ننتقل في هذا الجزء لنستعرض بإيجاز الأسلوب الثاني والأخير في إنتاج المواد النانوية، وهو النمط المعروف باسم «الأسفل إلى الأعلى». وتعتمد فلسفة هذا النمط على تصميم Design الجهاز أو المعدة النانوية المراد إنتاجها، ثم القيام بتفصيل (حياكة) Tailoring مكونات نسيج هيكلها الداخلي المكون من الذرات أو الجزيئات، بحيث يتم ترتيب وتشكيل هذه المكونات ذرة – ذرة، وجزيئا – جزيئا، ووضعها في هياكل نانوية محددة الأبعاد والأشكال، وفقا للبنية المراد الحصول عليها.

ويهدف هذا النمط الإنتاجي إلى الحصول على هياكل نانوية تتمتع بخواص وسمات غير متوافرة في المواد التقليدية الأخرى التي لها التركيب الكيميائي نفسه، الأمر الذي يعني إضافة وظائف جديدة متميزة وقدرات هائلة لهذه الهياكل عند دخولها كعناصر ومكونات أساسية في تصنيع الأجهزة النانوية المختلفة.

وفي إطار هذا الهدف، فإن نمط إنتاج المواد والأجهزة النانوية من خلال أسلوب «الأسفل إلى الأعلى» يتطلب توافر ثلاثة عناصر رئيسية هي:

– جزيئات المادة، والتي يُطلق عليها «لبنات البنية الجزيئية» ((MBBS Molecular Building Blocks تكون لهذه الجزيئات المخلقة القدرة على الارتباط مع غيرها من جزيئات المواد الأخرى لتكوين تراكمات من الجزيئات يتم ترتيبها لتحتل أماكنها بالهياكل النانوية وفقا للنموذج المصمم.

– توافر طرق ملائمة ودقيقة، نستطيع من خلالها استخدام تلك اللبنات الجزيئية في بناء الهياكل النانوية المراد تخليقها.

– القدرة على توظيف تلك الهياكل النانوية المخلقة في تصنيع الأجهزة الدقيقة صغيرة الأحجام، والتي قد تصل مقاييس أبعادها إلى عدة مايكرومترات أو بعض ملليمترات.

وأود أن أشير هنا إلى أن هذا النمط الإنتاجي القائم على تجميع جزيئات بعينها واستخدامها كلبنات للبناء الجزيئي نانوي الأبعاد، المكون لهياكل المواد والأجهزة النانوية، يُعرف باسم تقنية التجميع الجزيئي Molecular Assembly. وتنقسم هذه التقنية إلى نوعين هما:

– التجميع الموضعي Positional Assembly، والتي يُطلق عليها أيضا مسمى التجميع الآلي أو الروبوتي Robotic Assembly.

– التجميع الذاتي Self–assembly.