الظروف البشرية المؤثرة في الخدمات:

تعد الظروف البشرية من أهم الأمور الواجب دراستها والوقوف عند أثارها وأدوارها في التأثير كونها تتمثل بالإنسان ذاته فضلا عن إن الخدمات هي لخدمته بصورة مباشرة فبوجود الإنسان توجد الحياة وبعدمه تنعدم الحياة من خلال (تركيب وحركة السكان ونمط حياتهم ومستوى الدخل الفردي) وتبدو أثارها واضحة من خلال التباين المكاني في حاجة السكان للخدمات حيث يؤثر التركيب من ناحيتين الأولى التركيب العمري وفيها تتباين حاجة الإنسان إلى الخدمات حسب الأعمار( من يوم واحد بعد الولادة ورياض الأطفال وانتقالا إلى المدارس والمعاهد والجامعات وانتهاءا  بدور المسنين والموت) وكل فئة أو مجموعة تختلف في احتياجاتها وتتباين طلباتها من الكمية والنوعية، كما يؤثر التركيب النوعي من حيث صنف السكان إناث أو ذكور شيوخ او شباب عجائز أو بنات، فضلا عن التركيب العائلي الذي تتباين فيه حاجة العائلة للخدمات حسب الحجم والنوع في الأفراد فلكل عائلة حاجات معينة تختلف عن عوائل أخرى إما التركيب الاجتماعي والمستوى العلمي والثقافي ومنه تختلف احتياجات الأفراد إلى الخدمات فكلما ارتفع المستوى الثقافي والعلمي ازدادت الحاجة إلى الخدمات أكثر وكلما تدنى المستوى الثقافي والعلمي وا لاجتماعي تدنت الحاجة إلى الخدمات فضلا عن التركيب المهني إذ تتباين الاحتياجات إلى الخدمات من حيث نوع المهنة التي يمارسها الفرد (كالمعلم والمهندس والطبيب والمحامي الأستاذ الجامعي والوزير.. ا لخ ) ، تساهم الكثافة السكانية الكبيرة في التأثير على الخدمات من حيث كفاءة أدائها وكفايتها وسد رغبات السكان ومن العمر الزمني المقرر إن تبقى المؤسسات الخدمية ضمن العمل، وتولد الكثافة السكانية ضغطا متزايدا على الخدمات من خلال زيادة عدد المستفيدين من الخدمات والمستهلكين لها يقابل ذلك عدم الاهتمام وقلة التطوير وزيادة عدد المشاكل التي يصعب معالجتها نتيجة عدم توفر الإمكانات المادية من قبل الحكومات لذلك يبدأ القصور آفة تنخر بقطاع الخدمات لعدم توفر المعالجة فضلا عن مشاكل التجاوز على الخدمات والسكن العشوائي الذي يقلل كفاية سد الاحتياجات.

ناهيك عن دور نمط حياة السكان في زيادة التأثير على الخدمات إذ باختلاف أنماط السكان من مدنيون وريف وبدو، فالسكان في المدن والمراكز العمرانية يختلف طلبهم عنه للسكان الريف فبعض الخدمات يعتبرها سكان المدينة ملحة وضرورية كا لهاتف ا لخلوي والانترنيت وحضور المسارح والسينمات والمقاهي وزيارة الآثار والمعالم الحضارية...الخ كما يختلف لأمر عند السكان البدو عن السكان الريف والحضر كون إن طلب البدو لا يتعدى البحث عن الماء والكلأ لهم ولحيواناتهم وهم في حال تنقل وترحال دائم وان مكوثهم لا يتعدى الاشهر وبعض الأسابيع ولا يتوقف الأمر عند نمط الحياة إذ يؤثر مستوى الدخل الفردي في الطلب على الخدمات والإقبال عليها وعدها ضرورية وخاصة با لنسبة للخدمات التي تتطلب دفع رسوم عالية.

إما ثقافة المجتمع فلها الدور الكبير في التأثير من خلال كفاءتها وكفايتها ونوعها ويبدو ذلك واضحا من خلال التباين في مستوى الثقافة بين المجتمعات الأكثر تحضرا وثقافة ووعيا عن البلدان المتخلفة الأقل تحضرا وثقافة ووعيا في الحالة الأولى يشعر السكان بان الخدمات هي ملكه لخدمته وانه في هذا الشعور يساعد في صيانتها والتقنين في الاستهلاك والاستعمال الجيد الذي يدعم استمراريتها للاستفادة منها لخدمته في حين تكون في المجتمعات المتخلفة الصورة عكسية فالعبث والتخريب والتدمير والمساعدة على رداءة عملها وعدم الحفاظ عليها أهم المشاكل التي تواجهها الأمر الذي يؤدي إلى تدميرها والقصور في عملها والنقص في سد احتياجات السكان وتبقى الخدمات في حالة سيئة وطي النسيان وللتقدم العلمي والتكنولوجي دور فعال في التأثير من خلال مدى دخول المجتمع سمات التقدم العلمي والتكنولوجي والمنجزات الصناعية والميكانيكية والالكترونية ومدى اعتمادها في الحياة اليومية في ممارسة نشاطاته والتي تبدأ من الاستخدام المنزلي وانتهاءا باستخدام المصانع والمعامل ودورها في فتح الأفاق نحو زيادة الطلب على منجزات التكنولوجيا في الوقت نفسه تعد تعبير واضح حول مدى التحضر ومستوياته فكلما استخدم المجتمع هذه التقنيات كان دليلا ومؤشرا واضحا على مواكبة المجتمع لكل حديث واستخدامه في الحياة اليومية.

في حين يساهم الاهتمام الحكومي الدائم بقطاع الخدمات من خلال استراتيجيات وبرامج حديثة في تنمية الخدمات وتطويرها وا لاهتمام بها وصيانتها وزيادة الإنفاق المادي عليها مما يزيد من سعة أفاق المجتمع في الطلب على الخدمات ويزيد من توسع شبكات الخدمات لتشمل القرى والأرياف فضلا عن ما تقدمه من تسهيلات خفض الرسوم والعدالة في التوزيع وتحقيق مدى الكفاءة والكفاية والمرونة في أداء الخدمة.