أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-02
1159
التاريخ: 2023-11-14
1211
التاريخ: 2024-09-20
287
التاريخ: 2024-09-14
482
|
ولمع في سماء آسية الصغرى في قبدوقية في القرن الرابع أقمارٌ ثلاثةٌ، أكسبوا قبدوقية شُهرة واسعة وعظمة ليس بعدها عظمة، والإشارة هنا إلى غريغوريوس الثاولوغوس، وباسيليوس الكبير، وأخيه غريغوريوس النيساوي. ولد غريغوريوس الثاولوغوس (اللاهوتي) في قرية أريانزوس بالقرب من نزينزوس في السنة 328، وكان أبوه قد تَنَصَّرَ بتأثير زوجته نونَّة ثم سقِّف على نزينزوس أو نازيانزة، وقد ترعرع غريغوريوس على المبادئ الصالحة، وتَلَقَّى مبادئ علومه في قيصرية قبدوقية ثم في قيصرية فلسطين، فالإسكندرية، فآثينة. وفي آثينة انعقدتْ أواصر الصداقة بينه وبين باسيليوس الكبير، وتلقى المعمودية حوالي السنة 360، ثم أعرض عن الدنيا ومَالَ إلى النسك، فترهب مع باسيليوس الكبير في البونط، وعاد إلى بلده فشرطنه والده كاهنًا لكنيسة نازيانزة في السنة 362، فأقام في خدمتها حتى السنة 371 أو 372 فسامه باسيليوس الكبير أسقفًا على ساسيمة أو زاسيمة، ولكنه لَازَمَ خدمةَ والده حتى وفاته في السنة 374، وفي أوائل السنة 379 استقدمه أرثوذكس القسطنطينية لمساعدتهم ضد الآريوسية، فسار إليهم وجمعهم في دار رجلٍ من أصدقائه جعلها كنيسة صغيرى وأسماها أنسطاسية، (وفيها ألقى خطبه الرنانة في الثالوث الأَقْدَس، ومنها تدفقت سيول الفصاحة على أسماع المؤمنين.) (1) فنما عددهم على حساب الآريوسيين، وفي السنة 380 أَقَرَّ الإمبراطور ثيودوسيوس الأول رئاسته على القسطنطينية، وأيد ذلك المجمع المسكوني الثاني في السنة 381 فرَعَاهَا حتى السنة 382، وكان حساسًا جدًّا فلم يوافق جو القسطنطينية مزاجَه، فقال قوله المأثور: «ردوني إلى الانفراد! ردوني إلى الله!» فكان له ذلك، وعَادَ راجعًا إلى نازيانزة؛ حيث قضى فيها باقي عُمره، وتُوُفي في السنة 391. وأشهرُ مصنفاته خُطَبُهُ في العقائد والأعياد والقديسين، وتآبينُهُ وأشعاره اللاهوتية، وقصيدته الطويلة في تاريخ حياته، واهتدى في دقائق اللاهوت إلى عبارات لطيفة موفقة، وتجلت في خطبه ومواعظه مقدرةٌ فائقةٌ في التعبير والإقناع، فلقب بالثاولوغوس (اللاهوتي)، وأحيانًا بالثاولوغوس الثالوثي؛ لأنه تكلم كثيرًا في الثالثوث وفي وحدانية جوهره وطبيعته (2). وأما باسيليوس الكبير (3) فقد سبق عنه الحديثُ، ويجدرُ بنا هنا أَنْ نُضيف أَنَّ جدته لأبيه القديسة مقرينة تتلمذتْ لغريغوريوس العجائبي، وأَنَّ جَدَّهُ لأمه حاز شرف الشهادة، وأن أُخته الكبرى مقرينة ترهبتْ، وأَنَّ والدته إميلية قضت أعوامَها الأخيرةَ في العبادة، وأن أخويه بطرس وغريغوريوس كانا في مصاف الأساقفة، وأشهر الاثنين غريغوريوس، ويعرف بالنيسي، وقد فاق أخاه باسيليوس الكبير وصديق أخيه غريغوريوس الثاولوغوس في الدقة والتَّعَمُّق، ولد في قيصرية قبدوقية حوالي السنة 335، وتأدب فيها وعَلَّمَ الخطابة مدة من الزمن، ثم أثر الثاولوغوس في نفسه فتنسك، ثم سامه أخوه باسيليوس أسقفًا على نيسة سنة 371، وعزله الآريوسيون سنة 376، ولكنه عاد إليها بعد سنتين، واشترك في أعمال المجمع المسكوني الثاني، فأحرز احترامًا عظيمًا؛ لتفوُّقه في جودة التفكير ووضوح التعبير، وصَنَّفَ كثيرًا. وأشهرُ مؤلفاته رَدُّهُ على أنوميوس وأبوليناريوس، وكانت وفاتُهُ في السنة 394 في الأرجح. وتَضَلَّعَ جميعُ هؤلاء الأحبار الثلاثة من العلوم الكلاسيكية، واجتهدوا اجتهادًا صالحًا في اللاهوت، وتوافقوا فشكلوا ما عُرف فيما بعد بالمذهب الإسكندري الجديد، استعانوا بالفلسفة وأَصَرُّوا على تحكيم العقل في العقيدة، ولكنهم لم يتطرفوا في التأويل تطرُّف أساطين الإسكندرية، ولم يَتَخَلَّوْا عن تقاليد الكنيسة الموروثة، وأضافوا إلى تصانيفهم الكثيرة في العقيدة مجموعاتٍ من الخُطَب والرسائل تُشكل في حد ذاتها موادَّ أولية هامة لتفُّهم الفكر والثقافة في هذه الفترة موضوع هذا الفصل، ولم يقم بعدهم في قبدوقية من حافظ على هذه المكانة العالية التي أوصلها إليها في تاريخ الفكر هؤلاء الأفاضل الأماثل. واختلف الآباء فيما بعد في التفاضل بين باسيليوس الكبير وغريغوريوس الثاولوغوس ويوحنا الذهبي الفم، ثم اتفقوا نحو السنة 1100 فأَقَرُّوا عيدًا تذكاريًّا للثلاثة معًا عُرِفَ بعيد الأقمار الثلاثة، ورتب يوحنا أسقف أفخاطية خدمة كنائسية خاصة لهذا العيد. «هَلُمُّوا نَلتئم جميعًا ونكرم الثلاثة الكواكب العظيمة للاهوت المثلث الشموس التي أنارت المسكونة بآشعة العقائد الإلهية، وأنهار الحكمة الجارية بالعسل التي روَّت الخليقةَ كلها بسواقي معرفة الله، باسيليوس العظيم وغريغوريوس اللاهوتي ويوحنا الشهير الذهبي اللسان، ونمتدحهم بالأناشيد يا عاشقي مواعظهم؛ فإنهم يتشفعون إلى الثالوث فينا دائمًا» (30 كانون الثاني).
.............................................
1- الدرر النفيسة، ج1، ص552.
2- Fleury, E., Saint Grégoire de Naziance et son Temps, (Paris, 1930)
3- Fialon, E., Etude hist. et lit., sur Saint Basile, (1869)
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تستعدّ لتكريم عددٍ من الطالبات المرتديات للعباءة الزينبية في جامعات كركوك
|
|
|