المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الحديث المضطرب والمقلوب
2024-12-22
الحديث المعلّل
2024-12-22
داء المستخفيات الرئوية Pulmonary cryptococcosis
2024-12-22
احكام الوضوء وكيفيته
2024-12-22
أحكام النفاس
2024-12-22
من له الحق في طلب إعادة المحاكمة في القوانين الجزائية الإجرائية الخاصة
2024-12-22

Agrobacterium
30-11-2015
التعويض الناشئ عن الطعون الكيدية
6/10/2022
WORDS AS LABELS FOR CATEGORIZATION PROCESSES
2024-08-24
البسلة
22-3-2016
الأذن للـوكيـل بـالـتـوكـيـل مـن الباطـن
2023-09-21
مصفوفة حقيقية Real Matrix
14-12-2015


النظام الاجتماعي عند الإمام علي (عليه السلام) / علاقة الإنسان بالله تعالى  
  
231   08:56 صباحاً   التاريخ: 2024-11-19
المؤلف : الشيخ خليل رزق
الكتاب أو المصدر : نظام العلاقات الاجتماعية في نهج البلاغة
الجزء والصفحة : ص33ــ44
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

إنَّ لتنظيم علاقة الإنسان المخلوق مع خالقه تأثيراً كبيراً في مجال تزكية النفس الإنسانية، وتصفيتها، وتنقيتها، وتخليصها من كل الشوائب والأمراض المادية والمعنوية التي يمكن أن تصيبها.

ومن هنا فقد أشار الإمام أمير المؤمنين وسيد المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى جملة من حقوق الله تعالى على الإنسان التي من خلالها تتحدد وظيفة الإنسان تجاه ربه وخالقه، وكيفية سلوك الإنسان في علاقته مع الله سبحانه وتعالى والتي يتم من خلالها بناء العلاقة السليمة بين العبد وخالقه، ولا مجال للقول بأنه لا علاقة لهذه المسألة ببحثنا هذا ذلك أنه في عقيدتنا أن الإرتباط بالله والخضوع لأوامره ونواهيه يصبح مرآة للعلاقة بين الإنسان وأفراد المجتمع، وهذا هو السبب الذي من أجله تعرضنا لهذه المسألة وأما الضوابط التي أشار إليها الإمام فهي:

أ - التسليم والعبودية الله تعالى:

نص القرآن الكريم على أن الغاية الأساسية من وجود الإنسان وحياته في هذا العالم هي عبادة الله تعالى حيث يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].

ولا تتم هذه العبادة إلا حينما يؤمن الإنسان بالعبودية لله والتسليم لمشيئته والخضوع لأمره تعالى مطلقاً.

ونظرة سريعة إلى القرآن الكريم نرى أنه يجعل غاية كل الأديان في دعوتها هي إيجاد ذلك النموذج من الإنسان الذي يكون (عبداً لله) دون سواه وعندها يبلغ أعلى درجة من القدسية والرفعة ويستحق لقب (عبدالله)، وهي درجة لم يبلغها إلا الأنبياء والأوصياء والأولياء.

ولهذا نجد أن أرفع لقب كان يطلقه الله سبحانه وتعالى على كل نبي في القرآن هو أن يقول عنه بأنه (عبدالله).

يقول سبحانه عن عيسى (عليه السلام) : :

{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم: 30].

وقال تعالى عن سليمان (عليه السلام):

{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30].

وعن النبي نوح (عليه السلام):

{ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: 3].

وقال تعالى عن الخضر (عليه السلام):

{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65].

وقال تعالى عن نبينا محمد (صلى الله عليه وآله).

{إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ} [الأنفال: 41].

وأشار أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة إلى أن إرشاد الناس إلى عبادة الله تعالى كانت من أسمى وأقدس أهداف بعثة الأنبياء (عليهم السلام) حيث يقول (عليه السلام):

((اصطفى سُبحانَه من ولده أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لما بدل أكثرُ خَلْقِهِ عهد الله إليهم فجهِلُوا حقه، واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم(1) الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رُسُلَهُ...))(2).

وقال (عليه السلام)، عن بعثة النبي محمد (صلى الله عليه وآله):

((فَبَعَثَ الله محمداً (عليه السلام) بالحق، ليُخرج عباده من عِبَادَة الأوثان إلى عبادته، ومن طاعة الشيطان إلى طاعته، بقرآن قد بينه وأحكمهُ، لِيعَلَمَ العبادُ رَبَّهُمْ إِذ جَهِلُوهُ، وَلَيُقروا به بعد إذ جحدُوهُ، وَلَيُثبتُوهُ بعد إذا أنكروه))(3).

وقال (عليه السلام) عند ذكر صفات المتقين، بأن من صفاتهم الخشوع في العبادة.

((فَمِن عَلَامَةِ أَحْدِهِمْ، أَنَّكَ ترى له قُوَّةً في دين... وَخُشُوعاً في عِبَادَة...))(4).

وسُئِلَ الإمام (عليه السلام) عن الخير ما هو فأجابهم بأنه عبادة الله:

((ليس الخَيْرُ أن يكثر مالكَ وَوَلَدُك، ولكنَّ الخَيْرَ أن يكثر عِلمُكَ، وأن يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وأن تُباهي الناس بعبادة ربِّكَ، فإن أحسنْتَ حَمدْتَ الله، وإن أسأت استغْفَرْتَ الله))(5).

ثم جعل (عليه السلام) من أسباب عِزَّة الإنسان أنه يكون عبداً لله فقال:

((إلهي كفاني فخراً أن تكون لي رَبِّاً، وكفاني عِزَّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عبداً، أنت كما أريدُ فاجعلني كما تُريدُ)).

ب : الإقبال على الله والإعتصام به وحده:

وذلك بأن يلجأ الإنسان في جميع أموره وقضاياه وحاجاته إلى الله وحده، ويستغني عن الناس لأنهم مخلوقات مثله، ومحتاجين ومفتقرين إلى الله، والله هو الغني الحميد.

قال الإمام (عليه السلام) يدعو أصحابه إلى الله:

((فاتَّقُوا الله عِباد الله، وفِرُّوا إلى الله من الله، وامضُوا في الذي نَهَجَهُ لكُم، وَقُومُوا بِمَا عَصَبَهُ بِكُمْ، فَعَلِيُّ ضَامِنٌ لِمَلْحِكُم(6) آجلاً، إن لم تُمنحوه عاجلاً))(7).

وفي وصية له (عليه السلام) لابنه الحسن (عليه السلام) يقول:

((... وألجيء نَفْسَك فِي أُمُورِكَ كُلَّها إِلى إِلهِكِ، فَإِنَّكَ تُلْجِئُها إلى كَهْفِ حَريز ومانع عزيز وأخلص في المسألَةِ لِرَبِّكَ، فَإِنَّ بيده العطاء والحِرْمانَ، وأكثر الإستخارة))(8).

ج - خشية الله والخوف منه:

وهما عبارة عن تألم النفس خشية من عقاب الله، من جراء عصيانه ومخالفته.

وهذا من خصائص الأولياء، وسمات المتقين، والباعث على الاستقامة والصلاح، والرادع القوي عن الشرور والآثام.

قال (عليه السلام) في إرشاد الناس للخشية من الله تعالى:

((فَاحْذَرُوا مِن الله ما حَذَرَكُمْ مِن نَفْسِهِ، وَاخشَوْهُ حَشَيَةٌ ليست بتعذير))(9).

وقال (عليه السلام):

((مَعَاشِرَ المُسْلِمِينَ: استشعِرُوا الخَشْيَةَ، وَتَجلُّبُوا السَّكينة))(10).

وقال (عليه السلام):

((وإن إستطعتم أن يَشتَدَّ خَوفُكُم من الله، وأَنْ يَحْسُن ظَنُّكُمْ به، فاجْمَعُوا بينَهُما. فإنَّ العَبْدَ إِنما يَكُونُ حُسْنُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ على قدرِ خوفِهِ مِن رَبِّهِ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ ظَنَّا بِالله أَشَدُّهُم خَوْفاً لله))(11).

وقال (عليه السلام) عن حقيقة الخوف والرجاء، وأنه لا بد أن ينعكس على عمل الإنسان وتصرفاته:

((يَدعي بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَرْجُو الله. كَذَبَ وَالعَظيم! مَا بَالُهُ لا يَتَبَيَّنُ رجاؤُهُ في عَمَلِهِ؟ فَكُلُّ من رجا عُرفَ رَجَاؤُهُ فِي عَمَلِهِ. وَكُلُّ رَجَاءٍ إلا رجاء الله تعالى - فإنَّهُ مَدخُولُ (أي مغشوش). وَكُلُّ خَوْفٍ مُحَقَّق - إلا خَوْفَ الله - فإنَّهُ مَعْلُولٌ (الخوف المعلول هو ما لم يثبت في النفس والقلب). يَرجُو الله في الكبير ويرجو العباد في الصغير، فيُعطي العَبْدَ ما لا يُعْطِي الرَّبَّ فما بَالُ الله جَلَّ ثَنَاوُهِ يُقَصَّرُ به عمَّا به لعبادِهِ؟ أَتَخَافُ أَن تَكُونَ في رجائِكَ له كاذباً؟ أو تكون لا تراه للرجاء مَوْضِعاً؟ وكَذَلِكَ إن هو خَافَ عَبْداً من عبيده، أعطاهُ مِن خوفه ما لا يُعْطِي رَبَّهُ، فَجَعَلَ خَوْفَهُ من العباد نقداً، وخوفه من خالِقِهِ ضِماراً وَوَعْداً...))(12).

د : التواضع الله:

إذا علم الإنسان قدرة الله تعالى ومقدار عظمته، ومدى سلطانه، فمن الطبيعي أن ينحني أمام هذه القدرة والعظمة. ولهذا فإن الإمام علي (عليه السلام) يُلفِتُ انتباه الإنسان إلى ذلك فيقول:

((أيُّها الناس إنَّهُ من استنصَحَ الله وُفِّقَ، وَمَن إِتَّخَذَ قولهُ دليلاً هدي ((لِلَّتي هي أقوم))، فإنَّ جَارَ الله آمن، وعدُوهُ حَائِفٌ وإنه لا ينبغي لِمَن عَرَفَ عَظَمَة الله أن يَتَعَظَّم، فإنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَن يتواضعوا له، وسلامة الذين يعلمون ما قُدْرَتُهُ أَن يَسْتَسْلِموا له...))(13).

ومن آثار تواضع الإنسان أمام الله أن الحاكم العادل يرأفُ برعيته فيما لو وسوس له الشيطان من جهة ملكه وسلطانه وتسلطه على رقاب الناس، فمجرد أن يلتفت الإنسان إلى أن الله أعظم وأقوى وأقدر منه فإنّ هذا يكون حافزاً على أن يتواضع لله سبحانه وتعالي وبالتالي للرعية. ولهذا يقول (عليه السلام): في كتابه إلى مالك الأشتر:

((وإذا أحْدَثَ لك ما أنت فيه مِن سُلْطَانِكَ أَبهَةً أو مخيلة، فَانْظُرْ إلى عظَم مُلك الله فَوقَكَ، وَقُدْرَتِهِ منك على ما لا تقدِرُ عليه من نَفْسِكَ...))(14).

هـ : طاعة الله ومعصية الشيطان:

تقوم علاقة الإنسان بالله تعالى على أساس طاعة المخلوق لخالقه مطلقاً من دون قيد أو شرط، لأنه عزَّ شأنه مبدأ كل خير ورحمة ولا يريد لهذا الإنسان إلا ما فيه نفعه في الحياة الدنيا وكذا في الآخرة. فالطاعة في مصلحة الإنسان لأن الله تعالى غني عن عباده..

{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7].

فإذا أراد الإنسان سلوك الطريق المستقيم مع خالقِهِ عزَّ وجل فعليه أن يؤدي حق الطاعة له، ولازم ذلك أن يرفض رغبات الشيطان وما يمليه للإنسان من وساوس وأوامر. وعن حق الطاعة لله يقول الإمام (عليه السلام):

((سارعوا إلى الطاعات، وسابقوا إلى فعل الصالحات، فإن قصرتُم فإيَّاكُم وأن تُقصِّروا عن أداء الفرائض))(15).

وقال (عليه السلام):

((طوبى لِمَنْ وُفِّقَ بِطَاعَتِهِ وَبَكى على خطيئته))(16).

وقال (عليه السلام):

((عليك بطاعة الله سبحانه فإنَّ طَاعَةَ الله فاضلةٌ على كُلِّ شيء))(17).

وقال (عليه السلام):

((ثابروا على الطاعات، وسارعوا إلى فعل الخيرات، وتجنبوا السيئات، وبادروا إلى فِعْلِ الحَسَناتِ وتجنبوا إرتكاب المحارم))(18).

وفي النهي عن إتباع الشيطان يقول (عليه السلام):

((وما كَلفك الشيطانُ عِلمه، مما ليس في الكتاب عليك فرضه، ولا في سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وأئمة الهُدى أَثَرُهُ فَكِلْ عِلمَهُ إِلَى اللَّه سُبحانَهُ. فإنَّ ذلك منتهى حق الله عليك))(19).

و ـ الدعاء:

إن أسمى وأرقى علاقة يبنيها الإنسان مع خالقه هي الدعاء والتضرع، حيث يقف الإنسان بين يدي ربه مخاطباً إياه بلهجة العبد الخائف المطيع المعتصم بالله وحده دون ما سواه.

وحول الدُّعاء يقول الإمام (عليه السلام):

((واعلموا عباد الله أنَّه لم يَخلُقَكُمْ عَبَثًا، ولم يُرْسِلُكُمْ هَمَلاً، عَلِمَ مَبْلَغَ نِعَمِهِ عليكُم، وأحْصَى إحسانه إليكم، فاستفتحوه(20)، واستنجحوه(21)، واطلبوا إليه واستمنحُوه، فما قطعَكُمْ عنه حجاب، ولا أُدلقَ عنكُمْ دونَهُ بَابٌ))(22).

وقال (عليه السلام):

((الدعاء سلاح الأولياء)) و ((سلاح المؤمن الدُّعاء)) وقال ((أعلمُ النَّاس بالله أكثرهُمْ لَهُ مسألة)).

بهذه المسائل اختصر الإمام علي (عليه السلام) علاقة الإنسان بخالقه، ولا ريب أن العابد لله، والمنحني أمام عظمته، والخاشع لقدرته، والرافض لكل أنواع المعاصي والرذائل التي نهى عنها سبحانه وتعالى، يُشكّل في نظر الإمام علي (عليه السلام) وفي نظر الإسلام نموذجاً للإنسان الكامل والفرد الصالح الذي يريد من خلاله أن يكون مجتمعاً مثالياً يتشكل من مثل هذا الفرد.

وهذا ما يميّز النظرية الإسلامية عن غيرها من النظريات في رؤيتها لتكوين المجتمع الصالح وذلك عبر شعور الإنسان بالرهبة والخوف من الله في كل حركة وفعل يقوم به.

وهذا الشعور هو الذي يُلزمه بالمحبة والرأفة والمسؤولية تجاه أفراد المجتمع بأكمله.

وبذلك يتكوّن المجتمع الصالح والنموذجي الذي بدأ النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) وضع أسسه في وقتٍ كانت قوانين الجاهلية العمياء هي التي تحكم مجتمع الجزيرة العربية فتغيرت المعالم وتبدلت الموازين وانتقل العرب من شر الجاهلية وبؤسها إلى نعمة الإسلام والسعادة التي حققها للبشرية على إمتداد التاريخ.

___________________________

(1) إجتالتهم: صرفتهم عن قصدهم.

(2) نهج البلاغة الخطبة: 1.

(3) نهج البلاغة: الخطبة 145.

(4) نهج البلاغة: الخطبة 191.

(5) نهج البلاغة: الحكمة 94.

(6) فلجكم: أي فوزكم.

(7) نهج البلاغة: الخطبة 24.

(8) نهج البلاغة: الوصية 31.

(9) نهج البلاغة: الخطبة: 23.

(10) نهج البلاغة: الخطبة: 64.

(11) نهج البلاغة: من عهده (عليه السلام) إلى محمد بن أبي بكر رقم 27.

(12) نهج البلاغة: الخطبة 158.

(13) نهج البلاغة: الخطبة 147.

(14) نهج البلاغة: الكتاب رقم 53.

(15) تصنيف غرر الحكم ودرر الكلم: للآمدي: ص 181 و 184.

(16) نفس المصدر.

(17) نفس المصدر.

(18) نفس المصدر.

(19) نهج البلاغة، الخطبة 188.

(20) استفتحوه: أي إسألوه الفتح على أعدائكم.

(21) استنجحوه، أي إسألوه النجاح في أعمالكم.

(22) نهج البلاغة، الخطبة : 220. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.