تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
منهج القرآن في الافادة والبيان
المؤلف: محمد هادي معرفة
المصدر: التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب
الجزء والصفحة: ج1 ، ص85-98 .
15-11-2014
2310
ان لـلقرآن في افادة معانيه منهجا يخصه ، لا هو في مرونة اساليب كلام العامة ، ولا هو في صعوبة تعابير الخاصة ، جمع بين السهولة والامتناع ، وسطا بين المسلكين ، سهلا في التعبير والأداء ، بحيث يـفـهـمـه كل قريب وبعيد ، ويستسيغه كل وضيع ورفيع ، وهو في نفس الوقت ممتنع في الافادة بـمـبـانـيه الشامخة ، والادلاء بمراميه الشاسعة ، ذلك انه جمع بين دلالة الظاهر وخفا الباطن ، في ظاهر انيق وباطن عميق .
قـال رسـول اللّه (صلى الله عليه واله) : (وهـو الـدلـيـل يدل على خير سبيل ، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتـحـصيل ، وهو الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن ، فظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره انيق وباطنه عميق له نجوم وعلى نجومه نجوم ، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة ) (1) .
(فـمـا من آية الا ولها ظهر وبطن ) ، كما في حديث آخر مستفيض (2) ، فهناك عبارات لائحة يستجيد فهمها العامة فهما كانت لهم فيه قناعة نفسية كاملة ، ولكنها الى جنب اشارات غامضة كانت للخاصة ، فيحلوا من عقدها ، ويكشفوا من معضلها ، حسبما اوتوا من مهارة علمية فائقة .
وبـذلـك قـد وفـق القرآن في استعمالاته للجمع بين معان ظاهرة واخرى باطنة ، لتفيد كل لفظة معنيين او معاني متراصة ، وربما مترامية حسب ترامي الاجيال والازمان ، الامر الذي كان قد امتنع حسب المتعارف العام ، فيما قال الاصوليون : من امتناع استعمال لفظة واحدة وارادة معان مستقلة لكن القرآن رغم هذا الامتناع نراه قد استسهله ، واصبح منهجا له في الاستعمال .
كان ممن سلف من الاصوليين من يرى امتناع استعمال اللفظ وارادة معنيين امتناعا عقليا ، نظرا الى ان حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى ، بل جعله وجها وعنوانا له ، بل بوجه نـفـسـه كانه الملقى ، ولذا يسري اليه قبحه وحسنه وعليه فلا يمكن جعل اللفظ كذلك الا لمعنى واحـد ، ضـرورة ان لـحـاظه كذلك لا يكاد يمكن الا بتبع لحاظ المعنى ، فانيا فيه فنا الوجه في ذي الـوجـه ، والـعـنـوان في المعنون ، ومعه كيف يمكن ارادة معنى آخر كذلك في استعمال واحد ، مع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه الاول في نفس الوقت هكذا جاء في تقرير كلام العلامة الاصولي الكبير المحقق الخراساني (3) .
وجاء الخلف ليجعلوا من هذا الامتناع العقلي ممكنا في ذاته ، وممتنعا في العادة ، حيث لم يتعارف ذلك ولـم يـعـهـد اسـتعمال لفظة وارادة معنيين مستقلين في المتعارف العام ، فالاستعمال كذلك كان خلاف المتعارف حتى ولو كان ممكنا في ذاته ، نظرا لان الاستعمال (استعمال اللفظة وارادة المعنى ) انما هـو بمثابة جعل العلامة من قبيل الاشارات والعلائم الاخطارية ، فلا مانع عقلا من استعمال علامة لـغـرض الاخـطار الى معنيين او اكثر ، اذا كان اللفظ صالحا له بالذات ، فيما اذا كان قد وضع لكلا المعنيين مشتركا لفظيا ، او امكن انتزاع مفهوم عام نعم لم يعهد ذلك في الاستعمالات المتعارفة .
الامـر الـذي اسـتـسـهـلـه الـقـرآن وخـرج عـلـى الـمـتـعـارف ، وجـعـلـه جائزا وواقعا في استعمالاته (4) فقد استعمل اللفظة واراد معناها الظاهري ، حسب دلالته الاولى ، لكنه في نفس الوقت صاغ منه مفهوما عاما وشاملا ثانيا ، يشمل موارد اخر ليكون هذا المفهوم العام الثانوي هو الاصـل الـمـقـصـود بـالـبـيان ، والضامن لبقا المفاهيم القرآنية عامة وشاملة عبر الايام ، وليست بالمقتصرة على موارد النزول الخاصة .
وكان المفهوم البدائي للآية ، والذي كان حسب مورد نزولها الخاص ، هو معناها الظاهر ، ويسمى بـ (الـتنزيل) اما المفهوم العام المنتزع من الاية الصالح للانطباق على الموارد المشابهة ، فهو معناها الـباطن ، المعبر عنه بـ (التأويل) ، وهذا المفهوم الثانوي العام للآية هو الذي ضمن لها البقا عبر الايام .
سئل الامام ابو جعفر محمد بن علي الباقر(عليه السلام)عن الحديث المتواتر عن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) : (ما من آيـة الا ولـهـا ظهر وبطن ) ، فقال : (ظهره تنزيله ، وبطنه تأويله ، منه ما قد مضى ومنه ما لم يجئ ، يجري كما تجري الشمس والقمر ، كلما جاء شيء منه وقع ) (5).
وقال : (ظهر القرآن : الذين نزل فيهم ، وبطنه : الذين عملوا بمثل اعمالهم ) (6).
واضاف (عليه السلام) : (و لو ان الاية اذا نزلت في قوم ، ثم مات اولئك القوم ، ماتت الاية ، لما بقي من القرآن شيء ، ولكن القرآن يجري او له على آخره ما دامت السماوات والارض ، ولكل قوم آية يتلونها هم منها من خير اوشر) (7) .
نعم كان العلم بباطن الاية ، اي القدرة على انتزاع مفهوم عام صالح للانطباق على موارد مشابهة ، خاصا بالراسخين في العلم ، وليس يفهمه كل احد حسب دلالة الاية في ظاهرها البدائي .
والـخلاصة : ان لتعابير القرآن دلالتين : دلالة بالتنزيل ، وهو ما يستفاد من ظاهر التعبير ، ودلالة اخـرى بالتأويل ، وهو المستفاد من باطن فحواها ، وذلك بانتزاع مفهوم عام صالح للانطباق على الموارد المشابهة عبر الايام اذن اصبح القرآن ذا دلالتين : ظاهرة وباطنة ، الامر الذي امتاز به على سائر الكلام .
مـثـلا آية الانفاق في سبيل اللّه ، نزلت بشان الدفاع عن حريم الاسلام ، فكان واجبا على المسلمين الـقيام بهذا الواجب الديني ، ليأخذوا بأهبة الامر ويعدوا له عدته ، ومنها بذل الاموال فضلا عن بذل الـنفوس هذا شيء كان واجبا على عامة المكلفين انفسهم كل حسب امكانه ، هذا ما يفهم من ظاهر الاية البدائي .
اما الفقيه النابه فيستفيد من الاية شيئا اوسع ، يشمل كل ضرورات الدولة القائمة على اساس العدل ، واحيا كلمة اللّه في الارض ، فيجب بذل المال في سبيل تثبيت دعائم الحكم العادل والتشييد من مبانيه ، فيجب دفع الضرائب المالية حسبما يقرره النظام ، مستفادا من الاية الكريمة في باطن فحواها ، اخذا بالتأويل حسب المصطلح .
وهـكـذا الـمستفاد من آية خمس الغنائم ، وجوب دفع الخمس في مطلق الفوائد وارباح المكاسب ، حسبما فهمه الامام الصادق (عليه السلام)من الاية ، اخذا بعموم الموصول ، واطلاق الغنيمة على مطلق الفائدة .
وفي القرآن من هذا القبيل الشي الكثير ، الامر الذي ضمن للقرآن بقاه مع الخلود.
وجـهة اخرى : ان للقرآن لغته الخاصة به ، شان كل صاحب اصطلاح ، فللقرآن اصطلاحه الخاص ، يستعمل الفاظا وتعابير في معان ارادها بالذات ، من غير ان يكون في اللغة او في سائر الاعراف دليل يـدل عـلـيـه ، لانـه من اصطلاحه الخاص ولا يعرف الا من قبله ومن ثم كان القرآن ينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، كماجا في كلام الامام امير المؤمنين (عليه السلام)(8) .
ان فـي الـقـرآن تـعابير كثيرة لا تكاد تدرك معانيها الا اذا سبرت القرآن سبرا وفحصته فحصا ، لتعرف مفاهيمها التي اصطلح عليها القرآن من القرآن ذاته ، وليس من غيره اطلاقا.
هـكـذا ذهب سيدنا العلامة الطباطبائي (قدس سره ) الى ان الدلالة على مفاهيم القرآن ، انما هي من ذات الـقـرآن ، ولـيـس مـن خارجه ابدا ، لانه تبيان لكل شيء ، وحاشاه ان لا يكون تبيانا لنفسه ، فان الـقرآن يفسر بعضه بعضا وهذا هو اصل التفسير المعتمد ، وقد بنى تفسيره في الميزان على هذا الاساس (9).
مـثـلا : لـفظة (الاذن ) في الاستعمال القرآني ، جاء بمعنى : امكان التداوم في التأثير الحاصل وفق مـشـيـئة اللّه وارادتـه الـخـاصـة ، اي تـداوم الافـاضـة مـن قـبله تعالى ، حيث التأثير في عالم الـتـكوين ، موقوف على اذنه تعالى ، بان يفيض على عامل التأثير خاصيته التأثيرية ، حالة التاثير ، اي يـديمها ولا يقطع افاضته عليه حينذاك ، والا لما امكن لعامل التاثير ان يؤثر شيئا {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [التكوير : 29] تلك ارادته تعالى الحادثة ، هي التي امكنت للاشيا تأثيرها وتأثرها في عالم الطبيعة ، ولولاها لما امكن لعامل طبيعي ان يؤثر شيئا في عالم الوجود ، وهذا هو المراد من تداوم افاضته تعالى في عالم التكوين .
قال تعالى : {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } [البقرة : 102] فلولا اذنه تعالى ، اي تداوم افاضة ـامكان التاثير من قبله تعالى ـ لما امكن لسحرهم ان يؤثر شيئا.
وذلك نظرا لان عوامل التأثير في عالم الوجود ، انما هي متأثرة ـ في امكان تأثيرها ـ بتأثيره تعالى ، اذ لا مـؤثـر في الوجود الا اللّه ، حيث الممكنات باسرها فقيرات في ذوات انفسها ، فكما انها بذاتها محتاجة الى افاضة الوجود عليها ، كذلك اثرها في عالم الطبيعة امر ممكن ، ومحتاج لا فاضة الوجود عـليه ففور ارادة التأثير يجب تداوم افاضة امكان التأثير عليه حتى يتمكن من التأثير {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف : 58] اي بإمكان التأثير الحاصل من قبله تعالى .
وهـذا هـو مـعنى (الاذن ) في التكوين ، حسب المصطلح القرآني ، مستفادا من قوله تعالى : {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير : 29] .
وقد داب القرآن على اسناد الافعال الصادرة في عالم الوجود كلها الى اللّه ، سواء اكان فاعلها فاعلا اراديا كالإنسان والحيوان ، ام غير ارادي كالشمس والقمر ، وليس ذلك الا من جهة انه المؤثر في تحقق الافعال مهما كانت ، اختيارية ام غير اختيارية انه تعالى هو الذي اقدر الاشياء على فعل الافعال ، وامدهم بالقوى ، وافاض عليهم الاقدار بصورة مستديمة .
قال تعالى : (و نقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ) (10) اي انقلبت اهواؤهم وابصارهم ، وهم الذين اوجبوا هذا القلب .
وهكذا قوله : (ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ) (11) بدليل قوله تعالى : (و قالوا قلوبنا غلف بل لعنهم اللّه بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) (12) .
قـال تـعـالـى : (و نـقلبهم ذات اليمين وذات الشمال ) (13) اي تتقلب اجسادهم ذات اليمين وذات الشمال ، غير ان هذا التقلب كان بأذنه تعالى ، فصح اسناد الفعل اليه .
ولفظة (القلب ) في القرآن الكريم ، يعني : شخصيه الانسان الباطنة ، ورا شخصيته هذه الظاهرة ، وهـي الـتـي كـانـت منبعث ادراكاته النبيلة ، واحاسيسه الكبرى الرفيعة ، المتناسبة مع شخصيته الانسانية الكريمة {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق : 37] .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال : 24].
الـمراد ب (القلب ) في هذه الاية ، هي شخصية الانسان الكريمة اذا ما تمرد الانسان على قوانين الشريعة ، فانه يصبح بهيمة لا يعرف من الانسانية شيئا {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} [الحشر : 19] .
ولـفظة (المشيئة ) في القرآن ، مصطلح خاص يراد بها الارادة الحادثة المنبعثة عن مقام حكمته تعالى ، وليست مطلق الارادة .
فقوله تعالى : {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [آل عمران : 26].
كـان الـمـقـصود : المشيئة وفق الحكمة ، فيؤتى الملك من اقتضت حكمته تعالى ، وينزع الملك ممن اقتضت حكمته .
وهـكـذا {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الأنعام : 83] ، اي من تفتضيه حكمتنا ان نرفعه ، اي من كانت المقتضيات متوفرة في ذات نفسه ، فالاقتضاء انما هو في ذاته ، فهو محل صالح لهذه العناية الربانية ، وليس اعتباطا او ترجيحا من غير مرجح ، حيث الحكمة هي وضع الاشياء في مواضعها.
والـدلـيـل عـلـى ذلـك ، تـذييل الاية بقوله : (ان ربك عليم حكيم ) فالحكيم لا يشاء شيئا الا ما كان وفق حكمته ، وليس مطلق المشيئة .
والـتـعـابير من هذا القبيل كثيرة في القرآن ، وانما هي مصطلحات قرآنية ، لا تعرف الامن قبله ، ليكون القرآن هو الذي يفس ر بعضه بعضا.
ومـن الـمصطلح المتعارف في القرآن ، اعتماده المعهود من قرائن حالية ، ليصدر احكاما في صورة قـضـايـا خـارجية ـ اشارة الى المعهود الحاضر حال الخطاب ـ وليست بقضايا حقيقية ، حتى تكون الاحـكام مترتبة على الموضوعات ، متى وجدت واين وجدت هذه الظاهرة كثيرة الدور في القرآن الكريم ، وربما زعم زاعم انها قضايا حقيقية دائمة ، وليست كذلك .
مـثـلا قـوله تعالى : {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة : 82] .
ليس المراد مطلق اليهود ، سواء من عاصر نبي الاسلام ام غيرهم ، ولا مطلق من اشرك ، ولا مطلق النصارى بل يهود يثرب ممن عاصر نبي الاسلام ، ومشركو قريش ، ونصارى نجران ، وقيل : وفد النجاشي ذلك العهد ، لأنها حكاية عن امة ماضية اسلم من اسلم منهم ، وعاند من عاند.
فـقـد جـاء تـعـقيب الاية بقوله : {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ * فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [المائدة : 83 - 86] .
وهذا نظير قوله تعالى عن المخلفين من الاعراب : {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا} [الفتح : 11] اشارة الى خصوص من قعد عن الحرب ايام الرسول (صلى الله عليه واله ).
وكـذا (الـنـاس ) فـي قـولـه : {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ } [آل عمران : 173] حيث المراد بالناس الاول : هم المنافقون المرجفون من اهل المدينة ، والناس الثاني : هم مشركو قريش رهطابي سفيان ، بعد هزيمتهم من احد.
وهـكـذا قـولـه تـعالى : {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة : 97] المراد من عاصروا النبي من اهل الجفاء والنفاق ، كما في قـولـه : {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} [التوبة : 101] وغـيـر ذلـك مما وقع هذا التعبير في مواضع من سورة براة (الايات : 90/97/98/99/101) حيث المقصود من الجميع : اعراب المدينة ومن حولها.
وجـهـة ثـالـثـة : ايفاؤه بالوفرة الوفيرة من المطالب ومختلف المسائل ، في اقصر تعابير وايسر كـلـمـات ، ربما يكون حجم المطالب اضعاف حجم الكلمات والتعابير والقرآن ملؤه ذلك ، وهو من اختصاصه ، ان يدلي باوفر المعاني في اوجز الالفاظ.
هذه سورة الحجرات على قصرها ، وهي ثماني عشرة آية ، تحتوي على اكثر من عشرين مسالة من امهات المسائل الاسلامية العريقة ، نزلت بالمدينة ، لتنظيم الحياة الاجتماعية العادلة وقد تعرض لها المفسرون ولا سيما المتأخرين بتفصيل ، وتعرضنا لأكثرها في تفسيرنا للسورة .
ومـمـا جـاء فيها التعرض لقاعدة (اللطف ) التي هي اساس الشرائع ، ومسالة (الحب في اللّه والـبغض في اللّه )التي هي اساس الايمان ، في اقصر عبارة : {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات : 7] فمن لطفه تعالى وعنايته بعباده ان مـهد لهم اسباب الطاعة وقربها اليهم ، ليتمكنوا من طاعة اللّه ويجتنبوا الفسوق والعصيان ، وذلك بـان زيـن الايمان والطاعة في قلوبهم ، اي ابدى لهم زينة الايمان ، بان رفع عن اعينهم غشا التعامي ، كـمـا انه تعالى كره اليهم العصيان بان اظهر قبحه في اعينهم فكرهوه في ذات انفسهم فالمؤمن انما يطيع اللّه وهو محبب له الطاعة ، ومن ثم فانه يقدم على الطاعة في وداعة وطمأنينة ويسر ، كما انه يجتنب المعاصي في يسر ، لانه عن نفرة لها في نفسه .
وهـذه هـي قاعدة اللطف تمهيد ما يوجب قرب العباد الى الطاعة وبعدهم عن المعصية ، مستفادة من الاية الكريمة .
وشيء آخـر : مسالة (الحب في اللّه والبغض في اللّه ) وهي اساس الايمان وصلب العقيدة ، والباعث على الجد في العمل ، ومن ثم قال الامام الصادق (عليه السلام ) : (و هل الايمان الا الحب والبغض ، ثم تـلا الايـة الـكـريـمـة ) (14) وقـد قال تعالى : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } [آل عمران : 31] .
وامـر ثالث مستفاد من الاية الكريمة : ان هدايته للناس كانت فضلا من اللّه ورحمة ، ناشئة عن مقام فـيـضـه الـقـدوسـي ، ولـيـس عـن حـق عليه سبحانه {فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [البقرة : 64] ، {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص : 86] .
فالإنسان بذاته لا يستحق شيئا على ربه ، وانما اللّه هو الذي تفضل على الانسان برحمته {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف : 43] ، ومن ثم عقب سبحانه الاية بقوله : {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات : 8] .
وفـي الـسورة اشارة الى مسالة التعاون في الحياة الاجتماعية ، جات في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات : 13] .
وفيها الاشارة الى مسالة (المساواة ) وان لا شعوبية في الاسلام ، ولا عنصرية ، ولا قومية ، وان لا فـضـل لاحد على غيره اطلاقا ، لا حسبا ولا نسبا ، الا بفضيلة التقوى ، وهو التعهد في ذات اللّه .
كـما فيها الاشارة ايضا الى مسالة (الاخوة الاسلامية ) المتطلبة للإيثار والتضحية ، فوق قانون العدل والانصاف .
وفي القرآن كثير من عبارات يسيرة انطوت على مفاهيم ذات احجام كبيرة ، .
كـقـوله تعالى في سورة الانفال : {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال : 17] اشارة الى مسالة (الامر بين الامرين ) وان لا جبر ولا تفويض ، وهي من المسائل المذيلة ذات تفصيل طويل .
وكـقـولـه تـعـالـى فـي سـورة الـواقـعـة : {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة : 63، 64] اشارة الى مسالة (الاستطاعة ) وان لا استقلال للعباد فيما يتصرفون من افعالهم الاختيارية .
والامثلة على ذلك كثيرة ومنبثة في القرآن الكريم ، غير خفية على الناقد البصير.
وجهة رابعة : قد سلك القرآن في تعاليمه وبرامجه الناجحة مسلكا ، ينتفع به الجمهور ، ويخضع له الـعلماء ، ومن ثم جاء بتعابير يفهمها كل من الصنفين : الجمهور يأخذون بظاهر الكلام ويتصورون له مـن الـمـعاني ما الفت بها اذهانهم في الامور المحسوسة ، ويحسبون فيما ورا محسوسهم ما يشاكل المحسوس ، ويقتنعون بذلك ، ويستريح بالهم .
والـعـلـمـاء يعرفون حقيقة الحال التي جات في طي المقال ، ويأخذون بلطائف الاشارات وظرائف الكنايات التي مثلت لهم الحقيقة في واقع الامر ، بما يخضعهم له ويطمئنون اليه .
خـذ لذلك مثلا قوله تعالى ـ تعبيرا عن ذاته المقدسة في عالم الكون ـ : (اللّه نور السماوات والا رض ) لـمـا كـان ارفـع الـموجودات في الحس هو النور ، ضرب اللّه به المثال ، وبهذا النحو من التصور امكن للجمهور ان يفهموا من الذات المقدسة موجودا اجلى واظهر فيما ورا الحس ، يشبه ان يكون مثل النور في المحسوس شبه اما ، ويقتنعون بذلك .
اما العلماء فيرون من هذا التشبيه اقرب ما يكون تصورا من ذاته المقدسة ، فليس في عالم المحسوس مـا يكون على مثاله ، وفي اخص اوصافه تعالى كالنور الذي هو ظاهر في نفسه ، ومظهر لغيره ، وليس شيء في عالم المحسوس (المبصرات ) الا ويكون ظهوره بالنور ، اما النور فهو ظاهر بنفسه وليس بغيره .
وكذا لا يكون ـ في عالم المحسوس ـ شيء اكثر ظهورا وفي نفس الوقت اشد خفاء من النور ، ظاهر بثأره ، خفي بكنهه وحقيقته .
وهـذه هـي نفس صفاته تعالى اذا ما لاحظنا حقيقة وجوده ، القائم بذاته ، المظهر لغيره ، الذي خفيت حقيقته وظهرت آثاره ، وهو اللّه جل جلاله ، وعظمت كبرياؤه .
وهـكـذا نـجد القرآن ، في استدلالاته ، قد جمع بين اسلوبين يختلفان في شرائطهما ، هما : اسلوب الـخطابة ، واسلوب البرهان ، ذاك اقناع للجمهور بما يتسالمون به من مقبولات القضايا ومظنوناتها ، وهذا اخضاع للعلماء بما يتصادقون عليه من اوليات ويقينيات ومن الممتنع في العادة ان يقوم المتكلم بإجابة ملتمس كلا الفريقين ، ليجمع بين المظنون والمتيقن ، في خطاب واحد ، الامر الذي حققه القرآن بعجيب بيانه وغريب اسلوبه .
وقد بحثنا عن ذلك واتينا بأمثلة عليه في مباحثنا عن الاعجاز البياني للقرآن (15) .
وجهة خامسة : قد اكثر القرآن من انواع الاستعارة واجاد في فنونها ، وكان لا بد منه وهو آخذ في توسع المعاني توسع الافاق ، في حين تضايقت الالفاظ عن الايفاء بمقاصد القرآن ، لو قيدت بمعانيها الموضوعة لها المحدودة النطاق .
جـاء الـقـرآن بـمعان جديدة على العرب لم تكن تعهدها ، وما وضعت الفاظها الا لمعان قريبة ، حسب حـاجـاتـهـا فـي الحياة البسيطة البدائية القصيرة المدى اما التعرض لشؤون الحياة العليا المترامية الابعاد ، فكان غريبا على العرب الاوائل المتوغلة في الجاهلية الاولى .
ومـن ثـم لـجا القرآن في افادة معانيه والاشادة بمبانيه الى احضان الاستعارة والكناية والمجاز ، ذوات الـنـطـاق الـواسـع ، حسب ابداع المتكلم في تصرفه بها ، والقدرة على الاحاطة في تصريف الـمباني والافادة بما يرومه من المعاني وقد ابدع القرآن في الاستفادة بها وتصريفها حيثما شاء من الـمـقـاصـد والاهـداف ، ولـم يعهد له نظير في مثل هذه القدرة ومثل هذه الاحاطة ، على مثل هذا التصرف الواسع الاكناف ، الامر الذي ابهر واعجب واتى بالإعجاز.
ولـعـل هـذا هو السبب ايضا في عروض التشابه في لفيف من آيات الخلق والتكوين ، نظرا لقصور الالفاظ عن الايفاء بتلك المعارف الجليلة الواسعة الاكناف .
وبـذلـك اصـبـحت لغة القرآن ـ من هذه الجهة ـ ذات طابع خاص ، حيث وفرة الاستعارة من النم ط الراقي ، وعروض بعض التشابه بسبب هذا الشموخ والتعالي .
________________________
1- الكافي الشريف ، ج2 ، ص 599.
2- رواه الـفـريـقـان راجـع : تـفـسـيـر الـعـيـاشي ، ج1 ، ص 11 وبحار الانوار ، ج89 (ط بيروت ) ، ص 88 ـ 95.
3- هـو الـمـولـى مـحـمـد كـاظم الخراساني صاحب كفاية الاصول (راجع : حقائق الاصول للأمام الحكيم ، ج 1 ، ص 89 ـ 90).
4- وذلك نظرا لا حاطته تعالى وشمول عنايته لجميع عباده ولا يخفى ان المفهوم العام المنتزع من الاية ، هو بنفسه معنى آخر مقصود مستقلا ورا ارادة المعنى الظاهري الاولي ، فكل من المعنيين الـظاهر والباطن مقصود بذاته ، وليس مندرجا تحت الاخر ، فهو من موضوع البحث وليس خارجا عنه ، كما زعم .
5- بحار الانوار ، ج89 (ط بيروت ) ، ص 94 ، رقم 47 و46.
6- المصدر نفسه ، ص 97 ، رقم 64.
7- تفسير العياشي ، ج1 ، ص 10 رقم 7.
8- نهج البلاغة الخطبة رقم 133.
9- راجع : مقدمة التفسير ، ج1 ، ص 9.
10- المصدر نفسه .
11- تاريخ القرآن للزنجاني ، ص 69.
12- المبسوط للسرخسي ، ج1 ، ص 37 وتقدم ـ في الهامش ـ عن تاج الشريعة الحنفي : انه ترجم البسملة ب (بنام يزدان بخشاونده الخ ) ثم عرضها على النبي (صلى الله عليه واله) (معجم مصنفات القرآن لشواخ ، ج2 ، ص 12).
13- راجع مقدمة الناشر ، ص 14.
14- الكافي ، ج2 ، ص 125 رقم 5.
15- راجع : التمهيد ، ج5 ، ص 499 فصل (الاستدلال في القرآن).