أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-4-2016
2482
التاريخ: 15-4-2016
2807
التاريخ: 18-4-2022
2610
التاريخ: 2024-01-13
1289
|
ان فطرة الإنسان تنبهه إلى كل ما يحتاجه، بميلها إليه، وهي بمثابة الدليل الداخلي للإنسان، وهذا من أعظم النِعم عليه، وفيه من الدلائل الكبرى على رحمة الله سبحانه بهذا المخلوق العجيب.
فاودع الله تبارك وتعالى في فطرة الإنسان الميل لعبادة الخالق لحاجته إلى الارتباط بمعبوده، كما أودع فيه الميل إلى الاكل والشرب والاستقرار والزواج... لحاجةٍ إلى كل هذا، وبما ان الإنسان لا بد ان يعيش في مجتمع من الافراد لديهم البغض والحب والكراهية والارادة والرضى والسخط فأُلهم الميل إلى الاعتناء بمظهره الخارجي، وهو ميل طبيعي في جبلّة كل فرد، وبه يتم انجذاب النفوس وارتفاع النفرة والاشمئزاز.
وشريعة الله الخاتمة بما انها شريعة الفطرة والعقل، ومكملة لدوريهما، جاءت لتؤكد على مفهوم اخذ الزينة في صريح القرآن الكريم :{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }[الأعراف: 31، 32].
ان شريعة الله أمرت بأخذ الزينة والتزين بالجميل للصلاة ولكل عبادة: وفي المسجد الذي هو محل للُّقيا الاجتماعية.
والزينة تعمُّ النظم والنظافة وحسن المنظر وتنظيف الفم والتطيب ولبس الجديد والأدب في المشي والكلام والمعاشرة والصحبة...
نعم كما جاء الإسلام لزينة البواطن جاء لزينة الظواهر، ولا تفكيك بين الزينتين، وزينة الباطن عمدتها التقوى وزينة الظاهر عمدتها المظهر الجميل المقرِّب إلى القلوب والكاشف عن زينة الباطن التي هي الأم والأصل.
قال الإمام علي (عليه السلام) : (زينة البواطن اجمل من زينة الظواهر)(1).
ان زينة الظواهر إن تجرَّدت عن الأهداف السامية والإنسانية وعن التقرّب إلى الله تعالى تتحول إلى تلون خارجي مفرغ من محتواه واصالته، وهل ينفع جمال المظهر لمن هو بخيل ولئيم وحاقد؟ وهل جمال الفتاة يغني عن لياقتها الإنسانية؟ وما ينفع لين ملمس الافعى مع احتوائها على السم الزعاف؟
ان جمال زينة الظاهر مطلوب غيريّ، يطلب من أجل اظهار البعد الإنساني في الإنسان المتحرك في الخارج، والشريعة الإسلامية تطلبه من اجل ان تحكي البعد الديني للشخص كما قال الإمام العسكري (عليه السلام) : (اتقوا الله وكونوا زينا ولا تكونوا شينا، جرُّوا الينا كل مودة وادفعوا عنا كل قبيح).
فان اكتفى الفرد ببعض القيم الإنسانية وتجرد عن اللياقات الظاهرة بان ارتكب المنفِّر غير المبرر فانه يؤذي الشريعة ويخدش بالمبدأ ويكون سدا بوجه من يريد ان يقرأ ابعاد الدين في سلوك الإنسان.
ان الإسلام كرّه للمؤمن اكل الثوم مع فوائده الجمة اذا ما أراد المشاركة في صلاة الجماعة، من أجل ان لا يكون منفّرا للآخرين.
ان الإسلام أعطى العناية باستعمال الطيب ونظافة الثوب والتدهّن بالزيت وتقليم الاظافر وتسريح الشعر والتزيّن للقاء الضيف وفي المسجد وازالة الشعر عن الإبط والانف والعانة(2)...
كل هذه الامور الصغيرة هي كبيرة عند الإسلام الباني لإنسانية الإنسان.
ان الشريعة ارادت ان تنظم شخصية الإنسان وتجعله محطا للأنظار ومحلاً للإكبار وموضعاً للإقتداء، والشريعة التي تهدي الى طيِّ الثوب بعد نزعه تربي فيه عنصر النقد الذاتي حتى يكون على الدوام زينا للدين ولأئمة الدين ولا يكون شينا يجر القبيح على المعتقد الحق ورواد الإنسانية.
نعم امام موضوع (المظهر الجميل) هناك عقبات ومحذورات لابد من التنبّه لها وهي :
- الحذر من الغرور والجمال والزينة اذا لم ينسبهما إلى صانعهما وهو الله سبحانه، ولم يشكره عليهما، فيعتبر جماله علامة الرضى الإلهي وان ارتكب المحرم.
- الحذر من العجب والزهو والتدلل وانتظار المدح والثناء.
- الحذر من الكبرياء بان يرى نفسه افضل من غيره، فيستصغر غيره ويحقّره.
- الحذر من الشماتة بالآخر.
- الحذر من توظيف (المظهر الجميل) فيما لا يريده الله سبحانه ويكون مردوده سلبيا على التكامل الاجتماعي، كما نراه في الدعايات الفاسدة وفي موارد اغراء الجنس الآخر، سواء في الالبسة او في ادوات التجميل.
- الحذر من قصر الجمال على المظهر الخارجي وتجاهل كونه زينة البواطن افضل من زينة الظواهر.
______________________
1ـ تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم، ص257.
2ـ راجع الخطوط العامة لبنية الفرد الاجتماعية ص39 – 43.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|