1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف النون : سورة النساء :

تفسير آية (107-109) من سورة النساء

المؤلف:  اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  .......

14-2-2017

10384


قال تعالى : { وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء : 107-109] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

نهى تعالى عن المجادلة ، والدفع عن أهل الخيانة ، مؤكدا لما تقدم ، فقال : {ولا تجادل} قيل الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حين هم أن يبرئ أبا طعمة ، لما أتاه قوم ينفون عنه السرقة . وقيل : الخطاب له ، والمراد قومه . وقيل : تقديره ولا تجادل أيها الإنسان {عن الذين يختانون أنفسهم} أي : يخونون أنفسهم ، ويظلمونها . أراد من سرق الدرع ، ومن شاركه في السرقة والخيانة . وقيل : إنه أراد به قومه الذين مشوا معه إلى النبي ، وشهدوا له بالبراءة ، عما نسب إليه من السرقة .

وقيل : أراد به السارق وقومه ، ومن هو في معناهم ، وإنما قال {يختانون أنفسهم} وإن خانوا غيرهم ، لأن ضرر خيانتهم ، كأنه راجع إليهم ، لاحق بهم ، كما تقول لمن ظلم غيره : ما ظلمت إلا نفسك ، وكقوله تعالى : {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} . {إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما} : هو فعال الخيانة أي : من كان كثير الخيانة ، وقد ألفها واعتادها ، وقد يطلق الخوان على الخائن في شيء واحد ، إذا عظمت تلك الخيانة . والأثيم : فاعل الإثم . وقيل معناه : لا يحب من كان خوانا ، إذا سرق الدرع ، وأثيما إذا رمى به اليهودي . وقال ابن عباس في معنى الآية : لا تجادل عن الذين يظلمون أنفسهم بالخيانة ، ويرمون بالخيانة غيرهم ، يريد به سارق الدرع سرق الدرع ، ورمى بالسرقة اليهودي ، فصار خائنا بالسرقة ، أثيما في رميه غيره بها {يستخفون من الناس} أي : يكتمون عن الناس {ولا يستخفون من الله وهو معهم} يعني الذين مشوا في الدفع عن ابن أبيرق ، ومعناه : يتسترون عن الناس بمعاصيهم في أخذ الأموال ، لئلا يفتضحوا في الناس ، ولا يتسترون من الله ، وهو مطلع عليهم . وقيل معناه : يستحيون من الناس ، ولا يستحيون من الله وعلمه معهم .

فيكون معناه : يخفون الخيانة عن الناس ، ويطلبون إخفاءها حياء منهم ، ولا يتركونها حياء من الله ، وهو عالم بأفعالهم {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} أي : يدبرون بالليل قولا لا يرضاه الله . وقيل : يغيرون القول من جهته ، ويكذبون فيه .

وقيل : إنه قول ابن أبيرق في نفسه بالليل ، أرمي بهذا الدرع في دار اليهودي ، ثم أحلف أني برئ منه ، فيصدقني المسلمون ، لأني على دينهم ، ولا يصدقون اليهودي ، لأنه ليس على دينهم . وقيل : إنه رمى بالدرع إلى دار لبيد بن سهل .

{وكان الله بما يعملون محيطا} قال الحسن : حفيظا لأعمالهم . وقال غيره  : عالما بأعمالهم ، لا يخفى عليه شيء منها .

وفي هذه الآية تقريع بليغ لمن يمنعه حياء الناس وحشمتهم ، عن ارتكاب القبائح ، ولا يمنعه خشية الله عن ارتكابها ، وهو سبحانه أحق أن يراقب ، وأجدر أن يحذر ، وفيها أيضا توبيخ لمن يعمل قبيحا ، ثم يقرف غيره به سواء كان ذلك الغير مسلما ، أو كافرا . {ها أنتم} : خطاب للذابين عن السارق {هؤلاء} يعني الذين {جادلتم} أي : خاصمتم ودافعتم {عنهم} : عن الخائنين {في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة} : استفهام يراد به النفي ، لأنه في معنى التقريع والتوبيخ . أي : لا مجادل عنهم ، ولا شاهد على برأتهم بين يدي الله ، يوم القيامة .

وفي هذه الآية النهي عن الدفع عن الظالم والمجادلة عنه . {أم من يكون عليهم وكيلا} أي : من يحفظهم ، ويتولى معونتهم ، يعني لا يكون يوم القيامة عليهم وكيل يقوم بأمرهم ، ويخاصم عنهم وأصل الوكيل : من جعل إليه القيام بالأمر ، والله يسمى وكيلا بمعنى أنه القائم بالأمر . ويقال : إنه يسمى وكيلا بمعنى الحافظ ، ولا يقال إنه وكيل لنا ، وإنما يقال إنه وكيل علينا .

_________________________

1. مجمع البيان ، ج3 ، ص 183-185.

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

{ ولا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهً لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً } .

الخطاب بظاهره للنبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولكن التكليف عام لكل عاقل بالغ ، بخاصة القضاة والحكام ، أما الذين يختانون أنفسهم فهم من اقترف ذنبا ورمى به بريئا . .

ومن جادل عنهم فهو مثلهم ، ومعنى خيانة المرء لنفسه ان يحملها ما لا تطيق من العذاب لإخلاله بالواجبات ، وارتكابه المحرمات ، وقدمنا ان النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما دافع ، ولن يدافع عن الخائنين ، وهذه الآية تؤكد قوله : { ولا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً } وتبين أيضا ان من ظلم غيره فقد ظلم نفسه ، وانه تعالى يمقت كل خائن وظالم لنفسه ولغيره .

{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ ولا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ } . يخفي المجرم جريمته ، ويتوارى في الظلام عن أعين الناس رغبة في مدحهم ، أو رهبة من ذمهم ، وكان الأولى أن يعكس القضية فيستخفي من اللَّه - لو أمكن - ولا يعتني إطلاقا بالناس ، لأن اللَّه وحده هو مالك الضر والنفع ، وغيره لا يغني عنه شيئا ، ومديح الناس وذمهم مجرد كلمات تذهب مع الريح . . وإذا كان الاختفاء من اللَّه محالا فطاعته تكون حتما ، لا ندبا . . ولا حكمة أبلغ من هذا البيت :

فليت الذي بيني وبينك عامر        *        وبيني وبين العالمين خراب

لو أراد الشاعر الخالق ، دون المخلوق .

{ ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهً عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا } . الخطاب والإشارة - هؤلاء - لقوم السارق الخائن ، لأنهم وحدهم الذين دافعوا عنه ، وناضلوا دونه ، وقد أنبهم تعالت كلمته بأن دفاعهم عنه لا يجدي الخائن نفعا يوم يعرض على اللَّه ، ويقول له ولكل مجرم من أمثاله وأمثالهم : { وامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ } [يس : 59 ] .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 431-432 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

قوله تعالى { وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ } ، قيل : إن نسبة الخيانة إلى النفس لكون وبالها راجعا إليها ، أو يعد كل معصية خيانة للنفس كما عد ظلما لها ، وقد قال تعالى. { عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ } [ البقرة : 187 ] .

ويمكن أن يستفاد من الآية بمعونة ما يدل عليه القرآن من أن المؤمنين كنفس واحدة ، وأن مال الواحد منهم مال لجميعهم يجب على الجميع حفظه وصونه عن الضيعة والتلف ، كون تعدي بعضهم على بعض بسرقة ونحوها اختيانا لأنفسهم .

وفي قوله تعالى { إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً } دلالة على استمرار هؤلاء الخائنين في خيانتهم ، ويؤكده قوله { أَثِيماً } فإن الأثيم آكد في المعنى من الإثم وهو صفة مشبهة تدل على الثبوت. على أن قوله { يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ } لا تخلو عن دلالة على الاستمرار ، وكذا قوله { لِلْخائِنِينَ } حيث عبر بالوصف ولم يعبر بمثل قولنا : للذين خانوا ، كما عبر بذلك في قوله { فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ } [ الأنفال : 71 ] .

فمن هذه القرائن وأمثالها يظهر أن معنى الآية ـ بالنظر إلى مورد النزول ـ : ولا تكن خصيما لهؤلاء ، ولا تجادل عنهم فإنهم مصرون على الخيانة مبالغون فيها ثابتون على الإثم ، والله لا يحب من كان خوانا أثيما. وهذا يؤيد ما ورد في أسباب النزول من نزول الآيات في أبي طعمة بن الأبيرق . كما سيجيء .

ومعنى الآية ـ مع قطع النظر عن المورد ـ : ولا تدافع في قضائك عن المصرين على الخيانة المستمرين عليها ، فإن الله لا يحب الخوان الأثيم ، وكما أنه تعالى لا يحب كثير الخيانة لا يحب قليلها ، ولو أمكن أن يحب قليلها أمكن أن يحب كثيرها وإذا كان كذلك فالله ينهى أن يدافع عن قليل الخيانة كما ينهى عن أن يدافع عن كثيرها وأما

 

من خان في أمر ثم نازع في أمر آخر وهو محق في نزاعه ، فالدفاع عنه دفاع غير محظور ولا ممنوع منه ، ولا ينهى عنه قوله { وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً } (الآية) .

قوله تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ } ، وهذا أيضا من الشواهد على ما قدمناه من أن الآيات ( 105 126 ) جميعا ذات سياق واحد ، نازلة في قصة واحدة ، وهي التي يشير إليها قوله { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } (الآية) ، وذلك أن الاستخفاء إنما يناسب الأعمال التي يمكن أن يرمى بها الغير كالسرقة وأمثال ذلك فيتأيد به أن الذي تشير إليه هذه الآية وما تقدمها من الآيات هو الذي يشير إليه قوله { وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ } (الآية) .

والاستخفاء من الله أمر غير مقدور إذ لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء فطرفه المقابل له أعني عدم الاستخفاء أيضا أمر اضطراري غير مقدور ، وإذا كان غير مقدور لم يتعلق به لوم ولا تعيير كما هو ظاهر الآية. لكن الظاهر أن الاستخفاء كناية عن الاستحياء ولذلك قيد قوله { وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ } ( أولا ) بقوله { وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ } فدل على أنهم كانوا يدبرون الحيلة ليلا للتبري من هذه الخيانة المذمومة ، ويبيتون في ذلك قولا لا يرضى به الله سبحانه ثم قيده ( ثانيا ) بقوله { وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } ودل على إحاطته تعالى بهم في جميع الأحوال ومنها حال الجرم الذي أجرموه ، والتقييد بهذين القيدين أعني قوله { وَهُوَ مَعَهُمْ } ، وقوله { وَكانَ اللهُ } ، تقييد بالعام بعد الخاص ، وهو في الحقيقة تعليل لعدم استخفائهم من الله بعلة خاصة ثم بأخرى عامة.

قوله تعالى : { ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا } (الآية) بيان لعدم الجدوى في الجدال عنهم ، وأنهم لا ينتفعون بذلك في صورة الاستفهام والمراد أن الجدال عنهم لو نفعهم فإنما ينفعهم في الحياة الدنيا ، ولا قدر لها عند الله ، وأما الحياة الأخروية التي لها عظيم القدر عند الله أو ظرف الدفاع فيها يوم القيامة فلا مدافع هناك عن الخائنين ولا مجادل عنهم بل لا وكيل لهم يومئذ يتكفل تدبير أمورهم وإصلاح شئونهم .

_________________________

1. تفسير الميزان ، ج5 ، ص 64-65 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآيات (1)  :

 

تستطرد الآيات الثلاث الأخيرة في التشديد على حرمة الدفاع عن الخائنين ، بالأخص أولئك الذين يخونون أنفسهم .

ويجب الانتباه هنا إلى أن الآية (١٠٧) تشير إلى الذين يخونون أنفسهم ، بينما الذي عرفنا من سبب نزول الآيات السابقة ، هو أنّها نزلت في شأن الذين يخونون الغير ، وفي هذا إشارة إلى ذلك المعنى الدقيق الذي ينبه إليه القرآن في العديد من الآيات ، وهو أن أي عمل يصدر عن الإنسان يتأثر بنتيجته ـ سواء كانت حسنة أو سيئة ـ الإنسان ذاته قبل غيره ، كما جاء في الآية (٧) من سورة الإسراء ، إذ تقول {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها} .

أو أنّ الآية المذكورة تشير إلى موضوع آخر أكّد عليه القرآن أيضا ، وهو أن جميع أفراد البشر هم جميعا كأعضاء جسد واحد ، فإذا أضر أحدهم بغيره فكأنما أضرّ بنفسه ، أي يكون بالضبط كالذي يصنع نفسه بنفسه.

والأمر الآخر في الآية أنّها لا تخص الذين يرتكبون الخيانة لمرّة واحدة ثمّ يندمون على ما فعلوا ، حيث لا ضرورة لاستعمال العنف والشدة مع هؤلاء ، بل هم بحاجة إلى الرأفة أكثر ، والشدّة يجب أن تطبق على أولئك الذين يحترفون الخيانة وتكون جزءا من حياتهم.

ويدل على هذه القرينة الواردة في الآية من خلال عبارة {يَخْتانُونَ} التي هي فعل مضارع يدل على الاستمرارية ، بالإضافة إلى القرينة الأخرى التي تفهم من عبارتي {خَوَّاناً} أي كثير الخيانة و {أَثِيماً} أي كثير الذّنب ، والكلمة الأخيرة جاءت لتأكيد عبارة «خوان» في الآية ، كما أنّ الآية السابقة جاءت بكلمة «خائن» التي هي اسم فاعل والتي لها معنى وصفي يدل على تكرار الفعل .

لقد تعرض الخائنون في الآية الأخرى إلى التوبيخ ، حيث قالت أن هؤلاء يستحيون أن تظهر بواطن أعمالهم وسرائرهم وتنكشف إلى الناس ، لكنهم لا يستحيون لذلك من الله سبحانه وتعالى ، إذ تقول الآية : {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ ...} فلا يتورع هؤلاء من تدبير الخطط الخيانية في ظلام الليل ، والتحدث بما لا يرضى الله الذي يراهم ويراقب أعمالهم ، أينما كانوا : {وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً} .

بعد ذلك تتوجه الآية (١٠٩) من سورة النساء بالحديث عن شخص السارق الذي تمّ الدفاع عنه ، وتقول بأنّه على فرض أن يتمّ الدفاع عن هؤلاء في الدنيا فمن يستطيع الدفاع عنهم يوم القيامة ، أن من يقدر أن يكون لهؤلاء وكيلا ليرتب أعمالهم ويحل مشاكلهم ؟! حيث تقول الآية : {ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} . ولذلك فإنّ الدفاع عن هؤلاء الخونة في الدنيا ليس له أثر إلا القليل ، لأنّهم سوف لا يجدون أبدا من يدافع عنهم أمام الله في الحياة الآخرة الخالدة .

والحقيقة هي أنّ الآيات الثلاث الأخيرة تحمل في البداية إرشادات إلى النّبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم وإلى كل قاض يريد أن يحكم بالحق ، بأن ينتبهوا حتى يفوتوا الفرصة على أولئك الذين يريدون انتهاك حقوق الآخرين ، عبّر وسائل مصطنعة وشهود مزورين .

بعد ذلك تحذر الآية الخائنين ومن يدافع عنهم ، بأن ينتظروا عواقب سيئة لأعمالهم في هذه الدنيا وفي الآخرة أيضا.

وفي تلك الآيات سر من أسرار البلاغة القرآنية ، حيث أنّها أحاطت جميع جوانب القضية وأعطت الإرشادات والتحذيرات اللازمة في كل مورد ، مع أنّ موضوع القضية يبدو موضوعا صغيرا بحسب الظاهر ، إذ يدور حول درع مسروقة أو مواد غذائية أو يهودي من أعداء الإسلام .

وقد تناولت الآية ـ أيضا ـ الإشارة إلى النّبي صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم الذي يعتبر إنسانا معصوما عن الخطأ ، كما أشارت إلى الأفراد الذين يحترفون الخيانة ، أو الذين يدافعون عن الخائنين اندفاعا وراء عصبيات قبلية ، إشارات تتناسب ومنزلة الأشخاص المشار إليهم في الآيات المذكورة .

__________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 293-295 .

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي