أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
1191
التاريخ: 4-08-2015
974
التاريخ: 29-3-2018
978
التاريخ: 26-3-2018
1024
|
قبل أن نستدل عليه [توحيد الله تعالى] ، فليعلم أولا أن التوحيد ينقسم إلى سبعة أقسام :
1 - التوحيد الذاتي: والمراد به هو المعرفة بأنه تعالى واحد لا ثاني له كما نص عليه الكتاب العزيز بقوله: " ولم يكن له كفوا أحد ".
2 - التوحيد الصفاتي: والمراد به هو المعرفة بأن ذاته تعالى عين صفاته، بل كل صفة عين الصفة الأخرى من الصفات الثبوتية الذاتية الكمالية، وسيجئ من المصنف - قدس سره - بأن الاعتقاد بالتوحيد الصفاتي يقتضي أيضا الاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية فهو في العلم والقدرة لا نظير له.
وأما نفي التركيب المطلق وإثبات بساطته فقد مضى بيانه في الصفات السلبية ولا حاجة إلى إعادته في المقام.
3 - التوحيد الأفعالي: والمراد به هو المعرفة بأن كل ما يقع في العالم من العلل والمعلولات، والأساليب والمسببات، والنظامات العادية وما فوقها، يقع بإرادته في حدوثه وبقائه وتأثيره، فكل شئ قائم به، وهو القيوم المطلق، ولا حول ولا قوة ولا تأثير إلا به وبإذنه.
وهذا القسم يشمل التوحيد في الخالقية والربوبية والرازقية ونحوها من مظاهر الأفعال، ولا حاجة إلى ذكرها على حدة كما لا يخفى.
ثم إن التوحيد في هذه الأقسام يكون من نوع المعرفة ويطلق عليه التوحيد النظري.
4 - التوحيد التشريعي: والمراد به هو المعرفة بأن التقنين حق الخالق والرب، لأنه يعرف مخلوقاته وصلاحهم، فلا يجوز لغيره تعالى أن يقدم على ذلك، فالأنبياء والرسل نقلوا ما شرعه الله تعالى ولم يقدموا على التشريع إلا فيما أذن لهم الله تعالى وهو أيضا مستند إليه تعالى كما لا يخفى. ثم إن هذا القسم باعتبار يكون من أقسام التوحيد الأفعالي ولكن حيث كان موردا للاهتمام ذكرناه على حدة.
5 - التوحيد العبادي والإطاعي: والمراد به أنه تعالى مستحق للعبادة والإطاعة لا غير، وسبب ذلك هو التوحيد الذاتي والأفعالي فهو تعالى لكونه واحدا كاملا وخالقا وربا ولأن كل الأمور بيده، دون غيره استحق انحصار العبادة والإطاعة المطلقة.
6 - التوحيد الاستعاني: والمراد به هو أن لا يستعين العبد في أموره إلا منه تعالى وهو أثر الاعتقاد الكامل بالتوحيد الأفعالي، ولعل إليه الإشارة بقوله تعالى: " إياك نعبد وإياك نستعين ".
7 - التوحيد الحبي: والمراد منه أن من إعتقد بأن كل كمال وجمال منه تعالى أصالة فلا يليق المحبة منه أصالة إلا له تعالى.
وهذه الأقسام من أقسام التوحيد العملي وإن أمكن إدراجها في التوحيد النظري أيضا باعتبار أنه تعالى مستحق لهذه الأنواع من التوحيد فلا تغفل.
ثم لا يخفى عليك أن بعض الأدلة الدالة على إثبات المبدأ المتعالي تكفي أيضا للدلالة على توحيده الذاتي، فإن دليل الفطرة مثلا يدل على أن القلب لا يتوجه إلا إلا حقيقة واحدة، كما يشهد له تعلق الرجاء عند تقطع الأسباب بقادر مطلق واحد لا بمتعدد. هذا مضافا إلى أن مقتضى برهان المحدودية هو اللاحدية اللازمة لصرفية المبدأ المتعال وهي لا تساعد مع التعدد، لأن كل واحد على فرض المتعدد محدود بحدود في قبال الآخر وخال عن وجود الآخر، لأنه في عرضه لا في طوله حتى يكون واجدا لمراتب وجوده بنحو الأعلى وإلا تم وهو خلف في صرفية المبدأ المتعال ولأحديته، بل يحتاج كل واحد منهما في تحديد وجوده إلى حاد آخر، ولذا اشتهر في ألسنة الإشراقيين والفلاسفة أن صرف الشئ لا يتثنى ولا يتكرر.
قال الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره -: إن الحد الوسط في هذا البرهان قد يكون هو الصرفية وقد يكون هو عدم التناهي واللاحدية، فيمكن تقرير البرهان على الوجهين. أحدهما: أن الواجب تعالى هو لا يتناهى إذ لا ينتهى إلى زمان أو مكان أو شرط أو علة أو حيثية أو مرتبة ولا غير ذلك، وكل ما لا يتناهى من جميع الجهات لا يقبل التعدد. وثانيهما: أن وجود الواجب صرف الوجود، إذ لا فقد له حتى يشوبه العدم، بل هو كل الوجود وتمامه والصرف لا يقبل التعدد فالواجب واجد (1).
قال المحقق الإصفهاني - قدس سره -: وليس صرف الشئ إلا واحدا * إذ لم يكن له بوجه فاقدا فهو لقدس ذاته وعزته * صرف وجوده دليل وحدته ومنه يستبين دفع ما اشتهر * عن ابن كمونة والحق ظهر ولعل إلى برهان الصرف يشير ما رواه في الكافي عن أبي عبد الله - عليه السلام - من أنه قال في الجواب عن زنديق: لا يخلو قولك أنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما قويا والآخر ضعيفا فإن كانا قويين (مطلقين غير متناهين) فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف يثبت أنه واحد كما نقول للعجز الظاهر في الثاني (2) بناء على أن المراد من قوله: " فان كانا قويين الخ "، كما في شرح الملا صالح المازندراني أن كونهما قويين على الإطلاق يقتضي جواز دفع كل واحد منهما صاحبه، لأن من شأن القوي المطلق أن يكون قاهرا على جميع ما سواه وجواز ذلك يوجب بالضرورة ضعف كل واحد منهما وعدم استقلاله، وعدم كماله في القدرة والقوة.
هذا نقيض المفروض وكل ما يلزم من فرضه نقيضه فهو باطل (3).
ويمكن أيضا الاستدلال له بنفي التركيب بدعوى أنه لو كان في الوجود واجب آخر، لزم تركيبهما، لاشتراكهما في كونهما واجبي الوجود، سواء كان وجوب الوجود تمام ذاتهما كما إذا كانا من نوع واحد، أو جزء ذاتهما كما إذا كانا من جنس واحد، فلابد من مائز، سواء كان ذاتيا كالفصل، أو غير ذاتي كالعوارض المشخصة، فيصيران مركبين من الجنس والفصل، أو من الحقيقة النوعية والمشخصات الخارجية، وكل مركب محتاج إلى أجزائه وهو يرجع إلى كونه ممكنا وهو خلف.
ولكن الاستدلال بالصرفية أولى منه لشموله ما فرضه ابن كمونة دونه كما أشار إليه المحقق الإصفهاني في أشعاره. هذا كله بالنسبة إلى التوحيد الذاتي وسيأتي الكلام إن شاء الله في التوحيد الصفاتي وأما التوحيد الأفعالي فنقول: إذا عرفت أن ذات الواجب ولا مجال للتكثر والتعدد فيه ظهر أن غيره ليس إلا من الممكنات، وحيث إن الممكنات موجودة به تعالى فكلها في طول الله تعالى لا في عرضه، وعليه فلا يمكن للمعلول الذي يكون في الطول أن يعارض علته ويضادها، فليس له تعالى مضاد يضاده، إذ وجود كل معلول حدوثا وبقاء منه تعالى، لأنه في حال الحدوث والبقاء ممكن، محتاج وفقير في جميع أموره ويتلقى الوجود منه تعالى فكيف يمكن أن يصير مستقلا في وجوده ومضادا له تعالى، وقد انقدح بذلك أن الخالفية والربوبية أيضا واحدة، لأن غيره تعالى معلول في حدوثه وبقائه له تعالى، فكيف يمكن أن يخلق شيئا أو يربب نفسه أو غيره من دون أن ينتهي إلى علته؟ فكل أثر منه تعالى لا غير، كما اشتهر أنه لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى، فتوحيد الذات يستلزم بالتقرير المذكور التوحيد الأفعالي ولعل عليه يدل قوله تعالى: " ذلكم الله ربكم خالق كل شئ " (4).
كما أن التوحيد الأفعالي ومنها التوحيد في الخالقية والربوبية يستلزم التوحيد في العبودية، إذ العبادة لا تليق إلا لمن خلق وربب والمفروض أنه ليس إلا هو تعالى، وأما التوحيد التشريعي فهو أنه لما عرفنا من أن الخالق والرب ليس إلا هو فالجدير أن التشريع حقه، وينبغي أن لا نطيع إلا إياه، إذ الأمر والحكم شأن الخالق العالم بمصالح العباد وهو التوحيد التشريعي " ان الحكم إلا لله " (5) وينبغي أن لا نستعين ولا نطيع إلا منه، إذ الأمور كلها بيده تعالى وهو التوحيد الاستعاني، فالإطاعة لغيره من دون انتساب إليه تعالى باطلة كما أن الاستعانة من غيره من دون أن ينتهي إليه أوهن مما نسجته العنكبوت.
وحيث علمنا بأن كل حسن وجمال يرجع إلى أصله فليكن الحب الأصيل مخصوصا به وهو التوحيد الحبي. ولعل إليه يؤول قول إبراهيم - عليه السلام - كما جاء في القرآن الكريم: " فلما أفل قال لا أحب الآفلين " (6).
____________
(1) أصول فلسفه: ج 5 ص 152.
(2) الكافي: ج 1 ص 80.
(3) شرح الأصول من الكافي: ج 3 ص 51.
(4) الانعام: 101.
(5) يوسف: 40.
(6) الانعام: 76.
|
|
علاج جفاف وتشقق القدمين.. مستحضرات لها نتائج فعالة
|
|
|
|
|
الإمارات.. تقنية رائدة لتحويل الميثان إلى غرافين وهيدروجين
|
|
|
|
|
بالتعاون مع العتبتين المقدستين.. موكب أهالي كربلاء يحيي ذكرى وفاة السيدة زينب (عليها السلام)
|
|
|