أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-1-2023
1498
التاريخ: 3-1-2023
1530
التاريخ: 7-6-2022
2074
التاريخ: 26-10-2015
3794
|
تأكيداً لمبدأ علوية و سمو الدستور وإقراره ، نصت الدول في صلب وثائقها الدستورية عليه ، وكان الدستور الأمريكي الصادر في عام 1787 ، أول دستور ينص على مبدأ سمو الدستور إذ أكدت المادة ( 6) منه على هذا المبدأ .
ومن خلال الرقابة على دستورية القوانين يتم التحقق من مخالفة القوانين للدستور تمهيدا لعدم إصدارها ، إذا كانت لم تصدر بعد ، أو لإلغائها أو للامتناع عن تطبيقها إذا كان تم اصدارها ، وتنتظم التشريعات العادية في بلاد الدساتير الجامدة عادة على ثلاث درجات بعضها فوق بعض ، فتختلف في قوتها ، ويحرم على الأدنى منها مخالفة الأعلى ، وتأتي في قمة هذه التشريعات التشريع الدستوري ، يعقبه التشريع العادي ، ثم في النهاية التشريع الفرعي الذي يتمثل في اللوائح الإدارية (1).
إن الرقابة على دستورية القوانين تعد الضمان الحقيقي لنفاذ القاعدة الدستورية ، وهي تعتبر كذلك الحارسة لمبدأ الشرعية ، كما أنها تحافظ على الحدود الدستورية لسلطات الدولة ، وهي ضمان كذلك ضد تعسف السلطة التشريعية ، وأخيراً أنها من أهم ضمانات الحرية ، وفيما يلي نتناول هذه المبررات
أولا : الرقابة الحارسة للشرعية .
الشرعية تعني الاتفاق مع القواعد القانونية ، ايا كان مصدرها دستوريا ام تشريعيا ، وتسود احكامها على كل من في الدولة حكاما و محكومين ولهذا فالشرعية تعني التزام كل من الدولة والافراد بعدم مخالفة القواعد القانونية ، مع وجود الجزاء على الاخلال بهذا الالتزام ، اذ لا ضمانة بغير جزاء على المخالفة ، إذ تتوقف قيمة الالتزام و مدى الايمان به على مدى فعالية هذا الجزاء فالشرعية اذن تعنى مبدأ سيادة احكام القانون، حيث عن طريقها لا يمكن لاي هيئة ان تصدر قراراً فرديا الا في الحدود التي بينها القانون أو الدستور (2).
ولذلك فان القواعد القانونية ، تعد بالنسبة لجميع هيئات الدولة والحكام و المواطنين واحدة ، إذ انهم جميعا ملزمون بصورة متساوية بالخضوع للقانون ، ولا يحق لاي فرد الاخلال بالقانون أو الانحراف عن متطلبات الشرعية ، وذلك لان القانون هو للجميع ، حيث ان هذا المبدأ من المبادئ الدولة القانونية ، ولذلك فان اي اخلال او انحراف بالقواعد القانونية من قبل هيئات الدولة يعتبر عملا مخالفا للشرعية . كما انه يعتبر استبدادا يعاقب علية القانون (3).
ثانيا : المحافظة على الحدود الدستورية للسلطات
إن مختلف أنظمة الحكم التي تطيق مبدأ الفصل بين السلطات تجد أن الأوضاع كادت أن تعود مرة اخرى الى نظام تركيز السلطات ، أو معظمها في يد هيئة واحدة ، فقد أصبحت الانظمة في الوقت الحالي تتغلب فيها من الناحية العملية ، أحدى سلطات الدولة و غالبا ما تكون السلطة التنفيذية ، وفي ذلك يرى الفقيه دو فرجيه " إن مبدا الفصل بين السلطات ما زال من الناحية الرسمية و النظرية أساسا من أسس القانون العام في الدول الغربية لكن من الناحية الواقعية فقد تدريجيا أهميته و معناه ) " .
فما الذي يُعيد لهذا المبدأ اهميته ومعناه ؟ و ما الذي يجعل من الفصل بين السلطات بما يؤدي اليه من ضمانات حقيقية واقعية لا مبدأ نظريا فقط ؟ و ما الذي يُحافظ لكل سلطة حدودها و اطارها ؟ بلا شك أن ذلك يكمن في الرقابة على دستورية القوانين ، فمن خلال الرقابة على الدستورية يُمكن كبح جماح السلطة التشريعية و حتى السلطة التنفيذية ، وترجعها الى حدودها الدستورية عن طريق إبطال الأعمال و التصرفات المختلفة الصادرة منها ، و التي تعتبر خارجة عن الحدود الدستورية التي رسمها الدستور لها .
و كذلك تضمن الرقابة أن تمنع السلطة التشريعية من التفريط في سلطتها في سن التشريع و التخلي عنه الى السلطة التنفيذية و المتمثلة بظاهرة (التقويض التشريعي) ، و لعل خير مثال على أهمية الرقابة على دستورية القوانين في مواجهة التقويض التشريعي ) ، والاحتفاظ بالتوازن بين السلطات ما قامت به المحكمة الاتحادية العليا الامريكية من مجابهة التقويض التشريعي من جانب الكونغرس الأمريكي و حرصها على ألا يُسرف الكونغرس في نقل اختصاصاته التشريعية الى الرئيس ، لكي لا تتضخم سلطاته ، و لا يصبح حاكماً لا تقبلها روح فكرة الحكومة المقيدة التي قام عليها الدستور (4).
ثالثا : الرقابة خير ضمان ضد تعسف الدكتاتورية البرلمانية .
عانت الديمقراطية بعد الحرب العالمية الأولى أزمة شديدة ، وبلغت أوجهها في الفترة السابقة لإعلان الحرب العالمية الثانية ، ولعل السبب في هذه الأزمة يرجع الى العديد من العوامل من أهمها : هو قيامها على مبادئ نظرية خيالية يمكن أن تقوم على أساسها أقوى الدكتاتوريات ، لا بل و قامت بالفعل في ظل ما يسمى (بمبدأ سيادة الامة ) ، ومن أبرز الأمثلة الدكتاتورية التي قامت في ظل مبدأ سيادة الامة كدكتاتورية نابليون التي قامت في فرنسا .
أن نظرية سيادة الامة عُدت من أخطر النظريات على الحرية الفردية و ذلك لأنها تعطى مبرراً على كل عمل صادر من الأمة أو من يُمثلها بذلك تتحقق الشرعية حتى وإن كان هذا العمل أوالتصرف فيه انتهاك للدستور ، كما إن البعض يرى أن هذا المبدأ يؤدي الى طريق الاستبداد البرلماني ، فاذا كان المبدأ قد نجح في تحرير الفرد من ظلم و الملوك و تعسفهم ، فانه اليوم بحاجة الى حمايته من تسلط البرلمانات ، و هو ما لا تصلح له نظرية سيادة الأمة ، فمادام البرلمان هو وكيل الامة و المعبر عن ارادتها فله أن يأتي من الافعال و التصرفات ما تشاء وتكون جميعها مشروعة لأن البرلمان هو الذي يحدد المشروع وغير المشروع، لأن نظرية سيادة الامة ، تنقل السلطة بكاملها و تضعها في يد البرلمان ، وهذا الشئ يؤدي الى الأستبداد ، والرقابة على دستورية القوانين يكفل برد البرلمان الى حدوده التي وضعها له الدستور والخلاصة إن وجود الرقابة يجعل البرلمان لا يقدم على سن قانون يتعارض مع احكام الدستور ، لأنه يعلم من أنه إذا أتى عملا مخالفاً و مناقض للدستور فان مصيره يكون الالغاء و عدم التنفيذ . وذلك حماية للدستور وصيانته من الانتهاك (5).
رابعا : الرقابة أهم ضمانات الحرية .
إن حرية الافراد هي أساس الحريات كلها ، و هي المقصد الأسمى لجميع الحكومات العادلة . من هذا المنطلق ظهر مبدأ أساسي مهم ومشترك بين دول الديمقراطيات الفردية و هو مبدأ (الحقوق الفردية ) و أيا كانت الاسس التي قام عليها هذا المبدأ فان هناك نتائج مشتركة من أهمها :
1- إن السلطة التشريعية لا تتمتع بسلطة مطلقة فهي لا تستطيع أن تسن القوانين كيفما تشاء و تريد .
2- ليس على الدولة أن تحترم الحقوق الفردية فيما يتعلق بالغاية فحسب، بل يجب عليها أن تحترم الوسائل ، فلا يكفي أن تعمل الدولة مثلا على إدراك الحرية المستقبلية للأفراد ، بل يجب عليها أن تحترم تلك الحرية ، و لأهمية هذه الحرية أصبحت الدساتير في مختلف الدول و في جانب كبير منها أن تحترم الحرية الفردية ، و لكن هل يكفي لحماية الحرية أن نضع لها نصوصا في الدستور ؟
بالقطع أن ذلك لا يكفي ، فلا بد الى جانب ذلك أن نكفل لهذا الدستور بالعلو و نمنع أي سلطة أن تعتدي عليها و لاسيما السلطة التشريعية ، ومن تم يأتي دور القضاء المستقل الحر المحايد فهو وحده الذي يستطيع حماية الحرية الفردية (6).
فالقضاء الدستوري هو الضمانة الأهم و الأفضل لحماية الحقوق والحريات الاساسية التي كفلها الدستور ، ويمارس الرقابة القضائية ، رقابة سابقة عبر عرض مشاريع القوانين عليه قبل إصدارها . أو رقابة لاحقة على القوانين النافذة عن طريق الدفع بعدم دستورية نصوص القوانين ، وتعتبر قرارات المحكمة ملزمة في صورة التصريح بعدم دستورية القانون قبل إصداره ، أو في صورة الحكم بتوقيف العمل بالقانون النافذ حال إصداره (7).
____________
1- حسن ناصر طاهر المحنة ، الرقابة على دستورية القوانين ، العراق نموذجا ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة ، كلية القانون و العلوم السياسية - الاكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك ، 2008 ، ص 21 .
2- د . احسان حميد المفرجي ، د . كطران زغير نعمة ، د. رعد ناجي ، النظرية العامة في القانون الدستوري و النظام الدستوري في العراق ، المكتبة الوطنية ، بغداد ، دون تاريخ النشر ، ص 60
3- احسان حميد المفرجي ، د . كطران زغير نعمة ، د. رعد ناجي ، النظرية العامة في القانون الدستوري و النظام الدستوري في العراق ، المكتبة الوطنية ، بغداد ، دون تاريخ النشر ص 61
4- د. سمير داود سلمان ، الحماية الرئاسية للقاعدة الدستورية ، مكتبة السنهوري ، لبنان ، بيروت ، 2018 ، ص 144
5- د. عبد العزيز محمد سالمان ، رقابة دستورية القوانين ، ط 1 ، دار الفكر العربي ، مدينة النصر ، 1995 ، ص 137-138
6- عبد العزيز محمد سالمان ، رقابة دستورية القوانين ، ط 1 ، دار الفكر العربي ، مدينة النصر ، 1995 ، ص 142
7- زيد العلي ، واخرون ، الكتاب السنوي للمنظمة العربية للقانون الدستوري ، 2017 ،
ينظر رابط الملف
https://www.idea.int/sites/default/files/publications/2017-06-30-annual book-cl-AR.pdf تاريخ الزيارة 2021/4/14 الساعة
am 9:20 ص 143
|
|
بـ3 خطوات بسيطة.. كيف تحقق الجسم المثالي؟
|
|
|
|
|
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تواصل إقامة مجالس العزاء بذكرى شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
|
|
|