علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
البحث حول وثاقة الرّواة في تفسير القمّي.
المؤلف: الشيخ محمد آصف محسني.
المصدر: بحوث في علم الرجال.
الجزء والصفحة: ص 71 ـ 75.
2023-07-11
1082
قال علي بن إبراهيم القمّي الثّقة الجليل: ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي إلينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الّذين فرض الله طاعتهم ... (1).
أقول: قد عرضت هذه العبارة قبل سنوات على السّيد الأستاذ الخوئي رحمه الله في النّجف الأشرف أيّام تتلمذت عنده خارج الأصول والفقه، وقلت له: إنّ عليّ بن إبراهيم مثل ابن قولويه قد وثق رواة تفسيره ... إلّا أنّه رحمه الله لم يقبله وقال ـ اعتمادا على قول بعض تلامذته في دروس البحث الخارج: إنّ مقدّمة التّفسير لم يثبت كونها من علي بن إبراهيم. وقد طالبته بدليله فلم يأت بشيء وبعدما خرج كتابه معجم رجال الحديث من الطّبع رأيت تبدّل رأيه الشّريف، وإليك نص ما أورده:
ولذا نحكم بوثاقة جميع مشائخ علي بن إبراهيم الذين روي عنهم في تفسيره مع انتهاء السند إلى أحد المعصومين عليهم السلام فقد قال في مقدّمة تفسيره (ثمّ نقل العبارة المتقدّمة) وقال بعدها: فإنّ في هذا الكلام دلالة ظاهرة على انّه لا يروي في كتابه هذا إلّا عن ثقة. بل استفاد صاحب الوسائل في الفائدة السّادسة في كتابه ... ان كلّ من وقع في أسناد تفسير علي بن إبراهيم المنتهية إلى المعصومين عليهم السلام قد شهد علي بن إبراهيم بوثاقته حيث قال: وقد شهد علي بن إبراهيم أيضا بثبوت أحاديث تفسيره وانّها مروية عن الثّقات عن الأئمّة عليهم السلام.
ثمّ قال السّيد الأستاذ:
أقول إنّ ما استفاده رحمه الله في محلّه فإنّ علي بن إبراهيم يريد بما ذكره إثبات صحّة تفسيره، وإنّ رواياته ثابتة وصادرة من المعصومين عليهالسلام، وإنّها انتهت إليه بوساطة المشائخ والثّقات من الشّيعة.
وعلى ذلك فلا موجب لتخصيص التّوثيق بمشائخه الّذين يروي عنهم علي بن إبراهيم بلا واسطة، كما زعم بعضهم (2).
أقول: لقائل أن يدّعي العلم إجمالا بوجود عدّة من الضّعفاء في الأسانيد؛ إذ من المتعسّر جدّا أن تكون تلك الرّوايات الكثيرة في كتابه كلّها ذات أسانيد نقيّة صحيحة، نقلها الثّقات. فالمطلّع على حال الرّواة والرّوايات يقطع عادة بعدم صحّة إطلاق كلامه رحمه الله، وهذا القطع يسقط حجيّة كلامه، كما لا يخفى.
ويمكن أن يجاب عنه بأنّ عدّة من الرّواة الواقعين في أسناد روايات كتابه قد علم ضعفهم بتصريح النجّاشي أو الشّيخ أو غيره، وهؤلاء لا بدّ من إخراجهم من هذا التّوثيق العامّ جمعا بين الكلمات. وبعد إخراج هؤلآء وإخراج من ثبت وثاقتهم بتوثيق علماء الرجال ليس لنا علم إجمالي بوجود ضعاف في المجهولين، فلا مانع من العمل بظاهر كلامه رحمه الله.
هذا ولكن الأظهر خلاف هذا التّصوّر؛ إذ ليس لكلامه صراحة ولا ظهور معتبه، في أنّ رواة رواياته كلّهم ثقات.
وبعبارة أخرى: لم يظهر منه الالتزام بأنّه لا يروي عن غير الثّقة، بل مفاد كلامه أنّه يروي ويخبر بما انتهى إليه من روايات المشايخ والثّقات، وأمّا انّه لا يروى عن غير الثقات فهذا غير مفهوم منه؛ إذ لا حصر في كلامه كما هو موجود في كلام ابن قولويه السّابق.
ويؤيّد هذا، أو يدلّ عليه أمران:
الأوّل: إنّه على القول الأوّل لا بدّ من القول بحجيّة مراسيله بدليل انّه يروي عن الثّقات؛ إذ هو رحمه الله لم يلتزم بأنّه يذكر أسامي الثّقات، بل التزم بذكر ما رواه الثّقات، واحتمال تعارض توثيقه بجرح غيره في رواة المراسيل مندفع بأصالة عدم الجرح فيهم (3)، والرّوايات المرسلة كثيرة في كتابه. ولم أر أحدا يلتزم بذلك، كيف ولو كان الأمر كذلك؟ وفي هذا لاشتهر وبان بين العلماء، ولا أقلّ من ذهاب جمع إليه، كما ذهبوا إلى حجيّة مراسيل ابن أبي عمير وغيره، ولا أظنّ بسماحة سيّدنا الأستاذ رحمه الله الالتزام بذلك.
والثّاني: إنّه نقل الرّوايات المرفوعة. فذكر في كتابه ما لم يعلم وثاقة رواته.
فمثلا: قال في ذيل قوله تعالى: {وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ...} فإنّه حدثني أبي رفعه قال سأل الصّادق (عليه السلام) عن آدم .... (4).
وقال في ذيل قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ...} حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن بعض رجالهم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) .... (5) وفي ذيل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ ...} فإنّه حدثني أبي رفعه قال: قال الصّادق (عليه السلام) ... وفي محل آخر (6): وحدثني محمّد بن محمّد بن يحيى البغدادي رفع الحديث إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)
وفي ذيل قوله تعالى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي ...}، قال: وروي ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) ... ولعلّ مثله كثير يظهر للمتتبّع، ومعها لا يبقى للمتأمّل، الظنّ النّوعي من كلامه في مدلوله. فإنّ إحرازه وثاقة هؤلآء المحذوفين محتاج إلى علمه بالغيب.
وهنا احتمال آخر، وهو: أن يكون عطف الثقات على المشائخ من قبيل عطف التفسير، فهو يخبر بما انتهى إليه من روايات مشائخه الثقات، وليس بصدد بيان وثاقة الرّواة بوجه. وهذا الاحتمال غير بعيد لبعد تركه توثيق المشائخ وتعرضه لتوثيق الرّواة. ـ فافهم ـ وإنّما لا نقبل وثاقة جميع مشائخه لعدم استفادة الحصر من كلامه.
ولو فرض صحّة التّوثيق العام المذكور لأصبح ـ 260 ـ رجلا من الثّقات كما قيل، وقيل بأكثر من هذا العدد.
ثمّ إنّي بعد ذلك بمدّة مديدة ـ ولعلّها ثمانية عشرة سنة ـ في شهر ذي قعدة 1414 ه لقيت العالم الجليل السّيد علي السيستاني (دام ظلّه الوارف) الّذي أصبح اليوم بعد وفاة السّيد الخوئي (قدس سره) من المراجع للمؤمنين في النّجف الأشرف في ضمن زيارتي لأئمّة العراق (عليهم السلام)، فقال: إنّ تفسير علي بن إبراهيم الموجود المطبوع من تدوين بعض تلامذته أخذ روايات تفسيره وروايات الجارودي ـ كلّا أو بعضا ـ ودوّنهما، فأشّتهر الكتاب ب: تفسير علي بن إبراهيم.
أقول: احتمال صحّة هذا القول يسقط اعتبار مقدّمة الكتاب المذكورة (7) من رأس لعدم العلم بأنّ مقدّمة التّفسير من علي بن إبراهيم، أو من مدوّن الكتاب وجامعه المجهول. وعلى كلّ هنا بحث أدّق من هذا، حول هذا التّفسير سيأتي فيما بعد في البحث الثّاني والخمسين إن شاء الله تعالى. وستعرف أنّ الحقّ عدم الاعتماد على روايات التّفسير حتّى، وان كانت رواتها من الثّقات والحسان، فانتظر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير القمّي: 4 / 1 ـ الطبعة الحديثة.
(2) معجم رجال الحديث: 1 / 44.
(3) غير جيّد وما أورد صاحب المعالم كما لا يخفى. انظر: المعالم: 208.
(4) تفسير القمّي: 1 / 43.
(5) المصدر: 1 / 39.
(6) المصدر: 1 / 99.
(7) من لاحظ تفسير القمّي بتمامه، يطمئن بصحّة ما ذكره السّيد السيستاني (دام عمره).