أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1933
التاريخ: 25-11-2014
1505
التاريخ: 24-11-2015
2105
التاريخ: 13-02-2015
1327
|
إنّ من الأسباب التي أوجبت خلود الدين الإسلامي ، وأعطته الصلاحية للبقاء مع اختلاف الظروف وتعاقب الأجيال ، كونه ديناً جامعاً بين الدعوة إلى المادة والدعوة إلى الروح ، ديناً وسطاً بين الماديّة البحتة والروحية المحضة ، فقد آلف بتعاليمه القيمة بينهما ، موالفة تفي بحق كل منهما ، بحيث يتيح للانسان أن يأخذ قسطه من كل منهما بقدر ما تقتضيه المصلحة.
وذلك أنّ المسيحية غالت في التوجه إلى الناحية الروحية ، حتى كادت أن تجعل كل مظهر من مظاهر الحياة المادية خطيئة كبرى ، فدعت إلى الرهبانية والتعزّب وترك ملاذ الحياة والانعزال عن المجتمع ، والعيش في الأديرة وقلل الجبال ، وتحمل الظلم والرفق مع المعتدين ، كما غالت اليهودية في الانكباب على المادة حتى نسيت كل قيمة روحية ، وجعلت الحصول على المادة بأي وسيلة كانت ، المقصد الأسنى ، ودعت إلى القومية الغاشمة والطائفية الممقوتة.
وهذه المبادئ سواء أصحت عن الكليم والمسيح (عليه السلام) أم لم تصح ( ولن تصح إلاّ أن يكون لإصلاح انغمار الشعب الاسرائيلي في ملاذ الحياة يوم ذاك وانجائهم عن التوغل في الماديات وسحبهم إلى المعنويات بشدة وعنف ) وإن شئت قلت : « كانت تعاليمه اصلاحاً مؤقتاً لإسراف اليهود وغلوهم في عبادة المال حتى أفسد أخلاقهم وآثروا دنياهم على دينهم والغلو يقاوم موقتاً بضده » (1). لا تتماشى مع الحضارات الانسانية التقدمية ولا تسعدها في معترك الحياة ، ولا تتلائم مع حكم العقل ولا الفطرة السليمة.
لكن الإسلام جاء لينظر إلى واقع الانسان ، بما هو كائن ، لا غنى له عن المادة ، ولا عن الحياة الروحية ، فأولاهما عنايته ، فدعا إلى المادة والالتذاذ بها بشكل لا يؤثر معه على الحياة الروحية ، كما دعا إلى الحياة الروحية بشكل لا يصادم فطرته وطبيعته.
وحصيلة البحث : أنّه لم يعطل الفطرة في تشريعه وتقنينه ، بل جعلها مقياساً لحكمه بالوجوب والتحريم ، فإذا كان الحكم مطابقاً لطبع من شرعت له الأحكام حافظاً لكيانه ، لا يتعارض مع ما يحتاج إليه جسمه وروحه ، كان ماضياً ونافذاً حسب بقاء الفطرة ودوامها.
وأمّا تفصيل الآيات التي تمثل رأي الإسلام في الدعوة إلى الدين والدنيا ، إلى الروح والجسم ، إلى المادة والمعنى ، فليرجع فيه إلى الكتب المعدة لبيان ذلك.
ونختم البحث بكلمة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال : للمؤمن ثلاث ساعات ، ساعة يناجي فيها ربّه ، وساعة يرم فيها معاشه ، وساعة يخلي بينه وبين نفسه ولذاتها (2) .
فقد قرن بين عبادة الله وطلب الرزق وترفيه النفس ، بحيث جعل الجميع في مستوى واحد ، فندب إلى عبادة الله ، كما ندب إلى طلب المعاش ، وتوخي اللذة بحكم واحد بلا مفاضلة.
فلو كان أداء الصلاة والصوم والقيام بالحج وظيفة دينية ، فشق الطريق لطلب الرزق والمعاش ، والقيام بالنزهة بين الرياض أو سباحة في البحر والعمل الرياضي البدني ، وظيفة دينية للمؤمن ، كما نص الإمام (عليه السلام).
وهذا من الاُسس التي تنسجم مع الإسلام وتحول بينه وبين التصادم مع الحضارات المتواصلة ، إلى عصرنا هذا ، فإذا كان المنهج ، منهجاً متوسّطاً بين المادية والروحية ، مطابقاً لفطرة الانسان انقادت له مقاليد الحضارات الانسانية الصاعدة وارتفع التصادم.
__________________
(1) الوحي المحمدي ص 153.
(2) نهج البلاغة باب الحكم ، رقم 390.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|