المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
إعتبار بقاء الموضوع لجريان الإستصحاب
المؤلف: الشيخ محمد علي الأراكي
المصدر: أصول الفقه
الجزء والصفحة: ج2، ص: 371
18-5-2020
1267
يعتبر في جريان الاستصحاب أمران:
الأوّل: بقاء الموضوع:
والمراد به اتّحاد الموضوع في القضيّة المتيقّنة والمشكوكة حتى يتحقّق اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ المستفاد من أدلّة الاستصحاب، وهذا لا إشكال فيه، وإنّما الإشكال في أنّه يعتبر إحراز الوجود الخارجي للموضوع أو لا؟.
التحقيق أنّ موضوعا ومحمولا واحدين كالزيد والقيام يمكن تركيب القضايا المختلفة منهما، ويختلف الحال بحسب جعل كلّ واحد منها موضوعا للحكم.
الأوّل: أن تركّب القضيّة على نحو مفاد كان التامّة كأن يقال: قيام زيد متى تحقّق يجب صلاة ركعتين، أو ربط القيام بزيد متى تحقق فافعل كذا، والثاني: أن تركّب على نحو مفاد كان الناقصة كأن يقال: زيد إن كان قائما فصلّ ركعتين، والثالث: أن يركّب السالبة على نحو يلائم مع وجود الموضوع وانتفائه كأن يقال:
إذا كان ليس زيد بقائم فصلّ ركعتين، والرابع: أن تركّب السالبة على نحو كان الموضوع مفروغ الوجود، كأن يقال: إذا كان زيد ليس بقائم فصلّ ركعتين، والاختلاف بين هذه وسابقتها في عقد الوضع، حيث إنّه يلاحظ الموضوع بعناية الوجود في الثاني، ويلاحظ بلا عناية الوجود في الاولى.
فإن قلت: اعتبار الوجود في الموضوع لا بدّ منه في كلّ قضيّة، حيث إنّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له.
قلت: فرق بين اعتبار الوجود في الموضوع، وبين فرض مفروغيّة الوجود الخارجي له، والثاني أكثر مئونة من الأوّل، والذي يعتبر في كلّ قضيّة هو الأوّل، وما يخصّ به السالبة في القسم الثاني هو الثاني، فكما أنّ الموجبة لا بدّ فيها من وجود زيد مثلا حتّى يحمل عليه القيام، فكذا في السالبة في القسم الثاني أيضا لا بدّ من وجود زيد حتى يرفع عنه القيام.
لا إشكال في القسم الأوّل، فإنّ الموضوع فيه ماهيّة القيام وماهيّة الزيد القابلتان للاتّصاف بالوجود والعدم، وهذا المعنى كما يتوقّف القطع به على القطع بوجود طرفيه، يتحقّق الشكّ فيه بالشكّ في وجود أحد طرفيه، فمع الشكّ في وجود زيد لا تختلف القضيّة المتيقّنة والمشكوكة، إذ يصدق أنّ قيام زيد كان معلوما في السابق وصار مشكوكا في اللاحق.
وكذا الكلام في القسم الثالث؛ فإنّ قضيّة «ليس زيد بقائم» لم يعتبر فيها إلّا ماهيّة الزيد وماهيّة القيام، فيصدق مع الشكّ في وجود زيد، بل ومع القطع بعدمه، فلو قطع بهذه القضيّة في زمان وشكّ فيها في الزمان الثاني من جهة الشكّ في وجود زيد، كما لو قطع بأنّه لو كان موجودا يكون قائما، كان الاستصحاب جاريا؛ لاتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة.
إنّما الكلام والإشكال في القسم الثاني والرابع، حيث لوحظ مفروغيّة الوجود الخارجي للموضوع فيهما، فصريح شيخنا المرتضى قدّس سرّه اعتبار إحراز وجود الموضوع في الاستصحاب، وصريح بعض الأساتيد قدّس سرّه العدم، نظرا إلى أنّ الشكّ في ثبوت النسبة بين الأمرين الخارجيين كما قد يكون من جهة الشكّ في المحمول، فقد يكون من جهة الشكّ في الموضوع، والشكّ في الموضوع لا ينافي إحرازه المعتبر في باب الاستصحاب، فإنّ المراد بإحرازه في هذا الباب انسحاب المستصحب إلى عين المعروض الذي كان معروضا له في السابق وهذا المعنى متحقّق مع الشكّ في وجود زيد، فإنّ الشكّ إنّما وقع في القيام أو عدم القيام لزيد الذي هو الشخص الذي كنّا على يقين من قيامه أو عدم قيامه في السابق، وإنّما لم يحرز الموضوع لو كان الشكّ في القيام أو عدم القيام لشخص آخر غير الزيد.
والحقّ هو الأوّل، فإنّه لا بدّ من تعلّق الشكّ بنفس ما أفاده المتكلّم لا بشيء آخر أجنبيّ عنه حتى يتحقّق اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ، ولا شكّ أنّ ما أفاده المتكلّم في قضيّة «زيد قائم» أو «ليس بقائم» هو إثبات الحالة الوجوديّة أو العدميّة لزيد بعد الفراغ عن وجود زيد في الخارج، فالشكّ في هذا المعنى إنّما يتحقّق بالشكّ في الحالة التي أثبتها المتكلّم في تقدير هذا الفراغ، وأمّا الشكّ في نفس التقدير فهو أجنبيّ عمّا كان المتكلّم بصدد إفادته؛ فإنّ وجود زيد كان مفروغا عنه بين المتكلّم والمخاطب.
فإن قلت: إنّ الشكّ في المقيّد يتحقّق بالشكّ في أحد قيوده، فالشكّ في قولك: زيد الموجود قائم، كما يتحقّق بالشكّ في القيام، فكذلك يتحقّق بالشكّ في الوجود.
قلت: فرق بين اعتبار الوجود قيدا وبالمعنى الاسمي، وبين فرضه حاصلا ولحاظه على نحو المرآتيّة وبالمعنى الحرفي، فما ذكرته وارد في الأوّل، وما ذكرناه وارد في الثاني.
فإن قلت: لا يعتبر في الاستصحاب إلّا تعلّق الشكّ بتبدّل القضيّة المتيقّنة إلى رفعها ونقيضها، ولا شبهة أنّ رفع القضيّة المذكورة في ما نحن فيه حاصل في تقدير عدم زيد، وإلّا يلزم ارتفاع النقيضين في هذا التقدير، فلهذا يكون الشكّ في عدم زيد موجبا للشكّ في رفع القضيّة.
قلت: يعتبر في النقيضين وحدة المحلّ، فإذا كان محلّ وجود القيام زيدا الملحوظ وجوده باللحاظ الفراغي فنقيضه عدم القيام في هذا المحلّ، لا في محلّ آخر، وإن شئت توضيح الحال فلاحظ القضيّة التعليقيّة؛ فإنّ نقيض هذه القضيّة إنّما هو رفع المعلّق في ظرف حصول المعلّق عليه لا في ظرف آخر، وكذلك الشكّ في هذه القضيّة إنّما هو بالشكّ في المعلّق في ظرف حصول المعلّق عليه لا بالشكّ في نفس المعلّق عليه، فإنّ القطع بصدق هذه القضيّة يجتمع مع القطع بعدم المعلّق عليه، فضلا عن الشكّ فيه.
فنقول: حال وجود الموضوع في ما نحن فيه حال المعلّق عليه في القضيّة التعليقيّة، فكأنّ المتكلّم يضع نفس الموضوع في جنبه في الخارج ثمّ يشتغل بذكر حالاته، فيستغنى عن تعليق القضيّة على وجوده، ولكنّها في الحقيقة في معنى التعليق، هذا حاصل ما أفاده شيخنا الاستاد دام بقاه.
ويمكن الخدشة فيه بأن حال المتكلّم ب «زيد قائم» بحسب الواقع وإن كان بهذا المنوال، يعني أنّه يعلم بأنّ زيدا موجود، وفي تقدير وجوده يعلم بأنّه قائم، ولكن ما له الدخل في حقيقة هذه القضيّة ليس إلّا ماهيّة الزيد وماهيّة القيام وإيقاع الربط بينهما، وما سوى ذلك خارج عن حقيقة هذه القضيّة.
إلّا أن يقال: نعم، ولكن قد يكون الملحوظ في نسبة المحمول وجود الموضوع، وحينئذ يكون مفاد القضيّة ثبوت الشيء وقد يكون الملحوظ نسبة المحمول فقط من دون تعرّض لوجود الموضوع، وحينئذ يكون مفادها ثبوت شيء لشيء، فمن الثاني ما لو سئل المتكلّم عن حال شخص، فأجاب بأنّه رجل عالم عادل فاضل كامل، فإنّه لو انكشف موت هذا الشخص قبل صدور هذا الكلام لا يصحّ نسبة الكذب إلى المتكلّم، فإنّه أخبر بهذه الصفات على تقدير الحياة.
ومن الثاني ما لو سئل عن حضور شخص في مجلس فلان في يوم الجمعة إذا كان لحضوره في كلّ يوم أثر خاص، فأجاب بأنّه قد حضر في يوم الجمعة في محضره، فإنّه لو تبيّن أنّه مات قبل يوم الجمعة يصحّ نسبة الكذب إلى المتكلّم؛ لأنّ إخباره كان متضمّنا لوجود الموضوع.
ومن هذا القبيل أيضا قوله عليه السلام: «الّا أن تكون المرأة قرشيّة» فإنّ الظاهر أنّ القرشيّة ملحوظة على وجه الموضوعيّة ومحطّ النظر بالاستقلال، وكذلك قوله: «لا يحلّ مال امرئ إلّا بطيب نفسه، فإنّ الظاهر إرادة كون المالك طيّب النفس على نحو ثبوت الشيء، لا كونه كذلك على نحو ثبوت شيء لشيء.
ثمّ إنّه قد استدلّ شيخنا المرتضى قدّس سرّه على لزوم إحراز الموضوع في الاستصحاب بما لفظه أنّه: لو لم يعلم تحقّقه أي تحقّق الموضوع لا حقا، فإذا اريد إبقاء المستصحب العارض له المتقوّم به، فإمّا أن يبقى في غير محلّ وموضوع وهو محال، وإمّا أن يبقى في موضوع غير الموضوع السابق، ومن المعلوم أنّ هذا ليس إبقاء لنفس ذلك العارض، وإنّما هو حكم بحدوث عارض مثله في موضوع جديد، فيخرج عن الاستصحاب، بل حدوثه للموضوع الجديد كان مسبوقا بالعدم، فهو المستصحب دون وجوده.
وبعبارة اخرى: بقاء المستصحب لا في موضوع محال، وكذا في موضوع آخر إمّا لاستحالة انتقال العرض، وإمّا لأنّ المتيقّن سابقا وجوده في الموضوع السابق والحكم بعدم ثبوته لهذا الموضوع الجديد ليس نقضا لمتيقّن السابق، انتهى كلامه رفع مقامه.
واعترض على هذا الكلام بعض الأساتيد قدّس سرّه بأنّ المحال إنّما هو انتقال العرض خارجا، وكذا بقاء العرض بلا موضوع خارجا، لا بحسب الوجود التعبّدي الذي هو مفاد الاستصحاب ومعناه ترتيب الآثار العلميّة والأحكام الشرعيّة، فإنّ مئونة هذا الوجود خفيفة، فكما يصحّ أن يحكم الشارع مع بقاء الموضوع بلزوم المعاملة مع عرضه معاملة الموجود، كذلك يصحّ مع عدم الموضوع أيضا أن يحكم بالمعاملة مع عرضه معاملة الموجود بمعنى ترتيب آثاره، وكذلك يصحّ أن يحكم ببقاء عرض موضوع في موضوع آخر، بمعنى ترتيب آثار ذاك العرض في هذا الموضوع، ولا يلزم من هذا محال عقلي، نعم يرد عليه أنّه خلاف مفاد دليل الاستصحاب، فإنّ الظاهر منه وحدة متعلّق اليقين والشكّ، وهذا أمر آخر لا ربط له بالمحال العقلى.
وقد يقال في توجيه كلام شيخنا المرتضى قدّس سرّه بأنّ النسبة في كلّ قضيّة سواء كان مفادها إخبارا عن الواقع أم إنشاء أمر عرضي يحتاج إلى موضوع، فإذا جعلت هذه النسبة في قضيّة فلا يمكن جعل عين هذه النسبة بعد ذلك بلا موضوع، وكذا في موضوع آخر، لاستحالة الانتقال.
توضيح ذلك أمّا في الشبهة الحكميّة فهو أنّا لو شككنا في بقاء حرمة الخمر فإن حكم الشارع ببقائها فلا يخلو إمّا يحكم ببقائها في عين موضوع الخمر، فهذا هو المطلوب، وإمّا أن يحكم ببقائها بلا موضوع فهذا محال، وإمّا أن يحكم ببقائها في موضوع آخر، وحينئذ فإمّا أن يحكم ببقاء عين الحرمة المتعلّقة بالخمر فهذا انتقال العرض؛ لأنّ عين النسبة القائمة بالخمر في قضيّة «الخمر حرام» لا يمكن جعلها قائمة بموضوع آخر، وإمّا أن يحكم ببقاء مماثلها، وهذا خارج عن الاستصحاب.
ومن هنا يعلم الحال في الشبهة الموضوعيّة، فإذا شككنا في خمريّة مائع علم بخمريّته سابقا، فإن حكم الشارع ببقاء الخمريّة لاحقا فإمّا أن يحكم في عين الموضوع السابق فهو المطلوب، أو بلا موضوع وهو المحال، أو في موضوع آخر مع الحكم ببقاء عين الخمريّة السابقة فهذا انتقال العرض، أو بمماثلها، فهذا خارج عن الاستصحاب.
ويمكن إجراء هذا التقريب في استصحاب الحرمة في هذا الفرض، لكن مع كون الخلّ والخمر موضوعين عند العرف.
والحاصل أنّه ليس المراد بالعرض في كلامه هو المستصحب- كما توهّم- حتّى يرد عليه أنّه يمكن استصحاب نفس العدالة ونفس التحريم ومعناه ترتيب آثارهما، فهذا بقاء العرض بلا موضوع، نعم لا يثبت به اتّصاف الشخص الخارجي بالعدالة والموضوع الخارجي بالتحريم، لا من باب الاستحالة العقليّة، بل من باب عدم حجيّة الأصل المثبت، وإلّا فهو بمكان من الإمكان عقلا وليس فيه استحالة انتقال العرض.
بل المراد به حكم الشارع بإبقاء المستصحب السابق، كما يدلّ عليه قوله: فإذا اريد إبقاء المستصحب، لوضوح أنّ المراد به الحكم بالبقاء الصادر من الشارع، لا الإبقاء العملي الصادر من المكلّف، وقوله: «فإمّا أن يبقى» يكون بصيغة المجهول من باب الإفعال.
وحينئذ فتوجيه الكلام أنّه لا يخفى أنّ الإنشاء يحتاج إلى النسبة، ولا يمكن بدونها، بل هو عين النسبة الحقيقيّة الكليّة في القضيّة الإنشائيّة، كما أنّ الإخبار عين النسبة الحقيقيّة الكائنة في القضيّة الإخباريّة، ومن المعلوم أنّ النسبة محتاجة إلى طرفين، فالجعل محتاج إلى محلّ وموضوع كون الجعل فيه وكان المجعول ثابتا له، كما أنّ الإخبار يحتاج إلى محلّ وموضوع كان الإخبار فيه وكان المخبر به ثابتا له؛ إذ مع انتفاء هذا المحلّ والموضوع يلزم كون العرض وهو النسبة الجعليّة أو الإنشائيّة بلا محلّ وموضوع.
وأمّا ما ذكرت من المثال فليس من باب كون العرض بلا محلّ، فإنّ المحلّ فيه ذات العدالة وذات التحريم، والمجعول فيه وجودهما، فإذا ثبت احتياج الجعل إلى الموضوع فإن كان هو الموضوع السابق فهو المطلوب، وإن كان موضوعا آخر فإن كان الجعل على نحو الإبقاء للجعل السابق فهذا غير ممكن؛ إذ لا يخفى أنّه لا بدّ حينئذ من وحدة هذا الجعل مع الجعل السابق في المحلّ والموضوع، وإلّا يلزم انتقال العرض، كما أنّ الإخبار على نحو الإبقاء للإخبار السابق لا بدّ فيه من وحدة هذا الإخبار مع الإخبار السابق في المحلّ والموضوع، وإلّا يلزم انتقال العرض، وإن كان على نحو الإحداث فهذا خارج عن الاستصحاب.
ثمّ إنّك عرفت أنّه لو اخذ عرض شيء موضوعا للحكم على نحو ثبوت شيء لشيء فلا تصير القضيّة المتيقّنة مشكوكة بواسطة الشكّ في وجود الموضوع، بل المشكوك قضيّة اخرى مفادها ثبوت الشيء.
فاعلم أنّ الظاهر من الكلام في هذه الموارد هو اعتبار وجود الموضوع أيضا، فلو قال: من كان عادلا ومجتهدا أعلم فللعوام الأخذ بقوله، فكما يعتبر العدالة والأعلميّة على تقدير الحياة، فكذلك نفس الحياة، وحينئذ لو شكّ في حياة المجتهد فلا مانع من الاستصحاب في إثبات نفسها، لما فرض من كونها جزءا للموضوع، وأمّا العدالة والأعلميّة فإن كانتا معلومتين فلا كلام، وإن كانتا مشكوكتين أيضا فلا بدّ من استصحاب آخر لإحرازهما، ولا ينافي الشكّ في الحياة الفعليّة إحراز الموضوع المعتبر في الاستصحاب الثاني، فإنّ الموضوع فيه هو الحياة التقديريّة.
واعترض بعض الأساتيد قدّس سرّه على الكلام المذكور لشيخنا بعد ما ذكر من الاعتراض بما حاصله: أنّه أخصّ من المدّعى، فإنّ المستصحب لا يكون دائما من مقولات الأعراض حتّى يلزم من بقائه مع انتفاء موضوعه أحد المحذورين، بل قد يكون هو الوجود، وهو ليس أحد المقولات العشر، فلا جوهر بالذات ولا عرض كذلك وإن كان أحدهما بالعرض.
فإن قلت: نعم ولكنّه عارض على الماهيّة كالعرض.
قلت: نعم ولكن ليس تشخّصه بمعروضه حتّى يستحيل بقائه مع تبدّل معروضه، بل تشخّص معروضه به بحيث لا ينثلم وحدة الوجود بتعدّد الموجود وتبدّله من نوع إلى نوع آخر، فيمكن أن يكون الوجود الواحد الشخصي حسب اختلافه نقصا وكمالا، ضعفا وشدّة منشئا لانتزاع ماهيّات مختلفة، فيمكن استصحاب هذا الوجود لو شكّ في بقائه وارتفاعه ولو مع القطع بتغاير الماهيّة المنتزعة عنه سابقا مع الماهيّة التي تنتزع عنه الآن لو كان، فلو علم بزوال المرتبة السابقة من السواد، ولكن شكّ في زوال أصل السواد بالمرّة أو تبدّل مرتبته السابقة إلى مرتبة اخرى أقوى أو أضعف، فلا مانع من استصحاب الوجود السابق وإن كان الماهيّة المنتزعة عنه سابقا هو الضعيف، مثلا، وما ينتزع عنه الآن- لو كان- هو القوي.
وفيه أنّ تعدّد المنتزع إذا كان أمرا واقعيّا نفسا أمريّا لا شكّ أنّه لا بدّ وأن يكون من جهة تعدّد منشأ الانتزاع في الخارج، فإن كان منشأ الانتزاع هو الامور الخارجة عن حقيقة الذات والعارضة على الوجود الخارجي كما في الضارب والقائم، فلا يوجب تعدّد المنتزع تعدّد الذات، وأمّا لو كان منشأ الانتزاع نفس الذات دون الضمائم الخارجيّة كما هو المفروض في محلّ البحث فإنّ القوي والضعيف منتزعان من نفس السواد لا من شيء آخر، فلا يمكن تعدّد المنتزع حينئذ إلّا مع تعدّد الذات.
فإن قلت: يكفي تعدّد المرتبة، فالمرتبة الدنيا مغايرة مع المرتبة العليا.
قلت: إن أردت أنّ بينهما أمرا واحدا جامعا فهذا موجود بين الزيد والعمرو أيضا، وإن أردت أنّهما متّحدان في الوجود الشخصي، فهذا غير معقول؛ إذ بعد فرض أنّ المميّز بينهما يكون من سنخ الوجود، فلا بدّ أن يكون التعدّد بينهما في الوجود، نعم هذا مختص بما إذا كان تبدّل إحدى المرتبتين بالاخرى بعد تخلّل القطعة من الزمان وحصول الوقفة، وأمّا لو كان على التدريج بدون حصول الوقفة فلا بدّ من وحدة الوجود، وإلّا يلزم الوجودات الغير المتناهية المحصورة بين الحاصرين؛ إذ بعد فرض أنّ كلّا من المبدا والمنتهى الحقيقيين منحصر في الواحد فكلّ جزء يفرض في البين يكون له سابق ولا حق.
فإن قلت: كيف يكون الوجود حينئذ واحدا والحال أنّ عين الدليل المتقدّم من تعدّد الماهيّات المنتزعة موجود هنا.
قلت: بعد فرض عدم حصول الوقفة لا يحصل هنا حدّ خارجي غير المبدا والمنتهى حتّى ينتزع عنه الماهيّة، وإنّما المتحقّق حدود فرضيّة لا واقع لها سوى الذهن، وبعبارة اخرى: المتحرّك ما دام متحرّكا لا يطلق عليه الزائد أو الناقص إلّا باعتبار ما يعرضه في المستقبل من الحدّ، وأمّا باعتبار الحال فلا يتّصف بالزيادة ولا بالنقيصة، وإنّما يقال: إنّه مشتغل بالزيادة.
ثمّ بعد ما عرفت من اعتبار وحدة الموضوع في الاستصحاب فلا بدّ من بيان أنّه مأخوذ من العقل أو الدليل أو العرف، فإن كان مأخوذا من العقل قال شيخنا المرتضى قدّس سرّه ينحصر مورد الاستصحاب حينئذ في ثلاثة مواضع:
الأوّل: في ما اذا كان الشكّ في مدخليّة الزمان الأوّل، فإنّ الاستصحاب مبنيّ على إلغاء خصوصيّة الزمان الأوّل، و
الثاني: أن يكون الشكّ من جهة الرافع ذاتا أو وصفا، و
الثالث: أن يكون المستصحب هو الوجود.
ويرد على الأوّل أنّه لا فرق بين الزمان وسائر الخصوصيّات في كونها على تقدير المدخليّة من أجزاء الموضوع بنظر العقل، فعلى هذا لو شكّ في النسخ لا يجوز الاستصحاب؛ لأنّ ما تيقّن به سابقا قد ارتفع قطعا، وما يشكّ في تحقّقه الآن يشكّ في أصل حدوثه، نعم يجري بناء على المسامحة العرفيّة، لكنّه خلاف ما فرضناه من تحكيم العقل.
وأورد بعض الأساتيد قدّس سرّه على الثاني أنّ أخذ عدم الرافع في الموضوع بحسب حدوث الحكم وإن كان مستلزما للدور لتوقّف تحقّق هذا العدم على تحقّق الحكم في مقدار من الزمان وتوقّف تحقّق الحكم على هذا على تحقّق هذا العدم أيضا، ولكن لا مانع من أخذه فيه بحسب بقاء الحكم، فكلّ من المانع والرافع مأخوذ في الموضوع، غاية الأمر أنّ أحدهما مأخوذ حدوثا والآخر بقاء.
إلّا أن يقال: إنّه بعد فرض أنّ الموضوع في القضيّة المتيقّنة والمشكوكة واحد فلا عبرة باحتمال اعتبار شيء في بقاء الموضوع على حكمه، لصدق نقض اليقين بالشكّ ولو مع المداقّة العقليّة على عدم ترتيب الحكم على الموضوع.
وفيه أنّ كلّا من عنواني المانع والرافع ليس له أثر عقلا؛ لأنّهما عنوانان منتزعان عن التأثير كالعليّة، فلا بدّ من ملاحظة ذاتهما، وهو أمر واحد فيهما، غاية الأمر ينتزع عنه عنوان المانع والدافع بإضافته إلى حدوث الحكم، وعنوان الرافع بإضافته إلى بقاء الحكم، واعتبار عدم هذه الذات في الموضوع بمكان من الإمكان، إلّا أن يقال: إنّ تأثير العدم في الوجود غير معقول، فيكون عدم ذات المانع والرافع خارجا عن الموضوع.
ثمّ الفرق بين الأخذ من الدليل والأخذ من العرف أنّه على الأوّل لا بدّ من اتّباع ما يستفاد من القضيّة اللفظيّة حسب اختلافه باختلاف الموارد، فربّما يكون الشيء مذكورا في القضيّة اللفظيّة بصورة القيديّة، فيستفاد كونه داخلا في الموضوع، كما لو قال: الماء المتغيّر نجس، وربّما يكون مذكورا فيها بصورة الشرطيّة، فيستفاد كونه خارجا عن الموضوع، كما لو قال: الماء نجس إذا تغيّر، فعلى الأوّل لا يجرى الاستصحاب لو زال التغيّر؛ لانتفاء الموضوع، وعلى الثاني يجري؛ لأنّ الشكّ في أمر خارج عن الموضوع وهو كون التغيّر علّة محدثة فقط، أو علّة محدثة ومبقية معا.
وعلى الثاني لا بدّ من اتّباع نظر العرف حسب اختلافه باختلاف المناسبات بين الموضوعات والأحكام، فربّما يحكم حسب مناسبة الحكم والموضوع بكون الشيء خارجا عن الموضوع وإن كان مذكورا في القضيّة اللفظيّة بصورة القيديّة كما في مثال التغيّر، وربّما يحكم حسب تلك المناسبة بكون الشيء داخلا في الموضوع وإن كان مذكورا في تلك القضيّة بصورة الشرطيّة، كما لو أشار إلى شيء وقال بعتك هذا إن كان فرسا. فإنّ العرف يحكم بأنّ الفرس نفس المبيع، فتخلّفه تخلّف المبيع لا تخلّف الشرط.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ القاعدة الأوّليّة يقتضي حمل النقض وعدمه على مصاديقهما العقليّة، أعني ما كان ملحوظا بالإضافة إلى الموضوعات العقليّة، ولكن حيث إنّ المحكّم في باب الألفاظ هو العرف فلا بدّ من حملهما على مصاديقهما العرفيّة اعني: ما كان ملحوظا بالإضافة إلى الموضوعات العرفية؛ إذ هي التي يراها العرف مصاديق للنقض وعدمه، ويلزم من عدم إرادتها وإرادة المصاديق الملحوظ بالإضافة الى الموضوعات العقليّة، أو بالإضافة إلى الموضوعات النقليّة نقض الغرض، فيتعيّن الحمل على المصاديق العرفيّة فرارا عن هذا المحذور، ولا يخفي أنّ هذا رجوع إلى العرف في مقام التطبيق، وإلّا فمن الواضح أنّ مفهوم النقض وعدمه مفهوم مبيّن عند العقل والعرف، ولا اختلاف بينهما في مفهومه، وإنّما الاختلاف في المصاديق حسب اختلاف أنظارهما في الموضوعات.
الثاني من شروط تحقّق الاستصحاب :
أن يكون المكلّف في حال الشكّ في الاستمرار قاطعا بالمتيقّن السابق ، فلو كان في حال الشكّ في الاستمرار شاكّا في أصل الحدوث أيضا فهو أجنبيّ عن الاستصحاب، ولو كان فيه قاعدة فهي موسومة بقاعدة الشكّ الساري وقاعدة اليقين، سواء اريد بها إثبات نفس المتيقّن فقط أو إثباته مع الاستمرار، ومن هنا يظهر عدم إمكان الجمع بين القاعدتين في كلام واحد؛ فإنّ مفاد الاستصحاب الحكم بالاستمرار، ومفاد القاعدة الاخرى الحكم بالحدوث فقط أو مع الاستمرار.
فإن قلت: إنّ اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة يمكن اعتباره بنحوين، الأوّل:
اليقين بعدالة يوم الجمعة لزيد، والثاني: اليقين بكون زيد في يوم الجمعة عادلا، والشكّ في الأوّل شكّ في الحدوث، وفي الثاني مع اختلاف متعلّق المتيقّن والمشكوك شكّ في البقاء، فالكلام مفيد لعدم نقض هذين اليقينين بهذين الشكّين.
قلت: هذان الاعتباران ليسا بفردين لليقين، فإنّ أفراد اليقين عبارة عن اليقين بعدالة زيد وفسق عمرو وهكذا، وأمّا اليقين بعدالة زيد فلا ينحلّ إلى فردين لليقين، وحينئذ فلا بدّ من أخذ هذين الاعتبارين في لفظ اليقين، ولا ريب في اتّحاد متعلّق الشكّ واليقين، فلا بدّ إمّا من ملاحظة المتعلّق في كليهما مقيّدا، أو في كليهما مطلقا، فعلى الأوّل يتعيّن في القاعدة، وعلى الثاني في الاستصحاب، ولا يمكن الجمع.
فإن قلت: لا نحتاج إلى هذين الاعتبارين، بل يعتبر اليقين بأصل العدالة والشكّ في أصل العدالة، وكما أنّ الشك في الحدوث شكّ في أصل العدالة، كذلك الشكّ في البقاء أيضا شكّ في أصل العدالة.
قلت: ليس الشكّ في البقاء شكّا في أصل العدالة، فإنّ الشكّ في المقسم شكّ في جميع الاقسام، فالشكّ في الإنسان لا بدّ وأن يكون شكّا في جميع الأفراد، فلو كان واحد من الأفراد معلوما فليس الشكّ في الإنسان، فكذلك هاهنا أيضا لو كان الحدوث معلوما فليس الشكّ في أصل العدالة الجامع بينه وبين البقاء، بل يكون الشك في الوجود الخاص وهو البقاء، فعلى هذا أيضا يكون الكلام متعيّنا في القاعدة الثانية.
فإن قلت: نعتبر متعلّق اليقين مقيّدا، ولكن لا يلزم اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ، بل اللازم عدم البينونة بينهما على وجه يصحّ إطلاق المضيّ وعدم النقض، فالمراد باليقين، اليقين بعدالة يوم الجمعة لزيد، ولكنّ الشكّ يشمل بإطلاقه الحالي الشكّ في عدالة يوم الجمعة لزيد، والشكّ في عدالة يوم السبت له، فالكلام باعتبار عدم نقض اليقين بالشكّ الأوّل يشمل القاعدة، وباعتبار عدم نقضه بالثاني يشمل الاستصحاب.
قلت: سلّمنا تعميم الشك بإطلاقه الحالي، ولكن حيث فرضت التقييد في اليقين يكون معنى المضيّ عليه وعدم نقضه هو الأخذ بعدالة يوم الجمعة لزيد، وفرق بين المضيّ على اليقين السابق وإلغاء الشكّ اللاحق، ونحن إنّما فسّرنا الأوّل بالثاني في باب الاستصحاب لما فرضناه هناك من اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ بتجريده عن الزمان، وأمّا بعد اختلافهما كما هو المفروض فحال الشكّ حال الحجر في جنب الإنسان، فلو اريد شمول الكلام للاستصحاب فلا بدّ من الإتيان بقضيّة اخرى مشتملة على موضوع ومحمول آخرين، وهو قولنا: واذا ثبت عدالة زيد في زمان فلو شككت في استمرارها في ما بعد هذا الزمان فابن على الاستمرار، فالموضوع هو الشكّ في الاستمرار، والمحمول هو الحكم به.
ومن هنا يظهر أنّه لا يمكن إرادة الحكم بالحدوث والحكم بالاستمرار معا من الكلام حتّى لو اريد منه القاعدة الثانية فقط، فإنّ غاية تقريب الإمكان أن يقال: إنّ المراد باليقين اليقين بعدالة زيد في يوم الجمعة مثلا، والشكّ قد يكون في عدالته في يوم الجمعة فقط مع القطع بالعدالة أو الفسق في ما بعده، أو يكون في عدالته فيه وفي ما بعده، فقضيّة الإطلاق عدم نقض اليقين بكلّ من الشكّين.
وفيه أنّه إن اريد اليقين على وجه التقييد فقد مرّ الكلام فيه، وإن اريد على وجه الإطلاق حتّى يكون المراد أنّه إذا حصل اليقين بعدالة زيد في زمان فالشكّ في ما بعده ملغى، سواء تعلّق بالحدوث أم به وبالبقاء، ففيه أنّه لا يمكن الجمع؛ لاختلاف القضيّتين موضوعا ومحمولا، فالموضوع في إحداهما الشكّ في الحدوث والمحمول الحكم بأصل الثبوت، والموضوع في الاخرى الشكّ في الاستمرار والمحمول الحكم به، ولا يمكن إرادة كلا الشكّين من لفظ الشكّ، ولا إرادة كلا المحمولين من لفظ عدم النقض في ما إذا قيل لا تنقض اليقين بالشكّ.