معدلات تبريد الماء الساخن والدافئ
المؤلف:
سيرك الفيزياء الطائر
المصدر:
جيرل ووكر
الجزء والصفحة:
ص523
2025-08-28
254
كانت أكثر المقالات التي كتبتها لمجلة «ساينتيفيك أميريكان» إثارة للجدل تتعلق بسؤال قديم هو: إذا وضعت كميات متساوية من الماء في حاويات مفتوحة متطابقة الشكل، وكانت درجة حرارة الماء في كل حاوية تختلف عن الأخرى، إحداها ساخنة جدا والأخرى أبرد، فأي ماء سيكون الجليد أولا عندما يُوضع في نفس البيئة الباردة؟ من المدهش، في بعض الظروف أن الماء الساخن هو ما يُكوِّنُ الجليد أولا.
كانت النتيجة معروفة لأرسطو وللناس الذين يعيشون في مناخات باردة ومع ذلك، سَخِرَ العلماء إلى حد كبير من صحة تلك النتيجة حتى ستينيات القرن العشرين عندما سأل أحد الطلاب التنزانيين، ويُدعى إي بي إمبيمبا، مُدَرِّسه بالمدرسة الثانوية عن سبب تجمد خليط المثلجات بسرعة أكبر عندما يوضع في المجمد وهو ساخن، عنه حين يُوضَع وهو في درجة حرارة الغرفة. لم يُصدِّق المعلم الأمر إلا حين أجرى إمبيمبا التجربة على الماء، وتُعرَف تلك النتيجة الآن باسم تأثير إمبيمبا.لماذا يمكن أن يبرد الماء الساخن أسرع ويتجمد في وقت أقل من كمية مساوية من الماء الدافئ (أو حتى الفاتر في بعض الأحيان)؟
الجواب: يرتكز أحد الاعتراضات على صحة تلك الظاهرة على الحس المنطقي السليم. إذا كانت عينة الماء «أ» أسخن من عينة الماء «ب» ومع ذلك فإنها هي التي تفوز بسباق تكوين الجليد أولا، فلا بد إذن من أن تصل العينة «أ» إلى درجة حرارة العينة «ب» في وقت ما. وإذا كانت العينتان متطابقتين، ألن تبردا بنفس المعدل من درجة الحرارة الواحدة التي كانتا عليها ؟ أحد أخطاء هذه الحجة هي أننا لا نستطيع تعيين درجة حرارة واحدة لأي من العينتَين لأنَّ كلَّ عينة منهما يكون لها نطاق من درجات الحرارة المختلفة داخل الماء. ومن ثَم، يتطلب تأكيد أو رفض تأثير إمبيمبا بحثًا أكثر تعمقا.
في الواقع، لم يتم الوصول إلى حجّة مُقنعة تؤكد صحة الظاهرة أو تدحضها. على سبيل المثال، قد تُغير تباينات تدفق الهواء أو درجة الحرارة داخل المجمد من معدل التبريد من تجربة لأخرى، وهو ما قد يُعطي بيانات غير موثوق فيها بحيث يمكن من خلالها تفسير تأثير إمبيمبا بشكل خاطئ، لذا نحتاج إلى القيام بالعديد من التجارب في ظروف خاضعة للضبط الدقيق. نجح عدد من الباحثين الذين حاولوا استيفاء هذا الشرط في أداء تجربة تأثير إمبيمبا في ظروف خاضعة للضبط الدقيق، ولكن دون أن يتفقوا على السبب الذي أدى إلى نجاح التجربة إليكم بعض النقاط التي ذكروها:
(1) يحدث فقدان أكبر للطاقة والكتلة في عملية التبخر التي تحدث في حالة الماء الساخن. وإذا تم التخلص من التبخّر من خلال تغطية الحاويات، يبدو أن تأثير إمبيمبا يختفي. (ومع ذلك، قد يظلُّ موجودًا في ظروف خاصة حتى من دون وجود تبخر.)
(2) يخضع الماء لتغيرات غريبة في الكثافة بينما يبرد نزولًا من درجة 4 مئوية حتى نقطة التجمد؛ فعلى العكس من معظم السوائل، يتمدد الماء أثناء تلك المرحلة الأخيرة من انخفاض درجة الحرارة ولذا، عندما تنخفض درجة حرارة إحدى عينات الماء إلى أقل من درجات مئوية، تكون الأجزاء الأبرد أخفَّ وزنا؛ ومن ثم ترتفع، بينما تكون الجزيئات الأدفأ قليلا أكثر كثافة، ومن ثَمَّ تغُوص إلى أسفل. يجلب هذا الاختلاط الماء الأدفأ قليلا إلى أعلى بطول جدران الحاوية وإلى السطح العلوي المكشوف، مما يسمح له بفقدان الطاقة الحرارية. تُشير التجارب إلى أن هذا الاختلاط يكون أكثر وضوحًا عندما يكون الماء عند درجة حرارة أعلى. ومن ثم، قد تصل المياه الساخنة أصلا إلى نقطة التجمد أولًا، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سرعة اختلاط وتبريد السائل في هذه المرحلة الأخيرة
. (3) يبرد الماء «برودة فائقة» (تحت نقطة التجمُّد) قبل أن يبدأ فجأة في تشكيل الجليد. تصل المياه الأبرد إلى درجة التبريد الفائق عند درجة حرارة أقل، على العكس من الماء الذي يكون ساخنا بالأساس؛ ومن ثم يستغرق الأول وقتا أطول لتشكيل الجليد.
الاكثر قراءة في الديناميكا الحرارية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة