اليهود كفروا بالقران كما كفروا بالتوراة
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص317-319.
2025-07-17
403
اليهود كفروا بالقران كما كفروا بالتوراة
قال تعالى : {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 47 - 50].
قال الشيخ الطبرسيّ ( رحمه اللّه تعالى ) : قوله : {وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} معناه : لولا أن لهم أن يحتجوا لو أصابتهم عقوبة بأن يقولوا : هلا أرسلت إلينا رسولا يدعونا إلى ما يجب الإيمان به ، فنتبع الرسول ، ونأخذ بشريعته ، ونصدق به ، لما أرسلنا الرسل ، ولكنا أرسلنا رسلا لقطع حجتهم ، وهو في معنى قوله : {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ }. وقيل : إن جواب لَوْ لا ههنا : « لعجلنا لهم العقوبة » . وقيل : المراد بالمصيبة ههنا : عذاب الاستئصال . وقيل : عذاب الدنيا والآخرة .
فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا أي : محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والقرآن والإسلام قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ أي : هلا أعطي محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى من فلق البحر ، واليد البيضاء ، والعصا . وقيل : معناه هلا أوتي كتابا جملة واحدة . وإنما قاله اليهود ، أو قريش ، بتعليم اليهود ، فاحتج اللّه عليهم بقوله : أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ أي : وقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم و قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا يعنون التوراة والقرآن . . . ومن قرأ ساحران تظاهران فمعناه : أنهم قالوا تظاهر موسى ومحمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم .
- أقول : وقال علي بن إبراهيم : موسى وهارون « 1 » - .
وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ من التوراة والقرآن . قال الكلبي : وكانت مقالتهم هذه حين بعثوا الرهط منهم إلى رؤوس اليهود بالمدينة في عيد لهم ، فسألوهم عن محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فأخبروهم بنعته ، وصفته في كتابهم التوراة . فرجع الرهط إلى قريش ، فأخبروهم بقول اليهود ، فقالوا عند ذلك : سحران تظاهرا .
قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ معناه :
قل يا محمد لكفار قومك : فأتوا بكتاب هو أهدى من التوراة والقرآن ، حتى أتبعه إن صدقتم أن التوراة والقرآن سحران ، وقيل : معناه فأتوا بكتاب من عند اللّه ، يؤمن معه التكذيب أي : لم يكذب به طائفة من الناس .
ثم قال لنبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ أي : فإن لم يأتوا بمثل التوراة والقرآن . وقيل : فإن لم يستجيبوا لك إلى الإيمان ، مع ظهور الحق . فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ أي : ما تميل إليه طباعهم ، لأن الهوى ميل الطبع إلى المشتهى .
قال الزجاج : أي فاعلم أنما ركبوه من الكفر ، لا حجة لهم فيه ، وإنما أثروا فيه الهوى .
ثم ذمهم فقال : {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ } أي : لا أحد أضل ممن اتبع هواه بغير رشاد ، ولا بيان جاءه من اللّه .
- أقول وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « هو من يتّخذ دينه برأيه ، بغير إمام من اللّه من أئمّة الهدى ( صلوات اللّه عليهم ) » « 2 » - .
إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ إلى طريق الجنة . وقيل : معناه لا يحكم اللّه بهدايتهم . وقيل : إنهم إذا لم يهتدوا بهدى اللّه ، فكأنه لم يهدهم « 3 » .
________________
( 1 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 141 .
( 2 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 420 ، ح 13 .
( 3 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 443 - 444 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة