1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : العقائد في القرآن : مقالات عقائدية عامة :

صفات القرآن في نظر المعصومين

المؤلف:  الشيخ عبد الله الجوادي الآملي

المصدر:  تسنيم في تفسير القرآن

الجزء والصفحة:  ج1،ص294-305.

2023-04-07

1973

صفات القرآن في نظر المعصومين

 

أن البحوث التفسيرية في كل آية من آيات القرآن في هذا الكتاب تختتم ببحث روائي، فكذلك تختتم بحوث معرفة القرآن في هذه المقدمة بكلام شريف منقول عن العترة الطاهرين(عليه السلام) حول عظمة ومواصفات القرآن. فقد جاء في روايات المعصومين(عليهم السلام) صفات كثيرة عن القرآن نشير فيما يلي إلى بعضها:

1. الوافد الأول على الله سبحانه

يقول النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم): "أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة وكتابه وأهل بيتي"(1)، ففي القيامة حيث إن جميع المخلوقات تعود إلى خالقها: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ } [الشورى: 53] فإن أول ضيف يرد على الله هو النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) والقرآن وأهل بيت النبي، وحيث إن هذه الكثرة النورانية منسجمة مع الوحدة الحقيقية، إذن يمكن أن يعبر عن مجموع هذه الأنوار الثلاثة بالنور الواحد والوافد الفرد وأن يقال: الوافد الأول.

2. أرفع مخلوق الهي

كذلك يقول النبي "القرآن أفضل كل شيء دون الله، فمن ور القرآن فقد ور الله ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحرمة الله"(2). والقرآن الكريم له ج مراتب مختلفة، فمرتبته النازلة هي "عربي مبين" ومرتبته العالية هي: "علي حكيم" { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 3، 4] وبين هاتين المرتبتين توجد مراتب متوسطة. والقرآن الكريم  حبل متصل و مستحكم طرف منه بيد الله سبحانه وطرفه الآخر بيد الناس، و والتمسك والاعتصام بحبل الله عامل للسعادة والسيادة في الدنيا والآخرة. 

والله سبحانه يأمر حملة القرآن باحترام القرآن ويعدهم بأن ثمرة ذلك هي المحبة عند الله وخلقه. يقول النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم): "يقول الله عز وجل: يا حملة القرآن تحبوا إلى الله تعالى بتوقير كتابه يزدكم حبا لي ويحببكم إلى خلقه"(3).

والجدير بالذكر أن للقرآن مراتب، كما أن لولاية الرسول الأكرم وأهل البيت(عليهم السلام) مراتب. والمرتبة العليا للقرآن والولاية هي نور واحد، ولهذا فليس هناك كلام عن فاضل ومفضول. وإذا لوحظت كثرة المراتب فإن المرتبة العليا للقرآن هي أفضل من المرتبة النازلة للولاية، وتفصيل ذلك يمكن الحصول عليه في كتاب آخر للمؤلف: (علي بن موسى الرضا والقرآن الحكيم).

3. الكتاب المؤدي للنجاة

يقول معاذ بن جبل: كنا مع رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) في سفر، فقلت: يا رسول الله حدثنا بما لنا فيه نفع. فقال: "إن أردتُم عيش السعداء وموت الشهداء والنجاة يوم الحشر والظل يوم الحرور والهدى يوم الضلالة فادرسوا القرآن فإنه كلام الرحمن وحرز من الشيطان ورجحان في الميزان".(4)

4. دليل الجنة

يقول النبي(صلى الله عليه واله وسلم): "تعلموا القرآن واقرؤوه واعلموا أنه كائن لكم ذكراً وذخراً وكائن عليكم وزراً فاتبعوا القرآن ولا يتبعتكم، فإنه من تبع القرآن تهجم على رياض الجنة، ومن تبعه القرآن زج في قفاه حتى يقذفه في جهنم"(5) أي اقرأوا القرآن واعلموا أن القرآن يرفع شأنكم واسمكم واعلموا أنه سيكون لكم ذخراً ووزراً، فهو ذخر حسن للإنسان إذا جعله إماماً له وأما إذا جعل الإنسان نفسه إماماً للقرآن فإن القرآن سيكون وزراً ثقيلاً على ظهره وسيقذفه من قفاه في جهنم. وكما يقول أمير المؤمنين(عليه السلام) حول القرآن أيضاً بات من جعل القرآن له قائداً فإن مصيره إلى الجنة ومن تركه خلفه فسوف يسوقه إلى النار: "من جعله أمامه قاده إلى الجنة، جعله خلفه ساقه إلى النار".(6)

5. طريق الإنسان لكي يصبح ربانيا

يقول النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) "ما من مؤمن، ذكر أو أنثى، حر أو مملوك إلا والله عليه حق واجب: أن يتعلم من القرآن ويتفقه فيه ثم قرأ هذه الآية: { وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ }(7)."

أي أن حق الله سبحانه على الجميع أن يتعلموا القرآن بتفقه لأن القرآن يدعو الناس ليكونوا ربانيين وطريق ذلك هو تعلم القرآن.

والعالم الرباني هو الذي له ارتباط وثيق مع رب العالمين وكذلك 3 يتقن تربية الناس، وما قاله الأئمة المعصومون(عليه السلام): "فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون"(8) فهو لبيان المصداق الكامل للعالم الرباني وليس الحصر ذلك في أهل البيت(عليهم السلام)، أجل إن أكمل مصاديق العالم الرباني هم الأئمة(عليه السلام)، ولكن الباب مفتوح أمام أتباعهم كي يصبحوا ربانيين.

6. مرقاة أهل الجنة

جاء رجل إلى الإمام السجاد(عليه السلام) وسأله عددا من الأسئلة فأجاب عليها الإمام، فأحب أن يسأل الإمام من جديد فقال له الإمام(عليه السلام): "مكتوب في الإنجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعلمون، ولما عملتم بما علمتم فإن العالم إذا لم يعمل به لم يزده من الله إلا بعدا، ثم قال: "عليك بالقرآن فإن الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة لم يكن أحد في الجنة أعلى درجة منه ما خلا النبيين والصديقين".(9)

 

حفص: انت الإمام موسى بن جعفر(عليه السلام) قال لرجل: "أتحب البقاء في الدنيا؟" فقال ذلك الشخص وكان من المتربين في أحضان عقيدة الإمامة: نعم، فسأله الإمام ملة "ولماذا؟" فقال: لكي أكثر من تلاوة السورة المحبوبة لدي {قل هو الله أحد}(10). فصمت الإمام الكاظم(عليه السلام) قليلا ثم قال: "يا حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولم يحسن القرآن علم في قبره ليرفع الله به من درجته، فإن درجات الجنة على قدر آيات القرآن، يقال له: اقرأ وارق، فيقرأ ثم يرقي".

فإذا كان هناك أحد من الشيعة لم يتعلم القرآن جيدة في حياته، فإنه - تعلم القرآن في عالم البرزخ (لأنه مؤمن بحقيقة القرآن) كي يرفع الله درجاته لأن درجات الجنة على قدر آيات القرآن. فيقال للقارئ: اقرأ وارق في درجات الجنة، فيقرأ ويرتقي.

وفي عالم البرزخ ليس هناك مجال للتكامل العملي كي يصل الإنسان إلى كمال أعلى بواسطة أداء واجب أو مستحبة، ولكن طريق التكامل العلمي مفتوح، كالذي يحصل للروح في الرؤيا من كشف و شهود لكثير من المعلومات والمعارف التي لا سبيل إلى نيلها وتعلمها عن طريق حركة البدن وسعيه في زمان اليقظة، وحيث إن عدد درجات الجنة بعدد آيات القرآن الكريم فلأجل رفع درجات الشيعة، فإنهم يؤتون تعليم القرآن أولا ومن ثم يقال لهم: "اقرأ وارق" فيقرأون ويرتقون في درجات الجنة.

والصعود في درجات الجنة ليس جزاء للقراءة في عالم الآخرة، لأن  عالم البرزخ ليس فيه تكليف أو عمل يترتب عليه الجزاء، بل إن صعود أهل الجنة في درجات الجنة إنما هو ظهور لأنسهم مع القرآن في الدنيا.

يقول حفص: "فما رأيت أحدا أشدة خوفا على نفسه من موسى بن جعفر(عليه السلام) ولا أرجأ في الناس منه وكانت قراءته حزنا فإذا قرأ فكأنه * يخاطب إنسانا"(11).

وهذه هي صفة التلاوة مع التدبر، إذ أنت القارئ المتدبر يجد نفسه تارة مخاطبة لله سبحانه وأخرى مخاطبة من قبل الله سبحانه.

وأما كيفية تعلم القرآن بين أصحاب النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) فقد رويت بهذا النحو: "كانوا يأخذون من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) عشر آيات. فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل"(12).

7. درجة من النبوة

يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "من قرأ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحي إليه"(13). وقراءة القرآن لها شروط خاصة، فإذا ما توفرت هذه الشروط فإن مثل هذه الآثار والنتائج سوف تترتب عليها، كما أن القراءة في آيات مثل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} و {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق:1و 3] هي مجرد قراءة عادية.

ويقول النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) أيضا: "من قرأ ثلث القرآن، فكأنما أوتي ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثي القرآن فكأنما أوتي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله فكأنما أوتي تمام النبوة، ثم يقال له: اقرأ وارق بكل آية درجة. فيرقي في الجنة بكل آية درجة حتى يبلغ ما معه من القرآن. ثم يقال له: اقبض فيقبض... فإذا في يده اليمنى الخلد وفي الأخرى النعيم".(14)

وبعد صعود المؤمن في درجات الجنة يجد حكم وشهادة خلوده ما في الجنة بيده اليمنى والنعم الإلهية في يده اليسرى، ولذلك نقول في دعاء الوضوء: "اللهم اعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري...".(15)

8. مصدر للنور

روي أن أباذر (رضي الله عنه) طلب نصيحة من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) فقال له رسول الله: "أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله". قلت: زدني فقال رسول الله: "عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيرا فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض"(16)، أي أن تلاوة القرآن عامل لذكرك في الملكوت ومصدر لنورانيتك في الأرض. والقرآن هو بنفسه ذكر الله ومن ألقابه (الذكر)، فأتباعه في الملكوت رفيعو الشأن والصيت وفي الأرض نورانيون.

واستحباب تلاوة القرآن ليس محدودة بقراءة خمسين آية في اليوم، وما ورد في بعض الروايات من الأمر بقراءة خمسين آية في اليوم ليس ناظرة إلى بيان الحد الأكثر، إذ انه يستحب على الأقل قراءة خمسين آية بعد صلاة الصبح كما جاء عن الإمام الرضا(صلى الله عليه واله وسلم) أنه قال: "ينبغي للرجل إذا أصبح أن يقرأ بعد التعقيب خمسين آية".(17)

9. الطريق إلى نيل ثواب الشاكرين

يقول النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم): "قال الله تبارك وتعالى: من شغله القرآن عن دعائي  ومسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين".(18).

أي ان من شغلته قراءة القرآن عن ذكر حوائجه إلى الله، فإن الله لا سبحانه يعطيه أفضل ثواب الشاكرين من غير طلب ودعاء منه. كما أن خليل الله إبراهيم(عليه السلام) عندما سمع نداء: { حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: 68] ، أو {فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ} [الصافات: 97] لم يطلب شيئا من الله، لأنه يعلم أن قضاء حاجته هو في عدم السؤال ولذلك قال: "حسبي من سؤالي علمه بحالي"(19)

10. سبب للحشر مع الأنبياء

قال النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم): "إن أكرم العباد إلى الله بعد الأنبياء العلماء ثم حملة القرآن، يخرجون من الدنيا كما يخرج الأنبياء ويحشرون من قبورهم مع الأنبياء ويمرون على الصراط مع الأنبياء ويأخذون ثواب الأنبياء. فطوبى لطالب العلم وحامل القرآن مما لهم عند الله من الكرامة والشرف".(20)

والذي يتعلم القرآن ليستفيد منه في الخطابة أو التأليف فحسب، فهذا دليل على أنه لم يطلب القرآن لأجل التدبر فيه والعمل به، وأنه ليس أكثر من حرفة وعمل تجاري، ومثل هذا العلم ينتهي إلى النسيان آخر عمر الإنسان. وصحيح أن هذا التعلم فيه ثواب التعرف على ظاهر القرآن، لكن تعلم القرآن لأجل التدبر والعمل به له منزلة أخرى ومقام آخر.

11. عامل لسرور وبهجة القلوب

يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص، وإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله بل الحجة عليه أعظم والحسرة عليه ألزم وهو عند الله ألوم". (21)

والمقصود من التفقه في قوله "تفقهوا في القرآن الكريم وفي روايات أهل البيت(عليه السلام) ليس هو التعرف على الفقه المصطلح الذي هو في مقابل الكلام والفلسفة، كما أن كلمة (الحكمة) في القرآن والروايات ليست هي بمعناها المصطلح وهو الفلسفة، بل يطلق الفقه أيضاً على معرفة أصول الدين والعلوم العقلية، وكذلك فهم أحكام الدين ومعرفة حلال الله وحرامه تسمى بالحكمة أيضاً. إذا فمعنى الفقه هو التعمق في العلم ومطلق التعرف والوعي بمعارف الدين، وليس هو بمعناه الاصطلاحي، وإلا لزم أن يكون المقصود من التفقه هو معرفة خصوص آيات الأحكام المتعلقة بفروع الفقه والتي تشكل نسبة جزء من بين عشر جزءاً من القرآن، فالتفقه عندئذ يكون معرفة هذا المقدار القليل فحسب، في حين أن كل القرآن فقه. طبعاً إذا اعتبرنا المسائل الحقوقية والسياسية والاجتماعية والمدنية جزءاً من الفقه فإن عدد الآيات الفقهية سيكون أكثر.

ويظهر من جعل الشفاء في نور القرآن في قوله: "واستشفوا بنوره" أن الجهل بالقرآن مثل عدم العمل به هو مرض، والجهل مثل سائر الرذائل الأخلاقية من جملة الأمراض القلبية، والقرآن الكريم شفاء لهذه الآلام: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ } [الإسراء: 82] ، {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس: 57].

والمقصود من القلب في القرآن هو تلك اللطيفة الإلهية، أي الروح، وليس العضو الذي يضح الدم في البدن. وسلامة ومرض القلب الجسماني من اختصاص علم الطب، ولا علاقة لهما بسلامة ومرض القلب الروحاني، فمن الممكن أن يكون قلب الإنسان الجسماني متمتعاً بالصحة والسلامة التامة، لكنه لا يستطيع أن يكبح جماح بصره عندما يواجه المرأة الأجنبية عنه، فهو مريض القلب كما وصفه القرآن الكريم: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32] والمقصود هو القلب الروحاني. كذلك الذي يرتبط بعلاقات سياسية غير صحيحة فهو مريض القلب، وإن كان قلبه الجسمي سالم من الناحية الطبية المادية: { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} [المائدة: 52].

وقد وصف القرآن الكريم في كلام أمير المؤمنين(عليه السلام) بأنه (أحسن الحديث) و(أنفع القصص) وورد التأكيد على تلاوته بصورة حسنة، والمقصود من التلاوة الحسنة ليس هو الصوت واللحن الحسن فحسب، بل الفهم الصحيح للقرآن والعمل به أيضا من درجات التلاوة الحسنة، ا لأن أمير المؤمنين لا يقول في بقية حديثه: وإن العالم العامل بغير علمه و كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله بل الحجة عليه أعظم والحسرة عليه ألزم وهو ملام عند الله سبحانه. ومن الطبيعي أن الترتيل والقراءة مع التأني والعناية ومع مراعاة قوانين التجويد لها فضل خاص ودرجة مرموقة في التلاوة الحسنة.

12. بحر المعرفة الذي لا ضفاف له

كذلك يقول أمير المؤمنين(عليه السلام): "ثم أنزل عليه – أي النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) – الكتاب نورة لا تطفأ مصابيحه وسراجا لا يخبو توقه وبحرة لا يدرك قعره - بواسطة البشر العادي - ومنهاجا لا يضل نهجه وشعاعة لا يظلم ضوؤه... جعله الله ريا لعطش العلماء وربيعة لقلوب الفقهاء ومحاج لطرق الصلحاء ودواء ليس بعده داء، ونورة ليس معه ظلمة وحبة وثيقة عروه ومعقلا منيعة ذروته"(22).

13. العامل الوحيد للغنى والثروة الحقيقية

يقول النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم): "القرآن غنى لا غنى دونه ولا فقر بعده"(23) أي انه سبب يجلب للإنسان غنى لا يتحقق إلا عن طريقه، كما أنه لا فقر كفقر الحرمان من القرآن. كذلك يقول(صلى الله عليه واله وسلم): "من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي  أفضل مما أعطي فقد حقر ما عظمه الله، وعظم ما حقره الله"(24)، أي من قرأ - القرآن وحسب أنت الآخرين قد حازوا أفضل مما حظي به، فقد حقر ما . عظم الله وهو القرآن وعظم ما حقر الله وهي الدنيا.

كذلك يقول: "لا ينبغي لحامل القرآن أن يظن أحدا أعطي أفضل مما ل أعطي، لأنه لو ملك الدنيا بأسرها لكان القرآن أفضل مما ملكه".(25)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص6

2. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص7

3. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص7.

4. جامع أحاديث الشيعة، ج 15، ص 9.

5. نفس المصدر، ص10.

6. البحار، ج89، ص17.

7. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص9(سورة آل عمران، الآية 79).

8. أصول الكافي، ج 1، ص34.

9. جامع احاديث الشيعة، ج15، ص15.

10. في إحدى الغزوات في صدر الإسلام حيث كان فيها أمير المؤمنين(عليه السلام) فائدة للجيش من قبل رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)، وبعد عودة الجيش سأل رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) بعض أفراد الجيش التقديم تقرير عن حال سفرهم وقال كيف وجدتم قائد الجيش؟ فاشتكوا إلى رسول الله من استمرار أمير المؤمنين علي(عليه السلام) على قراءة سورة التوحيد في الصلوات. فسأل رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) عليا(عليه السلام) ماذا تقول في ذلك يا علي؟ فأجاب أمير المؤمنين(عليه السلام) . إنني أحب تلاوة {قل هو الله أحد}. [البحار، ج89، ص348].

11. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص15.

12. نفس المصدر، ص27.

13. نفس المصدر، ص17.

14. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص17

15. البحار، ج 77، ص319

16. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص19.

17. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص20.

18. نفس المصدر، ص 21.

19. البحار، ج68، ص156.

20 . جامع أحاديث الشيعة، ج 15، ص 24.

21 . نهج البلاغة، الخطبة 110، المقطع 6.

22. نهج البلاغة، الخطبة 198، المقطع 25.

23. جامع أحاديث الشيعة، ج15، ص7

24. نفس المصدر، ص16.

25. نفس المصدر، ص26.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي