الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
كيف تحافظ على رباطة جأشك عندما ينهار طفلك
المؤلف: د. لورا ماركهام
المصدر: آباء مطمئنون أبناء سعداء
الجزء والصفحة: ص54ــ58
2025-01-08
104
((عندما يمر أطفالي بلحظات انهيار أجدني غير راغبة في أي شيء سوى الابتعاد قدر الإمكان، ويصعب علي حقا التعاطف معهم)). - لورا، أم لطفلين
ينزعج الأطفال بكثرة، وذلك يرجع إلى قلة خبراتهم وعدم نضجهم المعرفي. إن قدرتنا على التزام الهدوء في لحظات انزعاجهم هي ما تساعدهم على تطوير المسارات العصبية لتهدئة أنفسهم. لكن يشق على معظمنا أن نبقى متعاطفين في الوقت الذي يبدأ فيه طفلنا بفقدان صوابه. شيء بداخلنا يريد أن يصرخ: ((لا!)).
* لا، ليس لدي وقت لهذا الآن!
* لا، أنت تسبب لي الإحراج، الناس ينظرون إلينا!
* لا، ما الذي أخطأت فيه حتى تُصاب بنوبة غضب مرة أخرى؟
* لا، لماذا تفعل هذا بي؟!
* لا، لماذا لا تبتلع غيظك فحسب كما أفعل أنا؟
بالضبط. لقد تعلم معظمنا ونحن أطفال أن مشاعرنا مرفوضة، بل وخطيرة حتى. لذلك عندما يمر طفلنا بانهيار، يتحفز الطفل الصغير بداخلنا. تومض إشارات الخطر. وكما هي عادتنا حين يحوم الخطر، نشعر بشيء من الفزع. نريد فقط أن نهرب (استجابة الهروب) أو نشعر بغضبة عارمة - نريد أن نجعله يخرس (استجابة القتال) أو نصاب بالخدر (استجابة التجمد).
أما احتضانه بتعاطف، والسماح له بإخراج تلك المشاعر، وتقبل ثورته حتى وإن كانت موجهة إلينا من دون أخذها على محمل شخصي، فذلك يفوق احتمال معظم الآباء تحلق كل نياتنا الحسنة عبر النافذة.
ومع ذلك، يعاني كل طفل كثيرًا من تجارب الخوف والغضب والإحباط والحزن. يحتاجون إلى التعبير عن تلك التجارب، ويريدون منا الإصغاء إليهم. هذا يعلمهم بمرور الوقت، مصادقة عواطفهم بحيث يستطيعون التحكم فيها. إننا القدوة التي يحذون حذوها في الواقع. تتعلم طفلتنا تنظيم انفعالاتها وسلوكها من مراقبتنا ونحن ننظم انفعالاتنا وسلوكنا.
ما الذي يسعنا فعله إذن لمعالجة رد فعلنا المتجذر بعمق تجاه انزعاج طفلنا، بحيث نكون مساندين له؟
* اعترف بمشاعرك الخاصة. إن فزعنا في مواجهة العواطف الخام لطفلنا هو مسألة عالقة من طفولتنا نحن. والسبيل الوحيد إلى اقتلاع جذوره هو أن نرى الطريقة التي نفعنا بها ونحن صغار. قُل لفزعك المتصاعد: ((شكرًا لإبقائي آمناً في صغري. صرتُ بالغا الآن. باتت هذه المشاعر مقبولة)).
* ذكر نفسك أن تلك ليست حالة طارئة. ((من الطبيعي أن يعتريني هذا الشعور عندما ينزعج طفلي. لكن أيَّا يكن ما يحدث، فإن بمقدوري التعامل معه)). هذا ليس تهديدًا، إنه فلذة كبدك، طفلك الذي يحتاج إلى مساعدتك المفعمة بالحب الآن. وإن أصر ذهنك على إطلاق صفارات الإنذار أخبره بأنك ستتعامل مع تلك المخاوف في وقت لاحق، وليس الآن.
* ذكر نفسك بأن التعبير عن المشاعر أمر مستحسن. ستنتاب هذه المشاعر طفلك لا محالة. السؤال الوحيد هو ما إذا كنت ستأذن له في التعبير عنها، أم ستعلمه أنها خطيرة. بمجرد أن يشعر بعواطفه ستتبخر. (في حال كنت تتساءل، فإن العواطف التي يكبتها هي ما تندلع من دون سابق إنذار، وتجعله يثور). حتى وإن لم تستطع قول ((نعم!)) بكل جوارحك عندما يبدأ طفلك بالانهيار، فحاول أن تنتقل من ((لا!)) الفورية إلى ((لا بأس)) دافئة، تماما مثلما تفعل في الأوقات الأخرى التي يحتاج طفلك إليك فيها.
* أزح عن كاهلك الضغط. لست بحاجة إلى إصلاح طفلك أو الموقف. كل ما عليك فعله هو أن تبقى حاضرا. طفلك ليس بحاجة حتى إلى الكوب الأحمر أو أي يكن ما يبكي بشأنه، إنه بحاجة إلى تقبلك المحب له ولكل مشاعره المعقدة. خيبة أمله، سخطه، جزعه، كلها مشاعر مقبولة، وكلها ستمر من دون أن تفعل شيئًا عدا أن تحبه.
* خذ نفسًا عميقا واختر الحب. كل خيار نتخذه إنما هو في جوهره خطوة إما نحو الحب وإما نحو الخوف. دع اهتمامك بطفلك يمنحك الشجاعة لتختار الحب. ليس فقط حباً لابنك، بل حبا للطفل الذي كنته يوما، وللأب الذي أنت عليه الآن استمر في التنفس وقُل لنفسك: ((قد اخترت الحب)). مبتذل أكثر من اللازم؟ تثبت البحوث أنه مُجدٍ.
لكن يمكنك إيجاد شعار آخر فعّال: ((هذا، أيضًا، سوف يمضي.... لقد كبرت بخير، وسوف تكبر طفلتي بخير أيضًا... يمكنني التعامل مع هذا...)). أيا ما يناسبك.
* اسمح بالعاطفة من دون التصرف بناءً عليها. يمكنك التصرف في وقت لاحق إن شئت. أو حتى بعد مضي بضع دقائق، بمجرد أن تهدأ. في اللحظة الراهنة، دع نفسك تشعر بها فحسب. تنفس في حين تشق طريقك عبرها. سمِّ العاطفة إن كان يساعدك ذلك. حسنا، إنها الغضب. لكن ماذا يكمن تحت الغضب؟ الأذى؟ الخوف؟ خيبة الأمل؟ لاحظ كيف تشعر بها في جسمك.
* أبق الأمر بسيطاً. تريد طفلتك منك أن تشهد على جيشان عواطفها، وأن تخبرها بأنها لا تزال محبوبة، على الرغم من كل تلك المشاعر المقرفة. أما الشروحات أو المفاوضات أو تأنيب الضمير أو تبادل الاتهامات أو إسداء النصائح أو تحليل سبب انزعاجها الشديد أو محاولات ((مواساتها)) ((مهلا، مهلاً، لا داعي للبكاء، هذا يكفي))، فإن كل ذلك سيوقف هذه العملية العاطفية الطبيعية لديها. لا تجبرها على التعبير عن نفسها بكلمات فهي لا تملك رفاهية الوصول إلى الجزء المنطقي من دماغها وهي منزعجة. وبالطبع، أنت ترغب في التعليم - لكن على ذلك أن ينتظر. لن تستطيع طفلتك التعلم قبل أن تهدأ. ليس عليك أن تقول كثيرًا. المهم هو نبرتك الهادئة المحبة. ربما:
~ أنتِ بأمان. أنا هنا بجانبك.
~ أسمعكِ. الجميع يحتاجون إلى البكاء أحيانًا.
~ تطلبين مني الذهاب بعيدًا، لذا سأحافظ على مسافة بيني وبينك، لكنني لن أتركك بمفردك مع هذه المشاعر المخيفة. عندما تصيرين مستعدة، ستجدينني هنا جاهزا لاحتضانك.
* اعثر على طريقة لمعالجة مشاعرك الخاصة. لا شيء يستثير عواطفنا البدائية مثل التربية. أنت أيضًا بحاجة إلى التنفيس، وذلك يعني أن تشعر بهذه العواطف، وأن تتنفس في حين تشق طريقك عبرها من دون التصرف بناءً عليها. يمكن لبعضنا فعل ذلك عن طريقة تدوين المذكرات، أو من خلال البكاء، لكن ربما تكون بحاجة إلى شخص يستمع إليك ليس إلا. شخص سيقاوم رغبته في أن يسديك نصيحة شخص لن ينصدم إذا اعترفت له بأنك أردت أن تضرب ابنك بالجدار، أو أن تتركه هناك في متجر البقالة، لأن هذا الشخص يعلم أن الجميع قد مر عليهم هذا الشعور، وأنك لن تفعل ذلك حقاً. شخص لن ينفعل ويفزع متسائلا إن كان من الطبيعي أن تشعر أنت أو طفلك بمشاعر كهذه. شخص سيدعك تبكي، شخص سيبقى بجوارك تماما مثلما تبقى بجوار طفلك.
تلك مهمة صعبة بالنسبة إلى الآباء، لكنها هدية عظيمة لأطفالنا. الخبر السار هو أننا بمجرد أن نقول نعم لمختلف مشاعر الأطفال، سيتعلمون كيفية التحكم فيها بطرق صحية. في الواقع، سترى نتائج إيجابية مباشرة عقب كل ((نوبة غضب)) تتلقاها بحب، لأن طفلك سيشعر بتحسن هائل بعد تفريغ تلك الحقيبة المكدسة بالمشاعر. هكذا يكون الحب غير المشروط.