تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
سر الدوران
المؤلف: نقولا حداد
المصدر: فلسفة التفاحة (جاذبية نيوتن)
الجزء والصفحة: الفصل الثاني (ص25 – ص30)
2023-03-25
1006
إن دوران القمر من حول الأرض ودوران الأرض وسائر السيَّارات من حول الشمس، ودوران مجموعات الأجرام من حول مراكزها، ودوران الأكوان العظمى من حول مركزها الواحد،1 جميع هذه الدورانات ليست كسقوط التفاحة على الأرض، ولا كانحدار المياه من الاعلى إلى الأسفل، ولا كتساقط الشهب إلى غير ذلك. تلك الأجرام تدور من حول مراكزها والتفاحة تهبط إلى جهة المركز حيث تستقر على السطح الذي يحول دونها ودون المركز، فكيف يطبق قانون سقوط الأجسام على دوران الأجرام في أفلاك؟ ليس بين نوعي الحركة المذكورين من تماثل أو تشابه حتى يصدق عليهما قانون واحد.
هذا هو الظاهر في الحقيقة، ولكن لا بد له من تفسير يتضح منه أن نوعي الحركة المذكورين يخضعان لناموس واحد، الأمر الذي انتبه له نيوتن جيدًا، وهو يدلك على سمو عقل هذا الذي لا تكفي لوصفه كلمة عبقري. إن حركة الدوران حول المركز نتيجة فعل قوتين متعامدتين: الأولى اندفاع الجرم في الفضاء بقوة خاصة. والثانية جذب المركز له بقوة جاذبية نيوتن، نسميها «جاذبية نيوتن» تمييزا لها عن أية قوة أخرى محرّكة.
لو كان الجزم يندفع في الفضاء بقوة واحدة فقط لكان يندفع في خط مستقيم، هذا أمر بديهي إذا شئت أن تعتقد في البداهة، وإلا فعليك بالاختبار، وإذا كان لا يسير في خط مستقيم فلأي ناحية يميل؟ وما الذي يميله؟ ليس له طريق طبيعي إلا الطريق الذي يندفع فيه وهو الطريق المستقيم. ولكن إذا طرأت عليه قوة أخرى في خط اندفاعه زادت سرعة اندفاعه في خط سيره، وإذا طرأت عليه في خط معاكس لخط اندفاعه ردَّته إلى الوراء إن كانت أقوى من القوة التي دفعته أولا، أو إذا كانت أضعف ارتدَّت هي ولكنها تنقص من سرعته بقدرها، ولكن إذا طرأت عليه قوة في خط معارض لخط اتجاهه حولت اتجاهه إلى اتجاه آخر بين اتجاه القوتين معًا.
فإذا قذفت أية قذيفة في الفضاء بقوة يد أو قوة منجنيق أو قوة مدفع، وكان الجو خاليًا من الهواء الذي يقاومها وجب أن تنطلق في الفضاء في خط مستقيم إلى ما لا نهاية له، لولا أن قوة جاذبية الأرض تعترض خط اندفاع القذيفة فتستميله نحوها، وحينئذٍ تتجه القذيفة في خط ثالث هو نتيجة خطّي القوة المتعارضين وفقًا للقاعدة التي ذكرناها آنفًا.
ولما كانت قوة الجاذبية نحو المركز أقوى، فلا بدَّ من أن تسير القذيفة إلى مركز الأرض، فنرى خط سيرها ينحني إلى أن تسقط على سطح الأرض أخيرًا، ولو كانت الأرض غازية لطيفة رقيقة المادة لانحدرت القذيفة الثقيلة إلى مركز الأرض. ما انحنت القذيفة في سيرها إلا لأن قوة الجاذبية نحو مركز الأرض أقوى من القوة التي دفعتها إلى الفضاء.
لو كانت القوة التي دفعتها في الفضاء في خط أفقي فوق طبقة الهواء تستطيع أن تقذفها بسرعة 4 أميال وتسعة أعشار الميل في الثانية لما سقطت هذه القذيفة إلى الأرض بتاتا، بل لبقيت تدور حول الأرض كقمر صغير حولها إلى أبد بعيد جدا؛ لأن القوة التي دفعتها في تلك المنطقة حول مركز الأرض تعادل قوة جاذبية مركز الأرض لها في تلك المنطقة، أي إن القوتين متعادلتين فتسير القذيفة في خط متوسط بين خطي القوتين، وهو بينهما عند 45 درجة لكل منهما كما هو معلوم للرياضي الطبيعي.
القوتان المتعامدتان
وهنا يبدر إلى ذهن القارئ هذا السؤال:
فهمنا أن القوة التي كانت تستميل القذيفة نحو المركز بحيث تسير في خط منحن هي قوة جاذبية مركز الأرض، وكذلك هي نفس القوة التي تحني خطوط جميع السيارات من حول الشمس فهمنا ذلك، ولكن ما هي القوة الأخرى التي قذفت بالقمر وبالسيارات أولًا فاندفعت في الفضاء ثم لاقتها قوة الجاذبية فاستمالتها وحنت خطوط اندفاعها؟ هذا سؤال وجيه أيضًا، وله تفسير لا نقول: إنه بسيط، ولكن يمكننا أن نقول: إنه تفسير بديع.
هذا البحث يردنا إلى أولاً كيفية انبثاق السيارات من الشمس، وانبثاق القمر من الأرض، بل يردنا ثانيًا إلى كيفية تكون الأجرام، وأما انبثاق السيارات والأقمار فهو انتشار هذه الأجرام الصغيرة من أمهاتها بأسباب اختلف عليها فقهاء الفلك، ونحن نعبأ بأحدثها وأصوبها وهو ما شرحه العلامة الكبير السير تجايمس تجينز، ولا محل لشرحه هنا بالإسهاب وإنما نشير إلى مجمل النظرية. وهو أن الأجرام تتجاذب فيما بينهما بحكم سُنَّة الجاذبية، فإذا تقارب جرمنا في سيرهما وهما في الحال الغازية ارتفعت من سطوحهما أكوام بفعل الجذب كما ترتفع مياه البحر عندنا بفعل جاذبية القمر، فيُحْدِث ذلك على الشاطئ جزرًا ثم مَدًّا. بعد ابتعاد القمر، هذا نفس ما حدث للشمس حين اتفق اقترابها من جزم آخر، فكلاهما فعل في الآخر مثل ما يفعل القمر في بحار الأرض، والأكبر يفعل بالأصغر أكثر مما يفعل هذا به. سل ذلك الجِرْم من جرم الشمس كومة عظيمة تفتتت بعد تباعد الجرمين – الشمس والجرم الآخر الأكبر – وكان الفتات هذه السيارات. وعلى هذا النمط ولد القمر من الأرض.
إن بيان ميلاد السيارات والأقمار ليس الجواب المباشر لسؤال القارئ الآنف الذكر، بل هو توطئة له. إذا كنت ملما بشيء من علم الفلك، فإنك تعلم أن جرم الشمس ككل جرم يدور على محوره، ويتم الدورة كل 24.65 يومًا تقريبًا، وإذا علمت أن محيط الشمس الاستوائي أي محيط منطقتها الوسطى نحو 2715743 ميلا تقريبًا علمت أن سرعة ذلك المحيط نحو 0.93 من الميل في الثانية، في حين أن سرعة محيط الأرض أقل من ثلث ميل في الثانية.
وندرك حينئذ أن الكتل التي تنتثر منها تنتفض بمثل هذه السرعة أو سرعة فائقة على كل حال، ولكنها تنقذف بنفس اتجاه الدوران؛ لأنه معلوم طبيعيًّا بالملاحظة والاستقراء (وبالبديهة إذا شئت) أن الجسم يأخذ دائمًا نفس حركة الجسم الذي انفصل عنه ونفس سرعته.
إن جميع الأجرام تدور كالشمس على محاورها في اتجاه واحد على الإطلاق، ثم إنها تسير دائرة من حول مركز عام لها في نفس ذلك الاتجاه كأنها موكب حافل عظيم يطوف في الفضاء من حول ذلك المركز العام بسبب سُنَّة الدوران أيضًا.2
الجرم الذي مرَّ بمقربة من الشمس أو هي مرَّت بمقربة منه وهو أضخم منها جدا كان يجذب كتلة الشمس كما تقدم القول في نفس اتجاه دوران الشمس على محورها واتجاه مسيرها، واتجاه سيره هو أيضًا في اتجاه واحد، فاتخذت تلك الكتل المنتثرة من الشمس بفعل ذلك الجزم الغليظ الذي كان والشمس يتقاربان وهما في اتجاه واحد أيضًا، ولكن أحدهما أسرع من الآخر، اتخذت تلك الكتل اتجاهًا أفقيًا بالنسبة إلى الشمس، فكان ذلك الاتجاه هو الخط المتعامد أو المعارض لخط قوة جاذبية الأرض.
ولما تباعد ذلك الجِرْم والشمس بقيت تلك الكتل السيارة تجري في الفضاء بعيدة عن سطح الشمس، ولكنها لم تستطع أن تشرد في الفضاء؛ لأن قوة جاذبية الشمس كانت لا تزال تكبحها وتمنع شرودها، ولا سيما لأن ذلك الجِرْم شرع يفارقها وتناقصت قوة جذبه لها وضعفت جدًّا.
ولا يخفى عليك أن مثل ذلك حدث في الجرم الذي سطا على الشمس وارتفعت منه كتل، ولكنها لم ترتفع أكثر مما يرتفع الماء عندنا في حالة المد؛ لأنه أكبر من الشمس جدًّا، فلا تؤثر الشمس فيه أكثر مما يؤثر القمر على أرضنا.
وهنا ملاحظة أخرى لا بد من انتباه القارئ لها وهي أن الشمس كانت أكبر حجمًا منها الآن، وكانت ألطف كثافة وكانت سرعة دورانها المحورية أشد، فالأجرام المنتثرة منها أخذت تلك السرعة القديمة. ذلك هو مصدر القوة الخاصة. القوة التي كانت تدفع الكتلة المشتقة في خط معارض لخط جاذبية الشمس الذي كان يحنيه، هذه هي القوة التي تعاونت مع قوة جاذبية المركز في إلزام السيارات أن تدور حول الشمس.
فترى أن مصدر القوتين واحد، الجاذبية جاذبيتان من جرمين مختلفين حجمًا وسرعة تعاونتا في إحراج جرم أن يدور حول مركز. ثم هناك نتيجة أخرى لانسلاخ كتل من جرم وبقائها تطوف من حوله كما حدث في انسلاخ السيارات من الشمس، وهذه النتيجة هي أن الكتلة المنسلخة من الجرم (الشمس مثلًا) تكتسب منها حركة الدوران على محورها؛ إذ هو معلوم أن جميع كتل الشمس في بدنها في ثورات دورانية عنيفة تتقلب ملتفة حول أنفسها، فإذا أفلتت من الشمس بقيت لها هذه الحركة الالتفافية؛ ولهذا ترى أن السيارات كلها تدور على محاورها، حتى القمر الذي لا يرينا إلا وجهًا واحدًا منه يتم في الفضاء دورة واحدة على محوره كلما أتمَّ دورة من حول الأرض؛ أي كل شهر قمري.
يكفي ما تقدَّم بيانًا لتسبب الجاذبية بحركة الدوران من حول المركز ومن حول المحور، وقد ظهر منه بوضوح أن التفاحة الساقطة على سطح الأرض لم تدر حول الأرض كالسيار؛ لأنه ليس ثمة قوة أخرى متعامدة لخط قوة الجاذبية كافية لكي تحرجها إلى الدوران، وكذلك القذيفة التي قذفتها اليد أو البندقية أو المدفع، فإنها سقطت أخيرًا على سطح الأرض؛ لأن القوة القاذفة لم تكن مكافئة لقوة الجاذبية لكي تمنحها حركة الدوران.
هوامش