مشكلة المزارع السمكية
المؤلف:
أ.د. إمحمد عياد محمد مقيلي
المصدر:
مشاكل البيئة الحديثة والمعاصرة (الطبعة الأولى 2025)
الجزء والصفحة:
ص153-154
2025-04-14
574
يساهم البحر بين 15 إلى 20 في المائة من البروتين الحيواني في العالم، علما بأن هناك تقديرات تشير إلى أن ما بين 30 إلى 40 في المائة من السمك الذي يتم صيده يتخلص منه برميه في البحر لقلة الطلب عليه تجاريا مما يعني أن نسبة كبيرة من البروتين تضيع هدرا دون الاستفادة منها على الإطلاق. ونتيجة للصيد الجائر أصبحت الأسماك لا تتجدد بنفس الكميات التي تصطاد بها. لذلك فكر الإنسان في زيادة الواردات السمكية عن طريق الزراعة المائية.
تعمل تقنية الزراعة المائية على عزل الإناث من الأسماك وسحب البيض منها لكي يتم تخصيبه في المعامل بخلطه في ظروف ملائمة بالسائل المنوي المنزوع من الذكور مما يضمن نسبة تخصيب عالية. وبعدها يوضع البيض المخصب في حضانات مائية مناسبة لحين التفقيس تم تنقل أفراخ الأسماك إلى أحواض الزراعة المركزة حيت يقدم لها أغذية غنية بالبروتين الحيواني، أو ربما توضع في أحواض طبيعية كالخلجان لكي تأكل من الطبيعة إلا أن ذلك يتسبب في ضياع نسبة منها للأسماك المفترسة أو أنها تنتقل إلى جهات بعيدة لذلك لجأت بعض الشركات إلى تسييج المزارع البحرية.
اهتم المزارعين في جنوب شرق آسيا بعملية تربية الأسماك في حقول الأرز، وبدئوا يعيدون استخدام نفايات الحيوانات والطيور في عملية تسميد هذه الحقول لتحقيق هدفين، الأول مباشر وهو توفير مواد غذائية للأسماك حيث تصنف هذه المواد كمصادر غذاء بروتينية وكربوهيدراتية وأملاح ومعادن، أما الثاني فهو غير مباشر حيث تتسبب هذه النفايات في تكاثر الكائنات الحية من هائمات نباتية وحيوانية تتغذى عليها الأسماك. كما تستخدم بقايا صناعة تعليب السردين والتونة وبقايا المجازر وقشور بذرة القطن والفول السوداني في تغذية المزارع السمكية لغناها بالألياف والفيتامينات والمعادن والبروتين والكربوهيدرات اللازمة لنموها.
والأمر الذي يجب الالتفات إليه هو أنه يجب ألا يفرط في استخدام هذه النفايات حتى لا تسبب في نقص الأكسجين الحيوي وبالتالي اختناق الأسماك، إذ يجب أن يكون هناك توازنا بين أعداد الكائنات والمغذيات المضافة. ولتحقيق أفضل النتائج يجب استخدام أنواع مختلفة من الأسماك في التربية باعتبار أن كل نوع يفضل مجموعة مختلفة من الكائنات سواء النباتية أو الحيوانية أو المواد العضوية بعكس الحال في المزارع التي يربى بها نوع واحد فإن هذا التوازن غير موجود، حيث تتراكم في المياه النفايات غير المستعملة مما يؤدي إلى نقص الأكسجين وتعفن المزارع وانتشار الأوبئة بين الأسماك وأخيرا موتها ودمارها .[1]
الزراعة المائية تضمن نسبة تخصيب عالية ومردود اقتصادي غير متذبذب نتيجة للتحكم في عوامل الإنتاج إلى حد كبير. أما الجانب السلبي لهذه التقنية فهو متمثل في تلوت المزارع المائية المقامة على الشواطئ بسبب قلة تجدد مياهها وكثرت الأدوية والمبيدات الحشرية والفطرية التي تلقى بها، ومخلفات الأسماك ذاتها الأمر الذي ينتهي بالمزارع إلى التسمم فتصبح غير صالحة لحياة الأسماك ولو إلى حين مما يضطر الشركات المسؤولية إلى التخلي عنها والانتقال إلى مساحات جديدة تقطع غاباتها وتحرف تربتها وتحول إلى مزارع سمكية، ويفعل بها ما فعل بالمزارع التي سبقتها من تخريب وتلوث.
[1] إمحمد عياد مقيلي ، التلوث البيئي ، ط1 ، دار شموع الثقافة ، الزاوية، 2002،ص264
الاكثر قراءة في البيئة والتلوث
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة