المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أشباه الجزر الجنوبية
2025-01-13
المناخ والغطاء النباتي
2025-01-13
تركيب فيروس التهاب الكبد الوبائي نوع ب الخفي
2025-01-13
عمليات خدمة الفول الرومي
2025-01-13
الكتلة الشمالية القديمة
2025-01-13
الأقاليم التضاريسية لشمال اوربا
2025-01-13

تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري
26-8-2016
Formal Charge
25-7-2019
اللقط والرعي في حقول القمح
10-3-2016
ابني يدخل المدرسة
27-3-2022
البحث حول مشائخ الإجازة.
2023-07-14
كيفية الوضوء‌
6-12-2016


الطبع والصنعة بين أبي تمام والبحتري  
  
30184   01:59 مساءً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف : وحيد صبحي كبابة
الكتاب أو المصدر : الخصومة بين الطّائِيّيْن وعمود الشعر العربي
الجزء والصفحة : ص34-36
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-1-2020 1927
التاريخ: 18-1-2020 1794
التاريخ: 22-3-2018 18327
التاريخ: 2-1-2020 3584

يرى الآمدي أن أبا تمام والبحتري مختلفان، " لأنّ البحتري أعرابي الشعر، مطبوع وعلى مذهب الأوائل، وما فارق عمود الشعر المعروف.. ولأن أبا تمام شديد التكلف، صاحب صنعة، وشعره لا يشبه أشعار الأوائل، ولا على طريقتهم "(1).

لقد انتبه، إذاً، خصوم أبي تمام إلى ما في شعر خصمهم من تكلف وصنعة، وما في شعر صاحبهم من طبع، فكانت هذه القضية ميداناً للنقاش بينهم وبين الطرف الآخر. فأبو تمام في نظرهم خارج على عمود الشعر، لأنه تكلّف وخرج إلى الصنعة، فتبع مسلماً بن الوليد في إفساد الشعر، بل زاد عليه " فاستحسن مذهبه، وأحب أن يجعل كل بيت من شعره غير خال من بعض هذه الأصناف، فسلك طريقاً وعراً.. لقد أراد البديع فخرج إلى المحال "(2).

لقد هاجم أنصار البحتري مذهب أبي تمام في البديع، " لاستكثاره منه، وإفراطه فيه " هذا على حين قبلوا شعر صاحبهم مع ما فيه من الاستعارة والتجنيس والمطابقة "( 3)، لأنه " ما فارق عمود الشعر وطريقته المعهودة "، أي لأنه لم يُغرق في الصنعة والتكلف. وهذا الكلام يعني أن النقاد القدماء لم يرفضوا الصنعة، لكنهم رفضوا الإغراق فيها. ولعلّ تنقيح الشعر الذي طالبوا الشعراء به، ما هو إلا صورة من صور الصنعة اللطيفة المحبّبة، التي رغبوا فيها.

وتستوقفنا في كلام الآمدي المتقدم تلك العلاقة الغريبة التي يقيمها بين الطبع وكلام الأوائل. فالمطبوع من الشعر هو ما كان يجري مجرى القدماء، لا ما يجري مجرى الذات المبدعة للفنان. لهذا السبب، مال النقاد إلى شعر الأعراب. وتعليل ذلك عند الآمدي: " أن الذي يورده الأعرابي -وهو محتذ على غير مثال -أحلى في النفوس، وأشهى إلى الأسماع، وأحق بالرواية والاستجادة مما يورده المحتذي على الأمثلة "(4).

انطلاقاً من هذا المبدأ رفض الأصمعي بيتي إسحاق بن إبراهيم الموصلي " لأنهما لليلتهما... وأثر الصنعة والتكلف بيّن عليهما " (5) وكأن القضية ما عادت قضية طبع وصنعة، وإنما هي قضية تقليد وتجديد، فكل مقلّد مطبوع وكل مجدِّد صانع، وشعره ساقط.

غير أنّ في موقف النقاد هذا تناقضاً سافراً، فهم مالوا إلى شعر الأعرابّي لأنه " محتذٍ على غير مثال "، ورفضوا شعر إسحاق بن إبراهيم لأنه لليلته.. فهم لم يحكموا على بيتي إسحاق انطلاقاً من روح الحكم النقدي على شعر الأعرابي (أي الاحتذاء على غير مثال)، وإنما من منطلق المعاصرة، وإن كان فيها ابتكار وإبداع أو احتذاء على غير مثال.

ويرى خليل مردم بك، استناداً إلى هذه القضية: كون شعر أبي تمام مصنوعاً وشعر البحتري مطبوعاً، أنّ " المفاضلة بين الشاعرين كالمفاضلة بين من يجيد الضرب على العود وبين من خلقه الله حسن الصوت " (6).

ويبقى، أخيراً، الحكم على شعر أبي تمام كله بالصنعة، وعلى شعر البحتري كله بالطبع، قاصراً، إذ أننا لانعدم وجود شعر مطبوع عند أبي تمام قد يفوق المطبوع من شعر البحتري، كما لا نعدم وجود شعر مصنوع عند البحتري. فالقضية إذا نسبية، ولا يمكن الكشف عنها إلاّ بالدراسة النقدية الموضوعية، لشعر كلّ منهما على حدة.

وخلاصة الكلام أن مقياس المفاضلة بين الشاعرين هو تلك الصنعة اللطيفة المحبّبة، التي لا تتعارض مع الطبع وتلقائية التعبير. أما سمات هذه الصنعة فتكمن في عدم الإغراق فيها مع شيء من التنقيح، وفي الإبداع على غير مثال. وهذا هو مذهب الأوائل.

وهكذا، تردّ قضية الطبع والّصنعة إلى مسألة التقليد والتجديد أو الأصالة والمعاصرة: فالأصالة في التقليد، أما التجديد والمعاصرة فمر فوضان وإن توافرت فيهما سمات الصنعة اللطيفة.

________________

(1) الموازنة 1/4

(2) المصدر نفسه 1/17 -18، 20

(3) المصدر نفسه 1/18

(4) المصدر نفسه 1/23

(5) المصدر نفسه 1/24

(6) شعراء الشام في اقرن الثالث، لخليل مردم بك، ص 96 مطبعة الترقي، دمشق، 1925





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.