الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
التعصّب للقديم
المؤلف:
د. عبد الرسول الغفاري
المصدر:
النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص:105-107
22-3-2018
3259
كان الأصمعي يتعصب للشعر القديم على المحدث، روي ان اسحاق الموصلي انشده:
هلْ إلى نظرةٍ اليك سبيل
فَترَوِّي الصَّدى ويشفى العليل
إن ما قل منك يكثر عندي
وكثير ممن تحب القليل
فقال لمن تنشدني؟ فقال لبعض الاعراب، فقال: والله هذا هو الديباج الخسرواني. قال اسحاق: انهما لليلتهما، فرد عليه الاصمعي بقوله: لا جرم واللّه ان أثر الصنعة والتكلّف بيّنٌ عليهما (1).
بين اعرابي والاصمعي
قال بعض الرواة كنا مع أبي نصر راوية الاصمعي في رياض المذاكرة نجتني ثمارها ونجتلي انوارها، الى أن افضنا في ذكر أبي سعيد عبد الملك ابن قريب الاصمعي فقال: رحم الله الاصمعي، انه لمعدن حِكَم، وبحر علم، غير أنه لم نر قط مثل اعرابي وقف بنا فسلم فقال ايكم الاصمعي؟ فقال: أنا ذاك!
فقال أتأذنون بالجلوس؟ فاذنا وعجبنا من حسن ادبه، مع جفاء ادبِ الاعراب!
قال: يا أصمعي: أنت الذي يَزْعَمُ هؤلاء النفر أنَّك اثقبهم معرفة بالشعر والعربية وحكايات الاعراب.
قال الاصمعي: منهم مَن هو اعلم مني ومن هو دوني؟
قال: أفلا تنشدني من بعض شعر أهل الحضر حتى اقيسه على شعر أصحابنا؟
فانشده شعراً لرجل امتدح به مسلمة بن عبد الملك.
امسلم انت البحر إن جاء وارد
وليث إذا ما الحرب طار عقابها
وانت كلسَيفِ الهندواني إن غدت
حوادث من حرب يعب عبابها
وما خلقت اكرومة في امرئ له
ولا غاية الا اليك ماَبها
كأنك ديان عليها موكل
بها وعلى كفيك يجري حسابها
اليك رحلنا العيس إذ لم نجد لها
أخا ثقة يُرجى لديه ثوابها
فتبسم الاعرابي وهز رأسه، فظننا أن ذلك لاستحسانه الشعر، ثم قال يا اصمعي! هذا شعر مهلهل، خلق النسج، خطؤه اكثر من صوابه، يغطي عيوبه حسن الروي ورواية المنشد! يشبهون الملك إذا امتدح بالاسد، والاسد ابخر شثيم- كريه- المنظر، وربما طرده شرذمة من إمائنا وتلاعب به صبياننا! ويشبهونه بالبحر والبحر صعب على من ركبه، مرٌّ على من شربه! وبالسيف، وربما خان في الحقيقة، ونبا عن الضريبة! ألا تنشدني كما قال صبى من حيّنا!
قال الاصمعي: وماذا قال صاحبكم؟ فانشده:
الموت يكره أن يلقى منيّته
في كرِّه عند لفّ الخيل بالخيل
لو زاحم الشمس أبقى الشمس كاسفة
أو زاحم الصم ألجاها الى المَيل
امضى من النجم إن نابته نائبة
وعند اعدائه أجرى من السَيل
لا يستريح الى الدنيا وزينتها
ولا تراه اليها ساحب الذيل
يقصر المجد عنه في مكارمه
كما يقصر عن افعاله قولي
قال أبو نصر فابهتنا واللّه ما سمعنا من قوله ثم قال الاعرابي: الا تزدني شعراً ترتاح اليه النفس ويسكن اليه القلب؟ فانشده لابن الرقاع العاملي:
وناعمة تجلو بعود أراكة
مؤشرة يسبي المعانق طيبها
اراك الى نجد تحن وإنما
منى كل نفس حيث كان حبيبها
فتبسم الاعرابي وقال: يا اصمعي ما هذا بدون الأول، ولا فوقه، ألا
انشدتني كما قلت؟ قال الاصمعي: وما قلت؟ جعلت فداك فانشده:
تعلقتها بكرا وعلقت حبها
فقلبي عن كل الورى فارغ بكر
اذا احتجبت لم يكفك البدر ضوءها
وتكفيك ضوء البدران حجب البدر
وما الصبر عنها- إن صبرت- وجدته
جميلاً وهل في مثلها يحسن الصبر
ولو أن جِلدَ الذَّرِّ (2) لامس جلدها
لكان لمس الذرفي جلدها أثر
فقال لنا الاصمعي: اكتبوا ما سمعتم ولو باطراف المُدى في رقاق
الاكباد.. (3).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الموازنة ص 12.
(2) الذر: صغار النمل.
(3) فحولة الشعراء: 81.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
