أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-10-2015
5282
التاريخ: 25-10-2015
8608
التاريخ: 25-10-2015
4498
التاريخ: 23-10-2015
2667
|
يختلف مفهوم انتهاك الدستور في اللغة عن مفهومه في الاصطلاح القانوني و الفقهي .
فيقصد بالانتهاك في اللغة : " إنتهك انتهاكاً (نهك ) الحرمة : أذهبها ، لم يحترمها ، دنسها . الشئ اذهب حرمته " (1) .
كما نلاحظ أن كلمتي الخرق و الانتهاك كلمتان مترادفتان في اللغة العربية ، ولذلك نرى أن بعض الدساتير أورد عبارة انتهاك الدستور ، وفي دساتير اخرى اورد عبارة خرق الدستور أما في الفقه ، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن المقصود بانتهاك الدستور هو إتيان أي فعل من رئيس الدولة يشكل مخالفة ضمنية أو صريحة لأي نص من نصوص الدستور ، بالعمل على خلاف ما ورد فيها من خلال استخدام السلطات الممنوحة له استخداماً يؤدي الى تلك المخالفة (2).
أما في الاصطلاح القانوني فإن الدساتير التي أقرت بمسؤولية رئيس الدولة عن انتهاك الدستور لم تبين ما المقصود بانتهاك الدستور، ولكن جرت محاولات في لبنان لوضع تعريف لانتهاك الدستور ومنها المشروع الذي سمي بـ ( مشروع جوزيف شاوول ) في عام 1990م بأن خرق الدستور يعني كل عمل جسيم يتجاوز فيه حدود الدستور ، وعند خرق الدستور تنزل بالفاعل العقوبة المنصوص عليها في الفصل الثاني من الباب الاول من الكتاب الثاني من قانون العقوبات بالإضافة الى العزل
أما مشروع ( أنور الخطيب ( لقانون أصول المحاكمات أمام المجلس الاعلى فأنه عرف انتهاك الدستور في المادة ( 12 ) بأنه " كل عمل يتجاوز فيه أحد أعضاء السلطة التنفيذية حدود الدستور )" . وفي اليمن فقد عرف القانون الخاص بإجراءات اتهام و محاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولة رقم (6) لسنة 1995م وفي مادته الثانية جريمة خرق الدستور بانه " مخالفة نص من نصوص الدستور أو تعليقه أو تعديله دون اتباع الإجراءات المحددة فيه " كما نصت المادة (28) منه على " كل من يثبت ادانته بارتكاب جريمة .. أو خرق للدستور أو .. " (3).
ويمكن القول إنَّ انتهاك الدستور من جانب رئيس الدولة يمكن أن يحصل في الحالات التالية . أولاً : عند مخالفة رئيس الدولة لأي نص من نصوص الدستور بصورة عامة ، ولاسيما النصوص الملزمة له ، والتي تمنع قيام الرئيس بعمل معين ، فيقدم الرئيس على القيام به ، أو التي تفرض عليه واجباً معيناً فيقوم بالإمتناع عن القيام به كإلزام الدستور الرئيس بحماية أحكام الدستور فيتقاعس عن القيام بهذا الدور.
ثانيا : مخالفة الرئيس للنصوص الدستورية المحددة لسلطاته الواردة في الدستور.
ومن الأمثلة على ذلك مخالفة رئيس الدولة لنص المادة (13) الفقرة الثانية من دستور جمهورية عراق لعام 2005 التي تمنع تشريع أي قانون او نص دستوري في دساتير الاقاليم يتعارض مع الدستور العراقي النافذ ، فاذا قام الرئيس بالمصادقة على مثل هذه القوانين، بالاستناد لنص الفقرة الثالثة من المادة (73) من الدستور فانه يعتبر بذلك منتهكاً للدستور
ثالثا : يمكن أن تحدت حالة انتهاك الدستور من جانب رئيس الدولة ، اذا تعمد تعطيل أو تعليق نص دستوري معين ، و يمكن أن يحدث التعطيل في الحالات التالية :
1- عندما يصدر الرئيس قراراً يقضي بتعليق العمل ببعض مواد أو نصوص الدستور
2- عند ما يمتنع الرئيس عن إصدار قرار مطلوب بموجب الدستور ، كامتناع الرئيس عن المصادقة على أحكام الإعدام الصادرة من المحاكم المختصة (4).
ويمكن أن تتار جريمة انتهاك الدستور بحق رئيس الدولة ، عند انتهاكه المتعمد لقواعد الشكل أو الاختصاص ، أو الاجراءات الدستورية ، كما لو قام الرئيس بممارسة سلطاته الدستورية عند مخالفته لقواعد الاختصاص الموضوعية ، أو الاجراءات الشكلية، إلا أن هذا لا يعني أن مجرد إصدار الرئيس قرار مخالف لقواعد الشكل و الاختصاص تؤدي إلى إثارة مسؤوليته الجنائية ، فهذه الجريمة لا تتار إلا إذا أصر الرئيس على مخالفته الدستورية ، بعد حكم القضاء بعدم دستوريتها ، فعند ذلك يكون قد تحقق الركن المعنوي لهذه الجريمة و المتمثلة بعنصري القصد الجنائي و هما العلم و الإرادة (5).
وقد تميز الدستور الفرنسي في إقراره لمسؤولية رئيس الدولة في حالة واحدة على سبيل الحصر وهي جريمة الخيانة العظمى ، و بالنظر لعدم تحديد الدستور لمضمون هذه الجريمة فقد ذهب جانب من الفقه ببيان محتوها الموضوعي ، حيث يرى الفقيه j. Giquel أن مضمون الخيانة العظمى يتضمن حالة خرق الدستور ، كما أكد الفقيه M.H.Faber على أن العنصر الأساس في تكوين جريمة الخيانة العظمى يتجسد في كل انتهاك خطير من قبل رئيس الدولة لمهماته و التزاماته المحددة دستوریا ووفقا للتطورات الدستورية التي شهدتها فرنسا فقد تغير منهج المشرع الدستوري بخصوص الحالة الموجبة لمسؤولية الرئيس الجنائية ، فقد طرأ تعديل دستوري في فبراير عام 2008م و مضمونه مساءلة رئيس الدولة في حالة اخلاله بواجباته ، فقد نصت المادة (86) الفقرة الأولى منه "( لا يجوز عزل رئيس الجمهورية الا في حالة اخلاله بواجباته بما يتنافى بشكل واضح مع ممارسته ولايته )" ، وقد حدد الدستور في المادة (5) منه الواجبات الدستورية لرئيس الدولة و التي تتمثل بالاتي :
1- يسهر على احترام الدستور .
2 - يتضمن السير المنتظم للسلطات العامة واستمرار بقاء الدولة .
3- يحمي الاستقلال الوطني وعدم المساس بإقليم الدولة واحترام المعاهدات
فاستنادا الى هذا التعديل الدستوري فإن مخالفة رئيس الدولة للأحكام الواردة لأي نص من الدستور وعدم الالتزام بالضوابط الموضوعية و الاجرائية ، يمكن أن يحقق حالة خرق الدستور(6).
إننا نرى أن انتهاك نصوص الدستور وأحكامه، إنما هو انتهاك للمبادئ والقيم التي سبق أن خرج الشعب للتصويت عليها في الاستفتاء العام ، و الموافقة عليها ، و تثبيت أحكامها ، و مبادئها كنهج للنظام السياسي للدولة ، و الذي يحتوي في مضامينه و موضوعاته جميع ما يطمح اليه الشعب لتحقيق تطلعاته و أماله ، لذا فان انتهاك الدستور يعد كذلك هدم لجميع الاسس و المبادئ التي ناضلت كافحت من أجلها الشعوب لتحقيق أهدافها السياسية الاجتماعية ، و الاقتصادية في الدولة الديمقراطية المدنية .
__________
1- جبران مسعود ، معجم الرائد ، ط ، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1992 ، ص 134
2- فيصل عبد الكريم دندل ، مسؤولية رئيس الدولة عن احكام انتهاك الدستور ط1 المركز العرابي للنشر والتوزيع والطبع ، القاهرة 2018 ، ص 199 – 200 .
3- اردلان نورالدین محمود ، المسؤولية الجزائية لرئيس الدولة في التشريعات الداخلية ، اطروحة دكتوراه ، كلية القانون و السياسة ، جامعة صلاح الدين / اربيل ، 2012م ، ص 163
4- م اسماعيل نعمة عبود، م . ميثم حسين الشافعي، مساءلة رئيس الجمهورية امام المحكمة الاتحادية في دستور جمهورية العراق لعام 2005 ، بحث منشور في مجلة رسالة الحقوق، جامعة كربلاء ، العدد الثاني المجلد الأول لسنة . 2009 ، ص 158 – 159
5- د. محمد عدنان ناجي ، تأثير رئيس الدولة على البرلمان بين النص القانوني و الواقع العملي ، الكتاب الأول ، ط1 ، المركز القومي للإصدارات القانونية ، القاهرة ، 2020 ، ص 257 – 258
6 - د. رافع خضر صالح شبر ، انتهاك الدستور ، ط 1 ، دار السنهوري ، بيروت ، 2016 ، ص 53 – 56
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
قسم التطوير يقدم محاضرات عن نهج البلاغة في العتبة الكاظمية
|
|
|