يدل ما لدينا من مصادر على أن علماء الجغرافيا قد ساروا شوطًا بعيدًا في ميدان الجغرافيا الوصفية والإنسانية، ويمكن الإنسان أن يمس ذلك من المقتطفات القليلة التي بقيت لنا من مؤلفاتهم الهامة، ولا أدل على ذلك من الكتاب الذي وضعه الجغرافي الذائع الصيت والكتابات الجغرافية التي تركها لنا «بوليبيوس» والمقالات الجغرافية الكبيرة التي وضعها «أجاتاركيدس» مُواطن «كنيدوس» Agatharchides Of Cindus وفي عهد «بطليموس فيلوموتر» و«أريجيتس الثاني» عاش الجغرافي «أرتميدورس» Artemidorus من أهالي «أفيسوس» وقد كتب في نهاية القرن الثاني ق.م هذا بالإضافة إلى ما كتبه «بوزيدونوس» Posidonus في الجغرافيا الوصفية، ومن سوء الحظ أن هذه المؤلفات قد ضاعت ولم يبقَ لنا منها إلا نُبَذ، غير أن ما جمعه «إسترابون» من معلومات جغرافية قد عوض علينا ما ضاع بعض الشيء، حقًّا إن إسترابون لم يكن من جغرافيِّي هذا العصر؛ إذ قد عاش في مصر الإمبراطورية الرومانية الجديد، ولكنه أفاد كثيرًا بما نقله لنا عن أسلافه.

والواقع أن فتوح «الإسكندر» والصلات التي كانت قائمة في عهد خلفائه والممالك التي كانت خارج حدودهم قد أدت إلى ازدياد عظيم في ميدان المعلومات الجغرافية عند الإغريق، فقد رأينا أن المملكة «السليوكية» تتصل بالهند في حين أن البطالمة كانوا بطبيعة الحال مهتمين في بلادهم الصغيرة المعروفة الواقعة جنوبي مصر، فقد كان «بطليموس الثاني» أول من مد فتوحه نحو بلاد «أثيوبيا» (كوش) وذلك ليسهل عليه الحصول على الفِيَلة التي كانت تُستعمل في الحروب من جهة، وليجلب أعشابًا طبية من جهة أخرى، وقد أرسل عماله تقارير عن ذلك، والوصف الذي وضعه قائده البحري المسمى «تيموستنيس» Timosthenes عن مواني البحر الأحمر والأبيض المتوسط بقي مدة يعد نموذجًا لمعرفة هذه الجهات، ولم تكن عمليات الكشف احتكارًا للحكومات الملكية بل كانت هناك جماعات من البحارة تبحث عن جهات جديدة للتجارة، وقد نتج عن هذه المعلومات التي وصل إليها الباحثون في زمنه نظامهم العظيم عن الجغرافيا العلمية، ونذكر ثلاثة من بين الرواد الأصليين في تلك الفترة قد برز اسمهم بصورة واضحة؛ أولهم «نيركوس» Nearchus قائد أسطول الإسكندر في سياحته في نهر السند وفي عبر المحيط الهندي إلى نهر الفرات، وقد وضع مؤلَّفًا عن تجاربه ويمتاز بدقة الملاحظة وصواب الحكم، ويمكن أن يرى من قصته التي حُفظت لنا في تاريخ «أريان» ما حدثنا به عن جماعات الحيتان التي قابلها في خلال رحلته.

أما الرائد الثاني فهو«باتروكليس» Patrocles الذي اخترق مجاهل «بحر قزوين» بأمر من الملك «سيلوكيس الأول» وقد أخطأ في فكرته أن هذا البحر هو عبارة عن خليج للمحيط الذي يلف حول العالم.

وأهم هؤلاء الرواد هوبيتياس Pytheas وقد عاش في أواخر القرن الرابع وساح من «مرسيليا» مخترقًا «جبال طارق» حتى وصل إلى ساحل «أسبانيا» و«فرنسا» وأخيرًا حدود «بريطانيا»، وكان أول إغريقي دوَّن تأثير القمر على مد البحر وجَزْره، كما كان أول فرد قدم لنا تقريرًا دقيقًا عن بريطانيا وسكانها، وقد دُونت سياحته في كتاب سمي «عن المحيط»، وكان «أراتوستينيس» مدينًا له حقًّا بكثير من المعلومات الثمينة.

اخر الاخبار

اخبار العتبة العباسية المقدسة

جمعيَّة العميد تعقد اجتماعًا مع الهيأة العُليا لإحياء التراث استعدادًا ليوم اللغة العربية

استعدادًا لزيارة الأربعين العتبة العباسية المقدسة تعزّز خزين المياه في مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) عبر خزانات بسعة 900م3

الهيأة العليا لإحياء التراث تنهي استعداداتها لعقد مؤتمر الإمام الحسن (عليه السلام) الثاني عشر في النجف

المجمَع العلمي ينظّم محاضرة توعوية لطلبة مشروع الحفظ في بغداد

المزيد

الآخبار الصحية

أخصائية تكشف خطورة عادة "شائعة" في غسل المناشف

دراسة: بيضة واحدة أسبوعيا قد تقي من الإصابة بـ

على عكس الشائع.. هذا هو العدد المثالي للخطوات اليومية !

شهر التوعية بالساركوما... أطباء يحذرون من "السرطان الصامت"

المزيد

الآخبار التكنلوجية

ذكر أم أنثى؟.. دراسة تنسف الاعتقاد الشائع حول جنس المولود

بحجم برج بيزا.. تحذير من كويكب يقترب من الأرض في هذا الموعد

أقصر يوم في تاريخ البشرية.. الموعد قريب ؟!!

مايكروسوفت تحذر شركات وأجهزة حكومية من هجوم "يوم الصفر"

المزيد

مواضيع ذات صلة

الدور الذي قامت به الاسكندرية في الأدب والعلوم (الفلك)

الدور الذي قامت به الاسكندرية في الأدب والعلوم (الشعر في الاسكندرية)

إراتوستنيس

الدور الذي قامت به الاسكندرية في الأدب والعلوم (التاريخ)

كُتَّاب الأدب الإغريق في الإسكندرية

المكتبات في أقدم عهود التاريخ

بطليموس و(سوريا) بعد موقعة (أسوس)

النزاع بين (بطليموس) الأول و(أنتيجونوس)

حالة البلاد المصرية عند تولي بطليموس حكمها

تاريخ اشتراك بطليموس الثاني مع والده بطليموس الأول

الفرعون بطليموس الأول سوتر

بطليموس بن لاجوس في عهد (برديكاس) (عام 323–321ق.م)