حصر معنى أولي الامر بالأئمة عليهم السلام ونزول آية التطهير
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص152-154
2025-11-18
32
جاء في «الكافي» عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال عند السؤال عن وجوب إطاعة الأوصياء: «نَعَمْ، هُمُ الّذِين قَالَ اللهُ»: {أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وقال الله: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ}[1] و[2]
وجاء في «الكافي» و«تفسير العيّاشيّ» أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام. وعند ما قيل له: أنّ الناس يقولون: فما له لم يُسَمّ عليّاً وأهل بيته في كتابه؟ فقال: فقولوا لهم: نزلت الصلاة ولكن ولم يسمّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم فسّر ذلك لهم. ونزلت عليه الزكاة ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهم حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسّر ذلك لهم. ونزل الحجّ، فلم يقل: طوفوا سبعاً حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هو الذي فسّر ذلك لهم. ونزلت: {أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ونزلت في عليّ، والحسن، والحسين عليهم السلام. فقال في عليّ: «مَن كُنتُ مَولَاهُ فَعَلِيّ مَولَاهُ. وقالَ: اوصِيكُمْ بِكِتابِ اللهِ وأهلِ بَيتِي، فَإِنّي سَألْتُ اللهَ أنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا حتى يُورِدهُما عليّ الحَوْضَ، فَأعْطَانِي ذلِكَ». وقَالَ: «لَا تُعَلِّمُوهُم، فَإِنَّهُم أعلَمُ مِنكُم»[3]. وقَالَ: «إِنَّهُمْ لَن يُخرِجُوكُم مِن بَابِ هُدَى ولَن يُدْخِلُوكُمْ في بَابِ ضَلَالةٍ».
فَلو سكت رسول الله، ولم يبيّن مَن أهل بيته، لادّعاها آل فلان وآل فلان، ولكنّ الله أنزل في كتابه الكريم تصديقاً لنبيّه صلى الله عليه وآله وسلّم: {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[4]. فكان عليّ، والحسن، والحسين، وفاطمة عليهم السلام عند رسول الله فأخذهم بيده، فأدخلهم تحت الكساء في بيت امّ سلمة، ثُمّ قَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم: «اللَّهُمَّ أنّ لِكُلِّ نَبِيّ أهْلَا وثَقَلًا وهَؤُلَاءِ أهلُ بَيْتِي وثَقَلي». فقالت امّ سلمة: ألَسْتُ مِن أهْلِكَ؟ فَقَالَ: «إِنَّكِ عَلَى خَيْرٍ ولَكِنَّ هَؤُلآء أهْلُ بَيْتِي وثَقَلي». فأنزل الله آية التطهير[5].
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه سئل عمّا بنيت عليه دعائم الإسلام، إذا أخذ بها، زكي العمل ولم يضرّ جهل ما جهل بعده؟ فقال: شهادةُ أنْ «لَا إِلَهَ إِلّا اللهُ وأنّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ» صلى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلّمَ والإقرار بما جاء به من عند الله، وحقّ في الأموال الزكاة والولاية التي أمر الله بها، ولاية آل محمّد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال: «مَن مَاتَ ولَمْ يَعْرِف إِمَامه مَاتَ مِيتَةً جاهِلِيّةً». قالَ اللهُ تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}. فكَانَ عليّ عَلَيهِ السَّلَامُ ثُمَّ صارَ مِن بَعْدِهِ الحَسَنُ ثُمَّ مِن بَعْدِهِ الْحُسَيْنُ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عليّ بنُ الْحُسَينِ ثُمَّ مِن بَعْدِهِ مُحَمَّدُ بنُ عليّ ثُمَّ هَكَذَا يَكُونُ الأمْرُ. أنّ الأرضَ لَا تَصْلُحُ إلَّا بِإمَامٍ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ»[6].
[1] الآية 55، من السورة 5: المائدة.
[2] «تفسير الصافيّ» ج 1، ص 364.
[3] «بحار الأنوار» ج 27، ص 106؛ وفي ضمن حديث الغدير ذكر بعضه في «غاية المرام» ص 214، الحديث الثامن عشر والتاسع عشر.
[4] بشأن نزول آية التطهير في أهل البيت. ذكر صاحب «غاية المرام» 41 حديثاً عن العامّة في ص 287، و34 حديثاً عن الخاصّة في ص 292.
[5] جاء هذا الحديث مفصّلًا في «تفسير الصافيّ» ج 1 ص 364.
[6] «تفسير الصافيّ» ج 1، ص 365.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة