الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أضرار الكذب
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص51 ـ 53
20-6-2022
2173
بنفس مدى منافع الصدق وخصائصه المستحسنة، وعلى عكسه تماماً تكثر مضار الكذب وقبحه، فالصدق من أبرز الصفات الحسنة والكذب من أقبحها تماماً، فإن اللسان ترجمان الإنسان عن أحاسيسه الداخلية، فلو كان الكذب ناشئاً من الحسد والعداوة فهو من رشحات الغضب الخطيرة، ولو كان من الطمع أو العادة فهو من شر آثار الشهوة المتأججة في الإنسان.
لو تسمم لسان إنسان بالكذب وظهر رجسه عليه، كان على شرف صاحبه كما تكون رياح الخريف لأوراق الشجر، وكما تكون الصاعقة لصرح ممرد من قوارير أن الكذب ينمي في الانسان رجس الخيانة، ويطفئ فيه مصباح وجدانه وأنه ليفعل الأعاجيب في قطع أواصر الوحدة والوفاق ويوجب شيوع النفاق وإن قسطاً كبيراً من الضلال إنما هو نتيجة الدعاوي الجوفاء والكلمات الفارغة فإن مغرضي السوء إنما يصلون إلى تطبيق مقاصدهم الانتهازية بما يغطون به الحقائق من الكلام المغري الجميل والمعسول، وإنما يأسرون البسطاء السذج بتلقيناتهم المسمومة.
وأن الكذوب لا يدع لنفسه فرصة التأمل والفكر، فهو لا يفكر في عاقبة أمره زعماً منه أنه سوف لا يطلع على سرّه أحد ابداً، فهو يصاب في كلامه بالخطأ والتناقض، وسوف يواجه الفضيحة والانكسار والفشل والخجل، فليس بعيداً عن الصواب ما جرى على الألسن مثلا يضرب لا ذاكرة لكذوب(1).
إن من عوامل شيوع هذه الخصلة الذميمة التي تسمم أخلاق المجتمع ما قالوه: (الكذب المصلح خير من الصدق المفسد)(2)، فإنه اصبح حجاباً يضرب على هذه الدنيئة، فكثيراً ما يستند الناس لتبرير كذبهم المشين إلى هذا المثل، غافلين عما يشترطه العقل والشرع في هذا المعنى، فالذي يقول به العقل والشرع هو أنه إذا كان الدم أو العرض أو المال الخطير لمسلم في معرض التلف وجب الدفاع بكل وسيلة ممكنة عن وقوع الخطر بإحدى هذه الثلاث من مسلم، حتى ولو بالكذب، ولكنه للضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، ولكنها أيضاً تقدر بقدرها، فلا يجوز التجاوز في الكذب عن مقدار الضرورة. أما إذا وسعنا دائرة المصلحة بمقتضى منافعنا الشخصية ومشتهياتنا النفسية، وأردنا أن نستند إلى هذه القاعدة في كل مصلحة ومنفعة وشهوة، إذن فلا يبقى أي كذب بلا مصلحة كما قال أحد كبار الكتاب: (لكل شيء سبب، وبالإمكان أن نخلق لكل عمل عللاً وعوامل، وحتى المجرمون المحترفون باستطاعتهم أن يذكروا لإجرامهم عند محاكمتهم أعذاراً وادلة. وعلى هذا فلكل كذب يذكر في العالم منافع ومصالح، أي ان لكل كذب جهة نفع وخير، ولو لم يكن له ذلك لزم أن يكون لغواً وعبثاً وإذا كان كذلك فلا يكون فيه كثير ضرر. وهذا إنما يأتي من حيث أن الإنسان بفطرته يحسب كل ما يتفق مع منافعه الشخصية خيراً وصلاحاً، فإذا رأى منافعه الشخصية في خطر من الصدق، أو تصور خيراً في الكذب، كذب ولم يتحرج، إذ انه رأى في الصدق شراً وفتنة وفي الكذب خيراً وصلاحاً).
ولا ينبغي أن نغفل عن أن الكذب شر كبير، وإذا ارتفع شر آخر به عند حصول شرائط تجويزه فإنما يكون من باب دفع الأكثر فساداً بالفاسد.
إن حرية الكلمة اهم من الحرية الفكرية، إذ لو ظهرت زلة في الأفكار فإنما تضر أصحابها، بينما تمس حرية الكلمة مصالح المجتمع، إذن فمنافعها ومضارها عامة للجميع.
يقول الغزالي: (إن اللسان من النعم الجليلة، وهو مخلوق دقيق لطيف. وهو وإن كان في حجمه وجرمه صغيرا فإنه من حيث طاعته وجرمه كبير فإن الكفر والإيمان لا يظهران إلا باللسان، وهما منتهى العبادة والمعصية)، ثم يضيف: (وإنما ينجو من شره من قيده بالدين فلا يطلقه إلا فيما كان فيه صلاح دينه ودنياه وآخرته)(3).
ويجب أن نحترز من الكذب والكلام على خلاف الحقيقة والواقع أمام الأطفال لئلا تنبت في دخيلتهم هذه الصفة الخبيثة فإن الأطفال يقتبسون القول والعمل ممن يمت إليهم بصلة وخصوصاً إذا كانت مستمرة، فلو تسرب الكذب والقول على خلاف الحقيقة والواقع إلى محيط البيت الذي هو محيط تربية الطفل، وكان مقال الوالدين وأعمالهما على خلاف الحقيقة والفضيلة فإنهم سوف لا يتربون على الصدق والأمانة. يقول موريس تي يش: (إن عادة النطق بالحقائق والتفكير فيها والسعي وراءها، إنما هو سلوك من تربى من صغره عليها فقط).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مثل فارسي: دروغ كَوكم حافظه است.
2ـ مثل فارسي قاله سعدي الشيرازي: دروغ مصلحت آميز به از راست فتنه انكَيز.
3ـ أبو حامد الغزالي، في كتابه الفارسي: كيمياي سعادت.