المسائل الفقهية
التقليد
الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
التحنيط
التشييع
التكفين
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الميت
الغسل
مسائل تتعلق باحكام الاموات
أحكام الخلوة
أقسام المياه وأحكامها
الاستحاضة
الاغسال
الانية واحكامها
التيمم (مسائل فقهية)
احكام التيمم
شروط التيمم ومسوغاته
كيفية التيمم
مايتيمم به
الجنابة
سبب الجنابة
مايحرم ويكره للجُنب
مسائل متفرقة في غسل الجنابة
مستحبات غسل الجنابة
واجبات غسل الجنابة
الحيض
الطهارة من الخبث
احكام النجاسة
الاعيان النجسة
النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة
كيفية سراية النجاسة الى الملاقي
المطهرات
النفاس
الوضوء
الخلل
سنن الوضوء
شرائط الوضوء
كيفية الوضوء واحكامه
مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء
مستمر الحدث
نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء
وضوء الجبيرة واحكامها
مسائل في احكام الطهارة
الصلاة
مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)
الستر والساتر (مسائل فقهية)
القبلة (مسائل فقهية)
اوقات الصلاة (مسائل فقهية)
مكان المصلي (مسائل فقهية)
افعال الصلاة (مسائل فقهية)
الاذان والاقامة (مسائل فقهية)
الترتيب (مسائل فقهية)
التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)
التسليم (مسائل فقهية)
التشهد(مسائل فقهية)
التعقيب (مسائل فقهية)
الركوع (مسائل فقهية)
السجود(مسائل فقهية)
القراءة (مسائل فقهية)
القنوت (مسائل فقهية)
القيام (مسائل فقهية)
الموالاة(مسائل فقهية)
النية (مسائل فقهية)
تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)
منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)
الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)
الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)
الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)
صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)
صلاة الايات (مسائل فقهية)
صلاة الجمعة (مسائل فقهية)
صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)
صلاة العيدين (مسائل فقهية)
صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)
صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)
صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)
صلوات اخرى(مسائل فقهية)
نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)
المساجد واحكامها(مسائل فقهية)
اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)
اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)
صلاة الجماعة (مسائل فقهية)
صلاة القضاء(مسائل فقهية)
صلاة المسافر(مسائل فقهية)
صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)
مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)
الصوم
احكام متفرقة في الصوم
المفطرات
النية في الصوم
ترخيص الافطار
ثبوت شهر رمضان
شروط الصوم
قضاء شهر رمضان
كفارة الصوم
الاعتكاف
الاعتكاف وشرائطه
تروك الاعتكاف
مسائل في الاعتكاف
الحج والعمرة
شرائط الحج
انواع الحج واحكامه
الوقوف بعرفة والمزدلفة
النيابة والاستئجار
المواقيت
العمرة واحكامها
الطواف والسعي والتقصير
الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
الاحرام والمحرم والحرم
اعمال منى ومناسكها
احكام عامة
الصد والحصر*
الجهاد
احكام الاسارى
الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها
الامان
الجهاد في الاشهر الحرم
الطوائف الذين يجب قتالهم
الغنائم
المرابطة
المهادنة
اهل الذمة
وجوب الجهاد و شرائطه
مسائل في احكام الجهاد
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما
اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
الخمس
مايجب فيه الخمس
مسائل في احكام الخمس
مستحق الخمس ومصرفه
الزكاة
اصناف المستحقين
اوصاف المستحقين
زكاة الفطرة
مسائل في زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت اخراج زكاة الفطرة
شرائط وجوب الزكاة
ماتكون فيه الزكاة
الانعام الثلاثة
الغلات الاربع
النقدين
مال التجارة
مسائل في احكام الزكاة
احكام عامة
علم اصول الفقه
تاريخ علم اصول الفقه
تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية
المباحث اللفظية
المباحث العقلية
الاصول العملية
الاحتياط
الاستصحاب
البراءة
التخيير
مباحث الحجة
تعارض الادلة
المصطلحات الاصولية
حرف الالف
حرف التاء
حرف الحاء
حرف الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
القواعد الفقهية
مقالات حول القواعد الفقهية
اخذ الاجرة على الواجبات
اقرار العقلاء
الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن
الإحسان
الاشتراك - الاشتراك في التكاليف
الاعانة على الاثم و العدوان
الاعراض - الاعراض عن الملك
الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض
الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين
البناء على الاكثر
البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر
التقية
التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له
الجب - الاسلام يجب عما قبله
الحيازة - من حاز ملك
الزعيم غارم
السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق
السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم
الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد
الصحة - اصالة الصحة
الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر
العقود تابعة للقصود
الغرور - المغرور يرجع الى من غره
الفراغ و التجاوز
القرعة
المؤمنون عند شروطهم
الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور
الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها
الولد للفراش
أمارية اليد - اليد
انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة
بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه
تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه
حجية البينة
حجية الضن في الصلاة
حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة
حجية قول ذي اليد
حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل
عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية
على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد
قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم
قاعدة التسامح في ادلة السنن
قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم
لا تعاد
لا حرج - نفي العسر و الحرج
لا ربا في ما يكال او يوزن
لا شك في النافلة
لا شك لكثير الشك
لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر
لا ضرر ولا ضرار
ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده
مشروعية عبادات الصبي وعدمها
من ملك شيئا ملك الاقرار به
نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس
نفي السبيل للكافر على المسلمين
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
قواعد فقهية متفرقة
المصطلحات الفقهية
حرف الألف
حرف الباء
حرف التاء
حرف الثاء
حرف الجيم
حرف الحاء
حرفق الخاء
حرف الدال
حرف الذال
حرف الراء
حرف الزاي
حرف السين
حرف الشين
حرف الصاد
حرف الضاد
حرف الطاء
حرف الظاء
حرف العين
حرف الغين
حرف الفاء
حرف القاف
حرف الكاف
حرف اللام
حرف الميم
حرف النون
حرف الهاء
حرف الواو
حرف الياء
الفقه المقارن
كتاب الطهارة
احكام الاموات
الاحتضار
الجريدتان
الدفن
الصلاة على الاموات
الغسل
الكفن
التشييع
احكام التخلي
استقبال القبلة و استدبارها
مستحبات و ومكروهات التخلي
الاستنجاء
الاعيان النجسة
البول والغائط
الخمر
الدم
الكافر
الكلب والخنزير
المني
الميتة
احكام المياه
الوضوء
احكام الوضوء
النية
سنن الوضوء
غسل الوجه
غسل اليدين
مسح الرأس
مسح القدمين
نواقض الوضوء
المطهرات
الشمس
الماء
الجبيرة
التيمم
احكام عامة في الطهارة
احكام النجاسة
الحيض و الاستحاظة و النفاس
احكام الحيض
احكام النفاس
احكام الاستحاضة
الاغسال المستحبة
غسل الجنابة واحكامها
كتاب الصلاة
احكام السهو والخلل في الصلاة
احكام الصلاة
احكام المساجد
افعال الصلاة
الاذان والاقامة
التسليم
التشهد
الركوع
السجود
القراءة
القنوت
القيام
النية
تكبيرة الاحرام
سجدة السهو
الستر والساتر
الصلوات الواجبة والمندوبة
صلاة الاحتياط
صلاة الاستسقاء
صلاة الايات
صلاة الجماعة
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
صلاة العيدين
صلاة القضاء
صلاة الليل
صلاة المسافر
صلاة النافلة
صلاة النذر
القبلة
اوقات الفرائض
مستحبات الصلاة
مكان المصلي
منافيات الصلاة
كتاب الزكاة
احكام الزكاة
ماتجب فيه الزكاة
زكاة النقدين
زكاة مال التجارة
زكاة الغلات الاربعة
زكاة الانعام الثلاثة
شروط الزكاة
زكاة الفطرة
احكام زكاة الفطرة
مصرف زكاة الفطرة
وقت وجوب زكاة الفطرة
اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم
كتاب الصوم
احكام الصوم
احكام الكفارة
اقسام الصوم
الصوم المندوب
شرائط صحة الصوم
قضاء الصوم
كيفية ثبوت الهلال
نية الصوم
مستحبات ومكروهات الصوم
كتاب الحج والعمرة
احرام الصبي والعبد
احكام الحج
دخول مكة واعمالها
احكام الطواف والسعي والتقصير
التلبية
المواقيت
الصد والحصر
اعمال منى ومناسكها
احكام الرمي
احكام الهدي والاضحية
الحلق والتقصير
مسائل متفرقة
النيابة والاستئجار
الوقوف بعرفة والمزدلفة
انواع الحج واحكامه
احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم
العمرة واحكامها
شرائط وجوب الحج
كتاب الاعتكاف
كتاب الخمس
أصـــــــــل الــــــــبراءة
المؤلف: الشيخ ضياء الدين العراقي
المصدر: مقالات الاصول
الجزء والصفحة: ج2 ص 149.
24-8-2016
731
..إن محط البحث في مجرى البراءة وعدمها هو الشبهات الحكمية التي كان أمر رفعها ووضعها بيد الشارع، سواء كان ذلك في الشك في نفس الحكم مع العلم بموضوعه، أو من جهة الشك في مفهوم الموضوع نفيا (1) أو صدقا، أو من جهة الشك في مقدار الموضوع قلة وكثرة، بلا ارتباط بينهما. وأما في فرض ارتباط الموضوع المردد بين الأقل والأكثر جزءا أم قيدا، فربما قيل (2) فيه بالاحتياط ممن قال في سابقه - بجميع صوره – بالبراءة,...وبالجملة نقول: إن في الصور السابقة تارة [تكون] الشبهة تحريمية واخرى وجوبية. وجرى ديدن المجتهدين [فيهما]، بجميع [صورهما] على البراءة.
وجرى ديدن معظم الأخباريين في جميع الصور المزبورة على الاحتياط. نعم، في الشبهات الوجوبية [منهما] ربما نسبت (3) إلى بعضهم [البراءة]. وأما في التحريمية - فبقول مطلق - صاروا إلى الاحتياط، كما حكي (4). ثم إن نزاع الطرفين في الشبهات المزبورة ليس في كبرى قبح العقاب بلا بيان، ولا في قاعدة دفع الضرر المحتمل في المضار الأخروية، إذ من البديهي أن كل واحدة من الطائفتين غير منكرين للقاعدتين العقليتين. كما أنه لا شبهة في ورود قاعدة القبح على القاعدة الاخرى، لعدم احتمال الضرر بجريان الاولى. بل تمام نزاع الطرفين في صغرى القاعدتين، فالمجتهدون يدعون بأن الشبهات المزبورة صغرى قاعدة القبح، والأخباريون يدعون بأنها مجرى القاعدة الاخرى، ولو ببركة العلم الاجمالي بالتكاليف، أو من جهة ما ورد من الآيات (5) والأخبار (6) الدالة على إيجاب الشارع الاحتياط فيها. وحينئذ، فعلى المجتهدين منع هاتين الجهتين. وحينئذ، فتمام مركز النفي والإثبات بين المجتهدين والأخباريين هو هذه النقطة من نفي العلم الإجمالي المنجز، ونفي دلالة الأخبار المزبورة على وجوب الاحتياط، إما بنفسها أو من جهة دلالة نص آخر من كتاب أو سنة، مثلا على نفي الوجوب المزبور الموجب لحمل [ما ظاهره الوجوب] على الاستحباب، كما هو الديدن عند ورود أمر في قبال نص على جواز الترك. ومن هذه البيانات ظهر أنه ليس للمجتهد أن يتشبث في مورد نزاعه مع الأخباري بقاعدة القبح وما يساوقها من النصوص، ولا للأخباري أن يتشبث بقاعدة دفع الضرر وما يساوقها من النصوص، إذ مثل هذا الاستدلال من الطرفين أجنبي عن مركز بحثهم. فليس للمجتهد إلا التشبث بما دل على جواز ارتكاب الشبهات المزبورة، قبال الاخباري: من تشبثه بما دل على عدم [جواز] ارتكاب الشبهات المزبورة. فظهر لك - حينئذ - أنه لا مجال لأن يستدل للبراءة في معركة الآراء بالأدلة الأربعة بجعل دليل العقل قاعدة القبح، إذ عرفت أن مثل هذه الكبرى أجنبية عن مورد النزاع، فلا يبقى مجال التشبث به قبال المخالف، إذ هو منكر لصغراه، فعلى المستدل إثبات صغراه، لا التشبث بالكبرى. فالأولى له الاقتصار بالأدلة الثلاثة، قبال استدلاله بالنصوص على وجوب الاحتياط في الشبهات. [وأما في قبال] دعواه العلم الإجمالي المنتهي إلى قاعدة دفع الضرر المحتمل فمثل الكتاب والسنة الدالين على الترخيص في المشتبه - أيضا - غير واف لرد مدعاه، إذ مع وجود العلم الإجمالي [المنجز] في البين لا يبقى مجال جريان كبرى جواز الاقتحام في الشبهات، إذ العقل يمنع عن جريانها في أطراف العلم المنجز ولو بلا معارض. وحينئذ، لا يفي لإثبات مدعاه إلا منع منجزية هذا العلم عقلا، لانحلاله. وبعد ذلك يلغو التشبث بالإجماع في هذا المقام - أيضا - لاحتمال اتكالهم [على] حكم العقل بانحلال العلم المنتهي إلى قاعدة القبح. ومعه لا يبقى مجال حدس بمثل هذا الإجماع أيضا.
وبعدما عرفت الجهات المزبورة نقول: إنه قد يستدل للبراءة في الشبهات الحكمية، من الكتاب بآيات:
منها: آية عدم التكليف إلا بما آتاها (7). والظاهر أن المراد من [الإيتاء] هو الاعطاء، وأن إعطاء كل شيء بحسبه. ففي التكاليف إعطاؤه بإعلامه، كما يشهد [له] التعبير بالأخذ [المقابل] للإعطاء بقوله: آخذ معالم ديني (8). كما أن الظاهر من إعلامه إبلاغه بخطابه محضا. وأما صورة عدم وصول الخطاب الصادر إلى المكلفين لظلم الظالمين بلا قصور في إبلاغه بخطابه، فغير [مشمولة] للآية الشريفة. وحينئذ، لو كان المراد من التكليف التكاليف الواقعية فغاية ما يستفاد من الآية أن التكاليف الواقعية وجودها في الواقع توأم مع الخطاب بها، ولازمه أنه مع عدم الخطاب واقعا لا يكون جعل تكليف واقعا، بل كان مما سكت الله عنه [و] لم يسكت [عنه] نسيانا. وهذه الجهة أجنبية عن محط البحث. وإن كان المراد من التكليف [التكاليف الطرقية] المجعولة في ظرف الجهل بالخطاب فغاية ما يستفاد منها أنه: لو كان تكليف طريقي لابد من إبلاغه إلى المكلف بخطابه - ولو في ظرف الجهل بالخطاب المتعلق بالواقع (9) - ولو بألف واسطة. ولازمه أنه مع عدم وصول خطاب طريقي حافظ للواقع – ولو بالواسطة - إلى المكلف، فلا يكون في البين مثل هذا الخطاب. هذا، ولكن لا يكفي ذلك حينئذ ردا على من اعتقد بأن أوامر الاحتياط خطابات طريقية واصلة إلى المكلف، إذ للأخباري أن يدعي: بأن الخطاب الطريقي المزبور واصل إلى المكلف ببركة أخبار الاحتياط الواردة في الباب. وإن كان المراد من التكليف [المنفي] معناه اللغوي من [كلفة] المكلف في [امتثاله] لما أعلمه بخطابه الواقعي الواصل إليه فهو ليس قابلا للصدور منه إلا إرشادا لما حكم به عقله. وهو خلاف ظاهر سوق الآية من كونه تعالى ما أحدث التكليف بغير ما [أعلمه]، إلا أنه أرشد به إلى إحداث غيره من درك العقل المستقل به. وبمثل هذا البيان تسقط الآية عن الاستدلال في قبال الأخباري بلا احتياج إلى ردها بحفظ سياقها مع الفقرة السابقة الراجعة إلى إنفاق المال. كيف؟ ويمكن - حينئذ - تقريبه بأخذ الجامع بين المال والتكليف من الموصول. ولا يرد عليه - حينئذ - بعدم إمكان الجامع منه، لأن نسبة الفعل إلى المفعول المطلق و به [مختلفتان]. لإمكان جعل نسبتهما [نشوية]، مضافا إلى أن نسبة الفعل إلى الجامع بين المفعولين نسبة ثالثة، بلا لزوم اجتماع النسبتين، كما لا يخفى.
ومنها: آية التعذيب (10)، والظاهر من المضي في (... ما كنا...) ، هو المضي بالإضافة إلى بعث الرسول. كما أن الاستقبال [فيها] - أيضا - إنما هو بالإضافة إلى التعذيب، فمعناه ما كان عذاب قبل البعث كلية، بلا اختصاص فيه بالأمم السابقة، إذ هو فرع جعل المضي [فيها] بلحاظ حال التكلم (11)، وهو خلاف ظاهر [سوقها]، لبداهة أن الاستقبال في بعث الرسول ما اريد منه الاستقبال بلحاظ حال التكلم، إذ لا يبقى له - حينئذ - معنى، كما لا يخفى. وأيضا، الظاهر من قوله ما كنا أنه ليس من ديدنه وشأنه، مثل قوله {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الشعراء: 209] وأمثاله. وحينئذ، فسياق هذا البيان لا يناسب مجرد نفي الفعلية محضا، كي يحتاج إلى اثبات نفي الاستحقاق بالإجماع، ويفرق بين المقام وباب الملازمة بذلك، ويجعل بمثل هذا التقرير للآية الشريفة ردا على [القائلين] بالملازمة. كيف؟ وقد عرفت أن الآية بسوق بيانها ظاهرة في نفي الاستحقاق، فلا يبقى مجال للرد المزبور. نعم الذي يسهل الخطب هو أن الظاهر من الغاية وإن كان البعث الظاهري، ولا يشمل مثل العقل، إذ بعثه في مقام التشريع ليس بيده، ولا يناسبه ظهور نبعث في كونه بيده (12)، ولكن حيث إن الغالب - إلا ما شذ وندر من الاحكام - يحتاج في اعلامها إلى البعث ظاهرا، كان مثل هذا القيد واردا مورد الغالب، فلا يبقى له مفهوم ينفي بيانية العقل. [فتبقى] بيانيته [بحالها]، بلا احتياج فيه - أيضا - بجعل بعث الرسول كناية عن مطلق البيان. وعليه فلا [تبقى] للآية دلالة على نفي الملازمة أصلا. وعلى فرض الدلالة، نقول: إن وجه [دلالتها] من جهة حصر الاستحقاق ببعث الرسول الظاهري، ففي مورد الحكم العقلي لا استحقاق، وبديهي أن ذلك لا يتم مع فرض استقلال العقل بالحسن - مثلا - إلا باحتمال وجود مزاحم خارجي مانع عن فعلية الإرادة. ومن البديهي أنه مع [هذا الاحتمال] لا يدعي الملازمة أحد. [فلابد للقائل] بالملازمة من جزمه بعدم هذا المزاحم، ومع هذا الجزم، كيف يصدق هذا الظهور؟ فلا [تصلح] الآية أن [تصير] دليلا ملزما على القائل بالملازمة، كما لا يخفى. وحينئذ، ما كان شأن الآية إلا [كونها] دليلا إقناعيا موجبا لإبداء الاحتمال المزبور الباعث على إنكار الملازمة المسطورة. وليس ذلك المقدار بمهم، إذ ربما [تختلف] مراتب جزم الأشخاص بحيث لا [تصلح] هذه الآية لإزالته، فتدبر. وكيف كان نرجع إلى ما كنا فيه فنقول: إن غاية دلالة الآية - ولو بضم الإجماع المذكور آنفا - هو إناطة الاستحقاق بالبيان ولو ظاهريا. وذلك عين كبرى قبح العقاب بلا بيان، مع حصر البيان بالرسول الظاهري، فضلا عن جعله كناية عن مطلق البيان، أو كون القيد واردا مورد الغالب. ولقد عرفت أن الأخباري غير منكر لهذه الكبرى، كما شرحناه. نعم لو كان المراد من بعث الرسول خصوص الإعلام بالواقع، وأن الغرض من نفي العذاب نفي الاستحقاق من قبله، ولو بنفي إيجاد أسبابه، من إيجاب احتياط أو غيره، كان للاستدلال بها قبال الأخباريين، مجال. ولكن مع احتمال كون المراد من بعث الرسول مطلق إقامة الحجة، وأن المراد من نفي التعذيب - أيضا - نفي ديدنه على التعذيب، ولو لقبحه وكونه ظلما، لا مجال لإثبات مدعى القائل بالبراءة، قبال الأخباريين من الآية الشريفة فتدبر.
ومنها: آية الوجدان (13)، بتقريب أن عدم وجدان النبي وإن كان ملازما مع عدم الوجود، ولكن التعبير بهذا العنوان ظاهر في أن مناط الترخيص وجواز الارتكاب في هذا العنوان دون لازمه، كما هو الشأن في أخذ كل عنوان في [حيز] الخطاب. وهذه الجهة من الظهورات المسلمة التي [عليها] مدار الاستنباط. ولا يناسب جعل المورد من الإشعارات الخارجة عن الدلالة، كما توهم. وحينئذ، مثل هذا البيان واف لرد الأخباري في جواز الاقتحام بمحض عدم وجدان خطاب على حرمته واقعا، وكان قابلا للقرينية على حمل ما دل على وجوب الاحتياط على الاستحباب هذا. ولكن نقول: إن مبنى الأخذ بظهور العنوان في حيز الخطابات اقتضاء الحكمة، [و] كونه بخصوصيته تمام الموضوع، كما هو الشأن في الاطلاق والتقييد. وهذه الجهة [منوطة] بتمامية بيان المتكلم في [إلقاء] لفظه بكونه في مقام بيان تمام مرامه به. وهذه الجهة إنما تتم في صورة لم تكن قابلية وجهة البيان المزبور إلى جهة اخرى، مثل كونه واردا مورد الغالب، أو لشيء آخر، وإلا يلغو ظهور البيان الموجب للإطلاق أو التقييد في مفادهما.
وحينئذ أمكن في ما نحن فيه كون الغرض من هذا التعبير المجادلة بوجه أحسن. وبعد ذلك يلغى ظهور عنوانه في [الدخل] بل يحتمل خصوص ما يلازم عدم الوجود واقعا، فيخرج - حينئذ - عن [محط] الاستدلال [بها] على المرام، فتدبر.
ومنها: آية التفصيل (14)، بتقريب أن عدم وجود ما [حرم] عليهم [فيما] فصل منشأ جواز الارتكاب، ولو كان في الواقع حراما. وفيه أن عدم وجوده ربما يلازم العدم، نظرا إلى ظهور التحديد - في مقام البيان - في المفهوم الموجب لحصر المحرمات بما فصل. وحينئذ، دلالة الآية على جواز الارتكاب إنما [هي] بالظهور المزبور لا بالأصل. وحينئذ، ربما [تكون] هذه الآية أسوأ حالا في الدلالة على المدعى من الآية السابقة، فتدبر.
ومنها: آية الخذلان (15)، بتقريب أن إناطة الخذلان بالبيان يوجب إناطة مطلق العذاب به بالفحوى. ولكن يمكن دعوى أن ما نعية الجهل للخذلان لا [تقتضي] مانعية الجهل لمطلق العذاب، فمن المحتمل كون المرام من الآية ذلك. وهو - حينئذ - أخص من المدعى، فتدبر أيضا.
ومنها: آية التهلكة (16)، الصادرة من خامس آل العباء، في مقام محاجاته (عليه سلام الله) مع أعدائه يوم الطف (17). وتقريبه ظاهر لولا [ظهورها] في مقام بيان معرفة الإمامة واولي الأمر، قبال جحود أعدائه ذلك. ويؤيده - أيضا - ذيله، من قوله: {وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ } [الأنفال: 42] الظاهر في إناطة الحياة - أيضا - بمثل البينة السابقة. وما هذا شأنه ليس إلا الامور الاعتقادية، لا التكاليف الفرعية العملية. وحمله على باب [الاحتجاج] خلاف الظاهر، لولا دعوى كفاية توهمه في منع الظهور، نظير توهم دفع الحظر في الأوامر، كما لا يخفى. هذا تمام الكلام في الآيات...
_______________
1) جاء في النسخة المصححة عند أحد تلامذة المؤلف: نفسا أو صدقا.
(2) نقله النائيني عن المحقق الخراساني في حاشيته على الكفاية، انظر فوائد الاصول 4: 164.
(3) نسبه في مفاتيح الاصول إلى صاحب الوسائل وغيره من المحدثين، انظر مفاتيح الاصول: 510.
(4) قوانين الاصول 2: 257. وراجع الفوائد الحائرية: 240. وفرائد الا صول: 315.
(5) الاسراء: 36. النساء: 59. البقرة: 195. التغابن: 16. آل عمران: 102.
(6) ذكر الآيات والأخبار مفصلا في فرائد الاصول: 340 - 352.
(7) قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]
(8) راجع الوسائل 18: 106، الباب 10 من أبواب صفات القاضي، الحديث 27.
(9) المفروض أن التكاليف الطرقية مجعولة في ظرف الجهل بالخطاب الواقعي فلا حاجة لقوله: ولو في ظرف الجهل .
(10) وهي قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]
(11) هذا التعليل للإجابة على فرض اختصاص الحكم في الآية بالأمم السابقة، بتقريب أن اختصاص الحكم بالأمم السابقة إنما يتم لو كان المضي في الآية بلحاظ حال التكلم وهو مخالف لسياق الآية، إذ يلزم منه أن يكون الاستقبال بلحاظ حال التكلم أيضا. وهو غير صحيح، لأن المفروض خاتمية الرسالات برسالة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) فلا يكون هناك بعث في مستقبل حال التكلم.
(12) في كونه بيده الجار والمجرور متعلقان ب ظهور فيكون المعنى ان قوله نبعث ظاهر في كون البعث بيد الشارع وهذا لا يناسب شمول البعث لمثل العقل أيضا إذ بعث العقل ليس بيد الشارع.
(13) وهي قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ } [الأنعام: 145]
(14) وهي قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } [الأنعام: 119]
(15) قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115]
(16) قوله تعالى: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال: 42]
(17) جاء في اللهوف: لما سار أبو عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليهما من مكة ليدخل المدينة... أتته أفواج من مؤمني الجن فقالوا له يا مولانا نحن شيعتك وانصارك فمرنا بما تشاء... فقال لهم (عليه السلام) ونحن والله أقدر عليهم منكم ولكن ليهلك من هلك عن بينة وليحيى من حي عن بينة ، اللهوف في قتلى الطفوف لابن طاووس (رحمه الله): ص 28 - 30.