تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
التدبر في القرآن الكريم
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص 16 - 23
2025-06-21
19
التدبر في القرآن الكريم:
إن معرفة الشيء دون العمل به لا معنى له ولا أثر إذن العلم قرين للمعرفة ولهذا جاء الخطاب في القرآن الكريم في التدبر بمعانيه قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
فأي توبيخ للمسلمين بعد هذا؟ إن التدبر في آيات الله يفتح للإنسان المتدبر أبوابا عديدة من المعرفة والتدبر فيه يأخذ بالأيدي الى النجاة لأن القرآن كتاب هداية لمن تمسك به وآمن...
كتاب أنزل ليدبروا آياته ويعوه قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29]
وقوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ} [البقرة: 185]
وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 155]
وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 89] وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [إبراهيم: 1]
في هذه الآيات وغيرها نستخلص وجوب العمل بالقرآن ووجوب التمسك به فالآية الأولى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [النساء: 82] تجد فيها التوبيخ على ترك التدبر بالقرآن وهل يوجد توبيخ أعظم من توبيخ الله سبحانه لعباده...
فافهم، وفي الآية الثانية {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29]
أمر يدخله الوجوب وبالخصوص في العبادات والمعاملات كوجوب الصلاة والصوم والزكاة والحج والخمس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوفاء بالعهد والنذر واليمين وإقامة الحدود....
وفي الآية الثالثة والرابعة {هُدًى لِلنَّاسِ} [البقرة: 185] و {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] فمن كانت هدايته به ووسيلته للنجاة فأي عاقل يأبلا إتباعه ويرفض منهجه وأوامره ناهيك لو كان ذلك العاقل مؤمنا إذ يعمل بأوامره وينتهي بنواهيه. وفي الآية الخامسة {فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] صريحة في وجوب اتباع ما يأمر به المولى ووجوب الأخذ بنواهيه لأن صيغة الأمر – كما يفهمها العرف- تدل على الوجوب.
وأما الآية السابعة {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ} [إبراهيم: 1] فيستدل بها في تعليل نزول القرآن الكريم لكي يخرج الناس من الضلال وظلمة الأهواء وفساد العقيدة.. الى الهدى والنور لينقذهم من السقوط والتردي في عالم الرذيلة الى عالم الفضيلة والخلاص...
ففي القرآن تبيان لكل شيء وفيه الهدى والموعظة والسبيل الى الخلاص هو المنقذ وعصمة المعتصمين والنور الذي ينير الدرب للسالكين... وقد نبئنا الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عما يؤول إليه أمر المسلمين والفتن التي ستحوطهم حيث سيضل بها طائفة من المسلمين فيكون موردهم النار وطائفة سوف تتمسك بحبل الله فيوردهم دار الخلد في الجنان والنعيم الذي لا يضمحل أبدا [1].
روى محمد بن يعقوب بإسناده وكذا محمد بن مسعود في تفسيره بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه عن أبائه عليهم السلام قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : يا أيها الناس إنكم في دار هدنة وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع وقد رأيتهم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد ويأتيان بك موعود فأعدوا الجهاز قال فقان المقداد بن الأسود فقال: يا رسول الله وما دار الهدنة؟ فقال: دار إبلاغ وأنقطاع فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع (مقبول الشفاعة) وما حل مصدق ومن جعله أمامه قاده الى الجنة ومن جعله خلفه ساقة الى النار وهو الدليل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان تحصيل وهو الفصل وليس بالهزل وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ظاهره أنيق وباطنه عميق له تخوم وعلى تخومه تخوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيخ الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف [2] الصفة فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره ينج من عطب ويتخلص من نشب (إذا وقع فيما لا مخلص منه) فإن التفكير حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات الى النور فعليكم بحسن التخلص وقلة التربص [3].
في الحديث الشريف نكات جليلة نقف عند بعضها للفائدة ورجاء لإصلاح ما فسد عند الناس. أولا: ذكر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) إن هذه الدنيا بمثابة عقد قصير ومكث يسير فشببه ذلك العقد القصير بالهدنة وهي التي تعقد بين الطرفين المتخاصمين وسرعان ما ينحل أما الى صلح أو حرب لأن الهدنة عبارة عن سكوت وهدوء في المخاصمة بين طرفين ما وهكذا الدنيا فإن الانسان مسكوت عن ذنوبه ومعاصيه حتى يأتي أجله ما ويحين أوانه فينتقل الى الرفيق الأعلى وهناك يجد ما قدم فيثاب على ما فعله من الخير ويحاسب على ما فعله من الشر. ثانيا: تضمن الحديث الشريف صورة حقيقية وواضحة عن معالم الانسان المتنقل من حالة الى أخرى عبر مراحل الامتحان والابتلاء وكان خير وصف له أن مثله بالمسافر وإن راحلته سريعة به الى غايته القصوى ومثواه الأبدي (وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع....)
علك أيها الانسان تتعظ وتؤوب الى ربك الكريم الغفور... وإلا ما أشد الغبن الذي سوف يلحقك وذلك عندما يتساوى يوماك...
ثالثا: يقرب الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) للأذهان صورة مجسدة بكل أبعادها الحسية عن سنة من السنن الألهية إلا وهي سنة الموت والفناء التي تعد من الأسرار وإن تعاقب الزمن بكل أجزائه على البشرية يعطي له مواعظ وعبر حتى يحل جيل بعد انقراض جيل وهو يشاهد عن كثب ويسمع عن أذن واعية ويقين بأن ما آلت إليه الأمم خير مصداق على وعد الله الذي قطعه على نفسه فهذه سنة الكون وسنة الحياة إنها من السنن الألهية ولا منازع في ذلك فلينصر الله من نصره وليخذل الله من خذله وما توعدون لحق صائر ولا يضر الله من كفر حتى ولو كان جميع البشر وإن تحسنوا فإنما تحسنون لأنفسكم {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7-8] الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قرب صورة ذلك الفناء بعبارته.... وقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد ويأتيان بكل موعود..... إذن كل جديد هو قديم لا محالة وكل بعيد هو قريب وليس هناك شيء أبعد الى ذهن الانسان من الموت حيث أن طول الأمل ينسيه أجله ومع ذلك إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون [4].
وقوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134]
رابعا: بعد ما هيأ الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) أذهان المسلمين وإنهم الى ربهم سينقلبون أمرهم بالزاد ليوم الرحيل وحثهم على الخيرات ونبذ المعاصي وأمرهم بالتقوى حتى قال سبحانه فإن خير الزاد التقوى وذلك قول الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يؤكد هذا المعنى فأعدوا الجهاز لبعد المجاز.
خامسا: ثم نبه النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) أصحابه وحذرهم من الوقوع في والفتن بل أمرهم أن يتمسكوا بالقرآن الكريم لأنه شافع ومشفع ومما يؤكد شفاعة القرآن للمسلمين الخبر المروي عن الإمام الباقر عليه السلام ومن الحق أن نذكره هنا:
(شفاعة القرآن)
روى علي بن حميد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا سعد تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق والناس صفوف عشرون ومائة ألف صف ثمانون ألف صف أمة قال أما إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول ستكون فتن: قلت وما المخرج منها؟ قال كتاب الله. فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل. هو الذي من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله فهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيط وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد. ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا [5].
هو الذي من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي الى صراط مستقيم [6] خذها إليك يا أوعور. انظر الحديث في باب فضائل القرآن من البحارجـ 92.
وكذا رواه الترمزي في صحيحه والدارمي في سنه. نستفيد من هذا الحديث عدة أمور منها:
1- أخبار النشأة الأخرى من عالمي البزخ والحساب والجزاء على الاعمال وربما أشار الى المغيبات والتي ستقع في الأجيال المقبلة- كغلبة الروم- أو أن الأحداث التي كانت في الأمم السابقة تجري بعينها في هذه الأمة.
2- لعل فيه ضمانا يحفظ القرآن عن التلاعب من قبل الجبارين أو تحريفه.
3- المسلمون لو رجعوا الى القرآن في خصوماتهم لأوضح لهم السبيل ولوجدوا الحكم العدل والفاصل السوي [7].
محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وأربعون ألف من سائر الأمم فيأتي على صف المسلمين في صورة رجل فيسلم فينظرون إليه ثم يقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا الرجل من المسلمين نعرفه بنعته غير أنه كان أشد اجتهادا منا في القرآن فمن هناك أعطي من البهاء والجمال والنور ما لم نعطه ثم يجاوز حتى يأتي على صف الشهداء فينظرون إليه الشهداء ثم يقولون لا إله إلا الرب الرحيم أن هذا الرجل من الشهداء نعرفه بسمته وصفته غير أنه من شهداء البحر فمن هناك أعطى من البهاء والفضل ما لم نعطه قال فيجاوز حتى يأتي على صف شهداء البحر في صورة شهيد فينظر إليه شهداء البحر فيكثر تعجبهم ويقولون : إن هذا من شهداء البحر نعرفه بسمته وصفته غير أن الجزيرة التي أصيب فيها كانت أعظم هولا من الجزيرة التي أصبنا فيها فمن هناك أعطي البهاء والجمال والنور ما لم نعطه، ثم يجاوز حتى يأتي صف النبيين والمرسلين في صورة نبي مرسل فينظر النبيون والمرسلون إليه فيشتد لذلك تعجبهم ويقولون: لا إله إلا الله الحليم الكريم إن هذا النبي مرسل تعرفه بسمته وصفته غير أنه أعطي فضلا كثيرا قال: فيجتمعون فيأتون رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيسألونه ويقولون يا محمد من هذا؟ فيقول أوما تعرفونه؟ فيقولون ما نعرفه هذا ممن لم يغضب الله عليه فيقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : هذا حجة الله على خلقه فيسلم عليه ثم يجاوز حتى يأتي على صف الملائكة في صورة ملك مقرب فتنظر إليه الملائكة فيشتد تعجبهم ويكبر ذلك عليهم لما رأوا من فضله ويقولون: تعالى ربنا وتقدس أن هذا العبد من الملائكة نعرفه بسمته وصفته غير أنه كان أقرب الملائكة إلى الله عز وجل مقاما فمن هناك ألبس من النور والجمال ما لم نلبس ثم يجاوز حتى ينتهي إلى رب العزة تبارك وتعالى فيخر تحت العرش فيناديه تبارك وتعالى يا حجتي في الأرض وكلامي الصادق الناطق ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع فيرفع رأسه فيقول الله تبارك وتعالى: كيف رأيت عبادي؟ فيقول: يا رب منهم من صانني وحافظ علي ولم يضيع شيئا ومنهم من ضيعني واستخف بحقي وكذب بي وأنا حجتك على جميع خلقك فيقول الله تبارك وتعالى وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لأثيين عليك اليوم أحسن الثواب ولأعاقبن عليك اليوم أليم العقاب قال: فيرجع القرآن رأسه في صورة أخرى قال: فقلت له يا أبا جعفر في أي صورة يرجع؟ قال في صورة رجل شاحب متغير يبصر أهل الجمع فيأتي الرجل من شيعتنا الذي كان يعرفه ويجادل به أهل الخلاف فيقوم بين يديه فيقول: ما تعرفني؟ فينظر إليه الرجل فيقول: ما أعرفك يا عبد الله قال: فيرجع في صورته التي كانت في الخلق الأول ويقول: ما تعرفني؟ فيقول: نعم. فيقول القرآن أنا الذي أسهرت ليلك وأنصبت عيشك سمعت الأذى ورجمت بالقول في الا وإن كل تاجر قد استوفى تجارته وأنا وراءك اليوم قال فينطلق به إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقول: يا رب يا رب عبدك وأنت أعلم به قد كان نصبا بي مواظبا علي يعادي بسببي ويحب في ويبغض فيقول الله عز وجل إدخلوا عبدي جنتي وأكسوه حلة من حلل الجنة وتوجوه بتاج فإذا فعل به ذلك عرض على القرآن فيقال له هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول: يا رب إني استقل هذا له فزده مزيد الخير كله ... الخ). [8]
نعود إلى الحديث المتقدم في التدبر في القرآن والاهتمام به وقراءته وفضله عن الزهري قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزينة ينبغي لك أن تنظر ما فيها. [9] أما فضل قراءة القرآن، فعن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده وأن يقرأ منه كل يوم خمسين آية [10].
وعن ابن القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين: (البيت الذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عز وجل فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين يضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض وأن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر فيه الله عز وجل فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين [11].
[1] لا يخفى على المؤمن اللبيب من أن المسلمين قد اختلفوا فيما بينهم في إمرة المسلمين والرسول (صلى الله عليه واله وسلم) مسجى لم يغسل ولم يجهز حتى غيروا أحكام الله وأقصوا الإمام علي عليه السلام عن إمرة المسلمين وبهذا فقد بدلوا كلمات الله وحرفوها عن مواضعها مما قد أوردهم الباري نار لظى نزاعة للشوى ومع ذلك فيعتقد البعض بعدالة كل الصحابة والله سبحانه يعرف في كتابه المنافقين منهم والمفترين على الله وعلى رسوله الكذب وقد علم الله المارقين منهم والناكثين والقاسطين حيث انقلبوا على أعقابهم وسولت لهم أنفسهم فباعوا آخرتهم بالدنيا الدنيئة فساءت لهم الدار مستقرا وبالآخرة لهم الخزي والعار. ففي صحيح البخاري يذكر أن أناسا من أصحابه (صلى الله عليه واله وسلم) يؤخذ بهم ذات الشمال فيقول الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) : أصحابي أصحابي فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم وفي مكان آخر في صحاحهم: ليرفعن رجال منكم ثم ليتخلجن دوني فأقول يا ربي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. وفي مناسبة أخرى ثالثة في صحاحهم أقول يا ربي أصحابي فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك/ صحيح البخاري 5/ 5113، 429، وفي صحاحهم أيضا: بينا أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلهم فقلت: أين؟ قال: الى النار والله قلت وما شأنهم قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم قلت: أين؟ قال الى النار والله قلت وما شأنهم؟ قال: إنهم إرتدوا بعدك أدبارهم القهقري – فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. في شرح صحيح البخاري للعلامة القسطلاني 9/ 325 قال: همل بفتح الهاء والميم ضوال الإبل وأحدها: هامل أو الإبل بلا راع ولا يقال ذلك في الغنم يعني أن الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة وهذا يشعر بأنهم صنفان كفار وعصاة
[2] تفسير العياش 1/ 3 وتفسير البرهان 1/ 7 وتفسير الصافي 1/ 9
[3] الكافي 2/ 599
[4] روى الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني من أصحاب أمير المؤمنين قال: دخلت المسجد فإذا أناس يخوضون في أحاديث فدخلت على علي فقلت (ألا ترى أناس يخوضون في الأحاديث في المسجد؟ فقال عليه السلام قد فعلوها؟ قلت نعم.
[5] في تفسير العياشي زيادة يهوي الى الرشد 1/ 3
[6] في تفسير العياشي زيادة هو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
[7] راجع البيان في تفسير للسيد الأمام الخوئي (قدس سره).
[8] الكافي ج2/ 598 الحديث الأول من كتاب فضل القرآن وفي الباب أحاديث كثيرة تتحد مضمونا فراجع.
[9] الكافي 2/ 609
[10] الكافي 2/ 609
[11] الكافي 2/ 601