أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-6-2016
2332
التاريخ: 5-12-2021
1691
التاريخ: 27-12-2016
3072
التاريخ: 2024-02-01
1053
|
قال الله ـ عز وجل ـ لعيسى (عليه السلام): (يا عيسى! ليكن لسانك في السر والعلانية لساناً واحداً، وكذلك قلبك، إني أحذرك نفسك، وكفى بي خبيراً، لا يصلح لسانان في فم واحد، ولا سيفان في غمد واحد، ولا قلبان في صدر واحد، وكذلك الأذهان) (1).
وقال الرسول الاعظم (صلى الله عليه آله): (تجدون شر الناس ذا الوجهين: الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه) (2).
وقال الامام الباقر (عليه السلام): (بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهداً، ويأكله غائباً، إن أعطي حسده، وان ابتلي خذله) (3).
من أخلاق التعامل مع الاخوان والناس، ومن حسن معاملتهم، أن يكون للمرء وجهاً واحداً ولساناً واحداً معهم، وبذلك يتحقق الصدق والاخلاص في المعاملة. أما لو قابلهم بوجه ولسان، وفي موقع آخر أتاهم بوجه آخر ولسان آخر، فهل يصدق عليه أنه أخلص أو أحسن معاملتهم؟! كلا! بلا أدنى ترديد.
إن قسماً من الناس إذا قابلوا آخرين، أبدوا لهم قسمات الوجه الراضية النضرة، وأظهروا لهم لساناً عسلياً حلواً، وإذا ما فارقوهم والتقوا بغيرهم، أبدوا قسمات الوجه المستاءة ممن قابلوهم مسبقاً، وأظهروا لساناً له رواغ كرواغ الثعالب! وهذه من الاخلاقيات السيئة المذمومة في الاسلام وفي كل الشرائع السماوية، وهي خلاف الحكمة والعقل المؤدب، وإمارة من إمارات النفاق (*)!
إن إتيان الاخوان والناس واستدبارهم بوجه واحد، ولسان واحد، وقلب واحد، وذهن واحد هو أمر أساسي في معاملتهم، والتحبب إليهم، ومن طبع الناس أنهم يحبون من يتعامل معهم بنمط واحد، ويمقتون من يتعامل معهم بنمط مزدوج، وهذا ما يجعل المنافقين، وذوي الوجهين والقلبين واللسانين والذهنين من الفئات الممقوتة اجتماعياً، سواء في المجتمعات الايمانية او في غيرها. وهل عرف ذو وجهين وذو لسانين بحسن معاملته الناس، وبحبهم له ؟! كلا!
نعم، إذا كان الناس يمارسون خلاف الحق والخير والفضيلة، فإن على المرء ـ في معاملتهم ـ أن يخالطهم بلسانه، وجسده، ويزايلهم ـ أي يباينهم - بقلبه وعمله. وهنا لا ينطبق عليه أنه من ذوي الوجهين واللسانين، إذ لا بد للمرء من موقف قلبي وعملي حيال الباطل والشر والرذيلة، وإلا أمست الفضيلة والرذيلة عنده بمنزلة سواء (**)، وهذا خلاف الشرع والعقل المؤدب والحكمة.
وفي التعامل مع الاخوان والأصدقاء وعموم الصادقين من الناس، مجال للإزدواجية في التعامل، فليس من الجائز ولا من الصحيح أن يلقى المرء أخاه بوجه ولسان وقلب، ثم في موطن آخر، وفي غيابه يتعامل معه بوجه آخر، ولسان آخر، وقلب آخر. ومن هنا فوحدة الوجه واللسان والقلب هي الخلق التي يجب أن يتعامل بها المسلم والمؤمن مع إخوانه، ومع الناس الطيبين والمخلصين في التعامل. بل يبدو أن المرء خليق به أن يكون ذا وجه واحد ولسان واحد وقلب واحد مع عموم الناس، الجديرين، لأن التصرف خلاف ذلك هو خلاف العقل والاخلاق المحمودة. مع العلم بوجود حالات خاصة، أو حالات ضرورة او اضطرار، تقدر بقدرها.
وهكذا فلكي يحسن المرء معاملة إخوانه وعموم الناس الجديرين بالمعاملة الحسنة، عليه أن يلتزم خلق: الوجه الواحد، واللسان الواحد، في السر والعلانية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار، ج 5، ص205.
(2) ترغیب... ج 3، ص603.
(3) بحار الانوار، ج 5، ص203.
(*) النفاق من الامراض الفردية الاجتماعية شديدة الخطورة، ومن علاماته الكثيرة: الكذب في الحديث، خلف الوعد، خيانة المؤتمن، الغدر بعد المعاهدة، الفجور حين المخاصمة، مخالفة لسان القلب، مخالفة القلب الفعل، قساوة القلب، جمود العين، الاصرار على الذنب، الحرص على الدنيا، مخادعة الله، الرياء، التذبذب بين الحق والباطل، الذكر القليل لله، القيام إلى الصلاة بكسل، الاستكبار، عدم الألفة والائتلاف، النهم في الطعام، التلون والافتنان، مخالفة السريرة للعلانية، الأمر بالطاعة وعدم العمل بها، والنهي عن المعصية وعدم الانتهاء عنها، التملق، المكر. والنفاق من الامراض الخلقية النفسية ذات التأثير الخطير والمتشعب على الفرد والاجتماع. وواجب المرء في تعامله مع ربه، ومع نفسه، ومع الناس أن يتوقى شر الاصابة بهذه الآفة المدمرة.
(**) أن على المرء أن يخالط الناس بلسانه وبدنه، ويزايلهم بقلبه وعمله فيما إذا كانت أعمالهم غير حسنة.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|