بعض بطون لواته" ثم يقول: "ويندرج فيهم أخلاط من العرب والبربر لا يحصون كثرة"(17). ولنقف قليلا عند نسب قبيلة لواته، فهي

ص290

 

قبيلة من البربر تعربت شيئًا فشيئًا، وما نكاد نصل إلى عصر المقريزي حتى نجده يذكرهم بين القبائل العربية في مصر، ويقول: "وفي معظم بلاد البهنسا لواته، ومنهم طوائف بالجيزة وبالمنوفية"(18). وهكذا نلاحظ تحرك البربر المتعربين من المغرب الأوسط إلى البحيرة ثم إلى المنوفية والجيزة.
ولكن انتشار البربر المتعربين لم يقتصر على الوجه البحري، فقد ذكر المقريزى هوارة، وحار في أصلها بين العروبة والبربرية(19). ثم حدد منازلهم في عصره قائلا: "ثم قدم منهم طوائف إلى أرض مصر، ونزلوا بلاد البحيرة .... وهوارة التي ببلاد الصعيد أنزلهم الظاهر برقوق بعد وقعة بدر بن سلام هنا سنة اثنين وثمانين وسبعمائة تخمينًا"(20)، وهكذا دخلت مصر عدة قبائل عربية اللغة بربرية الأصل، فأسهمت في تعريب مصر بعد أن عربهم بنو سليم وبنو هلال في تغريبتهم بعد خروجهم من مصر.
ولننظر بعد هذا فيما كتبه ابن خلدون عن قبائل البربر المقيمين في المغرب في عصره، فنلاحظ مع الباحثين أن عددًا من القبائل البربرية التي ذكرها ابن خلدون في المغرب الأقصى والأوسط قد تعربت، فقبيلة زناتة البربرية(21) كانت في عصر ابن خلدون قبيلة بربرية كبيرة، يقول: "وشعارهم بين البربر اللغة التي يتراطنون بها، وهي مشتهرة بنوعها عن سائر رطانة البربر، ومواطنهم في سائر مواطن البربر بأفريقية والمغرب"(22)، ولكن أين هم اليوم؟ لقد ظهرت في المنطقة تجمعات

ص291

 

بشرية جديدة تنسب نفسها جميعًا إلى بني هلال وبني سليم وتتوسل بالعربية، ولو سلمنا بأنهم جميعًا من أحفاد الهلالية والسليمية لتصورنا المنطقة كانت خالية قبل التغريبة. والأدنى إلى الصواب أن نقول بأن هؤلاء البربر، ومنهم القبيلة العظيمة زناتة قد تزاوجوا مع العرب، فتعربوا كما تعربت هوارة ولواته قبل ذلك، وبذلك تغيرت الصورة اللغوية للمغرب، فأصبحت، ربوعه -بعض النظر عن الجزر اللغوية البربرية- عربية اللسان.
وختامًا لا بد أن نشير إلى أن المصادر التي ترسم لنا مراحل التعريب بعد القرن الخامس عشر لم تر النور بعد، وربما تكون المخطوطات العربية المغربية حافلة بمعلومات في هذا. غير أنا نود أن نوضح أن أكثر التنظيمات العشائرية هناك إنما ترجع على الأرجح إلى فترة الحكم التركي، وهي لا تنسب نفسها إلى زناته أو لواته، بل هي أولاد سيدي .... واليوم لا نجد التوزيع القديم، ولا نجد اللهجات البربرية الباقية إلا في مناطق مرتفعة. وهنا يحضرنا قول ابن خلدون: "إن العرب لا يتغلبون إلا على البسائط" أي على الأرض السهلة، فالواقع أن موجة التعريب وقفت عند جبال البربر العالية.
ص292

___________________

(1) المرجع السابق 6/ 8.

(2) المرجع السابق 6/ 27.
(3) انظر البحث التالي: W. Marcais, Comment Lafrique du Nord s'est arabisee, dans amales de lInst. Det. Orient. Facult, Lettres d'alger 1938, t. IV".

(4) ابن خلدون 6/ 30.
(5) المرجع السابق 6/ 30-31.
(6) المرجع السابق 6/ 31.
(7) المرجع السابق 6/ 32.

(8) المرجع السابق 6/ 8 -9.
(9) جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص51.

(10) ابن خلدون 6/ 304
(11) المرجع السابق 6/ 380.
(12) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 500.
(13) ابن خلدون 6/ 284.
(14) المرجع السابق 6/ 289.

(15) المرجع السابق 6/ 288.
(16) المرجع السابق 6/ 191 - 192.
(17) المرجع السابق 6/ 10.
(18) البيان والإعراب للمقريزي 27 - 28.
(19) المرجع السابق 58.

(20) المرجع السابق 58.
(21) جمهرة أنساب العرب لا بن حزم 495.
(22) ابن خلدون 7/ 3 وكذلك 7/ 13-14.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي