العوالم الخمسة (اللاهوت، الجبروت، الملكوت، الملك، الناسوت)
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج1/ ص168-171
2025-07-08
1004
اعلم أن العوالم الكلّيّة هي خمسة:
الأوّل: عالم الذات، وهو ما يطلقون عليه باللاهوت والهويّة الغيبيّة، والغيب المجهول، وغيب الغيوب، وعين الجمع، وحقيقة الحقائق، ومقام أو أدنى، وغاية الغايات، ونهاية النهايات، والأحديّة.
الثاني: عالم الصفات، وهو ما يطلقون عليه بالجبروت، وبرزخ البرازخ، والبرزخيّة الاولى، ومجمع البحرين، وقاب قوسين، ومحيط الأعيان، والوحدانيّة، والعماء.
الثالث: عالم الملكوت، ويسمّونه كذلك عالم الأرواح، وعالم الأفعال، وعالم الأمر، وعالم الربوبيّة، وعالم الغيب والباطن.
الرابع: عالم المُلك، ويطلقون عليه كذلك عالم الشهادة، والعالم الظاهر، وعالم الآثار، والخلق، والمحسوس.
الخامس: عالم الناسوت، ويطلقون عليه كذلك الكون الجامع، والعلّة الغائيّة، وآخر التنزّلات، ومَجْلَى الكلّ.
فالعوالم الثلاثة من هذه العوالم الخمسة هي ضمن عالم الغيب، لأنّها خارجة عن عالم الإدراك والحواسّ. وأمّا العالمان الآخران فهما ضمن عالم الشهادة، لأنّهما محسوسان بالحواسّ.
يقول الشيخ: أين هو ذلك العالم غير المحسوس؟ اي أنّه غير محسوس وغائب عن الحواسّ، حيث أن يوماً في ذلك العالم، يعادل سنة من هذا العالم.
و هذا العالم إشارة إلى البرزخ المثاليّ، وهو الحدّ الفاصل بين الغيب والشهادة، وهو جامع لأحكام العالمَين، الظاهر والباطن، بحسب البرزخيّة. وأمّا مسألة الزمان والمكان والطول، والقصر في الشهر والسنة في هذا العالم الجسمانيّ، فهي مقيّدة بالكثافة، وكلّما قلّت الكثافة، قلّ في مقابل ذلك التقيّد واعتبار البعد بين المبدأ والمعاد، والأزل والأبد، وأضحت مسألة ظهور العلم وانكشاف المعلومات والحقائق هامشيّة قليلة الأهمّيّة.
و لهذا صار يوم واحد في عالم البرزخ يعادل عاماً واحداً في عالمنا هذا، ويوم واحد في عالم الربوبيّة، هو بألف عامّ في هذا العالم {إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}. وأمّا اليوم الواحد في عالم الالوهيّة، فهو مساوٍ لخمسين ألف سنة في هذا العالم {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ والرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}.[1] شعر:
پيش ما صد سال ويك ساعت يكى است *** كه دراز وكوته از ما منفكى است[2]
آن دراز وكوتهى در جسمها است *** آن دراز وكوته اندر جان كجاست
از ره ومنزل ز كوتاه ودراز *** دل چه داند كوست مست ودلنواز
آن دراز وكوته اوصاف تن است *** رفتن ارواح، ديگر رفتن است[3]
بما أن في ذات الأحديّة لا وجود للتعيّن والتقيّد- لأنّ الكثرات الاعتباريّة عنده معدومة- فإنّ تقدّم الذات الأحديّة على الذات الوحدانيّة التي هي منشأ التعيّنات والنسب، يُعبّر عنه بالسنة السرمديّة، وجاء في بعض النسخ «كان يوماً منه بخمسين يوماً من هذا العالم».
و ذلك العالم هو إشارة إلى عالم الالوهيّة، والمراد بالخمسين، هي خمسون ألف عام، في {يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}.[4]
و قد أشار إلى عوالم غير مدركة بالحواسّ، وليس كلّ شخص هو سابح في هذه الأجواء، ولأجل التأكيد على تصديق المستمع يقول:
همين نبود جهان آخر كه ديدى *** نه ما لَا تُبْصِرونْ آخر شنيدى؟[5]
أي أن عالم الشهادة والمحسوس الذي أمامك ليس هو كلّ شيء، بل هنالك عوالم أخرى كثيرة لا تدركها الحواسّ، على الرغم من أنّه، اي عالم الشهادة والمحسوس، ينحصر عموماً في العوالم الثلاثة التي مرّ ذكرها، فهو يقول: أ لم تسمع كلام الخالق: {وَ ما لا تُبْصِرُونَ}؟ اي تلك العوالم التي لا ترى بالباصرة. وفي كلام البارئ جاء القَسَم بهذين العالَمَيْن بقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ ، وما لا تُبْصِرُونَ}،[6] وهما عالم الظاهر، وعالم الباطن، أو الغيب والشهادة، واللذان يشتملان على العوالم الخمسة المذكورة، التي تمّ شرحها آنفاً. وعالم اللاهوت هو أصل كلّ تلك العوالم، ونسبة هذا العالم إلى تلك العوالم، كحَبّة الرمل إلى الصحراء، أو قطرة الماء إلى البحر.
[1] الآية 4، من السورة 70: المعارج.
[2] يقول: «أن مائة سنة وساعة واحدة سواء لدينا، لأنّ الطول والقصر منفكّان عنّا».
[3] يقول: «إن كان الطول والعرض في الأجسام؛ فأين هما في الأرواح؟ أسير عن الدنيا وما أنا ذاكرٌ لها بسلام أن أحداثها حُمسُ. إنّما الأطوال والأعراض من جنس البدن، فإذا ما وَلّت الأرواح كانت في دَمس».
[4] قسم من الآية 4، من السورة 70: المعارج.
[5] يقول: «لم يك ما رأيت بعالم الآخرة، أ ما سمعتَ نداء ما لا تُبصرون؟».
[6] الآيتان 38 و39، من السورة 69: الحاقّة.
الاكثر قراءة في التوحيد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة