أمراض التفحمات التي تصيب النبات Smut Diseases

تعرف هذه الأمراض بأمراض التفحمات نظرا لأن الفطريات المسببة لها تكون في الأجزاء المصابة كتلا من جراثيم تيلية داكنة اللون داخل الأعضاء المصابة. إن أمراض التفحم من الأمراض المهمة التي تصيب المحاصيل النجيلية كالحنطة والشعير والذرة وقصب السكر وكثيرا من الحشائش كما أنها تصيب الخضروات كالبصل، وغالبا ما تكون الإصابة بأمراض التفحم في البذور والأجزاء الثمرية مسببة تلفها وتحويلها إلى مسحوق اسود متعفن ونتيجة لذلك تسبب خسائر كبيرة في محاصيل الحبوب في جميع أنحاء العالم.

تعتبر فطريات التفحم من الفطريات المهمة اقتصاديا لإصابتها للمحاصيل النجيلية مسببة لها أضرارا وخسائر كبيرة، خاصة وأن الجزء المصاب من النبات هو السنبلة وهو الجزء الاقتصادي في النبات، وقد سميت هذه الفطريات بهذا الاسم لأنها تكون كتلا جرثومية سوداء اللون على الأجزاء المصابة من النبات العائل.

الصفات العامة لفطريات التفحمات:

1- كانت تعتبر من الفطريات إجبارية التطفل لفترة طويلة من الزمن غير أنها لم تعد كذلك حاليا بعد أن أمكن تنمية الكثير منها صناعيا على بيئات غذائية، كذلك أمكن في بعض الحالات الحصول على الجراثيم التيلية لبعض هذه الفطريات على تلك المزارع الغذائية.

2- التطفل في هذه الفطريات داخليا حيث تنمو هايفاتها غالبا بين صفوف الخلايا وتمتص غذائها بواسطة الممصات.

3- تتكاثر لا جنسيًا بتكوين جراثيم كلاميدية سوداء اللون ذات جدر سميكة وثنائية النواة وتشبه لحد كبير الجراثيم التيلية ولذلك يطلق عليها اسم الجراثيم التيلية أحيانًا، تتكون غالبًا بكميات كبيرة في مكان الإصابة فتعطيها اللون الأسود ولذلك سميت بفطريات التفحم.

4- دورة حياة فطريات التفحم تعتبر دورة قصيرة حيث تتكون فقط من الطورين التيلي والبازيدي فقط، والجرثومة التيلية تكون عادة كروية، بنية إلى سوداء، جدرها قد تكون ملساء أو متدرنه أو عليها أشواك دقيقة، وتتكون الجراثيم إما مفردة أو في مجاميع يطلق عليها كرات جرثومية.

يحتوي ميسيليوم الفطريات المسببة على نواتين متباينتين، تنشأ الجراثيم التيلية من خلايا الميسيليوم، لذا يطلق عليها أيضا الجراثيم الكلاميدية تنبت الجراثيم التيلية بإعطاء ميسيليوم أولى مقسم أو غير مقسم يطلق عليه أيضا الحامل البازيدي. يحمل الحامل البازيدى أربعة جراثيم بازيدية، وربما 8 أو 16 ، وهي تحتوى على نواة واحدة. قد لا ينشأ من الحامل البازيدى جراثيم بازيدية وإنما ينشأ أربعة خيوط مايسليوم أولية. ينشأ الطور الثنائي الأنوية باتحاد اثنتان من هيفات أحادية الأنوية متوافقتين، يتم ذلك عادة قبل اختراق أنسجة العائل ويتم أحيانا داخل أنسجة العائل.

طرائق الإصابة بفطريات التفحم:

أ- إصابة موضعية : مثال ذلك مرض تفحم الذرة الشامية الذي يسببه الفطر Ustilago maydis فعندما تقع جراثيم هذا الفطر على الجزء المناسب من النبات فإنها تنبت وتحدث الإصابة في نفس المكان الذي وقعت عليه بحيث لا تمتد الإصابة إلى باقي أجزاء النبات.

ب- إصابة الأزهار : مثال ذلك مرض التفحم السائب في القمح والشعير الذي يسببه الفطر Ustilago nuda ، فعندما تنتشر جراثيم الفطر المتكونة على سنابل النباتات المصابة بواسطة الرياح وتسقط الجراثيم على أزهار النباتات السليمة المجاورة فإنها تنبت فورا وتكون ميسيليوم أولي يخترق مياسم الأزهار ثم يستقر الميسيليوم في الأنسجة الجنينية ، وعند زراعة الحبوب المصابة في الموسم التالي ينشط الميسيليوم الكامن داخلها وينمو مع نمو النبات ملازما للقمة النامية وعند تكوين السنابل ينتشر الميسيليوم في جميع السنيبلات ويتفرع ويتكاثر داخل مبايض الأزهار ويقضى على جميع أجزائها عدا المحور ويعطى في النهاية الجراثيم التيلية المميزة لأعراض التفحم، تلك الجراثيم تنتشر بالرياح لتعيد دورة حياة المرض من جديد.

ج- إصابة البادرات: مثال ذلك الإصابة بفطريات التفحم المغطى في الشعير Ustilago hordei والتفحم المغطى في القمح Tilletia foetida والتفحم اللوائي في القمح Urocystis tritici ، في هذه الأمثلة تكون جراثيم الفطر عالقة بالحبوب أو موجودة في التربة، وعندما تبدأ الحبوب في الإنبات فإن جراثيم الفطر تنبت في نفس الوقت وتصيب البادرات قبل ظهورها فوق سطح التربة ويمتد ميسيليوم الفطر إلى أن يصل إلي القمة النامية للبادرة ويلازمها حتى تتكون الأزهار دون أن تظهر أي أعراض للإصابة عادة (باستثناء مرض التفحم اللوائي في القمح)، وفى مرحلة التزهير يصيب الفطر المبيض فقط دون بقية أجزاء الزهرة أو السنبلة ويتلف الفطر جميع محتويات الحبة ما عدا الغلاف الثمري وتظل الجراثيم مغلفة داخله، ويظهر لون الحبوب المصابة مائلا للسواد وتكون هشة سهلة الكسر، وعند تكسرها أثناء الحصاد والدراس تخرج منها الجراثيم الكلاميدية السوداء اللون وتعلق بالحبوب من الخارج أو تظل في التربة لتكرر دورة الحياة، وتحدث الإصابة بالتفحم اللوائي بنفس الطريقة غير أن ميسيليوم الفطر النامي داخل الساق يمكنه أن يصيب الأوراق ويكون عليها بثرات تفحميه سوداء طويلة موازية لتعريق الورقة فتلتف الأوراق ويتقزم النبات ونادرًا ما يكون سنبلة والسنبلة المتكونة ليس بها حبوب.

وتضم الفطريات البازيدية مجموعة هامة من الفطريات المسببة لأمراض التفحم التي يتبعها أجناس Urocystis ،Entyloma ، Tilletia, Ustilago.

تقسم أمراض التفحمات بصوره عامه من حيث مصدر الإصابة إلى الأقسام التالية:

أ- المسبب المرضي على هيأة غزل فطري ساكن في البذور: إن مصدر الغزل الفطري الساكن في البذور يأتي عن طريق إصابة الأزهار floral infection بالمسبب المرضي، والذي يكون على هيأة جراثيم تيلية متطايرة في الهواء في الوقت الذي تخرج فيه سنابل الحنطة والشعير من إغمادها، فعنده سقوط الجراثيم التيلية على الأزهار فإنها تنبت ويخترق أنبوب الإنبات قلم الزهرة ويستقر الغزل الفطري في مبيض الزهرة ثم تستمر البذرة في مراحل تكوينها ، حيث أن وجود الغزل الفطري في مبيض الزهرة لا يؤثر عليها وبذلك تتكون البذرة وتحتوي بداخلها الغزل الفطري الساكن الذي يحدث الإصابة في العام القادم عند زراعة البذور الحاملة للغزل الفطري ومن الأمثلة على ذلك مرض التفحم السائب على الحنطة والشعير.

ب-المسبب المرضي على هيأة جراثيم تيلية عالقة على سطوح البذور: إن مصدر الجراثيم التيلية العالقة على سطح البذور هو من اختلاط البذور السليمة مع البذور المصابة فعند عملية الدراسة تتكسر البذور المصابة وتلوث البذور السليمة. عند زراعة البذور الملوثة فإن الجراثيم التيلية تنبت بإنبات البذور وبذلك تصاب البادرات وتستمر الإصابة إلى نهاية الموسم فعند تكوين السنابل تظهر الحبوب على هيئة كتل فحمية من جراثيم الفطر المسبب للمرض ومن الأمثلة على ذلك مرض التفحم المغطى على الحنطة والشعير.

ت- المسبب المرضي على هيأة جراثيم تيلية عالقة على سطح البذور أو موجودة في التربة: إن البذور تتلوث سطحيا عند تطاير الجراثيم التيلية الموجودة في البثرات التفحمية على أوراق النبات المصاب أو أثناء عملية الحصاد ومن الأمثلة على ذلك مرض التفحم اللوائي على الحنطة حيث أن الجراثيم التيلية لهذا المسبب لها القدرة في الاحتفاظ بحيويتها لمدة طويلة فعند زراعة البذور الملوثة بالمسبب المرضي أو زراعة بذور سليمة في تربه ملوثه فإن البادرات تصاب بالمسبب المرضي .

ث- المسبب المرضي على هيأة جراثيم تيلية متطايرة في الهواء: عند تكوين البثرات التفحمية وانفجارها فان الجراثيم التيلية تتطاير في الهواء وعند سقوطها على أجزاء النباتات فوق سطح التربة فإنها تحدث لها الإصابة في نفس الموسم ولذلك تسمى بالإصابة الموضعية ومن الأمثلة عليها مرض التفحم العادي على الذرة الصفراء.

إن الفطريات المسؤولة عن مرض التفحم تختلف عن فطريات الأصداء بالفروقات التالية:

1 - تتكون الجراثيم التيلية للتفحم في الخلايا الوسطية للغزل الفطري وهذا يكون أشبه بالكلاميدوسبور chlamydospores أما الجراثيم التيلية للأصداء فتكون من الخلايا الطرفية للغزل.

2- تنشأ الجراثيم البازيدية لفطريات التفحم على الحامل البازيدي basidium مباشرة وبأعداد كبيرة على عكس فطريات الأصداء حيث تتكون الجراثيم البازيدية على الذنيبات sterigma التي تنشأ على الحامل البازيدي وبأعداد محدودة ففي الغالب تكون أربع جراثيم.

3- تتكون دورة حياة الفطريات التفحمية من طورين جرثوميين فقط هما الطور التيلي والطور البازيدي على عكس فطريات الأصداء التي قد تشمل في الحالات النموذجية على خمسة أطوار.

4- إن فطريات التفحم تقضي دورة حياتها على عائل واحد بينما بعض فطريات الأصداء التي تقضي دورة حياتها على عائلين نباتيين.

5- إن الفطريات التفحم أكثر تأثرا من الناحية الاقتصادية فالتفحم السائب على الحنطة مثلا عند إصابته سنبله واحدة فانه يتلفها 100% بينما لو أصيبت هذه السنبلة بشده بصدأ الساق الأسود فان الخسارة لا يتجاوز 50% ومن هنا يبدو واضحا الفرق الاقتصادي في تأثير أمراض الأصداء.

تبدأ دورة حياة فطريات التفحم بإنبات الجرثومة البازيدية الأحادية العدد الكروموسومي (n) أو ينشأ عن ذلك غزل فطري تحتوي كل خليه من خلاياه على نواة واحدة بها العدد الأحادي من الكروموسومات ويطلق على هذا الغزل الفطري بالغزل الفطري الأولي أو الابتدائي primary mycelium ينمو الغزل الفطري الأولي لفترة قصيرة ثم يحدث بعدها اندماج بلازمي plasmogamy بين خليتين متوافقتين secondary mycelium تحتوي كل خليه من خلاياه نواتین مترافقتین وقد يحدث الاندماج البلازمي بين جرثومتين بازيدية دون أن يتكون الغزل الفطري الأولي حيث يتكون الغزل الفطري الثانوي.

إن هيفات الغزل الفطري لفطريات التفحم تنمو في مسافات البينية لخلايا العائل وترسل ممصات إلى داخل الخلايا للحصول على الغذاء اللازم لها. ويمكن لبعض فطريات التفحم أن تنمو هيفاته داخل العائل كما في الفطر Ustilago maydis المسبب لمرض التفحم العادي.

عندما تميل فطريات التفحم لتكوين الجراثيم التيلية فان الغزل الفطري الثانوي ينمو بغزاره في مواضع معينه من العائل وتظهر تقسيمات الغزل الفطري العرضية وبعد ذلك تبدأ جدر تقسيمات الغزل الفطري بالتغلظ وتتكشف محتوياتها ثم تنفصل إلى جراثيم تيليه وبذلك تتكون البثرات التيلية التي تحتوي بداخلها الجراثيم التيلية على شكل مسحوق اسود يشبه مسحوق الفحم.

إن أشكال الجراثيم التيلية عادة إما كرويه أو بيضوية وفد تكون جدارها ملساء متدرنه أو عليها أشواك أما ألوانها فتتدرج من البني إلى الأسود والجراثيم التيلية تكون إما منفردة أو في مجاميع ويطلق عليها كرات جرثوميه إن الجراثيم التيليه في بدء تكوينها تحتوي على نواتين مترافقتين ثم يحدث بينهما اندماج نووي karyogamy عند نضجها فتصبح الجراثيم التيلية بها نواة واحدة ثنائية العدد الكروموسومي (2n).

عند إنبات الجراثيم التيلية فان أنويتها تنقسم انقسامين أحدهما يكون اختزالي وبذلك يتكون البازيديم basidium الذي تتكون عليه الجراثيم البازيديه basidiospores ومن هذا يتضح أن الجراثيم التيلية لفطريات التفحم هي في الحقيقة جراثيم تتشابه في نشأتها والسلوك النووي فيها وإنباتها الجراثيم التيلية لفطريات الأصداء ولذلك فليس من الصواب أن يطلق عليها جراثيم کلامیدیه chlamydospores فالجراثيم الكلاميديه التي تكونها بعض الفطريات هي جراثيم جنسية.