مؤهلات ظهور المذهب الكلاسيكي (الاتباعي) 

لقد كانت انكلترا ارضاً خصبة لظهور هذا الفكر ، حيث تم في هذا البلد الغاء نظام القنانة وتم استغلال الاراضي الخاصة بالبروتستانت (الذين انشقوا على الكنيسة الكاثوليكية وطردتهم) حيث تحولت ملكياتهم الصغيرة الى ملكيات كبيرة لغرض زيادة الانتاج وتطورت علاقات الانتاج وتراكمت رؤوس الاموال بسبب الغزو الاستعماري كما وان الثورة العلمية والتي بدأت مع اسحق نيوتن وغاليلو العلماء الذين غيروا مجرى التاريخ الاوربي بانعكاس افكارهم على آراء المدرسة الكلاسيكية ⁽¹⁾، كل هذه الامور حصلت في انكلترا بشكل خاص لذلك تهيأ الظرف لأن تكون انكلترا هي السباقة بظهور الرأسمالية الصناعية دون غيرها . 

لقد ترتب على هذا التطور الجديد نتائج هامة وكثيرة كما حصلت تطورات اقتصادية واجتماعية في نهاية المرحلة التجارية في انكلترا استوجبت التغير حيث ان هيمنة الدولة على الانتاج اصبح غير مرغوب به ولم يرضى المنتجين وجاء التغير كنتيجة حتمية للتطور الذي حصل في اوربا اثناء مرحلة التجاريين وبالاخص في المرحلة الاخيرة منه حيث الانتاج الواسع وظهور الرأسمالية الصناعية ونبذ تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وهذا ضمن التغيرات التي حدثت والتي شملت جميع نواحي الحياة واثر في كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية فتأسست المدرسة الاتباعية (الكلاسيكية) مع ظهور نظرية آدم سميث في عام 1776م في انكلترا ⁽²⁾وقد اعطاها الاقتصادي كينز لقب الكلاسيكي على كل من يعتقد بميكانيكية الاسعار وهي التي تؤدي الى الاستخدام الشامل لعناصر الانتاج والموارد الطبيعية المتاحة في اقتصاد معين ، اي ان كينز يعتقد بأن الكلاسيك هو الاعتقاد بعدم امكانية حدوث البطالة في الامد الطويل في حالة توفر الحرية التامة لميكانيكية الاسعار لأنها تعمل بصورة عفوية ويعني بالمذهب الكلاسيكي (الاتباعي) هو النهج الذي يضع الأسس العامة للاقتصاد السياسي وقد كان هناك مفكرين برزوا ضمن المرحلة وتناولوا الاقتصاد السياسي بصورة شاملة واهم ما نوصف به المدرسة الكلاسيكية هي انها من نتاج مفكريها والجهد الفكري الذي بذلوه في تطوير النظريات الاقتصادية والتي تمكنت من تغيير واسع كالثورة في مجال الفكر الاقتصادي الذي اطلقنا عليه الثورة الفكرية⁽³⁾.

نشأ الفكر الكلاسيكي في انكلترا وبالذات مع ظهور نظرية آدم سميث في عام 1776م وقد كان هناك امكانيات جديدة تظهر في اوربا بشكل عام وفي انكلترا بشكل خاص كونت بيئة مناسبة للانتقال كظهور كتاب آدم سميث واستقلال امريكا وبدأت تجري تطبيق لنتائج البحوث والاختراعات في المجال الصناعي وقيام الثورة الفرنسية ، اذ كل هذه الامور هيأت لقيام الكلاسيك ونجاحهم في ما طبقوه من افكار⁽⁴⁾ وكانت افكارهم رداً على ما كان سائداً في حينه من نظريات ناقصة كالتجارية التي انحازت للتجار والطبيعية التي انحازت للزراعة ولم تمثل الواقع الذي وصلت اليه المجتمعات ، حيث ان التطور المركنتالي اوصل المجتمع الى الرأسمالية الصناعية فكان لا بد من مفكر يدافع عن مصالحها في صراعها ضد الفكر المركنتالي التجاري فكان ذلك في الفكر الكلاسيكي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ مدحت القريشي ، تطور الفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص115 .

2ـ عبد الجبار السبهاني ، الوجيز في الفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص65 . 

3ـ جوزيف لاجوجي ، المذاهب الاقتصادية ، مصدر سابق ، ص23. 

4ـ د . عبد علي كاظم المعموري ، تاريخ الافكار الاقتصادية ، الجزء الثاني ، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية ، بغداد ، 2007 ، ص5 . 

مواضيع ذات صلة

مؤشـرات قـيـاس الخـطـر السـيـاسـي بالنسـبة لـمـؤسـسات المـال العـالـميـة

أهداف النظام المالي في الدولة النامية

أهداف النظام المالي في النظام الاشتراكي

أهداف النظام المالي في النظام الرأسمالي

الصيـن والهنـد - تـقویـم مـقارن

شروط البداية وتراتبية الإصلاح (تايوان والصين مقارنة مع روسيا)

اللامركزيـة وعلاقـات الملكيـة بين روسـيا والصيـن

اللامركزية والمحددات المالية للإصلاح بين الصيـن وروسيا

تفسير تفوّق تجربة الإصلاح في الصين على التجربة الروسية (النظريات الليبرالية والتطورية والمؤسسية)

الحزب والدولة في مسيرة الإصلاح في روسيا والصين

أداء الخصخصة في روسيـا والصيـن : تقویـم مـقارن

الخصخصـة والسوق وتنظيم حقوق الملكيـة بين روسـيا والصيـن