اسس استدامة المدن الذكية
المؤلف:
د. محمد دلف احمد الدليمي
المصدر:
تخطيط المدن والاستدامة الحضرية
الجزء والصفحة:
ص 197 ـ 201
2025-12-03
20
اولاً : الاقتصاد Economy
يعتمد الاقتصاد الذكي على تحقيق زيادة الانتاج وتسهيل عملية التسويق في المدينة والمدن الأخرى عن طريق الترابط والتكامل بين المشاركين على المستوى المحلي والدولي وتؤدي قدرة الفرد ومعرفته في الاقتصاد الذكي دورا أساسيا تنتقل عن طريق شبكة اتصال بين العاملين باستمرار ، يحصل عليها العامل ويطورها ويعطيها للآخرين بحيث تزداد الإنتاجية ، وترتبط فكرة الاقتصاد الذكي غالبا بفكرتي روح الابتكار The spirit of innovation ومجتمع المعرفة The knowledge society ، ليس هذا خيالا وإنما هناك تطبيقات فعلية نجدها في بلاد مثل كوريا الجنوبية وفي الإمارات العربية المتحدة ، وتجرب أيضا في ضواحي لندن و باريس و هامبورج ، يترابط مشاركون اقتصاديون في إطار مشروع مدينة ذكية بغرض تسويق منتجاتهم وخدماتهم، وتترابط المدن مع بعضها البعض خلال سنوات بأحد الموردين لتك الخدمات على سبيل المثال تقدم شركة الكهرباء فيتنتال Vental نموذجا للبيت الذكي وتسوق أجهزة لضبط وترشيد استهلاك الكهرباء في البيوت ، وكذلك لبناء شبكات ذكية وتقدم شركة سيسكو سيستمز Cisco Systems تحت راية انترنت لكل شيء " Internet of Everything عددا من شبكات الاتصالات تختص بإدارة والتحكم في الأجهزة اليومية.
ثانياً : السياسة وإدارة المدينة Politics and city administrate
يفكر كثيرا من الباحثين في كيفية وضع سياسة لإدارة المدن الذكية وتحقيق الاستدامة اذ ان الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج أفق 2020 2020 Horizont على تطوير مدن أوروبية على طريقة " المدينة الذكية وتحقيقها، ويقوم الاتحاد الأوروبي بدعم هذا البرنامج بغرض المنافسة في تقديم مشروعات ذكية للمدن على المستوى العالمي ومن المشروعات التي يدعمها الاتحاد الأوروبي مشروع المدينة المنفتحة ، كما وتعمل الإدارات المحلية مع الجامعات مثل برلين وبرشلونة وفيينا ومع مؤسسات بحث غير حكومية على تطوير تقنيات ذكية ، وتتصدر تلك المشاكل مسألة الاستدامة و إمكانية تطبيق التقنيات الذكية ، وطرق المشاركة وطريقة التعامل مع البيانات الرقمية ، ومن ضمن الإدارة الذكية الخاصة بالسياسة المدنية يأتي اصطلاح الحكم الذكي Smart Governance ویعنی به مشاركة المواطنون في اتخاذ القرار السياسي عن طريق إشراك المواطنين في عملية التخطيط العمراني والغرض من الحكم الذكي تشكيل عمليات التخطيط واتخاذ القرار في إطار الشفافية والمشاركة . وهنا تؤدي مثل تقنية البيانات المفتوحة Open Data ومبدأ الحكم المنفتح Open verdict والمشاركة دورا هاما ، وتطبيق الديمقراطية والتوسع فيها عن طريق البيانات الرقمية. والغرض من تلك المشاركات الجديدة هو العناية بالاتصال بسكان المدينة وإشراكهم في عملية الحكم واتخاذ القرار في المشروعات الحيوية.
ثالثاً : المجتمع المدني Civil society
تعتمد المدينة الذكية على مشاركتها مع المواطنين بغرض تحسين حياة السكان عن طريق وسائل تقنية مستحدثة تمكنهم في التواصل مع صناع القرار باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات اذ ان ما يميز المدينة الذكية نوع معين من المجتمع المدني (كسكان أذكياء) يفترض أن يكونوا مبتكرين ، ويتمتعون بالمرونة ، مع تعدد ثقافاتهم وتربطهم شبكة اتصالات وبالتالي فان المجتمع المدني يشارك بآرائه في إدارة المدينة ويشارك في صناعة القرارات التي تهم كل أطراف المجتمع ، اذ يكون لهم تأثير في تطوير مدينتهم من خلال استخدام السكان الأماكن والإمكانيات المتاحة للمدينة جماعيا ، فإذا اعتبرت المدينة الذكية أنها ثروة جماعية فلا بد من أن تتخذ القرارات بشأن تطويرها بالمشاركة الجماعية ، لتحقيق أحسن استغلال للموارد ، يمكن للقرارات وعمليات اتخاذ القرار أن تتم على مستويات على مستوى الجيران إلى مستوى الضاحية أو على مستوى المدينة كلها ، يعمل على تنظيم الوحدات الصغيرة وتنظيمها وربطها ببعضها البعض أي أن يكون في استطاعة سكان المدينة الذكية تنظيم مدينتهم طبقا لقواعد يتفاهمون عليها وتكون في صالح المجموع وتظهر في المدن الذكية ثقافة التبادل في الاستغلال الجماعي لأجهزة وأجزاء من البنية التحتية بغرض الحفاظ على البيئة أو الاستفادة الاقتصادية، فمثلا ، الانتقال الجماعي بسيارة واحدة بدلا من أن يركب كل فرد سيارته منفردا ، أو تبادل أجهزة منزلية أو عدة يدوية ، كما يمكن للمجتمع المدني أن يشترك مع بعضه البعض في مشروع تشييد حديقة ، وإنتاج كهرباء البيت بواسطة تقنيات الأشعة الشمسية أو طاقة الرياح ، واستغلال جزء منها وبيع الفائض منها إلى الشبكة العمومية . ويمكن القيام بزراعة الشرفات وتوفير غذاء من غير الاعتماد على منتجات الحقول ومصانع التعليب.
رابعاً : الانتقال الذكي Smart move
يهدف الانتقال الذي الى استثمار امثل للطاقة ويضمن خفض الانبعاث الضار بالبيئة ، وأن تكون وسائط النقل آمنة ومنخفضة التكاليف ويتم ذلك عن طريق استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات اذ تساعد تقنية المعلومات والاتصالات في مراقبة المرور بواسطة كاميرات وضبط سيرها وتعريف الركاب عن طريق الهاتف المحمول بإمكانيات اللجوء إلى طرق أخرى في حالة تعطل طريق أو ازدحامه ، وكذلك بالنسبة لوسائط النقل العام فقد دخلت في تنظيمها أنظمة الانتقال الذكي ، مثلما في حجز تذاكر السفر في المدن الكبيرة بواسطة الهاتف المحمول ببرامج. Apps كما يمكن معرفة موعد القيام وموعد الوصول بالهاتف المحمول.
خامساً : الاستدامة Sustainability
تعتمد فكرة المدينة المستدامة على رؤية بيئية واقتصادية وثقافة اجتماعية. ومن الممكن أن يكون الهدف من المدينة المستدامة واستدامة تطوير المدينة والإدارة المدنية هو:
- استدامة استغلال الموارد الطبيعية المتجددة والتقليل من استهلاك الموارد الطبيعية الموجودة بكميات محدودة ، مع تطبيق كامل قدر الإمكان نظم مغلقة الدائرة Closed circuit systems التي يتم بها تدوير كل النفايات وإعادة استخدامها. على سبيل المثال، بدأت المدن في اعتماد مرافق لامركزية لمعالجة مياه الصرف الصحي، تحتجز الحرارة المتحررة من مياه الصرف الصحي، بحيث يمكن استخدامها في تدفئة المنازل ، وتحول النفايات العضوية إلى وقود حيوي أو أسمدة.
ـ خفض كثافة النقل واستدامة الاقتصاد ، والاندماج المجتمعي في المدينة ، الاشتراك في تحمل المسؤولية والمشاركة الجماهيرية اذ يعد نظام النقل السريع بالحافلات RT) Bus Rapid Transit) نظام نقل عاماً عالي السعة، يجمع بين عناصر معينة مثل محطات وعربات "نظيفة" وتقنيات رقمية متطورة في نظام متكامل. ويستخدم النظام حافلات أو مركبات متخصصة ؛ لإيصال الركاب إلى وجهاتهم بسر وكفاءة. ويمكن تصنيع الحافلات بسهولة حسب احتياجات المجتمعات، ويمكن دمج تقنيات معينة بها، مثل إدارة المرور، والتي تؤدي إلى نقل مزيد من الركاب والتخفيف من الازدحام.
الاندماج المجتمعي من خلال المشاركة في اتخاذ القرارات الخاصة بتنظيم المدينة ورسم سياسة التخطيط المستقبلي لها اذ يتصل سكان المدينة بعضهم البعض بشبكة نقاش بغرض تنفيذ الاستدامة على سبيل المثال من خلال استثمار الطاقة الشمسية لإنتاج الماء الصافي محليا ، و تقنية الألواح الشمسية لإنتاج الكهرباء أو استغلال المياه الأرضية الساخنة بغرض تدفئة البيوت والمباني.
سادسا - المدن العلمية :
وهي مدن تنشأ وتطور نتيجة لوجود المؤسسات العلمية من جامعات ومراكز بحوث جنبا الى جنب مع المؤسسات الصناعية يتحقق فيها استثمار نتائج البحوث التي تنجز على شكل تقنات جديدة وبالتالي يزداد الترابط بين المؤسسات العلمية والمؤسسات الانتاجية في المدينة من خلال نقل النتائج للبحوث من المختبرات الى مواقع العمل بشكل مباشر ، وهذا من شانه ان يحقق تنمية شاملة مستدامة كون المجتمعات التي تعتمد على العلوم هي اقدر من سواها على تحقيق التنمية والاستدامة الحضرية .
توجد العديد من مدن العالم التي تعد مراكز للبحث العلمي والتطور التكنولوجي ومنها مدينة كمبردج في المملكة المتحدة التي تعد من المدن التي تحتوي على جامعات ومراكز بحوث تطبيقية وفعالة في تطوير وسائل وتقنيات حديثة ترتبط بالمؤسسات الإنتاجية فيها ، ومدينة بوسطن في الولايات المتحد الامريكية التي تعد من المدن التي تتركز فيها مراكز بحثية مميزة في مجال الطب والدراسات الحيوية وتتواجد فيها عدد من المستشفيات التعليمية وتوجد فيها جامعات مميزة مثل جامعة هارفرد وجامعة ماساتشوستس ، وكذلك الحال مدينة ستانفورد في الولايات المتحدة التي اشتهرت بوجود مراكز البحوث المتجهة نحو تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة ، ومدينة طوكيو في اليابان المتخصصة مراكز البحوث فيها بالابتكار والروبوتات وتكنولوجيا المعلومات.
تتلخص اهداف المدن العلمية بما يلي .
- ارتباط حركة البحث العلمي فيها مع حاجة المؤسسات الصناعية والمؤسسات الانتاجية الأخرى الى البحث والتطوير لوسائل الانتاج كما ونوعا.
ـ خلق علاقة منفعة متبادلة بين المراكز البحثية والمؤسسات الانتاجية بحيث يستفيد كل منها من الاخر.
ـ تدريب وتأهيل الايدي العاملة في المؤسسات الانتاجية لغرض مواكبة التطور العلمي والتقني والتفاعل مع نتائج البحوث.
ـ مواكبة التطور التقني في العالم ورصد التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات .
ـ وضع الخطط والبرامج لتحقيق تنمية حضرية مستدامة من خلال البحث العلمي.
ـ انشاء صناعات جديدة مستندة على نتائج البحث العلمي في مجالات الحياة المختلفة.
ـ تجسيد مفهوم الجامعة المنتجة من خلال توظيف نتائج البحوث لغرض تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
الاكثر قراءة في جغرافية التنمية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة