النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
السفراء الأربعة البغداديون
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
الإمام الكاظم "ع" سيد بغداد
الجزء والصفحة:
ص35-48
2025-07-27
62
عاش السفراء الأربعة رضوان الله عليهم في بغداد ودفنوا فيها ، فقد انتقل عثمان بن سعيد العمري بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) إليها ، وفي تلك الفترة ضعف مركز سامراء وانتقل منها الخلفاء إلى بغداد ! ولم يبق منها إلا مشهد الإمام الهادي والعسكري ( عليهما السلام ) . ( معجم البلدان : 3 / 176 ) .
ويدل حديث أحمد بن الدينوري ( دلائل الإمامة / 304 ) على أن محمد بن عثمان العمري ( رحمه الله ) كان في بغداد بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) سنة 260 هجرية .
بل نصَّ حديث وفد قم الذين وصلوا إلى سامراء أيام وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) ( كمال الدين / 478 ) : « وأمرنا القائم ( عليه السلام ) أن لا نحمل إلى سر من رأى بعدها شيئاً من المال ، فإنه ينصب لنا ببغداد رجلاً يحمل إليه الأموال ، وتخرج من عنده التوقيعات . . وكنا بعد ذلك نحمل الأموال إلى بغداد إلى النواب المنصوبين بها ويخرج من عندهم التوقيعات » .
وقال الصدوق في كمال الدين / 442 : « ورآه من الوكلاء ببغداد : العمري ، وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطار ، ومن الكوفة : العاصمي . ومن الأهواز : محمد بن إبراهيم بن مهزيار . ومن أهل قم : أحمد بن إسحاق . ومن أهل همدان : محمد بن صالح . ومن أهل الري : السامي ، والأسدي يعني نفسه . ومن آذربيجان : القاسم بن العلا . ومن نيسابور : محمد بن شاذان النعيمي . ومن غير الوكلاء من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حابس ، وذكر جماعة كثيرين » .
السفير الأول : عثمان بن سعيد العَمْري ( قدس سره )
عثمان بن سعيد العمري السمَّان الأسدي . كان من شبابه ( رحمه الله ) بواب الإمام الهادي ( عليه السلام ) ووكيله ، ثم كان وكيل الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) .
وقد وثقه كلاهما صلوات الله عليهما ، ففي غيبة الطوسي / 215 ، عن محمد بن إسماعيل وعلي بن عبد الله ، الحسنيين قالا : « دخلنا على أبي محمد الحسن ( عليه السلام ) بسر من رأى وبين يديه جماعة من أوليائه وشيعته حتى دخل عليه بدر خادمه فقال : يا مولاي بالباب قوم شعث غبر ، فقال لهم : هؤلاء نفر من شيعتنا باليمن . . في حديث طويل يسوقانه ، إلى أن قال الحسن ( عليه السلام ) لبدر : فامض فائتنا بعثمان بن سعيد العمري ، فما لبثنا إلا يسيراً حتى دخل عثمان فقال له سيدنا أبو محمد ( عليه السلام ) : إمض يا عثمان ، فإنك الوكيل والثقة المأمون على مال الله ، واقبض من هؤلاء النفر اليمنيين ما حملوه من المال . ثم ساق الحديث إلى أن قالا : ثم قلنا بأجمعنا : يا سيدنا والله إن عثمان لمن خيار شيعتك ، ولقد زدتنا علماً بموضعه من خدمتك ، وأنه وكيلك وثقتك على مال الله تعالى . قال : نعم ، واشهدوا عليَّ أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي ، وأن ابنه محمداً وكيل ابني مهديكم » . وإثبات الهداة : 3 / 511 .
وفي الطرائف / 183 : « وكان له ( عليه السلام ) وكلاء ظاهرون في غيبته ، معروفون بأسمائهم وأنسابهم وأوطانهم ، يخبرون عنه بالمعجزات والكرامات ، وجواب أمور المشكلات ، بكثير مما ينقله عن آبائه عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن الله تعالى من الغائبات منهم عثمان بن سعيد العمري المدفون بقطقطان من الجانب الغربي ببغداد » .
وتوفي عثمان بن سعيد ( قدس سره ) في بغداد ، وقبره فيها قرب الميدان ، وهو مزار للشيعة ، ولذلك قام الوهابيون بالاعتداء عليه ، وفجروا قربه عبوات في هذه الأيام ، أواخر شهر رمضان سنة 1430 :
10392 http : / / www . alcauther . com / html / modules . php ? name = News & file = article & sid =
« نفذ التكفيريون وأعوانهم البعثيون تفجيرين بعبوتين ناسفتين ، استهدفتا المرقد الشريف لعثمان بن سعيد العمري سفير الإمام الحجة ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) ، وأكد مصدر أمني مطلع لشبكة نهرين نت أن الإرهابيين زرعوا عبوتين ناسفتين ، واحدة في المرقد الشريف والأخرى في مرآب قريب من المكان . وأضاف المصدر بأن حصيلة هذين التفجيرين كان استشهاد 3 مواطنين وجرح ثمانية آخرين . والجدير بالذكر أن المرقد الشريف للسفير عثمان بن سعيد العمري يقع بالقرب من ساحة الميدان في العاصمة بغداد ، وأن هذا التفجير يأتي ضمن سلسلة تفجيرات تستهدف المراقد المقدسة من جديد » .
السفير الثاني : محمد بن عثمان بن سعيد العَمْري ( قدس سره )
روى الطوسي في الغيبة / 368 : « سمعت جعفر بن أحمد بن متيل القمي يقول : كان محمد بن عثمان أبو جعفر العمري رضي الله عنه ، له من يتصرف له ببغداد نحو من عشرة أنفس ، وأبو القاسم بن روح رضي الله عنه فيهم ، وكلهم كانوا أخص به من أبي القاسم بن روح ، حتى أنه كان إذا احتاج إلى حاجة أو إلى سبب ينجزه على يد غيره لمَّا لم يكن له تلك الخصوصية . فلما كان وقت مضيِّ أبي جعفر رضي الله عنه وقع الاختيار عليه ، وكانت الوصية إليه » .
وقال العلامة في خلاصة الأقوال / 250 و 432 : « محمد بن عثمان بن سعيد العمري ، بفتح العين ، الأسدي ، يكنى أبا جعفر ، وأبوه يكنى أبا عمرو ، جميعاً وكيلان في خدمة صاحب الزمان ( عليه السلام ) ، ولهما منزلة جليلة عند هذه الطائفة ، وكان محمد قد حفر لنفسه قبراً وسواه بالساج ، فسئل عن ذلك فقال : للناس أسباب . ثم سئل بعد ذلك فقال : قد أمرت أن أجمع أمري ، فمات بعد شهرين من ذلك ، في جمادي الأولى سنة خمس وثلاث مائة ، وقيل سنة أربع وثلاث مائة ، وكان يتولى هذا الأمر نحواً من خمسين سنة . فلما حضرت أبا جعفر محمد بن عثمان الوفاة واشتدت حاله ، حضر عنده جماعة من وجوه الشيعة ، منهم أبو علي بن همام ، وأبو عبد الله محمد الكاتب ، وأبو عبد الله الباقطاني ، وأبو سهل إسماعيل بن علي النوبختي ، وأبو عبد الله بن الوجناء ، وغيرهم من الوجوه الأكابر ، فقالوا له : إن حدث أمر فمن يكون مكانك ؟ فقال لهم : هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي ، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر ، والوكيل والثقة الأمين ، فارجعوا في أموركم إليه ، وعولوا في مهماتكم عليه ، فبذلك أمرت وقد بلَّغت . ثم أوصى أبو القاسم بن روح إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري ، فلما حضرته الوفاة سئل أن يوصي فقال : لله أمر هو بالغه . ومات ( رحمه الله ) سنة تسع وعشرين وثلاث مائة » .
وكانت وفاة محمد بن عثمان ( قدس سره ) أواخر جمادى الأولى سنة 305 ، وقبره ببغداد في محلتهم المعروفة باسم الخلاني ، وهو مشهد كبير من معالم بغداد ، يقصده الناس للزيارة والصلاة في مسجده . ( تهذيب المقال : 2 / 401 ، ومقدمة علل الشرائع ) .
السفير الثالث : أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي ( قدس سره )
في غيبة الطوسي / 226 ، عن « محمد بن همام : إن أبا جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه ، جمعنا قبل موته وكنا وجوه الشيعة وشيوخها ، فقال لنا : إن حدث عليَّ حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي ، فقد أمرتُ أن أجعله في موضعي بعدي ، فارجعوا إليه وعَوِّلوا في أموركم عليه » .
وقال الشيخ الطوسي في الغيبة / 391 : « قال ابن نوح : وسمعت جماعة من أصحابنا بمصر يذكرون أن أبا سهل النوبختي سئل فقيل له : كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك ؟ فقال : هم أعلم وما اختاروه ، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم وأناظرهم ، ولو علمت بمكانه كما علم أبو القاسم وضغطتني الحجة لعلي كنت أدل على مكانه ، وأبو القاسم فلو كانت الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه ! أو كما قال » .
وقال جعفر بن متيل ( رحمه الله ) كما في كمال الدين / 503 : « لما حضرت أبا جعفر محمد بن عثمان العمري السمان رضي الله عنه الوفاة ، كنت جالساً عند رأسه أسائله وأحدثه وأبو القاسم الحسين بن روح عند رجليه ، فالتفت إليَّ ثم قال لي : قد أمرت أن أوصى إلى أبي القاسم الحسين بن روح ، قال : فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني ، وتحولت عند رجليه » .
وفي كمال الدين / 519 : « قال الحسين بن علي بن محمد المعروف بأبي علي البغدادي : ورأيت تلك السنة بمدينة السلام امرأة فسألتني عن وكيل مولانا من هو ؟ فأخبرها بعض القميين أنه أبو القاسم الحسين بن روح وأشار إليها ، فدخلت عليه وأنا عنده فقالت له : أيها الشيخ أي شئ معي ؟ فقال ما معك فألقيه في الدجلة ، ثم ائتني حتى أخبرك ! قال فذهبت المرأة وحملت ما كان معها فألقته في الدجلة ، ثم رجعت ودخلت إلى أبي القاسم الروحي قدس الله روحه فقال أبو القاسم لمملوكة له : أخرجي إليَّ الحُق ، فأخرجت إليه حُقَّةً فقال للمرأة : هذه الحُقة التي كانت معك ورميت بها في الدجلة ، أخبرك بما فيها أو تخبريني ؟ فقالت له : بل أخبرني أنت ! فقال : في هذه الحقة زوج سوار ذهب ، وحلقة كبيرة فيها جوهرة ، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر ، وخاتمان أحدهما فيروزج والآخر عقيق ! فكان الأمر كما ذكر لم يغادر منه شيئاً ! ثم فتح الحقة فعرض عليَّ ما فيها فنظرت المرأة إليه ، فقالت : هذا الذي حملته بعينه ورميت به في الدجلة ، فغُشِيَ عليَّ وعلى المرأة ، فرحاً بما شاهدناه من صدق الدلالة » !
وروى الطوسي في الغيبة / 394 ، عن الصفواني قال : « أوصى الشيخ أبو القاسم رضي الله عنه إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري رضي الله عنه ، فقام بما كان إلى أبي القاسم ، فلما حضرته الوفاة حضرت الشيعة عنده وسألته عن الموكل بعده ، ولمن يقوم مقامه فلم يُظهر شيئاً من ذلك ، وذكر أنه لم يؤمر بأن يوصي إلى أحد بعده في هذا الشأن » .
السفير الرابع : أبو الحسن علي بن محمد السمري ( قدس سره )
قال العلامة الحلي في خلاصة الأقوال / 250 ، و 432 : « وأوصى أبو القاسم ابن روح إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري ، فلما حضرت السمري الوفاة سئل أن يوصي فقال : لله أمر هو بالغه . والغيبة الثانية هي التي وقعت بعد مضي السمري . . ومات ( رحمه الله ) سنة تسع وعشرين وثلاث مائة » .
وفي كمال الدين : 2 / 516 ، عن الحسن بن أحمد المكتب قال : « كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري قدس الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيام ، فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم . يا علي بن محمد السمري ، أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً . وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . قال : فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه فقيل له : من وصيك من بعدك ؟ فقال : لله أمر هو بالغه ! ومضى رضي الله عنه ، فهذا آخر كلام سمع منه » وغيبة الطوسي / 242 ، وإعلام الورى / 417 ، والاحتجاج : 2 / 478 ، والخرائج : 3 / 1128 ، وغيرها .
أقول : المنفي هو المشاهدة مع ادعاء السفارة ، بقرينة قوله ( عليه السلام ) : « وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة » أما المشاهدة بدون ادعاء سِمَة فهي ممكنة وقد وقعت كثيراً .
13 - قبور السفراء الأربعة والمؤلفات فيهم
دوَّن علماؤنا سيرة السفراء الأربعة وأحاديثهم رضوان الله عليهم ، وألفوا فيهم الكتب الخاصة ، فقد ذكر في الذريعة إلى تصانيف الشيعة ( 1 / 353 ) كتابين قديمين للسيرافي والجوهري ، قال : « أخبار الوكلاء الأربعة : وهم عثمان بن سعيد ، ومحمد بن عثمان ، والحسين بن روح ، وعلي بن محمد السمري ، النواب المخصصون في الغيبة الصغرى والسفراء والأبواب فيها الحجة المهدي ( عليه السلام ) ، لأبي العباس أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي ، نزيل البصرة ، من مشايخ النجاشي ، توفي حدود النيف والعشرة بعد الأربع ماية كما يظهر من فهرس الشيخ ، حيث إنه قال فيه إنه مات عن قرب وكان شروع الشيخ في الفهرس بأمر الشيخ المفيد ، لكنه فرغ منه بعد وفاته ، حيث ذكر فيه حكاية يوم وفاة المفيد في سنة 413 ، فيكون وفاة السيرافي أيضاً في هذه الحدود .
أخبار الوكلاء الأربعة المذكورين ، لأبي عبد الله الجوهري ، أحمد بن محمد بن عياش ، صاحب مقتضب الأثر المتوفى سنة 401 ، ذكره النجاشي » .
وقبور السفراء الأربعة كلهم في بغداد رضوان الله عليهم ، فقد انتقل إليها السفير الأول عثمان بن سعيد بعد سنة أو سنتين من وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) كما دلت رواية أحمد بن محمد الدينوري . وقد وصف الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) قبره وزيارته له فقال في الغيبة / 358 : « قال أبو نصر هبة الله بن محمد : وقبر عثمان بن سعيد بالجانب الغربي من مدينة السلام في شارع الميدان في أول الموضع المعروف
في الدرب ، المعروف بدرب جبلة في مسجد الدرب يمنة الداخل إليه ، والقبر في نفس قبلة المسجد . قال محمد بن الحسن مصنف هذا الكتاب : رأيت قبره في الموضع الذي ذكره ، وكان بني في وجهه حائط وبه محراب المسجد ، وإلى جنبه باب يدخل إلى موضع القبر في بيت ضيق مظلم ، فكنا ندخل إليه ونزوره مشاهرةً ، وكذلك من وقت دخولي إلى بغداد وهي سنة ثمان وأربعمائة إلى سنة نيف وثلاثين وأربعمائة . ثم نقض ذلك الحائط الرئيس أبو منصور محمد بن الفرج وأبرز القبر إلى برَّا وعمل عليه صندوقاً ، وهو تحت سقف يدخل إليه من أراده ويزوره ، ويتبرك جيران المحلة بزيارته ويقولون هو رجل صالح ، وربما قالوا هو ابن داية الحسين ( عليه السلام ) ! ولا يعرفون حقيقة الحال فيه ، وهو إلى يومنا هذا وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة ، على ما هو عليه » .
أما السفير الثاني محمد بن عثمان ( رحمه الله ) فتوفي سنة 305 ، وأن الإمام ( عليه السلام ) أخبره عن وفاته قبل شهرين ، فاستعد وحفر قبراً وكان يقرأ فيه القرآن ، وكتب على لوحة آيات القرآن ، وأسماء الأئمة ( عليهم السلام ) ليدفنها معه .
وأما الحسين بن روح ( رحمه الله ) فتوفي سنة 326 ففي غيبة الطوسي / 386 : « عن بنت أبي جعفر العمري أن قبر أبي القاسم الحسين بن روح في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ إلى التل وإلى الدرب الآخر وإلى قنطرة الشوك قال : وقال لي أبو نصر : مات أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه في شعبان سنة ست وعشرين وثلاث مائة ، وقد رويت عنه أخباراً كثيرة » .
وأما وفاة علي بن محمد السمري فكانت سنة 329 ، في النصف من شعبان ، وقد وصف الطوسي ( رحمه الله ) قبره فقال في الغيبة / 396 : « عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب أن قبر أبي الحسن السمري رضي الله عنه في الشارع المعروف بشارع الخلنجي ، من ربع باب المحول ، قريب من شاطئ نهر أبي عتاب . وذكر أنه مات في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة » . راجع : أعيان الشيعة : 6 / 21 ، وتهذيب المقال : 2 / 400 .
وقال السيد محمد صادق بحر العلوم في مقدمة علل الشرائع / 5 ، ملخصاً :
« أ - أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري ( رحمه الله ) . . . قبره بالجانب الغربي من بغداد مما يلي سوق الميدان ، معروف يزار ويتبرك به الشيعة .
ب - أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري ( رحمه الله ) ، وهو المعروف بالخلاني توفي سنة 305 ، آخر جمادى الأولى ، وقبره في الجانب الشرقي من بغداد عند والدته في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره ومنازله .
ج - أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي ( رحمه الله ) توفي سنة 326 ، وقبره ببغداد في الجانب الشرقي في سوق العطارين يزار ويتبرك به وهو معروف باسم قبر الحسين بن روح .
د - أبو الحسين علي بن محمد السمري ( رحمه الله ) ، توفي سنة 329 ، وقبره في الجانب الغربي مما يلي سوق الهرج والسراجين ، وهو معروف يزار ويتبرك به » .
مذاهب الغلو التي كانت في بغداد
وأشهرها مذهب الحلاج ، والشلمغاني ، ومذهب بشار الشعيري الذي عرف أتباعه بالكرخية المخمسة . وقد ترجم علماؤنا لعدد من المغالين وحذروا منهم .
ومذهب المخمسة مأخوذ من مذهب الحلول المجوسي ، قالوا : « إن سلمان الفارسي والمقداد وعماراً وأبا ذر وعمر بن أمية الضمري ، هم الموكلون بمصالح العالم ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً » . ( خلاصة الأقوال للعلامة / 364 ) .
ولعل أول من أشاع ذلك في بغداد أحمد بن هلال الكرخي ، الملعون على لسان الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، فسُمِّيَ أتباعه الكرخية والكرخيين .
قال الطوسي في الغيبة / 414 : « وكان الكرخيون مخمسة ، لا يشك في ذلك أحدٌ من الشيعة ، وقد كان أبو دلف يقول ذلك ويعترف به . . وجنون أبي دلف وحكايات فساد مذهبه أكثر من أن تحصى ، فلا نطول بذكرها الكتاب ها هنا » .
وقال العلامة الحلي ( قدس سره ) في خلاصة الأقوال / 364 ، عن علي بن أحمد الكوفي : « كان إمامياً مستقيم الطريقة وصنف كتباً كثيرة سديدة ، ثم خلط وأظهر مذهب المخمسة وصنف كتاباً في الغلو والتخليط . وقال ابن الغضائري : كذاب غال صاحب بدعة ومقالة » .
وترجم في معجم البلدان : 4 / 447 ، لكرخيٍّ آخر على نفس المذهب ، لكنه من كرخة الأهواز ، لا كرخة بغداد ، قال : « أبو جعفر الكرخي المعروف بالجرو ، وهذا الرجل مشهور بالجلالة فيهم قديماً وكان مقيماً بالبصرة ، قال : وشاهدته أنا وهو شيخ كبير وقد اختلت حاله ، فصار يلي الأعمال الصغار من قبل عمال البصرة . . . استفاض عنهم أنهم كانوا مخمسة يعتقدون أن علياً وفاطمة والحسن والحسين ومحمداً ( صلى الله عليه وآله ) خمسة أشباح أنوار قديمة ، لم تزل ولا تزال ، إلى غير ذلك من أقوال هذه النحلة ، وهي مقالة مشهورة » .
وأصل مذهب المُخَمِّسة من بشار الشعيري ، ومذهبه تطوير لمذهب ( العلياوية ) الذي ظهر في زمن الإمام الصادق ( عليه السلام ) !
فقد روى الطوسي ( رحمه الله ) في رجاله : 2 / 701 : « عن مرازم قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : تعرف مبشر ، بشر بتوهم الاسم قال : الشعيري ، فقلت : بشار ؟ قال بشار ! قلت : نعم جار لي ! فقال ( عليه السلام ) : إن اليهود قالوا ووحدوا الله ، وإن النصارى قالوا ووحدوا الله ، وإن بشاراً قال قولاً عظيماً ! إذا قدمت الكوفة فأته وقل له : يقول لك جعفر : يا كافر يا فاسق يا مشرك أنا برئ منك ! قال مرازم : فلما قدمت الكوفة فوضعت متاعي وجئت إليه فدعوت الجارية ، فقلت قولي لأبي إسماعيل هذا مرازم ، فخرج إليَّ فقلت له : يقول لك جعفر بن محمد : يا كافر يا فاسق يا مشرك أنا برئ منك ! فقال لي : وقد ذكرني سيدي ! قال قلت : نعم ذكرك بهذا الذي قلت لك ! فقال : جزاك الله خيراً وفعل بك ، وأقبل يدعو لي !
ومقالة بشار هي مقالة العلياوية يقولون إن علياً ( عليه السلام ) هرب وظهر بالعلوية الهاشمية ، وأظهر أنه عبده ورسوله بالمحمدية ، فوافق أصحاب أبي الخطاب في أربعة أشخاص علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ) وأن معنى الأشخاص الثلاثة فاطمة والحسن والحسين تلبيس ، والحقيقة شخص علي لأنه أول هذه الأشخاص في الأمة ، وأنكروا شخص محمد ( صلى الله عليه وآله ) وزعموا أن محمداً عبد علي !
وأقاموا محمداً ( صلى الله عليه وآله ) مقام ما أقامت المخمسة سلمان ! وجعلوه رسولاً لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) فوافقوهم في الإباحات والتعطيل والتناسخ » !
وفي رجال الطوسي : 2 / 775 : « لما مات أوصى إلى ابنه سميع بن محمد فهو الإمام ! ومن أوصى إليه سميع فهو إمام مفترض الطاعة على الأمة ، إلى وقت خروج موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ! وزعموا أن الفرض عليهم من الله تعالى إقامة الصلوات الخمس وصوم شهر رمضان ، وأنكروا الزكاة والحج وسائر الفرائض ، وقالوا بإباحة المحارم والفروج والغلمان ، واعتلوا في ذلك بقول الله تعالى : أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ! وقالوا بالتناسخ . . . .
وزعمت هذه الفرقة والمخمسة والعلياوية وأصحاب أبي الخطاب أن كل من انتسب إلى أنه من آل محمد فهو مبطل في نسبه مفتر على الله كاذب ، وأنهم الذي قال الله تعالى فيهم إنهم يهود ونصارى في قوله : وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ . . . إذ كان محمد عندهم وعلي هو رب لا يلد ولا يولد ولا يستولد ! تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً .
وكان سبب قتل محمد بن بشير لعنه الله ، لأنه كان معه شعبذة ومخاريق . . . وكان عنده صورة قد عملها وأقامها شخصاً كأنه صورة أبي الحسن ( الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ) في ثياب حرير ، وقد طلاها بالأدوية وعالجها بحيل عملها فيها ، حتى صارت شبيهاً بصورة إنسان وكان يطويها فإذا أراد الشعبذة نفخ فيها فأقامها ! وكان يقول لأصحابه ان أبا الحسن ( عليه السلام ) عندي فإن أحببتم أن تروه وتعلموا أني نبي فهلموا أعرضه عليكم ، فكان يدخلهم البيت والصورة مطوية معه فيقول لهم : هل ترون في البيت مقيماً أو ترون فيه غيري وغيركم ؟ فيقولون : لا ، ليس في البيت أحد ، فيقول : أخرجوا فيخرجون من البيت فيصير هو وراء الستر ويسبل الستر بينه وبينهم ثم يقدم تلك الصورة ، ثم يرفع الستر بينه وبينهم ، فينظرون إلى صورة قائمة وشخص كأنه شخص أبي الحسن لا ينكرون منه شيئاً ويقف هو منه بالقرب فيريهم من طريق الشعبذة أنه يكلمه ويناجيه ويدنو منه كأنه يسارُّه ، ثم يغمزهم أن يتنحوا فيتنحون ، ويسبل الستر بينه وبينهم فلا يرون شيئاً !
وكانت معه أشياء عجيبة من صنوف الشعبذة ما لم يروا مثلها ، فهلكوا بها فكانت هذه حاله مدة ، حتى رفع خبره إلى بعض الخلفاء أحسبه هارون أو غيره ممن كان بعده من الخلفاء وأنه زنديق ، فأخذه وأراد ضرب عنقه فقال : يا أمير المؤمنين استبقني فإني أتخذ لك أشياء يرغب الملوك فيها فأطلقه ! فكان أول ما اتخذ له الدوالي ، فإنه عمد إلى الدوالي فسواها وعلقها وجعل الزيبق بين تلك الألواح ، فكانت الدوالي تمتلئ من الماء وتميل الألواح وينقلب الزيبق من تلك الألواح فيتبع الدوالي لهذا ، فكانت تعمل من غير مستعمل لها وتصب الماء في البستان فأعجبه ذلك ، مع أشياء عملها يضاهي الله بها في خلقه الجنة . فقوده ( جعله قائداً ) وجعل له مرتبة .
ثم إنه يوماً من الأيام انكسر بعض تلك الألواح فخرج منها الزيبق ، فتعطلت فاستراب أمره وظهر عليه التعطيل والإباحات ! وقد كان أبو عبد الله وأبو الحسن ( عليهما السلام ) يدعوان الله عليه ويسألانه أن يذيقه حر الحديد فأذاقه الله حر الحديد » .
وقد انخدع بهذه المذاهب والبدع بعض العوام . لكنها انتهت والحمد لله .
الاكثر قراءة في السفراء الاربعة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
