الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
رسالة إلى أبي زید ابن خلدون
المؤلف: أحمد بن محمد المقري التلمساني
المصدر: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
الجزء والصفحة: مج6، ص:389-395
2024-12-10
201
رسالة إلى أبي زید ابن خلدون
ومما اشتمل على نثر لسان الدين ونظمه ما خاطب به الرئيس أبا زید ابن خلدون ، لما ارتحل من بحر المرية واستقر ببلد بسكرة عند رئيسها أبي العباس ابن مزنى صحبة رسالة خطبها أخوه أبو زكريا ، وقد تقلد كتابة صاحب تلمسان ، ووصل الكتاب عنه من إنشائه وهذه صورة ما كتبه لسان الدين رحمه الله تعالى
بنفسي وما نفسي علي بهينة فينزلني عنها المكاس بأثمان "
وراش سهام البين عمداً فأصماني
حبيب نأى عني وصمم لايني
وقد كان هم الشيب، لا كان كافياً فقد ادني لما ترحل . همان
شرعت له من دمع عيني مورداً فكدر شربي بالفراق وأظماني
وأرعيته من حسن عهدي جميمه فأجدب آمالي وأوحش أزماني
حلفت على ما عنده لي من رضى قياساً بما عندي فأحنَتْ أيماني
وإني على ما نالني منه من قلى لأشتاق من لقياه نغبة ظمآن
389
سألت جنوني فيه تقريب عرشه فقست بجن الشوق جن سليمان
إذا ما دعا داع من القوم باسمه وثبت وما استثبت شمية هيمان
وتالله ما أصغيت فيه لعاذل تحاميته حتى ارعوى وتحاماني
ولا استشعرت نفسي برحمة عابد تظلل يوما مثله عبد رحمن
ولا شعرت من قبله بتشوق تخلل منها بين روح وجثمان
أما الشوق فحدث عن البحر ولا حرج وأما الصبر فسل به أية درج
بعد أن تجاوز اللوى والمنعرج لكن الشدة تعشق الفرج والمؤمن ينشق
من روح الله تعالى الأرج وأنى بالصبر على إبر الدبر لا بل الضرب
الهبر ومطاولة اليوم والشهر حتى حكم القهر ؟ وهل للعين أن تسلو سلو
المقصر عن إنسانها المبصر أو تذهل ذهول الزاهد عن سرها الرائي والمشاهد؟
وفي الجسد بضعة يصلح إذا صلحت فكيف حاله إن رحلت عنه ونزحت
وإذا كان الفراق هو الحمام الأول فعلام المعول ؟ أعيت مراوضة الفراق
على الراق وكادت لوعة الاشتياق أن تفضي الى السياق :
تركتموني بعد تشييعكم أوسع أمر الصبر عصيانا
أقرع سني ندما تارة وأستميح الدمع أحيانا
وربما تعللت بغشيان المعاهد الخالية وجددت رسوم الأسى بمباكرة
الرسوم البالية أسأل نون النوى عن أهليه وميم الموقد المهجور عن مصطليه
وثاء الأثافي المثلثة عن منازل الموحدين وأحار بين تلك الأطلال حيرة الملحدين لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين كلفت لعمر الله بسال عن جفوني المؤرقة
ونائم عن همومي المتجمعة المتفرقة ظعن عن ملال لا متبلاما مني بشر خلال وكدر الوصل بعد ضفائه وضرج النصل بعد عهد وفائه:
390
أقل اشتياقا أيها القلب ربما رأيتك تصفي الود من ليس جازيا
قها أنا أبكي عليه بدم أساله وأنهل فيه أسى له وأعلل بذكراه قلبا
صدعه وأودعه من الوجد ما أودعه لما خدعه ثم قلاه وودعه وأنشق
رباه أنف ارتياح قد جدعه وأستدعي به على ظلم ابتدعه :
خليلي هل أبصرتهما أوسمعتهما قتيلا بكى من حب قاتله قبلي
فو لا عسى الرجاء ولعله لا بل شفاعة المحل الذي حله لمزجت الحنين
بالعتب وبثثت كتائبه كمناء في شعاب الكتب هز من الألفات رماحا خزر
الأسنة وتوتر من النونات أمثال القسي المرنة وتقود من بياض الطرس
وسواد النقس بلقا تردي في الأعنة لكنه أوى الى الحرم الأمين وتفيأ
ظلال الجوار المؤمن من معرة العوار عن الشمال واليمين حرم الخلال المزنية والظلال اليزنية والهم السنية والشيم التي لا ترضى بالدون ولا بالدنية
حيث الرفد الممنوح والطير الميامن يزجر لها السنوح والمثوى الذي إليه – مهما تقارع الكرام على الضيفان حول جوابي الجفان - الميل والجنوح :
نسب كأن عليه من شمس الضحى نورا ومن فلق الصباح عمودا
ومن حل بتلك المثابة فقد اطمأن جنبه وتغمد بالعفو ذنبه ولله در القائل حيث يقول :
391
فوحقه لقد انتدبت لوصفه بالبخل لو لا أن حمصا داره
بلد مى أذكره تهتج لوعي وإذا قدحت الزند طار شراره
اللهم غفرا لا كفرا وأين قرارة النخيل من مثوى الأقلف البخيل ومكذبة المخيل؟ وأين ثانية هجر من متبوإ من ألحد وفجر ؟
من أنكر غيثا منشؤه في الأرض وليس بمخلفها
فبنان بني مزنى مزن تنهل بلطف مصرفها
شكرت حتى بعبارها وبمعناها وبأحرفها
وتنكرت الدنيا حتى عرفت منه بمعرفها
بل نقول: يا محل الولد(لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد )
(البلد :3,2) لقد حل بينك عرى الجلد وخلق الشوق بعدك يا ابن خلدون
في الصميم من الخلد فحيا الله تعالى زمنا شفيت برقى قربك زما نته
واجتليت في صدف مجدك جمانته ويا من لم تقض من طول خلتك
لبانته وأهلا بروض أظللت أشتات معارفك بانته فحمائمه بعدك تندب
فيساعدها الجندب ونواسمه ترق فتتغاشى وعشياته تتخافت وتتلاشى
ومزنه باك ودوحه في مأتم ذي اشتباك كأن لم تكن قمر هالات قبابه
ولم يك أنسك شارع بابه إلى صفوة الظرف ولبابه ولم يسبح إنسان عينك في ما ء شبابه فلهفي عليك من درة اختلستها يد النوى ومطل بردها الدهر
ولوى ونعق الغراب ببينها في ربوع الجوى ونطق بالزجر فما نطق عن
392
الهوى وبأي شيء نعتاض منك أيتها الرياض بعد أن طمى نهرك الفياض
وفهقت الحياض ؟ ولا كان الشانىء المنشوء والجرب المهنوء من قطع
ليل أغار على الصبح فاحتمل وشارك في الذم الناقة والجمل وستأثر جنحه
ببدر النيل لما كمل نشر الشراع فراع وأعمل الإسراع كأنما هو
تمساح النيل ضايق الأحباب في البرهة واختطف لهم من الشط نزهة العين
وعين النزهة ولجج بها والعيون تنظر والغمر عن الاتباع يحظر فلم
يقدر إلا على الأسف والتماح الأثر المنشف والرجوع بملء العيبىة
من الخيبة ووقر الجسرة من الحسرة وإنما نشكو الى الله البث والحزن
ونستمطر من عبارتنا المزن وبسيف الرجاء نصول إذا شرعت لليأس النصول:
ما أقدر الله أن يدني على شحط من داره الحزن ممن داره صول
فإن كان كلم الفراق رغيبا لما نويت مغيبا وجللت الوقت الهنيء
تشغيل فلعل الملتقى يكون قريبا وحديثه يروي صحيحا غريبا
إيه ثقة النفس كيف حال تلك الشمائل المزهرة الخمائل ؟ والشيم
الهامية الديم هل يمر ببالها من راعت بالبعد باله وأخمدت بعاصف البين
ذباله أو ترثي لشؤون شأنها سكب لا يفر وشوق يبت حبال الصبر ويبر
وضنى تقصر عن حلله الفاقعة صنعاء وتسر والأمر أعظم والله يسر وما الذي يضيرك ؟ صين من لفح السموم نضيرك بعد أن أضرمت وأشعلت
393
وأوقدت وجعلت وفعلت فعلتك التي أن ترفق بذماء أو ترد
بنغية ماء أرماق ظماء وتتعاهد المعاهد بتحية يثم منها شذا أنفاسك أو
تنظر إلينا على البعد بمقلة حوراء من بياض قرطاسك وسواد أنقاسك فربما
قنعت الأنفس المحبة بخيال زور وتعللت بنوال منزور ورضيت لما لم تصد العنقاء بزرزور:
يا من ترحل والنسيم لأجله تشتاق إن هبت شذا رياها
تحيي النفوس إذا بعثت تحية فإذا عزمت اقرأ ( ومن أحياها )
ولئن أحييت بها فيما سلف نفوسا تفديك - والله تعالى الى الخير يهديك_
فنحن نقول معشر مريديك : لئن ولا تجعلها بيضة الديك وعذرا فإني لم
أجر على خطابك بالفقر الفقيرة وأدللت لدى حجراتك برفع العقيرة لا عن
نشاط بعثت مرموسة ولا اغتباط بالأدب تغري بسياسته سوسه وانبساط
أوحى الى على الفرة ناموسه وإنما هو اتفاق جرته تفثة المدور وهناء
الجرب المجدور وخارق لا مخارق فثم قياس فارق أو لحن غنى به بعد
الممات مفارق والذي سببه وسوغ منه المكروه وحببه ما اقتضاه
الصنو يحيى - مد الله تعالى حياته وحرس من الحوادث ذاته - من خطاب ارتشف به لهذه القريحة بلالتها بعد أن رضي علالتها ورشح الى الصهر
الحضرمي سلالتها فلم يسع إلا إسعافه بما أعافه فأمليت مجيبا ما لا
394زلللملدملادجلبملادجللا بلالبلبلالبلابلالبلالبلاFBGFBKOPKFGBGFBBF
يعد في يوم الرهان نجيباً ، وأسمعتُ وجيباً ، لما ساجلتُ بهذه الترهات سحراً عجيباً ، حتى إذا ألف القلم العريان سبحه ، وجمح برذون الغرارة فلم أطبق كبحه ، لم أفق من غمرة غلوه ، وموقف متلوه ، إلا وقد تحيز إلى فئتك معتزاً بل معتراً ، واستقبلها ضاحكاً مُفتراً ، وهش لها براً ، وإن كان لونه من الوجل مصفراً ، وليس بأوّل من هجر ، في التماس الوصل ممن هجر ، أو بعث التمر إلى هجر ، وأي نسب بيني اليوم وبين زخرف الكلام ، وإجالة جياد الأقلام ، في محاورة الأعلام ؟ بعد أن حال الجريض ، دون القريض، وشغل المريض ، عن التعريض ، واستولى 3 الكسل ، ونصلت الشعرات البيض كأنها الأسل ، تروع برقط الحيات ، سرب الحياة ، وتطرق بذوات الغرز والشيات : ، عند البيات ، والشيب الموت العاجل ، وإذا ابيض زرع صبحته المناجل ، والمعتبر الأجل ، وإذا اشتغل الشيخ بغير معاده ، حكم في الظاهر بإبعاده ، وأسره في ملكة عاده ، فأغض أبقاك الله واسمح ، لمن قصر عن المطمح ، وبالعين الكليلة فالمح ، واغتنم لباس ثوب الثواب ، واشف بعض الجوى بالجواب ، تولاك الله تعالى فيما استضفت وملكت ، ولا بعدت ولا هلكت ، وكان لك أية سلكت ، ووسمك من السعادة بأوضح السمات ، وأتاح لقاءك من قبل الممات ، والسلام الكريم يعتمد جلال ولدي ، وساكن خلدي ، بل أخي وإن اغتبته وسيدي ، ورحمة الله تعالى وبركاته » انتهى قلت : هذه الرسالة الرافلة في حلل البلاغة لم أر مثلها ولم أقف عليه ، فرحم الله تعالى لسان الدين ووجه سحائب الرحمة إليه ، فلقد كان آية الله في النظم والنثر وجميع العلوم على اختلافها.