مواسم الشعر وأسواقه
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص73-74
26-09-2015
2280
اتسع نطاق الشعر في الجاهلية فلم يبق
مقتصرا على التعبير عن الخيال والوجدان فحسب، بل شمل ذكر المفاخر ووصف المعارك وتعداد
بعض الحوادث حتى سمّي بحق «ديوان العرب»، أي سجل تاريخهم. من أجل ذلك اقتضي أن
ينشد في المجتمعات وفي الحفل الغفير، فأخذ الشعراء يؤمّون الأسواق الخاصة والاسواق
العامة الكبرى لينشر كل واحد منهم محامد قومه أو يدل على براعة نفسه، مع العلم بأن
هذه الاسواق كانت في الاصل للتجارة، ثم جعل الناس يتخذونها مواسم قومية أو أدبية،
لاجتماع الناس فيها. وربما طلب أحدهم في أحد هذه المواسم غريما أو عرض فيها سيفا
أو فرسا كريما للبيع، أو أمّها يبحث عن امرأة يخطبها، أو ليشهد على عتق عبد يملكه.
أما الأسواق الصغرى فكانت كثارا، كل حيّ له
سوق اسبوعية أو شهرية قاصرة على أهل الحي ومن جاورهم في الاغلب. أما الاسواق
الكبرى فكانت أقل عددا وأطول أمدا، وكان الزمن الذي يفصل بين انعقادها أطول، هو في
الاغلب عام واحد. وأما أشهر هذه الأسواق-أو المواسم-فثلاث: ذو المجاز قرب ينبع (وينبع
ثغر مدينة الرسول)، وذو المجنة (بفتح الميم أو كسرها) قرب مكة، ثم عكاظ وهي سوق في
صحراء (1) بين نخلة والطائف شرق مكة، وكانت تبدأ مع هلال ذي القعدة وتستمر
عشرين يوما تجتمع قبائل العرب فيها فيتعاكظون أي يتفاخرون ويتناشدون.
_______________________
1) الصحراء
(هنا): الأرض الفضاء، أي التي لا بناء فيها.