الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مسؤوليات مختلفة
المؤلف: مجتبى اللّاري
المصدر: المشاكل النفسية والأخلاقية في المجتمع المعاصر
الجزء والصفحة: ص125 ــ 127
9/11/2022
1514
إن الإنسان يلتفت إلى مسؤولياته المختلفة في مراحل حياته عندما يقتدر على أن يتوجه بقوة عقله إلى مختلف مسائل الحياة ويميز به الحقائق من الأباطيل. وحينذاك يعرف أنه مكلف بأن يتحمل الأنظمة التي يحمله إياها نظام الحياة، ويتقيد بسلسلة من المقررات القطعية التي يتوقف عليها سعادة الإنسان وتكامله فيها، وبكلمة أن يوفق بين سلوكه والحوائج الحقيقية الجسمية والنفسية، أن تحمل المسؤوليات في جميع الشؤون المادية والمعنوية ضرورة يعلنها العقل والوجدان في كل إنسان، ويدعوانه إلى الصبر والثبات في سبيل العمل بها، فذلك أضمن السبل لرقي المجتمع وتقدمه واطراده، ويشجبان جميع العوامل التي تسبب اضطراب نظام الحياة وانحطاط الإنسان فيها. أن للإحساس بالمسؤولية أثراً كبيراً في تربية الفضائل الأخلاقية والمعنويات، وليست المسؤولية عبودية بل هي الحرية الواقعية والحقيقية، وهي ترسم له خطط سلوكه طبق النظام الأصلح. وهي تمتد مدى الحياة بأشكال مختلفة في مختلف نواحيها. وإنما يصح ان يؤاخذ الإنسان ويسئل عما فعل فيما إذا كان متمكناً ومستعداً لتحمل مسؤولياته.
إن عدم الالتزام بالمسؤولية والتجاوز عن حدودها تغافل عن قواعد الحياة، وهو مقدمة الشقاء والانحطاط، فلا ذنب أكبر من تناسي التكاليف والوظائف والانقطاع عن القيود اللازمة بحجة الحرية الفردية المطلقة. إن فقدان الإحساس بالمسؤولية أضر داء معد في المجتمع، فإنه يولد التضاد بين أفراده ويسبب ظهور الاختلافات. فلا بد من أن نمنع سحق التكاليف في سبيل تحقيق الشهوات. أما الأسرى في قيد الشهوات فهم يرجحون آمالهم وأمانيهم ومنافعهم الشخصية على العمل بالوظائف والتكاليف، وهذا هو منشأ سقوطهم وانحطاطهم وترديهم، فلن يبلغ هؤلاء صعيد التكامل الانساني أبداً.
يقول الدكتور كارل: (أن إنساناً يحسب نفسه مطلق العنان لا يشبه البازي المتجول في الفضاء اللامحدود، بل هو أشبه بكلب هرب من مسكنه وصادف أن جره حظه إلى شارع مزدحم يتجول فيه بين السيارات من هنا إلى هناك، إن ذلك الإنسان أيضاً يستطيع أن يكون كهذا الكلب يعمل بهواه فيذهب حيث يشاء، ولكنه أضل من هذا الكلب إذ أنه لا يدري أين يذهب وكيف يتخلّص من المخاطر المحيطة به
إننا نعرف أن الطبيعة لها قوانين تحكمها وتسيرها، فيجب علينا أن نفكر أن حياة الإنسان أيضاً يجب أن تكون محكومة تحت سلسلة من المقررات والأصول. ولكننا كأننا نحسب أنفسنا أحراراً عن الطبيعة في استقلال كامل، فنحب أن نعمل بما نريد، ولا نريد أن نفهم أن قيادة الحياة ليست بأقل من قيادة السيارة من حيث وجوب الالتزام ببعض القوانين. كأننا اليوم نظن أن المصير الحقيقي للإنسان ليس إلا الأكل والشرب والنوم والنكاح، وامتلاك سيارة، وراديو وسينما، ورقص، وثروة، ونرى أن الناس يتنعمون بحياتهم بين تبوغ أنواع السجاير ونشوة السكر من الخمرة).
إن الالتزام بالنظام ضروري للمجتمع البشري، ولا يحصل ذلك إلا برعاية بعض المقررات بصورة مستمرة. فمن كان معتمداً على قواه الذاتية وهمته الشخصية نظر إلى حقائق الحياة بنور العقل والمنطق وتمكن بذلك من تحمل المسؤوليات المختلفة، فهو ينظم برنامج حياته وفقاً لأصول الصدق والحق، ويستقبل ما عليه من التكاليف بالوظائف برحابة صدر، فإذا فشل في شيء من ذلك كان معتزاً بنفسه ايضاً إذ أن هذا الفشل لم يحصل إلا من العمل بمسؤولياته.
إننا يجب علينا أن نفتش عن السعادة في الفرحة الحقيقية، وهي والطمأنينة تسعفان اولئك الذين يعملون دائماً بنداء وجدانهم، إن رضا النفس وارتياح الفكر والضمير لهو خير جزاء يتلقاه العاملون بوظائفهم، إن هذا الإحساس المفرح والمبهج لا ينشأ إلا من عمق أرواح العاملين بوظائفهم وتكاليفهم في الحياة.