1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : علم اللغة : قضايا لغوية أخرى :

نمو المفردات في العربية

المؤلف:  د. محمود فهمي حجازي

المصدر:  اسس علم اللغة العربية

الجزء والصفحة:  ص314- 321

21-4-2019

965

 

نمو المفردات في العربية:
إن نظرة إلى جملة واحدة بسيطة في حديثنا اليومي أو أحد الكتب الحديثة أو القديمة لتعطينا كلمات لها تاريخ، ولكل كلمة في كل لغة تاريخ، فالكلمة تحيا وتستخدم وتتغير وتموت.. والعربية تعرف كلمات ترجع إلى اللغة السامية الأم، وهذه ترجع إلى ما قبل منتصف الألف الثالث قبل الميلاد، وهناك كلمات لا تعرفها

ص314

 

من اللغات السامية إلا العربية، عرفتها بعد أن هاجرت الجماعات السامية الأخرى من عهد الساميين، وهناك طائفة من المصطلحات استخدمت مع العلوم الإسلامية، وفوق هذا وذاك فهناك طائفة من الألفاظ الأجنبية تعربت تعربًا كاملًا، ولم نعد نحس اليوم أنها أجنبية، بجانب طائفة لا تزال عجمتها واضحة أمامنا، إن مستخدم اللغة لا يهتم بتاريخ الكلمة أو بأصلها، وكل ما يهمه هو أن يستطيع استخدامها، فالمتحدث ساعة استخدامه للغة لا ينظر إلى حياة كل كلمة بل يستعمل الرمز اللغوي لنقل الفكرة أو الانفعال إلى المتلقى أو للتنفيس عن عاطفة أو شعور. إن ماضي الكلمة وتاريخ اللغة أمر علمي يهتم به الباحثون. ولا غرابة، فالإنسان يحتاج اللغة كما يحتاج هواء للتنفس، ولكن معرفة طبيعة عملية التنفس وطبيعة مكونات الهواء أمران علميان يهمان الباحث كموضوع للبحث، ولا يهتم الإنسان العادي إلا بالممارسة العملية للغة وللتنفس، فدراسة حياة كل كلمة عمل علمي.
ولننظر في كتاب الفهرست لابن النديم إلى العنوان البسيط التالي: "أسماء النقلة من اللغات إلى اللسان العربي". لكل اسم من كلمات هذا العنوان في تاريخ اللغة قصة، فكلمة "اسم" كلمة سامية قديمة نجدها في صورة أو أخرى في كل اللغات السامية، نجدها في النقوش الأكادية المؤرخة في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. فهذه الكلمة يزيد عمرها إذن على خمسة وأربعين قرنًا. وقد بحثت الكلمة في ضوء المنهج المقارن. ويرى معظم الباحثين أنها من أصل ثنائي هو السين والميم أو الشين والميم ثم تطورت بعد هذا في اتجاه الثلاثي، والألف التي نراها في الخط العربي في هذه الكلمة هي ألف وصل تسقط في نطق الكلمة في السياق. والصيغة التي أمامنا من الكلمة هي صيغة جمع التكسير، وجمع التكسير ظاهرة خاصة بالمجموعة الجنوبية من اللغات السامية، أي أنه يوجد في الحبشية والعربية الجنوبية والعربية الشمالية، ولا يوجد في اللغات السامية القديمة في العراق والشام.

والكلمة الثانية في هذه العبارة هي كلمة "نقلة" وهي من المادة العربية نقل، وهذه تفيد النقل المادي أي نقل شيء من مكان إلى آخر، وتطور المعنى هنا إلى

ص315

 

النقل المعنوي ونقل الفكرة من لغة لأخرى. وهنا نؤرخ أن استخدام كلمة "ناقل- نقلة" بمعنى "مترجم، مترجمين" قد عرف في القرن الرابع الهجري عندما ألف كتاب الفهرست لابن النديم، والواقع أن دراسة تاريخ اللغة لا تحقق إلا بدراسة النصوص وتحليلها ثم بتتبع الظاهرة صوتية كانت أو صرفية أو نحوية أو دلالية تتبعًا تاريخيًّا يحدد على نحو دقيق زمن ظهور الكلمة ومكان ظهورها وتطور دلالتها على مر التاريخ.
يذكر ابن النديم في هذا العنوان كلمة "اللغات" و كلمة "اللسان"، ولا بد أن نقف قليلا عند الكلمتين، فالكلمة الثانية "اللسان" كلمة ترجع إلى أقدم اللغات السامية، هي من المعجم الأساسي المشترك في اللغات السامية حملتها الهجرة الأكادية معها، فهي أقدم من منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. ولو نظرنا إلى الكلمة في اللغات السامية الأخرى وجدناها في العبرية "لاشون" وفي الآرامية "لشانا" والكلمات الثلاث "لسان، لاشون، لشانا" كلمة واحدة من الناحية الاشتقاقية، فالسين في العربية يقابلها شين في العبرية والآرامية، وهذا قانون صوتي والقوانين الصوتية مطردة لا تعرف الشذوذ والحركة التي بعد السين في العربية هي فتحة طويلة وفي العبرية نجد بعد الشين ضمة طويلة، والواقع أن الفتحة الطويلة في العربية يقابلها دائمًا ضمة طويلة في اللغات الكنعانية، والعبرية إحدى اللغات الكنعانية، وهذا أيضًا قانون صوتي مطرد. وإذا نظرنا بعد هذا إلى الكلمة الآرامية "لشانا" لاحظنا أنها بفتحة طويلة، وقد كانت هذه الفتحة الطويلة أداة التعريف في الآرامية فالجماعات السامية الأولى لم تكن تعرف أداة للتعريف فطورت العربية لنفسها أداة هي "أل" تدخل في أول الكلمة وطورت الآرامية لنفسها فتحة طويلة تلحق بآخر الاسم لتفيد التعريف. الكلمات: "لسان، لاشون، لشانا" كلمة واحدة اشتقاقيا وتفيد كل واحدة اللسان. بالمعنى المادي "كجزء من الفم" ثم المعنى المعنوي أيضًا... فقد تحدثوا عن اللسان العربي أو اللسان الآرامي أو اللسان العبري.

ص316

 

لقد استمر استخدام كلمة اللسان بالمعنى المعنوي قرونا طويلة، وعندما تأسست في القرن الماضي مدرسة للغات والترجمة أطلق عليها اسم "مدرسة الألسن" وكان ناظر هذه المدرسة رفاعة رافع الطهطاوي يستخدم في كتبه كلمة "لسان" مثلما نستخدم اليوم كلمة "لغة" فهو يتحدث عن اللسان العربي واللسان الفرنساوي واللسان اللاطيني... ونحن نتحدث اليوم عن الإنجليزي والألماني والعربي والإيطالي، وهذا التعبير ظهر أولا كصفة وموصوف تجده في القرآن الكريم: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين}(1). ونجده عند ابن النديم في القرن الرابع الهجري: "اللسان العربي، اللسان السرياني، اللسان اليوناني" وعند ابن النديم نجد أيضًا حذف الموصوف والاكتفاء بالصفة، أي: بالعربي، بالسرياني، باليوناني أو إلى العربي أو إلى السرياني أو إلى اليوناني، ومن هنا استقر التعبير الشائع عندنا والذي كان صفة لا لمؤنث بل لمذكر هو اللسان.
أما كلمة "لغة" فترجع إلى أصل غير سامي، إنها من الكلمة اليونانية Logos , ومعناها: كلمة، كلام، لغة. وقد دخلت الكلمة العربية في وقت مبكر، فاللغويون العرب جامعو اللغة في القرن الثاني للهجرة تحدثوا عن لغات القبائل وكثيرًا ما وصفت الصيغة اللغوية التي اعتبروها ثانوية أو جانبية بأنها "لغة" وقالوا مثلا: إن كلمة شهد أو كبر فيها أربع لغات شَهْد شِهْد، شَهَد شِهَد وكذلك كبر. فاللغات هنا هي الصيغ أو الأشكال الفرعية. ولكنهم تحدثوا أيضًا عن اللغة بالمعنى الاصطلاحي الذي نعرفه اليوم لكمة: كلام، قالوا: لغته فاسدة أو لغته جيدة، ثم تغيرت دلالة هذه الكلمة في العربية إلى أن حلت شيئًا فشيئًا محل كلمة "لسان" إن الحديث عن تاريخ حياة أي كلمة تاريخ طويل فالكلمة تعيش وتتفاعل، والمعنى هو حصيلة الملابسات التي عاشتها الكلمة.

ص317

 

إن العربية لغة ذات قدرة بارعة في هضم الألفاظ الأجنبية وجعلها مثل الألفاظ الأصيلة فيها، فكلمة فيلسوف كلمة يونانية مركبة Philosoph, ومعناها الأول: محب الحكمة، دخلت الكلمة العربية مع عدد كبير من ألفاظ الحضارة والثقافة اليونانية، وعرفتها العربية في عصر الحضارة الإسلامية، ولكن العربية لم تكتف باستخدام الكلمة بل كونت منها كلمات جديدة، صاغت الفعل "تفلسف" وصاغت كلمة "فلسفة" وكلمة "المتفلسفة"، وكل هذه الكلمات صيغت وفق الضوابط العربية من المادة الأجنبية. وقد دخلت معظم الألفاظ اليونانية إلى العربية عبر اللهجات الآرامية التي سادت الشام والعراق قبل الإسلام، ولا سيما السريانية التي حملت ثقافة اليونان إلى العرب.
وبجانب هذا فهناك عدد كبير من الألفاظ الآرامية الدخيلة في العربية. إن حياة البادية القديمة لم تكن تعرف زراعة التفاح أو التوت أو الجميز أو الحمص أو الخوخ أو الرمان أو الفستق، لم تعرف البادية هذه الثمار إلا عن طريق المناطق الزراعية في الشام والعراق وكانت هذه المناطق آرامية، وعندما تعربت هذه المناطق احتفظت بهذه الكلمات للتعبير عن تلك السلع، وهذه كلمات آرامية استقرت في العربية(2).
وشبيه بهذه كلمة "باب" لقد أخذت من الكلمة الآرامية "بابا" والألف الأخيرة أو بمعنى أدق الفتحة الطويلة الأخيرة علامة التعريف الآرامية، ومعنى "بابا" الآرامية: شق، فراغ، خرق، قطع، قسم. وقد دخلت هذه الكلمة اللغة العربية بصيغتين، باب وبابه "نقلا عن بابا" ولها في العربية نفس المعاني: فهذا باب البيت وهذا باب للخروج من المأزق، وهذا باب في كتاب، هذا وقد

ص318

 

استخدم ابن دانيال في خيال الظل مصطلح "بابه" للتعبير عن القسم أو الفصل إن الكلمات الآرامية الدخيلة في العربية كثيرة متنوعة وكثير من الألفاظ دخل من اليونانية عبر الآرامية، لذا فدراسة الآرامية تفسر لنا كثيرا من جوانب تاريخ المفردات العربية.
كان شأن الألفاظ القبطية في مصر شبيها بالآرامية في الشام والعراق، ولذا فقد دخل اللهجة العربية في مصر عدد كبير من الألفاظ القبطية، فأسماء الشهور القبطية توت وبابه يعرفها كل فلاح في مصر، كما يعرف كل فلاح سوري أيلول وحزيران وشباط، فأسماء الشهور المتداولة في العراق والشام عرفها الآراميون عمومًا بنفس الشكل* والترتيب كما عرفنا مصر في العهد القبطي توت وبابه وهتور وكيهك وبرمودة وبرمهات. وهناك ألفاظ قبطية كثيرة لا تزال تعرفها لغة الحديث اليومي في مصر مثل: برسيم، بقوطي، بوري، هوش، هلوس، هجص، مهياس، ننوس، شلوت، واحة، طاش، ورور.
ويطول بنا القول لو تحدثنا عن كل العناصر الأجنبية التي دخلت الاستخدام اللغوي في المجتمع العربي، ولكنا نكتفي ببعض اللغات(3). فالتركية كانت لغة الطبقات الحاكمة اجتماعيًّا، وأثر هذا بأن دخلت بعض الألفاظ التركية إلى لغة الحديث في العالم العربي، فكلمة طظ "طوز" معناها ملح أو تافه أو تراب وهي تركيبة، وكلمة طاسلاق ومعناها فعل: بسرعة ودون عناية دخلت العربية من التركية فأصبحت في الحديث اليومي "طسلأ" وأصبح هذا الفعل متصرفًا مثل باقي أفعال اللهجات العربية. ويعرف أبناء الشام كلمة "بلش" كفعل بمعنى بدأ والواقع

ص319

 

أن هذه الكلمة من الأصل التركي: باشلامق بنفس المعنى، وقد اختصرت الكلمة وحدث فيها قلب مكاني بأن تبادلت اللام والشين مكانيهما على طريقة: أرانب أنارب، فأصبح "ب ش ل"، "ب ل ش" وقد استخدمت الكلمة كما يستخدم أي فعل في اللهجات العربية في الشام في مختلف التصريفات.
وهناك ألفاظ دخلت في شكلها التركي رغم كون بعض عناصرها من أصل عربي، فنحن نعرف السلاملك، وهو مكان السلام في القصور حيث كان الجنود يصطفون لتحية الباشا، والكلمة مركبة من كلمة سلام العربية والمقطع. لك في التركية وهو يفيد المكانية، فالسلاملك مكان السلام، والحرملك مكان الحريم، والسلاحلك مكان السلاح. وهناك ألفاظ صيغت في العهد التركي في مصر من عناصر فارسية، فنحن نعرف "مدرسة المبتديان" بالقاهرة، وقد أسست في القرن الماضي حاملة هذا الاسم. وكلمة المبتديان ذات نهاية فارسية خاصة بالجمع، وعلى هذا فهي "مدرسة المبتدئين"، وما زلنا نستخدم عبارة "كبير الياوران" ولا ننزعج من استخدام الألف والنون في المضاف إليه، وهذا لأن كلمة الياوران ليست إلا جمعًا، والجمع هنا بالنهاية الفارسية آن، وقد كانت الفارسية لغة يعرفها المثقفون في الدولة العثمانية، وكانت تدرس كلغة كلاسيكية. في بعض معاهد العلم في مصر في القرن الماضي حتي دخول الإنجليز.
كانت التركية أيضًا المعبر الذي انتقلت عليه ألفاظ أوروبية مختلفة إلينا، فنحن نعرف كلمة وابور وأصلها كلمة Vapour فكيف تحولت الـV إلى واو؟ الواقع أن هذا يفسر عن طريق استخدام الترك للخط العربي، فقد عبروا بحرف الواو عن صوت V في لغتهم فإذا أرادوا كتابة كلمة تركية أو أجنبية بها صوتV كتبوها باستخدام الواو، وعلى هذا فقد كتبوا كلمة وابور هكذا، ونطقوها كما لو كانت "فابور" ثم انتقلت الكلمة بصورتها المكتوبة إلى العربية فنطقت "وابور" أو اعتقد المتحدث العربي آنذاك أن أصلها واو لم يستطع التركي نطقها. ومن ثم دخلت الكلمة العربية بالواو. وشبيه ما نراه في كتب القرن التاسع عشر عندما

ص320

 

يكتبون اسم "فينا" بالواو، أي "وينا"، وهذه الظاهرة تفسر لنا وجود بعض أسماء الأعلام في العربية، لقد أخذ الترك عن العرب اسم "توحيدة" ولكنهم نطقوا الواو كما لو كانت ف V ولم ينطقوا بصوت الحلق الحاء فهو لا يوجد في لغتهم، لقد نطقوا كلمة توحيدة كما لو كانت "تفيدة"، ومن هنا ظهر في العربية اسم جديد هو "تفيدة".

وهكذا عاشت العربية وتطورت بنيتها في تفاعل دائم مع طبيعة العلاقات الاجتماعية والحضارية والسياسية والدينية التي سادت في المجتمع العربي عبر التاريخ.

ص321

____________________

(1) النمل: 194.

(2) حول الألفاظ الآرامية الدخيلة في العربية

s. frankel die aramaischen fromdwortor in arabischen, leiden 1978.
* ليس صحيحًا أنها "رومية" كما زعم المقدسي: أحسن التقاسيم 183.
(3) انظر في موضوع الألفاظ الدخيلة في العربية: جرجي زيدان: تاريخ اللغة العربية "القاهرة 1904".

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي