الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
دافعية التعلم / الدرس الأول
المؤلف: الأستاذ الدكتور محمود العيداني
المصدر: دروس منهجية في علم النفس التربوي
الجزء والصفحة: ص 231 ــ 239
2024-12-17
130
يتوقع من الطالب في نهاية هذا الدرس ما يأتي:
1- التعريف بحقيقة (الدافعية).
2- التمييز بين (الدافعية) وبين كل من: (الحاجة)، و(الهدف)، و(الباعث).
3ـ التمييز بين أنواع الدوافع وأصنافها.
4- بيان وظائف الدافعية ودورها.
5- إدراك أهمية الدافعية وتأثيرها العظيم في عملية التعلم.
مقدمة الدرس
يذهب معظم المختصين بالدراسات النفسية إلى أن سبب تعدد النشاط الإنساني وتنوعه، يعود - بالدرجة الأولى - إلى كثرة الدوافع والاهتمامات لدى الإنسان؛ فتعدد مثل هذه الحاجات والدوافع والرغبات وتنوعها لدى الأفراد يعمل على تنويع الأنماط والخيارات السلوكية التي يقومون بها بغية تحقيق أهداف أو إشباع دوافع معينة؛ فقد نلاحظ أن الأفراد في بعض الأحيان يتصرفون بطرق معينة في بعض المواقف، ثم تتغير سلوكياتهم حيالها في أوقات أخر، ونجد أن شدة سلوكيّاتهم حيال تلك المواقف تتغير أيضاً؛ إذ تكون ردات أفعالهم قوية أحياناً وضعيفة أحياناً أخر.
وإن الأفراد قد يستجيبون لبعض المنبهات أو المثيرات في مواقف معينة ولا يستجيبون لها في مواقف أخر، فعلى سبيل المثال: ربما يندفع الفرد بشدة لتناول الطعام في بعض الحالات، إلا أنه لا يستجيب لذلك في حالات أخر، وتجده يهتم بمنظره الشخصي أحياناً، ويُهمله أحياناً آخر.
إن مثل هذه الحالات وغيرها، يمكن تفسيرها على أساس وجود الدوافع والحاجات والاهتمامات لدى الأفراد، فالبحث في موضوع (الدافعية) يعني الكشف عن الأسباب الرئيسة التي تقف وراء السلوكات الإنسانية من حيث تنوعها والتغيّر الذي يحدث فيها، الأمر الذي يعني شدة ارتباط هذا الموضوع بمسألة التعلم ما يلزم جميع المعنيين بهذه المسألة بالاهتمام الشديد بهذا الموضوع؛ إذ يختلف المتعلمون في طرائق وأساليب الاستجابة إلى الأنشطة التعليمية والمدرسية، فيستخدم مفهوم (الدافعية) لتفسير الاختلاف في السلوك بين مختلف الأفراد، من حيث التحصيل الدراسي أو من حيث عمل آخر.
ونظراً إلى الدور المهم الذي تؤديه الدافعية في التعلم والاحتفاظ والأداء، حاول علماء النفس تحديد العوامل المؤثرة فيها، وتتضح أهمية الدافعية من الوجهة التربوية من حيث كونها هدفاً تربوياً في ذاتها؛ فاستثارة دافعية الطلاب وتوجيهها وتوليد اهتمامات معينة لديهم، تجعلهم يقبلون على ممارسة نشاطات معرفية وعاطفية وحركية خارج نطاق العمل المدرسي، وفي حياتهم المستقبلية، هي من الأهداف التربوية المهمة التي ينشدها أي نظام تربوي.
وتبرز أهمية الدافعية من الوجهة التعلمية أيضاً، من حيث كونها وسيلة يمكن استخدامها في سبيل إنجاز أهداف تعليمية معينة على نحو فعّال؛ وذلك من خلال عدها أحد العوامل المحددة لقدرة الطالب على التحصيل والإنجاز؛ فإن الدافعية على علاقة بميول الطالب، فتوجه انتباهه إلى بعض النشاطات دون الأخر (1)، وإنها ـ كذلك - ذات علاقة بحاجاته، فتجعل من بعض المثيرات معززات ومشجعات تؤثر في سلوكه، وتحثه على المثابرة والعمل بشكل نشطٍ وفعالٍ.
المطلب الأول: التعريف بحقيقة الدافعية
يرتبط سلوك الإنسان بدوافعه وحاجاته المختلفة، فلكل سلوك هدف، وهو: إشباع حاجات الإنسان.
والحاجة، هي: حالة من التوتر أو عدم الاتزان تتطلب نوعاً من النشاط لإشباع هذه الحاجة، ونتيجة لذلك التوتر الداخلي، ينشأ الدافع، الذي يحفز الإنسان للقيام بالسلوك.
وحينما نتأمل السلوك الصادر عن الإنسان، نجده مدفوعاً بدافع؛ فالذي يبحث عن الطعام والماء، دفعه إلى ذلك الجوع والعطش، والذي هرب من خطر داهمه، إنما دفعه إلى ذلك دافع الخوف، فمعرفتنا بالدوافع التي تكمن من وراء السلوك، وفهمنا لها، هو وسيلتنا لفهم الناس والتعامل معهم (2).
وقد ذكرت للدوافع تعاريف متعددة، قد تبدو مختلفة للوهلة الأولى ومتباينة، إلا أن التأمل فيها يقتضي حقائق متحدة نتطرق إليها بعد ذكر بعض هذه التعاريف:
أولاً: (حالة تحدث عند الكائن البشري بفعل عوامل داخلية أو خارجية، تثير لديه سلوكاً معيناً، وتوجهه نحو تحقيق هدف معين (3).
ثانياً: (عامل داخلي يستثير سلوك الإنسان، ويوجهه، ويحقق فيه التكامل) (4).
ثالثاً: (عملية استثارة وتحريك السلوك أو العمل والنشاط، وتنظيمه وتوجيهه نحو الهدف، ويدل الدافع على العلاقة الديناميكية بين الفرد والبيئة المحيطة به، فهو الذي يستثير السلوك، ويدفع الفرد للقيام بعمل معين؛ لإزالة حالة التوتر، وإشباع الحاجة (5).
رابعاً: (عملية داخلية توجه نشاط الفرد نحو هدف في بيئته) (6).
خامساً: (القوة التي تجعل الكائن الحي ينشط لإصدار سلسلة من الأساليب السلوكية، بحيث تتجه نحو تحقيق هدف معين، ثم تتوقف إذا تحقق الهدف) (7).
ولو تأملنا التعاريف المتقدمة، لأمكن أن نصل إلى النتائج الآتية:
1- أن الدافع غير الدافعية، فما تقدم من تعريفات إنما هي للدافع، وأما الدافعية، فهي العملية النفسية التي تنتج عن وجود الدافع، وتؤثر في سلوك الإنسان.
2- أن الدافعية حالة داخلية تحدث لدى الأفراد، وتتمثل في وجود نقص أو حاجة أو دافع أو هدف يسعى الفرد إلى تحقيقه، فالحاجة تشير إلى اختلال في التوازن البايولوجي أو السايكولوجي، من قبيل: الجوع والعطش والأمن مثلاً، وأما الدافع، فيمثل القوة التي تدفع الفرد إلى القيام بسلوك ما من أجل إشباع الحاجة، في حين يمثل الهدف الرغبة أو الغاية التي يسعى الفرد إلى تحقيقها.
3ـ قد تحدث الدافعية بفعل عوامل داخلية أو عوامل خارجية فالحاجة إلى الطعام ربما تستثار بسبب نقص نسبة السكر في الدم مثلاً، وأنها قد تكون نتيجة لرؤية الطعام الشهي، أو رائحته.
4- أن الدافعية حالة مؤقتة تنتهي حال تحقيق الإشباع أو التخلص من التوتر الناجم عن وجود حاجة أو حال تحقيق الهدف الذي يسعى إليه الفرد.
5ـ يُشير الهدف إلى الباعث أو الحافز، الذي يشبع الدافع أو الحاجة وفي الغالب، يكون هذا الباعث مرتبطاً بالبيئة الخارجية.
وسوف نستفيد من هذه النتائج في التطبيقات التربوية للدافعية.
المطلب الثاني: أنواع الدوافع
تصنف الدوافع إلى صنفين حسب المصادر التي تثيرها، وهما:
أولاً: الدوافع الداخلية
وهي الدوافع التي يكون منشؤها داخل الفرد من قبيل:
1ـ الدوافع الفطرية
وهي: مجموعة الحاجات والغرائز البايولوجية التي تولد مع الكائن الحي، ولا تحتاج إلى تعلم.
وتسمى هذه الحاجات بالدوافع الأساسية أو دوافع البقاء، وبالدوافع الأولية، أو الوراثية؛ لأنها ضرورية للحفاظ على بقاء واستمرار الكائنات الحية، من قبيل: الجوع والنوم، والجنس، وتجنب الألم والتعب، والأمن، وغيرها (8).
2ـ الدوافع غير الفطرية
من قبيل: حب المعرفة والاستطلاع والاهتمامات والميول، وغيرها (9).
ثانياً: الدوافع الخارجية
وتسمى الدوافع الثانوية، أو (المكتسبة) أو (المتعلمة)؛ إذ إنها مكتسبة ومتعلمة من خلال عملية التفاعل بين الفرد وبين بيئته المادية أو الاجتماعية وفق عمليات التعزيز (الإثابة) والعقاب، اللذين يوفرهما المجتمع في المواقف التي يمر بها الفرد خلال حياته.
وتشمل هذه الدوافع مجموعة الحاجات النفسية والاجتماعية، من قبيل: الحاجة إلى الانتماء، والصداقة، والسيطرة، والتفوق، وغيرها من الدوافع الأخر، التي تتطور لدى الأفراد من خلال عملية التنشئة الاجتماعية في الأسرة والمدرسة والشارع ودور العبادة والمؤسسات التعليمية والاجتماعية الأخرى.
وتؤدي (النمذجة) أو (المحاكاة) دوراً بارزاً في اكتساب مثل هذه الحاجات، وتتقوى وفق عملية (التغذية الراجعة) المتمثلة في الثواب والعقاب، التي يتلقاها الأفراد من المجتمع الذي يعيشون فيه، ويتفاعلون معه (10).
المطلب الثالث: أهمية الدافعية ووظيفتها
تشير الدراسات إلى أن الدافعية واحدة من العوامل المهمة التي تحدد كيفية السلوك الذي يصدر من قبل الشخص. فالدافعية أمر تتضمنه كل أنواع السلوك، من تعلّم، وأداء عملي، وإدراك حسي، وانتباه، وتذكر، ونسيان، وتفكير، وإبداع، وشعور، وغيرها من أنواع السلوك المختلفة.
والعلاقة بين الدافعية والسلوك قد تكون معقدة في بعض الأحيان، والمستوى المتوسط من الدافعية قد يكون له تأثير مختلف عن تأثير المستوى المتطرف منها، وإن الدوافع المتعارضة قد تؤدي إلى صراع وإن بعض الدوافع ـ كذلك - لا يكون شعورياً، فلا يتوجه إلى وجوده الشخص ببساطة وبدون تأمل وتحليل.
والواقع: إننا لن نتمكن من فهم سلوك الإنسان إلا بعد أن يزداد علمنا بالآثار المعقدة للمواقع. ولكن بصورة عامة، تؤدي الدافعية الوظائف الآتية:
أولاً: توليد السلوك
تنشط الدافعية وتحرّك سلوكاً لدى الأفراد من أجل إشباع حاجة، أو استجابة لتحقيق هدف معين مثل هذا السلوك أو النشاط الذي يصدر عن الكائن الحي يُعد مؤشراً على وجود دافعية لديه نحو تحقيق غاية أو هدف ما.
ثانياً: توجيه السلوك
توجه الدافعية السلوك نحو المصدر الذي يشبع الحاجة أو يحقق الهدف، فهي تساعد الأفراد على اختيار الوسائل المناسبة لتحقيق الهدف.
ثالثاً: تحديد شدة السلوك
تحدد الدافعية شدة السلوك اعتماداً على مدى إلحاح الحاجة أو الدافع إلى الإشباع، أو مدى صعوبة أو سهولة الوصول إلى الباعث الذي يشبع الدافع؛ فكلما كانت الحاجة ملحة وشديدة، كان السلوك المنبعث قوياً لإشباع هذه الحاجة، وإذا وجدت صعوبات تعيق تحقيق الهدف، فإن محاولات الفرد تزداد من أجل تحقيقه، وقد لا يتركه إلا بعد أن يحققه ولو بعد حين.
رابعاً: المحافظة على ديمومة واستمرارية السلوك
تعمل الدافعية على مد السلوك بالطاقة اللازمة حتى يتم إشباع الدافع أو تحقيق الغايات والأهداف التي يسعى لها الفرد، أي: إنها تجعل من الفرد كائناً مثابراً حتى يصل إلى حالة التوازن اللازمة لبقائه واستمراره (11).
إن الاهتمام بالدافعية لا يقتصر على علماء النفس؛ فإن لكل واحد منا مفهومه الخاص عما يدفع الناس ويحركهم، والواقع إن مثل هذا المفهوم قد يكون أمراً لا بد منه من أجل المضي في الحياة. إننا كثيراً ما نتساءل عما يريده هذا الشخص، وعما يؤثر فيه، وعن الشيء المهم بالنسبة إليه.
خلاصة الدرس
1- يرتبط سلوك الإنسان بدوافعه وحاجاته المختلفة، فلكل سلوك هدف، وهو: إشباع حاجات الإنسان.
2- الحاجة هي: حالة من التوتر أو عدم الاتزان تتطلب نوعاً من النشاط لإشباع هذه الحاجة، ونتيجة لذلك التوتر الداخلي، ينشأ الدافع، الذي يحفز الإنسان للقيام بالسلوك.
3ـ لو تأملنا التعاريف المختلفة للدافعية، لأمكن أن نصل إلى أن الدافعية حالة داخلية تتمثل في وجود نقص أو حاجة يسعى الفرد إلى تحقيقها، وإنها قد تحدث بفعل عوامل داخلية أو عوامل خارجية، وهي حالة مؤقتة تنتهي حال تحقيق الإشباع أو التخلص من التوتر.
4ـ تصنف الدوافع إلى صنفين حسب المصادر التي تثيرها: داخلية (فطرية وغير فطرية) وخارجية
5- للدافعية وظائف متعددة، وهي: توليد السلوك، وتوجيهه، وتحديد شدته، والمحافظة على ديمومة السلوك واستمراريته.
اختبارات الدرس
1ـ بين الفرق بين كل من (الدافع)، و(الحاجة)، و(الهدف).
2- تكلم عن أنواع الدوافع ذاكراً مثالاً لكل منها.
3ـ بين أهمية الدافعية في مجال علم النفس التربوي.
4ـ من جملة وظائف الدافعية توجيه السلوك، تكلم عن ذلك باختصار.
5ـ تؤثر الدافعية في ديمومة السلوك، بين ذلك مع التمثيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ Gage & Berliner. 1979
2ـ الجغيمان ومحمود، محمد وعبد الحي، علم النفس التربوي: ص 50.
3ـ الزغلول، عماد، مبادئ علم النفس التربوي: ص 215، عن: 1997. Biddle
4ـ إدوارد موراي، الدافعية والانفعال، ترجمة: أحمد سلامة ومحمد نجاتي: ص 28.
5ـ المصدر السابق.
6ـ راجع: منصور، عبد المجيد وزميلاه، علم النفس التربوي ص 164.
7ـ الجغيمان ومحمود، محمد وعبد الحي، علم النفس التربوي: ص 50.
8ـ الزغلول، عماد، مبادئ علم النفس التربوي: ص 217.
9ـ شاهین، عماد، مبادئ التعليم المدرسي للأهل والمربين: ص 225.
10ـ إدوارد موراي، الدافعية والانفعال، ترجمة: أحمد سلامة ومحمد نجاتي: ص 57، وما بعدها.
11ـ Bernestein. 1997