1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : علم اصول الفقه : المباحث العقلية :

الأقوال في مسألة اجتماع الأمر والنهي والمختار فيها

المؤلف:  ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  أنوَار الاُصُول

الجزء والصفحة:  ج 1 ص 532.

25-8-2016

697

...المهمّ فيها قولان: القول بالامتناع مطلقاً، والقول بالجواز مطلقاً، والأوّل منسوب إلى المشهور ولكن المحقّق البروجردي(رحمه الله) قد أنكر هذه النسبة بدعوى أنّها نشأت من قول المشهور بفساد الصّلاة في الدار الغصبي مع أنّه لا يكشف عن كونهم قائلين بالامتناع لأنّ القول بجواز اجتماع الأمر والنهي في مقام توجّه الخطاب لا يستلزم القول بالصحّة في مقام الامتثال حتّى يقال إنّ كلّ من قال بعدم الصحّة في مقام الامتثال قال بالامتناع في مقام الخطاب بل يمكن أن يقال ببطلان الصّلاة لأنّ المبعّد ليس مقرّباً (كما هو المختار) وإن كان المبنى في المسألة الاُصوليّة هو الجواز نعم، مع الجهل أو النسيان يقع العمل صحيحاً لعدم ابتلائه في الحالين بما هو مبغوض وإن قلنا بالامتناع(1).

وكيف كان، فقد استدلّ المحقّق الخراساني(رحمه الله) على الامتناع بما يتشكّل من مقدّمات أربع:

المقدمة الاُولى: أنّ الأحكام متضادّة في مقام الفعليّة وهي مقام البعث والزجر، وإن لم يكن بينها تضادّ في مقام الاقتضاء والإنشاء.

المقدمة الثانية: أنّ متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف الخارجي لا ما هو اسمه وعنوانه لأنّ الأحكام إنّما تتعلّق بحقيقة الشيء وواقعه وما يترتّب عليه الخواص والآثار، والاسم والعنوان إنّما يؤخذ في لسان الدليل لأجل الإشارة بهما إلى المسمّى والمعنون.

المقدمة الثالثة: أنّ تعدّد العنوان لا يوجب تعدّد المعنون ولا تنثلم وحدة المعنون، بتعدّد العنوان والشاهد على ذلك صدق الصفات المتعدّدة على الواجب تبارك وتعالى مثل كونه حيّاً عالماً قادراً إلى غير ذلك من الصفات مع أنّه واحد أحد بسيط من جميع الجهات، فإذا كانت الصفات المتعدّدة تصدق على الواحد البسيط من جميع الجهات ولا ينافي ذلك وحدته وعدم تعدّده، فكذلك تصدق على غيره ممّا ليس كذلك بطريق أولى.

المقدمة الرابعة: أنّه لا يكاد يكون لوجود واحد إلاّ ماهية واحدة ويستحيل تغاير الوجود وماهيته في الوحدة والتعدّد، فالمجمع وإن تصادق عليه متعلّقاً الأمر والنهي إلاّ أنّه كما يكون واحداً وجوداً يكون واحداً ماهية وذاتاً، فلا فرق في امتناع الاجتماع بين القول بأصالة الوجود والقول بأصالة الماهية، كما أنّ العنوانين المتصادقين على المجمع ليسا من قبيل الجنس والفصل كي يبتني الجواز والامتناع على تمايزهما وعدمه.

ثمّ استنتج من هذه المقدّمات امتناع الاجتماع وقال: إذا عرفت ما مهّدناه عرفت أنّ المجمع حيث كان واحداً وجوداً وذاتاً كان تعلّق الأمر والنهي به محالا، ثمّ أشار إلى بعض أدلّة المجوّزين ثمّ أجاب عنه ونحن نذكره هنا تحت عنوان «إن قلت، قلت» بمزيد توضيح:

إن قلت: إنّ الأمر قد تعلّق بطبيعة الصّلاة والنهي بطبيعة الغصب، والطبيعة بما هي هي وإن لم تكن متعلّقة للطلب، ولكنّها بما هي مقيّدة بالوجود (بحيث كان القيد خارجاً والتقيّد داخلا) تكون متعلّقة للطلب ولازمه أن لا يكون المتعلّق واحداً لا في مقام تعلّق البعث والزجر، وذلك لتعدّد الطلبيتين بما هما متعلّقان لهما وإن إتّحدتا في ما هو خارج عن الطلب وهو الوجود، ولا في مقام الإطاعة والعصيان وذلك لسقوط أحدهما بالإطاعة والآخر بالعصيان، ولا إشكال في أنّ الإطاعة تحصل بطبيعة والعصيان يحصل بطبيعة اُخرى، ومعه ففي أي مقام اجتماع الحكمان في واحدِ؟

قلنا: إنّ الطبيعتين المتعلّقتين للأمر والنهي كعنواني الصّلاة والغصب إنّما يؤخذان في لسان الدليل للإشارة بهما إلى المعنون، والمعنون هو أمر واحد لا يتعدّد بتعدّد العنوان.

إن قلت: إنّ الأمر متعلّق بطبيعة الصّلاة، والنهي متعلّق بطبيعة الغصب، والمجمع فرد لهما، والفرد مقدّمة لوجود الطبيعي المأمور به أو المنهي عنه، فتكون الحرمة أو الوجوب المترشّح عليه من جانب الطبيعة وجوباً أو حرمة مقدّميّة غيريّة، ولا ضير في كون المقدّمة مضافاً إلى وجوبها الغيري حراماً غيريّاً في صورة عدم الانحصار بسوء الاختيار.

قلنا: إنّ الفرد هو عين الطبيعي في الخارج، وليس مقدّمة للطبيعي، وعليه فإذا تعلّق الأمر والنهي بالطبيعتين فقد تعلّقا بالمجمع. (انتهى).

أقول: لا حاجة إلى المقدّمة الرابعة مع وجود المقدّمة الثالثة، لأنّه مع كون المتعلّق هو المعنون الخارجي وكون المعنون هو الوجود لا الماهية فالمهمّ حينئذ في إثبات الامتناع إنّما هو كون الوجود في المجمع واحداً، ولا أثر فيه لوحدة ماهيته وتعدّدها، هذا أوّلا.

وثانياً: إنّ البحث عن أصالة الماهية أو الوجود وعن وحدة الماهية وتعدّدها إنّما يتصوّر في الماهيات المتأصّلة الخارجيّة بينما العناوين المبحوث عنها في المقام ماهيات اعتباريّة انتزاعيّة.

وثالثاً: لا حاجة إلى المقدّمة الثالثة أيضاً لوضوحها بعد ملاحظة العناوين الانتزاعيّة لأنّ من الواضح أنّ تعدّد أمر انتزاعي ذهني لا يوجب تعدّد منشأ الانتزاع في الخارج.

فظهر أنّ العمدة في كلامه إنّما هي المقدّمتان الأوّليان، وقد أورد المحقّق البروجردي (رحمه الله) في حاشيته على الكفاية على أوّليهما بأنّ «الأحكام ليست من مقولة الاعراض كما يلوح من كلام المصنّف بل إنّما تكون من مقولة الإضافات، والشاهد على ذلك أنّ الحكم يوجد قبل وجود متعلّقه، بل لا يمكن تعلّقه به بعد وجوده للزوم تحصيل الحاصل كما برهن في محلّه، لأنّ العرض لا يوجد قبل وجود معروضه بخلاف ما يكون من مقولة الإضافة فإنّه لا يحتاج إلى وجود طرفها حين انتزاعه، بل إنّما يحتاج تعلّقه إلى تعقّل طرفها كالعلم والقدرة، فإنّهما وإن كانا بالإضافة إلى العالم والقادر من مقولة العرض، ويحتاج وجود كلّ منهما إلى وجود معروضة إلاّ أنّهما بالإضافة إلى المعلوم والمقدور كانا من مقولة الإضافة، وكذلك الحكم والطلب فإنّه وإن كان بالإضافة إلى الحاكم والطالب من مقولة العرض ويحتاج وجوده إلى وجوده لقيامه بالطالب قياماً صدوريّاً إلاّ أنّه بالإضافة إلى المطلوب من مقولة الإضافة، ولا يحتاج تعلّقه به إلى وجوده، نعم إنّما يحتاج تعقّله إلى تعقّله ... وعليه ففي مورد تصادق العنوانين يمكن تعلّق أحد الحكمين به بعد فرض تعلّق الآخر به، لأنّه حينئذ إنّما يتعلّق بالطبائع لا بما هو موجود في

الخارج وصادر عن المكلّف، فيصحّ أن يكون المجمع مأموراً به لا بما هو هو بل بما هو منطبق مع عنوان المأمور به، ومنهياً عنه أيضاً لا بما هو هو بل بما هو منطبق مع عنوان المنهي عنه.

ومن ذلك كلّه ظهر لك أيضاً منع المقدّمة الثانيّة فإنّ الالتزام بأنّ متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف وما يصدر عنه في الخارج وموجوداً فيه إنّما يبتني على القول بأنّ الأحكام اعراض لا إضافات فإنّها على هذا المبنى تحتاج في تحقّقها إلى وجود المعروض وتحقّق الموضوع، وأمّا على القول بأنّها إضافات فلا يحتاج إلى وجود الموضوع، وإذا عرفت أنّ متعلّق الحكم التحريمي غير ما يكون متعلّقاً للحكم الوجوبي حتّى في مورد التصادق والاجتماع فالقول بالجواز أقوى كما لا يخفى .... (إلى أن قال:) وإنّا إذا راجعنا إلى وجداننا في الأوامر التوصيلية والعرفيّة ونواهيها نرى الوجدان يحكم بجواز الاجتماع باعتبار إجماع ملاكهما في مورد واحد فيما إذا أمر المولى عبده بغسل ثوبه مثلا ونهاه عن التصرّف في ملك الغير فغسله بسوء اختياره بماء مملوك للغير ـ يحكم الوجدان بأنّ العبد أتى بالمأمور به والمنهي عنه معاً، هذا مع أنّ النزاع في التوصّليات والتعبّديات سواء كما لا يخفى». (انتهى)(2).

أقول: الأولى في إثبات عدم وجود التضادّ بين الأحكام أن يقال: إنّ الأحكام اُمور اعتباريّة وهي ممّا لا تضادّ فيها لإمكان إنشاء اُمور مختلفة واعتبارها فإنّ الإنشاء خفيف المؤونة كما لا يخفى، نعم إنّه لا يتصوّر صدوره من الشارع الحكيم من باب اللغويّة، ولعلّ هذا هو مراد من قال بتضادّ الأحكام الخمسة، أي أنّه أيضاً يقول به من حيث المباديء والغايات وأنّ الإرادة والكراهة أعني الحبّ والبغض لا يجتمعان في نفس المولى بالإضافة إلى شيء واحد ـ وإن اجتمعت في ذلك الشيء جهات تقتضي الحبّ والإرادة وجهات اُخرى تقتضي البغض والكراهة لأنّه بعد الكسر والانكسار وترجيح أحد الجانبين ينقدح أحدهما في نفس المولى فيوجب البعث أو الزجر.

هذا بحسب المباديء، وكذلك بحسب الغايات ومقام الامتثال فلا يمكن للمولى أن يقول للعبد: «تحرّك» وفي نفس الوقت يقول: «لا تتحرّك» فإنّ الامتثال حركة خاصّة خارجيّة من حيث الزمان والمكان والكمّ والكيف وسائر الخصوصيّات ولا يمكن امتثال تكليفين في آن واحد.

ونحن نظنّ أنّ هذا هو مراد القائلين بتضادّ الأحكام الخمسة كما يشهد بذلك تعبيرهم بأنّ الأحكام متضادّة في مقام الفعليّة، والحاصل أنّها وإن لم تكن متضادّة بنفسها ولكن تترتّب عليها آثار التضادّ، ومن هنا يعلم وجه الإشكال في كلام سيّدنا الاُستاذ المحقّق البروجردي(رحمه الله)، وسيأتي الإشكال في ما أورده على المقدّمة الثانيّة عند توضيح المذهب المختار.

ثمّ إنّ المحقّق النائيني(رحمه الله) قال في ذيل كلام المحقّق الخراساني(رحمه الله) بعد إيراده على المقدّمة الثالثة ما نصّه: «القول بالامتناع يبتني على كون الجهتين اللتين لا بدّ منهما في صدق المفهومين على المجمع تعليليتين ليكون التركيب اتّحاديّاً فيستحيل الاجتماع، كما أنّ القول بالجواز يبتني على كون الجهتين تقييديتين والتركيب انضمامياً فإنّه على ذلك لا يلزم محذور اجتماع الضدّين في شيء واحد ... (إلى أن أثبت) كون التركيب في المجمع انضمامياً لا اتّحاديّاً، وعليه فلا مانع من كون أحدهما مأموراً به والآخر منهياً عنه إذ المستحيل إنّما هو توارد الأمر والنهي على محلّ واحد، وبعد إثبات أنّ التركيب انضمامي يكون متعلّق أحدهما غير متعلّق الآخر لا محالة، فيكون أحدهما متّصفاً بالوجوب محضاً والآخر متّصفاً بالحرمة كذلك ... (إلى أن قال:) ولا يفرق فيما ذكرناه من كون التركيب انضمامياً بين القول بأنّ المطلوب في الصّلاة هي الهيئة الخاصّة من الركوع والسجود والقيام لتكون المقدّمات من الهوي والنهوض خارجة عن حيّز الطلب والقول بأنّ المطلوب هي الأفعال الخاصّة إمّا مطلقاً أو بعضها كالركوع والسجود ليكون الهوي إليهما مقدّماً للمأمور به، وذلك لأنّ المأمور به على كلا التقديرين من مقولة الوضع وأمّا الغصب فهو من مقولة الأين، ويستحيل اتّحاد المقولتين في الخارج، فلا مناص عن كون التركيب بينهما في محلّ الاجتماع انضمامياً»(3).

أقول: في كلامه أيضاً مواقع للنظر.

الموقع الأوّل: أنّه خارج عن محلّ النزاع لأنّ النزاع في عنوانين صادقين على محلّ واحد، مع أنّ لازم كلامه إمّا عدم إمكان صدق العنوانين على موضوع واحد في الخارج، أو أنّ ما يتصوّر واحداً يكون في الواقع متعدّداً وبه لا تحلّ المسألة الاُصوليّة بل إنّما يرتفع الإشكال في

مسألة فقهيّة وهي الصّلاة في الدار المغصوبة.

الموقع الثاني: ليس الركوع والسجود من مقولة الوضع بل من مقولة الفعل، لأنّ الركوع ليس عبارة عن مجرّد الانحناء بل التحقيق أنّ الهويّ من حالة القيام أيضاً جزء للركوع كما أنّ الوقوع على الأرض أيضاً جزء للسجود (ولذلك يجب على الساجد إذا سمع آية السجدة أن يرفع رأسه من الأرض ثمّ يضعه ثانياً بنيّة سجدة الآية، ولا يكفي مجرّد الاستمرار والإبقاء في السجدة الاُولى) ولا إشكال في أنّ الهويّ أو الوقوع من مقولة الفعل.

مضافاً إلى أنّ التعبير الصحيح في المقام هو حرمة التصرّف في مال الغير بغير إذنه، وهو غير عنوان الغصب، لأنّه لا يعتبر في الغصب التصرّف الخارجي في المال المغصوب بل إنّه صادق حتّى فيما إذا أخذ مفتاح دار الغير مثلا من دون التصرّف الخارجي كما أنّ الركوب على مركب الغير مع كون لجامه بيد الغير تصرّف في مال الغير ولا يكون غصباً، فالمهمّ في ما نحن فيه هو اجتماع الصّلاة مع التصرّف في مال الغير بغير إذنه وإن لم يصدق عليه عنوان الغصب، ولا يخفى أنّ عنوان التصرّف من مقولة الفعل لا الأين.

الموقع الثالث: أنّ المبحوث عنه في كلامه من تعدّد مقولة الصّلاة والغصب بحث موضوعي مصداقي في خصوص مصداق الصّلاة في الدار المغصوبة وليس مسألة اجتماع الأمر والنهي على نحو كلّي.

هذا كلّه بالنسبة إلى القول بالامتناع.

وأمّا القول بالجواز فحاصل ما استدلّ به في تهذيب الاُصول (الذي يرجع في الحقيقة إلى المقدّمة الثانيّة من المقدّمات الأربعة لصاحب الكفاية وطريق لإنكارها): أنّ القول بالجواز يبتني على أربع مقدّمات:

أوّلها: أنّ الحكم يمتنع أن يتجاوز من متعلّقه إلى مقارناته الاتفاقيّة ولوازمه الوجوديّة، واستدلّ له بقياس الإرادة التشريعيّة بالإرادة التكوينيّة.

ثانيها: أنّ حقيقة الإطلاق هي حذف القيود ورفضها لا أخذها.

ثالثها: أنّ اتّحاد الماهية اللابشرط مع الف شرط في الوجود الخارجي لا يلزم منه حكاية المعروض عن عارضه إذا كان خارجاً من ذاتها ولاحقاً بها لأنّ حكاية اللفظ دائرة مدار الوضع منوطة بالعلقة الاعتباريّة وهو منتف في المقام.

رابعها: (وهو العمدة والحجر الأساس لإثبات الجواز) أنّ متعلّق الأحكام هو الطبيعة اللابشرط المنسلخة عن كافّة العوارض واللواحق، لا الوجود الخارجي أو الإيجاد بالحمل الشائع لأنّ تعلّق الحكم بالوجود لا يمكن إلاّ في ظرف تحقّقه، والبعث إلى إيجاد الموجود بعث إلى تحصيل الحاصل، وقسّ عليه الزجر لأنّ الزجر عمّا تحقّق خارجاً أمر ممتنع، ولا الوجود الذهني الموجود في ذهن الآمر لأنّه بقيد كونه في الذهن لا ينطبق على الخارج، بل متعلّق الأحكام هو نفس الطبيعة غير المقيّدة بأحد الوجودين.

ثمّ قال: إذا عرفت ما رتّبناه من المقدّمات يظهر لك أنّ الحقّ هو جواز الاجتماع (انتهى ملخّصاً)(4).

أقول: وعمدة ما يرد عليه ما مرّ كراراً من أنّ البعث والطلب وهكذا الزجر والكراهة يتعلّق بالخارج من طريق العنوان، أي إن العنوان قنطرة للعبور بها إلى الخارج فإنّ متعلّق الكراهة وتنفّر المولى في قوله «لا تشرب الخمر» إنّما هو الخمر الخارجي لا الخمر الذهني ولا الطبيعة من حيث هي هي، فإنّ الوجود الخارجي مبدأ الآثار ومنشأ المصالح والمفاسد، وقد عرفت أنّه بمعناه المصدري ليس تحصيلا للحاصل، نعم أنّه كذلك بمعناه اسم المصدري.

والحاصل أنّ المفاهيم الذهنيّة لا أثر لها وكذا الطبيعة لا بشرط ما لم يلبس لباس الوجود، فلا تكون متعلّقة للحبّ والبغض والأمر والنهي إلاّ من باب الإشارة إلى الخارج، وليس البحث بحثاً لفظيّاً وأنّ معنى الهيئة ماذا؟ والمتعلّق ماذا؟ كما يلوح من بعض كلماته.

وأمّا مسألة الجاهل المركّب فإنّها من قبيل الخطأ في التطبيق ولا ينافي كون متعلّق الحبّ أو البغض هو الخارج، وسيأتي توضيحه في بيان المختار في المسألة فانتظر.

هذا كلّه في أدلّة الطرفين.

المختار في المسألة:

أمّا الحقّ والمختار في المسألة فهو امتناع الاجتماع، وهو مبني على أمرين:

أحدهما: أنّ الأحكام التكليفية متضادّة لكن لا بذواتها لأنّها اعتباريّة من هذه الجهة، والاعتبار كما مرّ خفيف المؤونة، بل من حيث المباديء، أي الكراهة والمحبّة في نفس المولى، ومن حيث الغايات ومقام الامتثال، أي مقام الإتيان والعصيان.

ثانيهما: أنّ متعلّق الأحكام هو الخارج لكن من طريق الصور والمفاهيم الذهنيّة، فإنّ وزانها وزان العلم الحصولي، فكما أنّ متعلّقه والمعلوم فيه إنّما هو الخارج لكن بواسطة الصور الذهنيّة لعدم إمكان حلول الخارج في الذهن، كذلك الأحكام في الإخباريات والإنشائيات، فإنّها من قبيل العلم الحصولي تتعلّق بالخارج ويكون موضوعها هو الخارج لكن بواسطة العناوين المتصوّرة في الذهن ومن طريق استخدام تلك العناوين، فالحكم بأنّ الشمس موجودة مثلا تعلّق بالشمس المتصوّر في الذهن ابتداءً ولكن لينتقل منه إلى الخارج.

إن قلت: إنّ هذا ينتقض بالجاهل المركّب فيما إذا رأى سراباً مثلا بتوهّم أنّه الماء، لأنّه لا إشكال في أنّ متعلّق حبّه وطلبه في قوله «ايتني الماء» حينئذ إنّما هو الصورة الذهنيّة من الماء لا الماء الخارجي لأنّه معدوم في الخارج على الفرض.

قلنا: إنّ مطلوب الجاهل المركّب ومحبوبه أيضاً هو الماء الخارجي وإنّما الخطأ في التطبيق، نظير من حكم بإخراج إنسان من داره بتوهّم أنّه عدوّه وليس عدوّاً في الواقع، فلا إشكال في أنّ بغضه وكراهته متعلّق بالعدوّ الخارجي أو السارق الخارجي، ولكنّه خطأ في التطبيق، فإنّ في ما نحن فيه أيضاً قد تعلّق الحبّ والطلب حقيقة وفي الواقع بالماء الذي يكون منشأ للأثر ويوجب رفع العطش، وهذا أمر بديهي، فهو طالب للماء الخارجي ولكنه طلب الصورة الذهنيّة بتوهّم أنّه ماء خارجي وإلاّ لا شكّ في أنّه لا يطلب السراب قطعاً.

إن قلت: المعروف في باب العلم الحصولي أنّ المعلوم بالذات إنّما هو الصور الذهنيّة، وأمّا الخارج فهو معلوم بالعرض وبتبع الصور الذهنيّة، فليكن المحبوب بالذات أيضاً في ما نحن فيه هو الصورة الذهنيّة.

قلنا: إنّ المراد من المعلوم بالذات هو ما حضر في الذهن، ولا شكّ أنّ الحاضر في الذهن هو الصور الذهنيّة، وأمّا الخارج فلا يحضر في الذهن بذاته، ولكن الآثار المختلفة إنّما تترتّب على الخارج لا على الصور الذهنيّة، فالعقرب أو السبع الذي يخاف منه الإنسان إنّما هو الخارجي منه فإنّه منشأ للضرر والخطر لا الصورة الذهنيّة منه، وفي موارد الجهل المركّب يكون الخوف

من باب الخطأ في التطبيق كما عرفت، وكذا الحبّ والبغض والإرادة والكراهة إنّما يتعلّقان بالوجودات الخارجيّة من طريق الصور الذهنيّة فهي مشيرة إليها وطريقة لها.

هذا كلّه هو البحث في الكبرى (أي كبرى جواز الاجتماع وامتناعه).

وهيهنا بحث صغروي في الصغريات المطروحة في الفقه من باب أنّها مصاديق لتلك الكبرى كالصلاة في الدار المغصوبة أو في ثوب مغصوب، وكالوضوء أو الغسل في الدار المغصوبة والتيمّم على تراب مغصوب، فهل هي في الواقع صغريات لتلك الكبرى ومصاديق لذلك الكلّي، أو لا؟

الحقّ هو التفصيل بين الموارد، أمّا في مثل الوضوء والغسل بالماء المغصوب والتيمّم على التراب المغصوب فلا إشكال في أنّ الحركة العباديّة فيها متّحدة مع التصرّف في ملك الغير فينطبق على نفس ما ينطبق عليه الوضوء والغسل عنوان التصرّف في مال الغير بغير إذنه، وهكذا في التيمّم بناءً على كون ضرب اليد على الأرض أيضاً جزءً للتيمّم.

وأمّا في الصّلاة في الدار المغصوبة فلا إشكال في أنّ بعض أجزائها كالنيّة والأذكار والقراءات ليست متّحدة مع عنوان الغصب عرفاً وإن كان إيجاد الموج في الهواء بالذكر متّحداً مع نوع من التصرّف عقلا، إنّما الكلام في بعض الأجزاء الاُخر كالركوع والسجود، فإن قلنا بأنّ الهويّ إلى الركوع والسجود والنهوض عنهما جزء لهما كما أنّه كذلك وقد قرّر في محلّه أو قلنا باعتبار الاعتماد على الأرض في صدق السجدة فلا إشكال في أنّ الصّلاة متّحدة مع الغصب فتكون من صغريات تلك الكبرى، أمّا بالنسبة إلى الهويّ والنهوض فالأمر واضح لأنّهما جزء للركوع والسجود على الفرض، فتكون الصّلاة حينئذ متّحدة مع الغصب في الخارج ومصداقاً له، وأمّا بالنسبة إلى الاعتماد على الأرض فلأنّ الاعتماد على الأرض مأخوذ في مفهوم السجدة ولا يكفي في صدقها مجرّد مماسّة الجبهة على الأرض وحينئذ تتّحد الصّلاة أيضاً مع عنوان الغصب من دون فرق بين أن يكون ما يصحّ عليه السجود نفس أرض الغير أو شيئاً آخر، فتصير الصّلاة حينئذ أيضاً من صغريات تلك الكبرى.

نعم إلاّ أن يأتي بها إيماءً كصلاة النافلة على المركب المغصوب وكالصّلاة على الميّت في الدار المغصوبة حيث إنّ في الاُولى لا يكون جزءً من أجزاء الصّلاة متّحداً مع الغصب عرفاً لعدم كون الايماء تصرّفاً وهو واضح، وكذلك في الثانيّة لأنّ الاعتماد على الأرض ليس معتبراً في صدق القيام، ولذا لو أتى بالصّلاة على الميّت معلّقاً على الهواء يصدق القيام وتصّح الصّلاة.

فتلخّص ممّا ذكرنا أنّ العبادات على ثلاثة أقسام: ففي قسم منها تكون الأجزاء بأسرها غير النيّة متّحدة مع عنوان الغصب كما في الوضوء والغسل مع الماء المغصوب، وفي قسم آخر لا تكون الأجزاء بتمامها متّحدة مع الغصب كالصّلاة إيماءً والصّلاة على الميّت، وفي قسم ثالث يكون بعض الأجزاء متّحداً كصلاة المختار، فالصحيح في المقام التفصيل بين الموارد كما قلنا.

بقي هنا شيئان:

أحدهما: ما مرّ من المحقّق النائيني (رحمه الله) من أنّ الصّلاة من مقولة الوضع وأنّ الغصب من مقولة الأين، فلا اتّحاد بينهما فلا تكون الصّلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك الكبرى مطلقاً، وقد مرّت المناقشة فيه أيضاً.

ثانيهما: ما أفاده في المحاضرات من أنّ الصّلاة ليست حقيقة مستقلّة ومقولة برأسها في قبال بقيّة المقولات بل هي مركّبة من مقولات عديدة: منها الكيف المسموع كالقراءة والأذكار، ومنها الكيف النفساني كالقصد والنيّة، ومنها الوضع كهيئة الراكع والساجد والقائم والقاعد، فإذن ليست للصّلاة وحدة حقيقية بل وحدتها بالاعتبار، وأمّا الغصب فهو ممكن الانطباق على المقولات المتعدّدة، ومن المعلوم أنّه لا يمكن أن يكون من الماهيات الحقيقية لما عرفت من استحالة اتّحاد المقولتين واندراجها تحت حقيقة واحدة ... إلى أن قال: ونتيجة ما ذكرناه هي أنّ الصّلاة لا تتّحد مع الغصب خارجاً لا من ناحية النيّة ولا من ناحية التكبيرة والقراءة وما شاكلهما ولا من ناحية الركوع والسجود والقيام والقعود ... إلى أن قال ما حاصله: وأمّا الهويّ إلى الركوع والسجود أو النهوض عنهما إلى القيام والجلوس فهما من مقدّمات الصّلاة لا من أجزائها، بقي في المقام شيء وهو الاعتماد على أرض الغير، فالظاهر عدم صدق السجدة الواجبة على مجرّد مماسّة الجبهة الأرض بل يعتبر في صدقها الاعتماد عليها، ومن المعلوم أنّ الاعتماد على أرض الغير نحو تصرّف فيها، فلا يجوز، وعليه فتتّحد الصّلاة المأمور بها مع الغصب المنهي عنه في الخارج، فإذن لا مناصّ من القول بالامتناع (انتهى ملخّصاً)(5).

أقول: يرد عليه: أوّلا: أنّ النيّة ليست من الكيف النفساني بل هي من أفعال النفس لأنّها ليست مجرّد شوق نفساني الذي يعبّر عنه بصيغة فعل الماضي «نَوى».

ثانياً: أنّ الأذكار والقراءات أيضاً تكون من قبيل الفعل والإيجاد لا الكيف المسموع، فهي حينئذ إمّا من مقولة الفعل لكونها حركة تدريجية، وإمّا ليست داخلة في مقولة من المقولات بناءً على عدم كون الحركة من المقولات من باب أنّ الحركة من خصوصّيات الوجود وليست من شؤون الماهية، وبالجملة أنّها ليست من مقولة الكيف المسموع، نعم إنّ الحالة الصوتيّة كالجهر والإخفات التي تعرض القراءة تكون من قبيل الكيف المسموع كما لا يخفى.

ثالثاً: الحقّ أنّ الهويّ جزء للركوع أو السجود لا من مقدّماتهما، فكأنّه لاحظ طائفة من الرّوايات الدالّة على أنّ الصّلاة ثلثها الركوع أو ثلثها السجود فاستظهر أنّ الركوع هو مجرّد الانحناء أو أنّ السجود هو مجرّد الانخفاض مع أنّ من جملة الأدلّة قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43] مثلا ولا ريب في أنّ ظاهرها أنّ الركوع هو الانحناء بضميمة الهويّ وهكذا في باب السجود، ولذلك يجب على من سمع حين السجود آية السجدة الواجبة رفع الرأس عنها ثمّ وضعه بنيّة امتثال آية السجدة، ولا يكفي مجرّد إبقائه على السجدة كما مرّ سابقاً، وكذلك يجب على المكلّف في حال الانحناء إذا وجب عليه الركوع النهوض عنه ثمّ الانحناء بنيّة الركوع.

أضف إلى ذلك أنّه لو سلّمنا كون الهويّ من المقدّمات لا الأجزاء لكنّه من المقدّمات القريبة التي يسري القبح أو الحسن منها إلى ذي المقدّمة فتكون في حكم الأجزاء في ما نحن فيه كما مرّت الإشارة إليه سابقاً.

هذا كلّه في البحث عن صغريات المسألة، ولا إشكال في أنّها ليست منحصرة في مثال الصّلاة في الدار المغصوبة بل هناك موارد كثيرة في الفقه هي من مصاديق هذه المسألة وصغرياتها كالوقوف في عرفات أو منى تحت خيمة مغصوبة أو فوق حجر مغصوب ونظير الطواف مع دابة مغصوبة أو ثوب مغصوب، وكالصّلاة مع ثوب مغصوب أو السجدة على التراب المغصوب وغير ذلك من الأمثلة التي محلّ البحث عنها هو الفقه، والتكلّم عنها في الاُصول يستلزم تداخل الفقه في الاُصول، فلا يغرنّك حصر المثال في كلماتهم في خصوص الصّلاة في الدار المغصوبة.

_____________

1. راجع حاشيته على كفاية الاُصول: ج1، ص365 ـ 366.

2. راجع حاشيته على الكفاية: ج1، ص376 ـ 379.

3. أجود التقريرات: ج1، ص352 ـ 355.

4. راجع تهذيب الاُصول: ج1، ص391 ـ 394، طبع جماعة المدرّسين.

5. راجع المحاضرات: ج4، ص281 ـ 288.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي