أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2016
![]()
التاريخ: 2023-10-26
![]()
التاريخ: 19-6-2018
![]()
التاريخ: 7-4-2016
![]() |
كانت الروابط القانونية التي تحكم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي تختلف من حيث طبيعتها وأهميتها ، الأمر الذي ترك أثره على التنظيم القانوني لتلك الروابط ، فتارة يحكم ها قواعد قانونية تتصف بالعمومية وتتعلق بكيان المجتمع الدولي بأسره ، التي تشكل قيداً على إرادة الدول في تصرفاتها القانونية ، وتارة أخرى تتجرد تلك القواعد من هذه الصفة ، إذ يسود سلطان إرادة الدول في تصرفاتها القانونية .
وتظهر أهمية تلك القواعد بكونها تتعدى آثارها أطراف العلاقة القانونية ، وفي هذا النوع من القواعد يسود سلطان القانون وينحسر سلطان الإرادة ، لأنها تعكس مدى الحرية التي يتمتع بها الأطراف فيما يبرمونه من اتفاقيات دولية (1)
إن مصطلح النظام العام (2) يُعد من المصطلحات التي يصعب تحديدها ، فهو مصطلح يعتريه الغموض، ولهذا واجه الفقهاء والباحثين صعوبة في إيراد تعريف جامع مانع ، ولكن وضعت عدة تعريفات له من لدن بعض الفقهاء ، إذ عرفه الدكتور محمد طلعت الغنيمي بأنه "مجموعة من المبادئ والمفاهيم المتعلقة بالأخلاق والعادات المتأصلة في المجتمع والتي تسعى إلى تحقيق العدالة ، وإن تلك القواعد الدولية المشتركة تنشأ من اللحظة التي يعتبر فيها مجموعة من الدول أحد المبادئ متعلقاً بالنظام العام، أيا كان مصدر هذه القواعد (3) وبالعبارات ذاتها عرفه الدكتور محمد ابراهيم محمد علي على انه " مجموعة المبادئ والمفاهيم المتعلقة بالأحداث والعادات المتأصلة في المجتمع والتي تسعى إلى تحقيق العدالة ، وإن تلك القواعد المشتركة تنشأ من اللحظة التي يعترف فيها مجموعة من الدول ذات تنظيم سياسي أو اقتصادي او اجتماعي مشترك ب أن أحد هذه المبادئ متعلقاً بالنظام العام الدولي أيا كان مصدر هذه القواعد (4) .
ويرى الدكتور محمد المجذوب النظام العام الدولي بأنه "القواعد التي تضع تنظيماً أمراً يجب أن يسري في حق جميع الدول ، ولا يجوز أن يكون موضوع الاتفاقية مخالفاً لهذه القواعد " (5) .
ويورد الدكتور حكمت شُبَّر تعريفاً للقواعد المتعلقة بالنظام العام بأنها "مجموعة القواعد العامة التي يؤدي عدم مراعاتها إلى التأثير في وجود ذلك النظام القانوني الذي تعود إليه هذه القواعد ، ويبلغ الأمر حداً لا يستطيع به أشخاص القانون أن يعقدوا اتفاقيات خاصة خلافاً لهذه القواعد ، وذلك لأن عملهم سوف يتعرض للبطلان المطلق " (6)
ويعرفه الدكتور إبراهيم أحمد شلبي بأنه " الفكرة التي تقوم على ضرورة احترام الاتفاق ، ولكن في حدود
مصلحة الجماعة الدولية بأسرها أو معظمها ، فالاتفاق الذي يحقق مصلحة عدد محدود من الدول بالمخالفة لمصلحة الجماعة الدولية كلها أو أغلبيتها ، يعبر في الحالة المعاصرة للقانون الدولي عن أحد صور الاتفاقيات الباطلة لمخالفتها لقاعدة آمرة والخاصة برعاية مصلحة الجماعة الدولية في عمومها " (7) .
مما تقدم يلاحظ على التعاريف التي أوردناها إنها لم تستخدم مصطلحاً موحداً ، إذ استعملت قواعد أو مبادئ أو فكرة ... إلخ ، ما يدلل على صعوبة وضع تعريف جامع مانع للنظام العام الدولي لغموض هذه الفكرة، أما التعريف الذي يمكن أن نضعه للنظام العام الدولي هو مجموعة مبادئ أو نصوص أو قواعد تتصف بالمرونة، درج المجتمع الدولي بالسير عليها ، بحيث أصبحت قواعد موضوعية لها شكلها المادي القابل للتطبيق، والتي تشكل قيدا على إرادة الدول في تصرفاتها القانونية ، ويترتب على مخالفتها جزاء يفرضه القانون الدولي .
والسؤال الذي يثار في هذا الصدد ، هل أن فكرة النظام العام الدولي تعني القواعد الآمرة ، أم أن هناك اختلاف بين المفهومين ؟.
لقد كان هذا التساؤل مثار جدل لفقهاء القانون الدولي ، إذ أن أكثرية الشرّاح والفقهاء لم يفرقوا بين هذين المفهومين ، إذ يرون كلاهما وجهين لعملة واحدة ، ولذلك يشبهون النظام العام الدولي بالكائن الحي من حيث وجوده المادي ومظهره الخارجي أما روحه فتتمثل بالأفكار والمبادئ والقيم تجسدها القواعد الأمرة (8) .
كما ان هنالك مَنْ يرى بعدم وجود تطابق بين مفهوم النظام العام الدولي والقواعد الآمرة، صحيح أن قواعد النظام العام هي قواعد آمرة ، ولكن ليس كل القواعد الآمرة يمكن أن نسبغ عليها وصف النظام العام (9)، ولكن لا يمكن التسليم بهذا الرأي على إطلاقه ، إذ يمكن القول : أنه متى ما تم تطبيق القواعد الآمرة فإنها تأخذ صفة قواعد النظام العام الدولي .
ومن خلال التعاريف الواردة يُمكن أن نحدد خصائص النظام العام الدولي كما يأتي:-
1- العمومية (10) : صفة العمومية في القاعدة القانونية هي ليست لصيقة بالقانون الدولي فحسب ، وإنما ترجع جذورها إلى القواعد الداخلية ، ويراد بها أن القاعدة القانونية لا تنصرف إلى أشخاص محددين بذواتهم ، أو إلى وقائع معينة بعينها ، والعمومية في نطاق القانون الدولي لا تختلف في مفهومها عما هو كائن في النطاق الداخلي، إذ إنها تخاطب جميع أشخاص القانون الدولي سواء كان ذات بعد عالمي أم اقليمي ، ومفهوم العمومية لا يقتصر على القواعد الاتفاقية، بل من الممكن أن يشمل القواعد العرفية التي درج عليها المجتمع الدولي ، وذلك لأن العُرف هو أحد مصادر القانون الدولي (11) .
2- قواعد النظام العام ذات طبيعة متطورة : تتصف قواعد القانون الدولي بأنها قواعد قابلة للتطور ، ما يجعلها قواعد أكثر مرونة، ويصبح هذا المفهوم أكثر اتساعاً في ظل نطاق القانون الدولي ، ولعل السبب وراء ذلك عدم تحرير قائمة تتضمن القواعد المتعلقة بالنظام العام ، و أن الصفة المرنة لهذه القواعد هي التي تميزها عن قواعد القانون الطبيعي (12) ، إذ إنّ الأخير ذا طبيعة ثابت لا يتغير بحسب الزمان وان والمكان (13).
3- قواعد النظام العام قيداً على إرادة الدولة : - إذا كانت الدولة لها الحق في أن تبرم ما تشاء من الاتفاقيات الدولية لما تملكه من سيادة وتتمتع به من شخصية قانونية ، وهذا ما عبرت عنه اتفاقية فينا إذ نصت على أن ( لكل دولة أهلية إبرام المعاهدات الدولية ) ، إلا إن ذلك ليس مطلقاً ، بل إنَّ القول بخلاف ذلك ، هو أمر غير مقبول وغير منسجم عملياً ، فهناك قيود ترد على سلطان إرادة الدولة في إبرام الاتفاقيات الدولية ، ومن تلك القيود عدم مخالفة النظام العام الدولي ، ولعل السبب وراء ذلك يرجع إلى الأهمية القصوى في الحياة الدولية لغرض تحقيق المصلحة العليا لأعضاء المجتمع الدولي (14) .
______________
1- حسن عزبه العبيدي، تنظيم المعاهدات في دساتير الدول، أطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية القانون، جامعة بغداد ، 1988 ، ص 209-210 .
2- يعرف النظام العام في القوانين الداخلية بأنه ( القواعد التي تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد ، أو هو النصوص التي لا يمكن للأفراد ان يتجنبوا الخضوع لها أو يعدلونها في الاتفاقات التي يعقدونها فيما بينهم ) . لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع يراجع د. عبد المجيد الحكيم، النظرية العامة للالتزام ، الجزء الأول ، دار الكتب للطباعة والنشر، بغداد ، من دون سنة طبع ، ص 173- 175
3- د. محمد طلعت الغنيمي ، بعض الاتجاهات الحديثة في القانون الدولي العام (قانون الامم ) ، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 1974 ، ص 52-53.
4- ينظر ، د . محمد إبراهيم محمد علي : القواعد الدولية الأمرة ( دراسة في امكانية تعليق الدور الذي تلعبه في تسوية منازعات عقود التجارة الدولية أمام هيئات التحكيم والقضاء الوطني) ، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية ، 2010 ، ص 7-10
5- د. محمد المجذوب ، الوسيط في القانون الدولي العام، الدار الجامعية ، الاسكندرية، من دون سنة طبع ، ص 544 .
6- د. حكمت شبر ، (القواعد الآمرة في القانون الدولي - دراسة مقارنة ) ، بحث منشور في مجلة القانون المقارن ، جمعية القانون المقارن ، العدد العاشر ، 1979، ص 39 .
7- د. ابراهيم احمد شلبي : مبادئ القانون الدولي العام، الدار الجامعية، من دون مكان طبع ، 1986 ، ص 293 .
8- من هؤلاء الفقهاء ( ماكنير ومصطفى كامل ياسين ) ينظر، عبد الله عبد الجليل الحديثي : النظرية العامة في القواعد الأمرة في القانون الدولي ، ط 1 ، من دون مكان طبع ، 1986 ، ص 24-26 .
9- د. حيدر أدهم الطائي ، تطور القواعد الآمرة في القانون الدولي) ، بحث منشور في مجلة كلية الحقوق، جامعة النهرين ، العدد ( 15 ) ، المجلد (9) ، 2006 ، ص 196 .
10- ينظر في معنى العمومية د. محمد سعيد الدقاق : النظرية العامة لقرارات المنظمات الدولية ودورها في إرساء قواعد القانون الدولي، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 1974 ، ص 215 وما بعدها .
11- د. أحمد صادق القشري ، ( المعاهدات الدولية) بحث منشور في مجلة دراسات في القانون الدولي ، الجمعية المصرية للقانون الدولي، المجلد الأول ، القاهرة ، 1969 ، ص 167 ) ينظر، د. مفيد شهاب : ( الآثار القانونية للسكوت في القانون الدولي) ، بحث منشور في المجلة المصرية للقانون الدولي ، الجمعية المصرية للقانون الدولي ، المجلد (29) ، 1973، ص 86
12- محمد سعيد الدقاق ، سلطان إرادة الدول في إبرام المعاهدات الدولية بين الاطلاق والتقييد ( دراسة لأحكام معاهدة فينا لسنة 1969)، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 1977 ، ص 39 .
13- د . محمد حافظ غانم، مبادئ القانون الدولي العام (دراسة لضوابطه الأصولية ولأحكامه العامة ) ، طرح مطبعة نهضة مصر، القاهرة ، 1959 ، ص 66 .
14- ينظر، د. محمد يوسف علوان : القانون الدولي العام ( المقدمة والمصادر) ، ط 2 ، دار وائل للنشر الاردن ، 2007، ص 278 . وايضاً د . محمد سعيد الدقاق ، سلطان إرادة الدول في إبرام المعاهدات الدولية بين الاطلاق والتقييد ( دراسة لأحكام معاهدة فينا لسنة 1969)، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 1977 ، ص 51.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تُطلق فعّاليات مؤتمر ذاكرة الألم في العراق
|
|
|