النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
التطور اللغوي العام (أثر العوامل الاجتماعية والنفسية والجغرافية في خصائص اللغة وتطورها, ونقد نظرية دو سوسور De Saussure)
المؤلف: د. علي عبد الواحد وافي
المصدر: علم اللغة
الجزء والصفحة: ص257- ص267
23-4-2019
5375
أثر العوامل الاجتماعية والنفسية والجغرافية في خصائص اللغة وتطورها, ونقد نظرية دو سوسور De Saussure
تتأثر اللغة أيما تأثر بحضارة الأمة، ونظمها وتقاليدها، وعقائدها واتجاهاتها ودرجة ثقافتها، ونظرها إلى الحياة، وأحوال بيئتها الجغرافية وشئونها الاجتماعية العامة ... وما إلى ذلك, فكل تطور يحدث في ناحية من هذه النواحي يتردد صداه في أداة التعبير, ولذلك تعد اللغات أصدق سجل لتاريخ الشعوب, فبالوقوف على المراحل التي اجتازتها لغة ما، وفي ضوء خصائصها في كل مرحلة منها، يمكن استخلاص الأدوار التي مر بها أهلها في مختلف مظاهر حياتهم.
فكلما اتسعت حضارة الأمة، وكثرت حاجاتها ومرافق حياتها، ورقي تفكيرها, وتهذبت اتجاهاتها النفسية، نهضت لغتها، وسمت أساليبها، وتعددت فيها فنون القول، ودقت معاني مفرداتها القديمة، ودخلت فيها مفردات أخرى عن طريق الوضع والاشتقاق والاقتباس للتعبير عن المسميات والأفكار الجديدة. وهلم جرا. واللغة العربية أصدق شاهد على ما نقول؛ فقد كان لانتقال العرب من همجية الجاهلية إلى حضارة الإسلام، ومن النطاق العربي الضيق الذي امتازت به حضارتهم في عصر بني أمية, إلى الأفق العالمي الواسع الذي تحولوا إليه في عصر بني العباس، كان لهذين الانتقالين أجلَّ أثر في نهضة لغتهم ورقيّ أساليبها واتساعها لمختلف فنون الأدب وشتى مسائل العلوم.
وانتقال الأمة من البداوة إلى الحضارة يهذب لغتها، ويسمو بأساليبها، ويوسع نطاقها، ويزيل ما عسى أن يكون بها من خشونة، ويكسبها مرونة في التعبير والدلالة, وأن موازنة بين حالة اللغة العربية
ص257
في عهد بداوة العرب قبل الإسلام, وحالتها في عهد حضارتهم الإسلامية، أو بين ما كانت عليه عند أهل البادية في عصر ما, وما كانت عليه في الحضر في العصر نفسه، لأصدق برهان على ذلك, وأن البدويّ الذي لم يلهمه شيطانه في مدحه للأمير أحسن من قوله:
أنت كالكلب في حفاظك للعهد ... وكالتيس في قراع الخطوب
قد استطاعت قريحته بعد أن هذبتها حضارة بغداد أن تجود بمثل قوله:
عيون المها بين الرصافة والجسر ... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
وما يحدث بين حضارة الأمة ولغتها من توافق وانسجام، يحدث مثله بين لغتها ومظاهر بيئتها الجغرافية؛ فجميع خصائص الإقليم الطبيعية تنطبع في لغة سكانها, ومن أجل ذلك نشأت فروق كبيرة في مختلف مظاهر اللغة بين سكان المناطق الجبلية وسكان الصحراء وسكان الأودية, وبين سكان المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية، ومن كذلك نشأت فروق غير يسيرة بين الفصيلة اللغوية الواحدة, بل بين لهجات اللغة الواحدة. ومن أجل ذلك أيضًا غزرت في كل لغة المفردات التي تدور حول مظاهر بيئتها الجغرافية، ودقت دلالاتها، وانبثت في شتى فنون القول, ومن أجل ذلك أيضًا كان قسط كبير من مادة الخيال والتشبيه في كل لغة مستمدًّا من مظاهر البيئة وما اختصت به طبيعة البلاد, ومن أجل ذلك أيضًا تمثل في أسلوب اللغة وفنونها الأدبية ما تختص به بيئتها الطبيعية من تلَبُّدٍ أو صفاء، وقبح أو جمال، وصخب أو هدوء، وتنوع أو اطراد، وتقلب أو ثبات، وما ينبعث عنها من رخاوة أو قوة، وخمول أو نشاط، وخشونة أو نعيم, ولهذا كله يستطيع الباحث معرفة البيئة الأولى التي نشأت فيها لغة ما على ضوء مفردات هذه اللغة وغزارتها في بعض النواحي, وجدبها في نواحٍ أخرى، وما تجنح إليه أساليبها ومادتها في الخيال والتشبيه، وخواص آدابها ... وما إلى ذلك.
ص258
وإليك مثلًا لغات الفصيلة السامية؛ ففي كل لغة منها تتمثل حالة البيئة التي سكنها الناطقون بها؛ فالآرامية التي نشأت في الشمال جافة الألفاظ، قليلة المفردات، ثقيلة التراكيب، مضطربة القواعد، لا تكاد تواتي الأساليب الشعرية الراقية، والعربية التي نشأت في الجنوب أعذب اللغات السامية ألفاظًا، وأغناها مفردات، وأدقها قواعد، وأكثرها مرونة واتساعًا لمختلف فنون القول. والعبرية التي نشأت في منطقة متوسطة بين هاتين المنطقتين تمثل في رقيها منزلة بين منزلتي الآرامية والعربية، فقد فاقت الأولى ولكنها قصرت عن أن تدرك شأو الثانية؛ فألفاظها وأساليبها تتسع لكثير من مناحي القول، ولكن العربية تفوقها في مرونة التعبير، والترف اللغوي، وسعة الثروة في المفردات, وقواعدها سهلة مضبوطة, ولكنها لا تبلغ في دقتها وتنوعها مبلغ قواعد اللغة العربية, وتظهر هذه الفروق حتى في ناحية الأصوات؛ فالآرامية حوشية الأصوات، صعبة النطق، تلتقي في كلماتها المقاطع المتنافرة والحروف الساكنة, والعربية عذبة الأصوات، سهلة النطق، خفيفة الوقع على السمع، تقل في كلماتها الحروف غير المتحركة(1)، ولا يكاد يجتمع في مفرداتها ولا في تراكيبها مقاطع متنافرة، ولا يلتقي في ألفاظها ساكنان, والعبرية وسط بين هذه وتلك؛ فهي لم تصل في سهولة اللفظ إلى درجة العربية ولا في صعوبته إلى درجة الآرامية، يتخلل كلماتها حروف المد في نطاق أوسع من الآرامية، وبدرجة تذلل كثيرًا من ظواهر الصعوبة في النطق, ولكن بدون أن تصل في هذه الناحية إلى الشأو الذي وصلت إليه لغة القرآن(2).
ولهذا السبب نفسه اختلفت اللهجات الإغريقية القديمة, فعلى الرغم من أن بلاد الإغريق كانت تشغل منطقة ضيقة، فإن الاختلاف اليسير الذي كان بين أجزاء هذه المنطقة في طبيعتها الجغرافية قد
ص259
أحدث بين لهجاتها سكانها فروقًا ذات بالٍ؛ فاللهجة الدورية مثلًا, خشنة الألفاظ، حوشية المخارج، صعبة النطق، ثقيلة الأصوات، على حين أن اللهجة اليونية رخوة الكلمات، سهلة النطق، عذبة الأصوات، يتخلل كلماتها كثير من حروف المد وأصوات اللين(3).
ومظاهر النشاط الاقتصادي تطبع اللغة كذلك بطابعٍ خاصٍّ في مفرداتها ومعانيها وأساليبها وتراكيبها, ومن ثَمَّ اختلفت مظاهر اللغة في الأمم والمناطق تبعًا لاختلافها في نوع الإنتاج، ونظم الاقتصاد، وشئون الحياة المادية، والمهنة السائدة "الزراعة، الصناعة، والتجارة الصيد، رعي الأغنام..إلخ", وقد تؤثر هذه المظاهر في أصوات اللغة نفسها، فقد يؤدي نوع العمل الذي يزاوله سكان منطقة ما إلى تشكيل أعضاء نطقهم في صورة خاصة تتأثر بها مخارج الحروف ونبرات الألفاظ ومناهج التطور الصوتي.
واللغة مرآة ينعكس فيها كذلك ما يسير عليه الناطقون بها في شئونهم الاجتماعية العامة, فعقائد الأمة, وتقاليدها، وما تخضع له من مبادئ في نواحي السياسة والتشريع والقضاء والأخلاق والتربية وحياة الأسرة، وميلها إلى الحرب, أو جنوحها إلى السلم، وما تعتنقه من نظم بصدد الموسيقى والنحت والرسم والتصوير والعمارة, وسائر أنواع الفنون الجميلة.. كل ذلك وما إليه يصبغ اللغة بصبغة خاصة في جميع مظاهرها؛ في الأصوات والمفردات والدلالة والقواعد والأساليب.. وهلم جرا(4)، وإليك مثلًا درجة القرابة التي تربط الفرد بكل من أسرة أبيه وأسرة أمه, فإن الأمم التي تسير نظمها الاجتماعية على إنزال هاتين الأسرتين منزلة واحدة تقريبًا في درجة قرابتهما للفرد تطلق لغتها
ص260
كلمة واحدة على كل من العم والخال oncle, uncle والعمة والخالة tante, aunt ابن العم أو العمة وابن الخال أوالخالة cousin, ابنة العم أو العمة, وابنة الخال أو الخالة cousine، على حين أن الأمم التي تفرق نظمها الاجتماعية بين هاتين الأسرتين في درجة قرابتهما للفرد تختلف في لغتها الكلمات الدالة على أفراد أسرة الأب عن الكلمات الدالة على أفراد أسرة الأم: العم، الخال، العمة، الخالة، ابن العم، ابن العمة، ابن الخال، ابن الخالة، بنت العم، بنت العمة، بنت الخال, بنت الخالة(5), وإليك مثلًا آخر وهو مبلغ اتجاه الأمة إلى مبادئ المساواة أو انحرافها نحو نظام الطبقات, فإن ما تسير عليه نظمها الاجتماعية بهذا الصدد يؤثر في مختلف نواحي لغتها حتى في ناحية القواعد؛ فمخاطبة المفرد بضمير الجمع تعظيمًا له: "أرجو أن تتفضلوا.." وإجراء الخطاب في صيغة الأخبار عن الغائب "يتفضل سيدي ... "، كل ذلك وما إليه من أساليب التبجيل لا يبدو في اللغة إلّا حيث ينحرف الناس عن مبادئ المساواة, وتكثر الفوارق بين الطبقات, ولذلك يعد تطور هذه الضمائر في أمة ما أصدق سجل لتطور اتجاهاتها في هذه الشئون؛ فالصراع في اللغة الفرنسية بين "tu" "أنت", و"Vous" "أنتم" في مخاطبة المفرد، يمثل أصدق تمثيل مراحل الصراع بين روح المساوة ونظام الطبقات في الشعب الفرنسي؛ فقد كانت الغلبة للضمير الأول في العصور التي سادت فيها مبادئ المساواة, وللضمير الثاني في العصور التي وهنت فيها هذه المبادئ, ومثل هذا يقال في اللغة العربية؛ فقد كان العرب في جاهليتهم أكثر الشعوب ميلًا إلى المساواة بين الأفراد, ولذلك ساد في خطابهم ضمير المفرد، ولم تبد في لغتهم مظاهر المبالغة في التبجيل, ولكنهم لم يلبثوا بعد اتساع ملكهم، احتكاكهم بالأمم الأخرى، وانغماسهم في الترف, ومحاكاتهم لأبهة الفرس وأساليبهم في الحياة، واتجاه خاصتهم وأغنيائهم إلى الترفع عن الدهماء وطبقات المستضعفين، لم يلبثوا بعد هذا أن انحرفوا عن
ص261
مبادئهم الأولى، فانحرفت معهم أساليب لغتهم، وساد فيها خطاب المفرد بضمير الجمع، وإجراء الخطاب في صيغة الإخبار عن الغائب، ونفذت إليها ألفاظ "الحضرة" و"الجناب" وما إلى ذلك. واختلاف الطبقات في بعض الأمم، وما يفصلها من فوارق في مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية، كل ذلك يؤدي إلى التمييز بينها في المفردات التي تطلق على شئون كل طبقة منها. وإليك مثلًا المفردات التي تطلق على أنواع الدخل والأجور، فإن مبلغ الاختلاف بين هذه المفردات في أمة ما ليسجل مبلغ الاختلاف بين طبقات هذه الأمة في مستوى الحياة، وأن الأصل اللغوي الذي يرجع إليه كل مفرد منها ليشير في صورة ما إلى عمل الطبقة التي يطلق على دخلها، وإلى نشاطها الاقتصادي، ومنزلتها في سلم الطبقات؛ ففي اللغة الفرنسية مثلًا يطلق لفظ خاصٌّ على كل من دخل المسكين، والخادم، وعامل اليومية، والعامل الدائم، والممثل، والصحفي، والقسيس، والجندي، والضابط، والموظف غير الحكومي، والموظف الحكومي، وصاحب المهنة الحرة؛ كالطبيب, والمحامي والمالك الزراعي ومن إليهم، والمساهم في شركة ما، والنائب البرلماني وهلم جرا. وكل مفرد من هذه المفردات يشير أصله اللغوي في صورة ما إلى عمل الطبقة التي يطلق على دخلها، وإلى نشاطها الاقتصادي ومقدرتها بالقياس لما عداها من الطبقات:
Les secours d un indigent les gages dun domestique la paye d un Journalier le salaire d un ouvrier les feux dun actirr les mensualites dun Journaliste le cousuel d un cure le pret d un soldat le sold d un officier les appointements d un employe le traitement d un fonctoonnaire les honorae- res d un menecin ou d un avocat les rentes d un rentier les dividendes d un actionnaire l indemnite d un parlementaire etc
وتتشكل اللغة كذلك بالشكل الذي يتفق مع اتجاهات الأمة العامة ومطامحها ونظرها إلى الحياة, فاتجاه الإنجليز مثلًا إلى الناحية العلمية قد صبغ لغتهم بصبغة مادية في مفرداتها، وتراكيبها، حتى أنه ليقال
ص262
فيها: "دفع زيارة أو تحية أو شكرًا أوانتباهًا، و"كيف أستطيع أن أدفع لك مقابل جميلك"، و"أنفق وقته في كيت وكيت"، و"تربح الساعة أو تخسر".
To pay visit, compliments, attention.., How con l pay you for all your good? He spent hes time in ... ; The watch gains or loses
بدلًا من "أدى زيارة" و"قدم تحية أو شكرًا" و"أبدى اهتمامًا"، و"كيف أستطيع أن أجزيك مقابل جميلك" و"قضى وقته في عمل ما" و"الساعة تقدم أو تؤخر".
وما يكون عليه الأفراد من حشمة وأدب في شئونهم ومعاملاتهم وعلاقاتهم بعضهم ببعض ينبعث كذلك صداه في لغتهم ألفاظها وتراكيبها. فاللغة اللاتينية لا تستحي أن تعبر عن العورات والأمور المستهجنة, والأعمال الواجب سترها بعبارات مكشوفة، ولا أن تسميها بأسمائها الصريحة. على حين أن اللغة العربية بعد الإسلام تتلمس أحسن الحيل، وأدناها إلى الحشمة والأدب في التعبير عن هذه الشئون، فتلجأ إلى المجاز في اللفظ, وتستبدل الكناية بصريح القول: القبل، الدبر، قارب النساء، لمس امرأته، قضى حاجته..إلخ. ولقد كان لها بهذا الصدد في ألفاظ القرن الكريم وعباراته أسوة حسنة: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ ، ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع﴾ ، ﴿لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ ، ﴿وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْض﴾ ، ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ ، ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ ، ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ .. وما إلى ذلك من كريم العبارات ونبيل الألفاظ, وما يبدو في اللغة العربية بهذا الصدد يبدو مثله في اللغات الأوربية الحديثة, وخاصة الشمالية منها. وأكثرها تحرجًا في هذه الناحية اللغة الإنجليزية؛ فالبطن مثلًا لا يعبر عنه في لغة التخاطب الإنجليزية باسمه الصريح، بل يطلق عليه في الغالب the stomach "أي المعدة"(6)، وسراويل الرجل
ص263
تطلق عليها أحيانًا كلمة معناها الأصلي "ما لا يمكن التعبير عنه"(7) lnexpressible، وسراويل المرأة تطلق عليها كلمة معناها الأصلي "الجمع أو التركيب"(8) Combination. وهلم جرا.
وخصائص الأمة العقلية، ومميزاتها في الإدراك والوجدان والنزوع، ومدى ثقافتها، ومستوى تفكيرها ومنهجه، وتفسيرها لظواهر الكون، وفهمها لما وراء الطبيعة.. كل ذلك وما إليه ينبعث كذلك صداه في لغتها(9)؛ ففي الأمم البدائية الضعيفة التفكير, المنحطة المدارك، تغزو الكلمات الدالة على المحسات والأمور الجزئية، وتنعدم أو تقل الألفاظ الدالة على المعاني الكلية، وتخلو دلالة المفردات من الدقة والضبط، فيكثر فيها الخلط واللبس والإبهام، وتعرو القواعد أو تكاد تعرو من ظواهر التصريف والاشتقاق وربط عناصر الجملة والعبارات بعضها ببعض، ويضيق متن اللغة فلا يتسع لأكثر من ضروريات الحياة(10), ومن هذا القبيل الشعوب الصينية: فلغاتها بدائية ساذجة في نواحي الألفاظ والدلالة والقواعد، تكفي للتعبير عن ضروريات الحياة وشئون الصناعة اليدوية، والأدب السهل، والتأمل الضحل، ولكنها لا تتسع لعلم ولا لفلسفة ولا لدين بالمعنى الصحيح لهذه الكلمات، حتى إنه لا يوجد فيها اسم للإله، ويعبر فيها عن مسائل ما وراء الطبيعة بعبارات ملتوية مبهمة مضطربة الدلالة في أذهان أهلها أنفسهم.
ص264
وفي كثير من الأمم البدائية ينعكس في اللغة من مظاهر الاضطراب والإبهام ما تمتاز به عقليات الناطقين بها من سذاجة وقصور، حتى إنها لا تكاد وحدها تبين عن معنًى واضح دقيق، وحتى أن أهلها أنفسهم ليضطرون في أثناء حديثهم إلى الأستعانة بالحركات اليدوية والجسمية لتكملة ما ينقص تعبيرهم, وما يعوزه من دلالة؛ فقد روي عن قبائل البوشيمان Bochimans "عشائر بدائية تسكن جنوب أفريقيا أنهم إذا أرادو المحادثة ليلًا يضطرون إلى إشعال النار ليتمكنوا من رؤية الإشارات اليدوية والجسمية التي تصحب كلامهم, فتكمل ناقصة وتوضح مدلولاته, ويقرر علماء الأتنوجرافيا الذين عنوا بدراسة السكان الأصليين بأمريكا وأستراليا وأفريقيا, أن عقليات هذه الشعوب لا تكاد تدرك المعاني الكلية في كثير من مظاهرها، وأن هذا القصور العقلي كان له صدى كبير في لغاتهم، فلا نكاد نجد في كثير منها لفظًا يدل على معنًى كليٍّ. ففي لغة الهنود الحمر مثلًا يوجد لفظ للدلالة على شجرة البلوط الحمراء، وآخر للدلالة على شجرة البلوط السوداء.. وهكذا, ولا يوجد أي لفظ للدلالة على شجرة البلوط، ومن باب أولى لا يوجد أي لفظ للدلالة على الشجرة على العموم. وفي لغة الهورونيين Hurons "من السكان الأصليين لأمريكا الشمالية" يوجد لكل حالة من حالات الفعل المتعدي لفظ خاص بها, ولكن لا يوجد للفعل نفسه لفظ يدل عليه, فيوجد لفظ التعبير عن الأكل في حالة تعلقه بالخبز، ولفظ آخر للتعبير عليه في حالة تعلقه باللحم، وثالث في حالة تعلقه بالزبد، ورابع في حالة تعلقه بالموز ... وهكذا, ولكن لا يوجد فعل ولا مصدر للدلالة على الأكل على العموم, أو الأكل في زمنٍ ما. ولغة السكان الأصليين لجزيرة تسمانيا Tasmanie "بقرب أستراليا" لا يوجد في مفرداتها لفظ يدل على الصفة، فإذا أرادوا وصف شيء لجئوا إلى تشبيهه بآخر مشتمل على الصفة المقصودة، فيقولون مثلًا: "فلان كشجرة كذا" إذا أرادوا وصفه بالطول.
ص265
وعلى العكس من ذلك الشعوب الهندية - الأوربية, حيث ينشط التفكير، ويعمق الإدراك، ويدق البحث، وتتجه العقول إلى التأمل الفلسفي، وتميل إلى تفسير ظواهر الكون والمجتمع الإنساني تفسيرًا علميًّا يربطها بأسبابها وقوانينها العامة؛ ففي مثل هذه الشعوب تكثر في اللغات الألفاظ الدالة على المعاني الكلية، والتراكيب المعبرة عن الحقائق العامة, وتغزر أزمنة الأفعال(11)، وتطول الجمل، وتتعدد أجزاؤها، وتتنوع الروابط, وتختلف دلالاتها، فتتسع للتعبير عن دقيق الوجدان، وعميق الإدراك، وحقائق الفلسفة والعلوم.
هذا وإن ما تقدم ذكره في هذه الفقرة وفي معظم الفقرات السابقة من هذا الكتاب ليدلنا أوضح دلالة على ما للمجتمع ونظمه وحضارته واتجاهاته من آثار بليغة في نشأة اللغات, وانتقالها من السلف إلى الخلف, وانشعابها إلى لهجات ولغات4, وصراعها بعضها مع بعض, وتطورها من جميع الوجوه.
وقد بالغ جماعة من العلماء في تقدير هذه الآثار حتى كادوا ينكرون أن لغير الظواهر الاجتماعية أثرًا في شئون اللغة, ومن أشهر أفراد هذه الطائفة العلامة السويسري فرديناند دوسور.Ferdinand De Saussure(12)
ص266
ومذهبهم هذا يجانب جادة القصد من بعض الوجوه:
حقًّا أن اللغة ظاهرة اجتماعية تقتضيها حاجة الإنسان إلى التفاهم مع أبناء جنسه، فلولا الحياة الاجتماعية ما كانت اللغات(13).
وحقًّا أن أهم المؤثرات في مخلف ظواهر اللغة ترجع إلى أمور تتعلق بالحياة الاجتماعية ونظم العمران، كما تدل على ذلك بحوثنا في هذا الفصل وفي الفصول السابقة من هذا الكتاب.
ولكن من الإفراط في تقدير هذه العوامل أن ننسب إليها كل شيء, وننكر ما لغيرها من أثر في هذا السبيل. وإن في دراستنا السابقة نفسها لآيات على خطأ هذا المذهب, فقد رأينا أن قسطًا غير يسير من ظواهر اللغة ترجع أسبابه إلى عوامل جغرافية، وقسمًا كبيرًا منها ترجع أسبابه إلى عوامل جسيمة فيزيولوجية أو نفسية فردية(14), وغنيٌّ عن البيان أن هذه العوامل وما إليها ليست من مظاهر الحياة الاجتماعية في شيء.(15) وسنرى في الفصل الخامس أن أهم المؤثرات في التطور الصوتي خاصة ترجع إلى عوامل من هذا القبيل(16).
ص267
________________
(1) تكثر في الكلمات العربية أصوات المد الطويلة "الألف والياء والواو" والقصيرة "الفتحة والكسرة والضمة" حتى إنه ليقل وجود حرف غير متبوع بواحد منها.
(2) V. Renan, Lُ Origine du Langage, pp. l88-l89.
(3) Renan, op. cit., p. l90
(4) من أحسن البحوث في هذا الموضوع وما يتصل به, ما كتبه العلامة "فانييه" في المجلد الثاني من مجلة "التربية" سنة 1907, صفحات 434-463, تحت عنوان: "روح الأمة وطباعها ممثلة في لغتها".
- V. Vannier: "Lُ Esprit et les Maurs dُ une nation dُ apres sa langue" Revue Pedagogique l907, T. 2, pp. 434-463.
(5) انظر كتابنا "الأسرة والمجتمع" الطبعة السادسة صفحة 28.
(6) تختصر هذه الكلمة عادة في اللغة الدارجة فيقال: tummy .
(7) يطلق عليها غالبًا في اللغة الدارجة كلمة "Pants" وهي اختصار كلمة "بنطالون".
(8) تطلق هذه الكلمة على لباس" مؤلف من السراويل والقميص، أما السراويل وحدها فيطلق عليها أحيانًا كلمة Bloomer وهو اسم سيدة أمريكية Bloomer اخترعت طرازًا منه فنسب إليها, وكان يحتوي على "جاكتة" وقميص وسراويل, ثم قصر استعمال الكلمة فيما بعد على "السراويل"، وأحيانًا كلمة Knickers وهي اختصار كلمة Knickerboker "وهذه الكلمة كانت في الأصل اسمًا لشخصية روائية ألبسها المؤلف طرازًا خاصًّا من السراويل, ثم شاع استعمالها فيما بعد في سراويل السيدات".
(9) V. Vannier, op. cit
(10) انظر صفحات 83، 102، 103، 106.
(11) ليس للفعل في معظم اللغات السامية إلا زمنان: فعل انتهى زمنه "ماض"، وفعل لم ينته زمنه "أمر ومضارع للحال أو للاستقبال"، على حين أن له في اللغات الهندية - الأوربية أزمنة كثيرة, لكل منها صيغة خاصة. وقد بلغت هذ الأزمنة في اللغة الفرنسية أحد عشر زمنًا في الجمل الإخبارية وحدها -انظر آخر ص222 وأول ص223.
(12) انظر آخر صفحة 65-68. هذا ويفرق دوسو سور بين اللغة Langage, والكلام Paroleوويعني بالكلام: تطبيق الفرد في تفاهمه مع غيره للنظم اللغوية التي تواضع عليها مجتمعه, فهو عمل في جوهره, ولذلك يخضع أحيانًا لمؤثرات غير اجتماعية (المؤثرات الجسمية والنفسية... وما الى ذلك). أم اللغة فظاهرة اجتماعية تنشأ من طبيعة الاجتماع ويشرف عليها العقل الجمعي. ولذلك لا يكاد يكون لغير الظواهر الاجتماعية اثر ذو بال في شئونها (انظر كتاب دو سوسور.
Cours de linguistique generale.).
(13) انظر آخر ص27, وص28, وآخر30, وأول 31, والفصل الأول من الباب الأول من هذا الكتاب.
(14) انظر مثلًا 133-143, وآخر 175, وأول 176، 250، 251.
(15) لم نعد العوامل الأدبية المقصودة من بين هذه العوامل؛ لأنها - وإن كانت فردية من بعض النواحي -ترجع من بعض وجودها إلى ظواهر اجتماعية "انظر الفقرة التالية, وهي الرابعة من هذا الفصل", هذا وقد حاول بعض المتعصبين لنظرية دوسور أن يرجع العوامل الجغرافية والجسمية والنفسية إلى ظواهر اجتماعية، فلم تخل محاولته هذه من تعسف ظاهر.
(16) انظر كذلك في الرد على نظرية دوسوسور Delacroix, Langage et pensee 47-62 وانظر تفصيل هذا الموضوع كله في كتابي "اللغة والمجتمع".