أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-30
![]()
التاريخ: 9-12-2017
![]()
التاريخ: 22-10-2015
![]()
التاريخ: 9-12-2017
![]() |
إن مصطلح الدولة الاتحادية ( الفيدرالية) يحمل معاني ودلالات مختلفة ، لذلك فأنّ من الصعوبة الاحاطة به من كل الجوانب، إذ اختلف الفقه في تحديد معنى لها ، فهنالك من يرى بأن مصطلح الفيدرالية مشتق من اللاتينية (fodas) وتعني الاتفاق او المعاهدة (1) ، وذهب بعضهم الآخر إلى أن الفيدرالية ، تعني الاتفاق بصورة حرة ( fodas of pact ) واشتقت من الثقة (2)
أما بشأن تعريف الدولة الاتحادية بوصفها شكلاً من أشكال الدول ، فقد ظهرت هناك تعاريف متباينة من لدن فقهاء القانون ، وتوزعت على اتجاهين الأول يوسع في تعريف الدولة الاتحادية ، ويعرفها من منظور القانون الدولي على انها : مجموعة من الدول في شكل دولة واحدة هي الدولة الاتحادية مع تمتع كل من الدولة الاتحادية والدول الداخلة في الاتحاد بالشخصية القانونية الدولية ، وسوغ اصحاب هذا الرأي موقفهم الموسع
للتعريف ، بأن دساتير بعض الدول الاتحادية تمنح وحداتها ممارسة بعض التصرفات على النطاق الدولي ويضربون مثلاً على ذلك دستور الاتحاد السوفيتي (السابق) لسنة 1977 ، الذي كان يجيز للولايات إقامة علاقات مباشرة مع الدول الاجنبية وعقد الاتفاقيات الدولية معها ، فضلاً عن تبادل التمثيل الدبلوماسي ، ومن أنصار هذا الاتجاه الفقيه اوبنهايم الذي عرف الدولة الاتحادية ب أنها : اتحاد سرمدي لدول مختلفة ذات سيادة والذي يملك اجهزته الخاصة المزودة بالسلطات ليس فقط على الدول الداخلة في الاتحاد بل ايضاً على مواطنيها "(3).
أما كاريه دي مالبيرج فيعرفها بأنها : " دولة اتحاد دول ، فمن جهة تتماثل بالدولة الموحدة وبذلك تتميز عن كونفدرالية الدول ، ومن جهة اخر تتألف من عدة دول ذات سيادة مرتبطة في ما بينها برابطة فيدرالية وبذلك تتميز عن الدول الموحدة " (4) .
والحق ، أنّه لا يمكن الاعتماد على هذا الاتجاه في تعريف الدولة الاتحادية ، لأن هذا الاتجاه من الفقه يضفي على الدول الداخلة في الاتحاد صفة الشخصية القانونية الدولية ، بوصف السيادة في الدولة الاتحادية قابلة للتجزئة ومن ثم يمتلك كل من الاتحاد والدول الاعضاء الشخصية القانونية الدولية ، وهذا لا يمكن قبوله ، لأننا اذا قبلنا بذلك ، لتحول شكل الدولة من الاتحاد الفيدرالي الى الاتحاد الكونفدرالي ، وذلك لأن الدول الاعضاء في الاتحاد الكونفدرالي تحتفظ بشخصيتها القانونية الدولية بعد دخولها في هذا الاتحاد ، وتفقد تلك الشخصية عند دخولها اتحادا فيدرالياً.
أما الاتجاه الثاني من الفقه فيعرف الدولة الاتحادية من زاوية أخرى، وهي زاوية توزيع الصلاحيات أو تعدد مستويات الحكم داخل الدولة، فتفقد الدول الداخلة في الاتحاد الفيدرالي سيادتها الخارجية ، مع احتفاظها
ببعض مظاهر السيادة الداخلية بما يمكنها من ادارة شؤونها في النطاق الداخلي وحسب ما يحدده الدستور الاتحادي ، اذ تعرف بأنها : "توزيع أو تقسيم نهائي للسلطات الحكومية ومهامها بين السلطة الاتحادية والوحدات التابعة لها في دولة واحدة" (5) ويعرفها الدكتور محمد علي آل ياسين بانها : " اتحاد يضم دول متعددة في شكل دولة واحدة ، ويقوم على اشراك السلطات الاتحادية من تشريع وقضاء وادارة مع حكومات الدول الاعضاء ، مع احتفاظ الدول الاعضاء باستقلال ذاتي، يمتد الى الناحية الدستورية والتشريعية والقضائية والادارية وفي الحدود المبينة في الدستور ، في حين تبقى الشخصية القانونية الدولية مرتبطة بالاتحاد " (6) ، اما الدكتور ثروت بدوي يعرفها بأنها دولة مركبة تتكون من عدد من الدويلات اتحدت معاً " (7) ، فيما يعرفها الدكتور محمد كامل ليلة بأنها عبارة عن : " انضمام عدة دول بعضها الى بعض بحيث تكون دولة واحدة جديدة هي دولة الاتحاد ويصبح لها السلطة على حكومات الدول الاعضاء وتفقد الدول نتيجة هذا الاتحاد سيادتها الخارجية ، لكنها تحتفظ بجزء من سيادتها الداخلية" (8)
وايضاً يعرفها الدكتور كطران زغير نعمة بأنها: " اتحاد بين عدة دول تتنازل كل منها بموجب الدستور الاتحادي عن بعض سلطاتها الداخلية وعن سيادتها الخارجية لكيان قانوني جديد المسمى بالدولة الاتحادية" (9) .
أما الدكتور طعيمه الجرف فيعرف الاتحاد الفيدرالي بأنه " اتحاد بين مجموعة من الدول او دويلات بحيث لا يبقى بعده إلا انصهار جميع هذه الدويلات في دولة واحدة " (10). ويعرفه الدكتور محمد عبد العال السناري بأنه " اتحاد يتكون من مجموعة من الدول او الدويلات تندمج معاً وينشأ هذا الاندماج دولة واحدة تغنى فيها الشخصية القانونية الدولية للدول او الولايات الاعضاء (11) .
ويلاحظ على تعريف الدكتور طعيمة الجرف والدكتور محمد عبد العال السناري انهما اشمل من التعريفات السابقة ، إذ اشارا الى الطريقتين التي ينشأ بموجبها الاتحاد الفيدرالي وهما الانضمام والتفكك ، في حين اقتصرت التعريفات السابقة على طريقة واحدة وهي الانضمام .
ومن خلال استقراء التعريفات التي أوردها الاتجاه الثاني بمجملها، نجد أن الإحاطة بالدولة الاتحادية انصبت على فكرة توزيع الاختصاصات، من دون التطرق إلى الدول الداخلة في الاتحاد في الاحتفاظ بشخصيتها القانونية على النطاق الخارجي والتي أكد عليها فقهاء الاتجاه الأول ، إذ يُنظر للدولة الاتحادية - هنا . على انها نظام بموجبه يتم توزيع الصلاحيات بين مستويات الحكم ، بصرف النظر عن كون ذلك النظام قد جاء نتيجة لاشتراك عدة دول ، أو انه يطبق على صعيد دولة واحدة منحت أجزاء منها استقلالاً داخلياً حسب ما يقتضيه الشكل الفيدرالي .
لذا يمكن تعريف الدولة الاتحادية بأنها : اتحاد يضم عدة دول اتحدت دستورياً في دولة واحدة تكون لها جميع مظاهر السيادة الخارجية ، وتوزع السيادة الداخلية بين دولة الاتحاد والوحدات، على وفق ما يرسمها الدستور الاتحادي .
وعادة تنشأ الدولة الاتحادية بإحدى طريقتين، الأولى تفكك دولة بسيطة الى عدة دول مع رغبتها في الانضمام والاستمرار معاً في تكوين اتحاد فيدرالي، نتيجة عوامل مختلفة ترجع الى تعدد الامم او اختلاف في القوميات، ومن الدول التي نشأت بهذه الطريقة المكسيك والارجنتين والبرازيل ، أما الطريقة الثانية لنشوء الدولة الاتحادية ، نتيجة انضمام عدة دول مستقلة في شكل اتحاد فيدرالي، وتعد هذه الطريقة الاكثر انتشاراً في تكوين الإتحاد الفيدرالي ، ومن الدول التي نشأت بهذه الطريقة الولايات المتحدة الامريكية وسويسرا والمانيا الاتحادية وكندا واستراليا (12) .
أما العراق الذي تبنى الشكل الفيدرالي بموجب المادة الرابعة من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية (13) فيمكن القول ان نشأة الفدرالية في العراق نتجت عن طريق تفكك دولة بسيطة، أي إنه تبنى الشكل الاتحادي للدولة واصبح الان دولة مركبة ، وقد تم تقنين هذه الرغبة دستوريا وذلك لأن تحقيق ذلك في النظام السياسي الجديد هو نوع من الاعتراف بحق القومية الكردية من خلال تطبيق الفيدرالية ضمن عراق موحد.
___________
1- د. خالد عليوي العرداوي ، (الفيدرالية والديمقراطية التوافقية ومعطيات الواقع العراقي) ، بحث منشور في مجلة القانون والسياسة ، كلية القانون والسياسة، جامعة صلاح الدين ، عدد خاص ، 2010، ص 209
2- د. محمد عمر مولود ، الفيدرالية وامكانية تطبيقها في العراق ، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات، بيروت، 2009، ص28.
3- آيات سلمان شهيب، النظام الفيدرالي في العراق (دراسة دستورية مقارنة) ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق ، جامعة النهرين، 2007، ص7.
4- نقلاً عن د. محمد عمر مولود ، مرجع سابق، ص 30.
5- Rotimi T. Suberu Federalism and Ethnic Conflict in Nigeria, First published, United State Iustitue of Pease ,USA, Washington,2001,p3.
6- د. محمد علي آل ياسين، القانون الدستوري والنظم السياسية، ط1، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1964، ص184.
7- د. ثروت بدوي، النظم السياسية، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1975، ص 73.
8- د. محمد كامل ليلة ، النظم السياسية ( الدولة والحكومة، دار الفكر العربي، القاهرة ، 1976 ، ص 125.
9- د. احسان حميد المفرجي وكطران زغير نعمة ورعد ناجي الجدة ، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2009، ص 101.
10- د. طعيمه الجرف ، نظرية الدولة والمبادئ العامة للأنظمة السياسية ونظم الحكم (دراسة مقارنه ، مكتبة القاهرة الحديثة ، القاهرة ، من دون سنة طبع ، ص 181.
11- د. محمد عبد العال السناري ، النظرية العامة للقانون الدستوري والنظم السياسية المعاصرة - دراسة مقارنة ، من دون مكان وسنة طبع ، ص 439.
12- د. احسان المفرجي واخرون ، مرجع سابق ، ص102
13- نصت المادة الرابعة من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية المنشور في الوقائع العراقية ، العدد ( 3981) ، المجلد (45) لسنة 2004 على أنّ ( إن نظام الحكم في العراق جمهوري اتحادي (فيدرالي) ديمقراطي تعددي ، و يجري تقاسم السلطات فيه بين الحكومة الاتحادية والحكومات الاقليمية والمحافظات والبلديات والادارات المحلية ويقوم النظام الاتحادي على أساس الحقائق الجغرافية ، والتاريخية، والفصل بين السلطات وليس على أساس الأصل، أو العرق أو الاثنية ، أو القومية، أو المذهب).
|
|
لخفض ضغط الدم.. دراسة تحدد "تمارين مهمة"
|
|
|
|
|
طال انتظارها.. ميزة جديدة من "واتساب" تعزز الخصوصية
|
|
|
|
|
طائرة شراعية تزيّن سماء كربلاء المقدّسة بلافتة حفل تخرّج طلبة الجامعات العراقية
|
|
|