أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2016
4078
التاريخ: 7-2-2019
2834
التاريخ: 2024-02-24
1211
التاريخ: 13-3-2019
2561
|
تعايش الإمام عليّ ( عليه السّلام ) مع أبي بكر وعمر ، ولم يظهر معارضته العلنية لهما ، فقد كان الانحراف في مسيرة الحكومة الإسلامية مستترا ، وكان الإمام ( عليه السّلام ) يتدخّل في أحيان كثيرة لإصلاح موقف الخليفة الخاطئ فيستجيب له ، ولم يخش أبو بكر وعمر من الإمام ( عليه السّلام ) إلّا لكونه الممثّل الشرعي للامّة وصاحب الحقّ في الخلافة وقائدا لتيار المعارضة الذي يضمّ أجلّاء الصحابة ، ولكنّ الإمام تنازل عن حقّه في الخلافة فأمّن القوم من جانبه ، ولكنه لم يتنازل عن المبدأ الذي ورثه عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) بكونه المراقب والمحافظ للعقيدة الإسلامية .
أمّا في فترة حكم عثمان فقد استشرى الفساد ودبّ في أجهزة الدولة بصورة علنية مكشوفة ، وانتقلت العدوي إلى فئات المجتمع الإسلامي ، فوقف الإمام معلنا رفضه واستنكاره على عثمان بصورة علنية ، ووقف معه الصحابة الأجلّاء أمثال عمّار بن ياسر وأبي ذر ، بل حتّى الذين وقفوا موقف المعارض لخلافة أمير المؤمنين لم يرضوا على عثمان سوء إدارته وفساد حكومته ، ويمكن لنا أن نجمل طبيعة حكم عثمان وملامحه فيما يلي : إن عثمان وصل إلى الحكم وقد تجاوز السبعين عاما ، وكان وصولا لأرحامه ولوعا بحبّهم وإيثارهم ، فقد روي عنه قوله : لو أن بيدي مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني اميّة حتى يدخلوا من عند آخرهم . كما أنّ عثمان عاش غنيّا مترفا قبل الإسلام ، وظلّ على غناه في الإسلام ، فلم يكن ليتحسّس معاناة الفقراء وآلام المحرومين ، فكانت شخصيته مزدوجة في التعامل مع الجماهير المحرومة التي تطالبه بالعدل والسوية ، فيعاملها بالشدّة والقسوة ، كما في تعامله مع عبد اللّه بن مسعود وعمار بن ياسر وأبي ذر وغيرهم .
وأمّا من جهة أقربائه فقد أدناهم وقلّدهم الأمور ، فاستعمل الوليد بن عقبة ابن أبي معيط على الكوفة وهو ممّن أخبر النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أنّه من أهل النار ، وعبد اللّه ابن أبي سرح على مصر ، ومعاوية بن أبي سفيان على الشام ، وعبد اللّه بن عامر على البصرة ، وصرف الوليد بن عقبة عن الكوفة وولّاها سعيد بن العاص[1].
وكان عثمان ضعيفا أمام مروان بن الحكم ، يسمع كلامه وينفّذ رغباته ، حتى أنّه عندما تألّبت الأمصار على عثمان وتأزّمت الأوضاع ؛ تدخّل الإمام ليهدّئ الحالة ويرجع الثائرين - الذين جاءوا يطالبون بإصلاح السياسة الإدارية والمالية وتبديل الولاة - إلى بلدانهم ، وأخذ من عثمان شرطا أن لا يطيع مروان بن الحكم وسعيد بن العاص .
ولكن بمجرد أن هدأت الأوضاع ؛ عاد مروان وحرّض عثمان على أن يخرج وينال من الثوار ، فخرج إليه الإمام عليّ ( عليه السّلام ) مغضبا فقال : « أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلّا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الضعينة يقاد حيث يسار به ، واللّه ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه »[2] ؟
وفي موقف آخر مع الوليد بن عقبة أنّ الخليفة عثمان غضب على الشهود الذين شهدوا على الوليد بشربه الخمر ودفعهم ، وهنا تدخّل الإمام وهدّد عثمان من عواقب الأمور ، فأمره الإمام ( عليه السّلام ) باستدعاء الوليد ومحاكمته وإقامة الحد عليه ، وحين احضر الوليد وثبتت عليه شهادة الشهود ؛ أقام الإمام ( عليه السّلام ) عليه الحدّ ممّا أغضب عثمان ، فقال للإمام : ليس لك أن تفعل به هذا ، فأجابه الإمام بمنطق الحقّ والشرع قائلا : « بل وشرّ من هذا إذا فسق ومنع حقّ اللّه أن يؤخذ منه »[3].
وأمّا سياسة عثمان المالية فقد كانت امتدادا لسياسة عمر من إيجاد الطبقية وتقديم بعض الناس على بعض في العطاء ، إلّا أنّها أكثر فسادا من سياسة سابقه ، فقد أثرى بني اميّة ثراء فاحشا ، وحين اعترض عليه خازن بيت المال قال له : إنّما أنت خازن لنا ، فإذا أعطيناك فخذ وإذا سكتنا عنك فاسكت ، فقال : واللّه ما أنا لك بخازن ولا لأهل بيتك ، إنّما أنا خازن للمسلمين . . وجاء يوم الجمعة وعثمان يخطب فقال : أيّها الناس ! زعم عثمان أنّي خازن له ولأهل بيته ، وإنّما كنت خازنا للمسلمين ، وهذه مفاتيح بيت مالكم ، ورمى بها[4].
[1] تأريخ اليعقوبي : 2 / 160 وتأريخ الطبري : 3 / 445 ط مؤسسة الأعلمي ، وأنساب الأشراف للبلاذري :
5 / 49 ، وحلية الأولياء : 1 / 156 ، وشيخ المضيرة أبو هريرة : 166 ، والغدير : 8 / 238 - 286 والنص والاجتهاد : 399
[2] الطبري : 3 / 397 ط مؤسسة الأعلمي .
[3] مروج الذهب : 2 / 225 .
[4] الطبقات لابن سعد : 5 / 388 ، وتاريخ اليعقوبي : 2 / 153 ، وأنساب الأشراف : 5 / 58 ، والمعارف لابن قتيبة : ص 84 ، وشيخ المضيرة أبو هريرة : 169 ، والغدير : 8 / 276 .
|
|
هل تعرف كيف يؤثر الطقس على ضغط إطارات سيارتك؟ إليك الإجابة
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تواصل إقامة مجالس العزاء بذكرى شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
|
|
|