قال تعالى : { وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء : 31] .

ان في خلق الجبال آيات ومعجزات لا تخفى على ذوي العقول والالباب . وقليل من يفكر في قيمة الجبال بالنسبة للارض والانسان ويدرك العبقرية الالهية في هندستها وخلقها .

{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا } [النبأ : 7].

لقد قرر القران الكريم ان كل جبل في الارض وتداً في عمقها ، وهو كالجذر بالنسبة للشجرة الباسقة ، فقال سبحانه {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا } . ويقوم هذا الوتد بوظيفتين هامتين يقدم احدهما للجبل ويقدم الاخرى للارض.

الاولى : انه يحفظ الجبل من التهافت والسقوط والانزلاق ، لان الوتد يغوص في الارض الى عمق كبير قد يكون ضعف ارتفاعه فوق سطح الارض ، ويكون تركيب الوتد من المواد الثقيلة القوية ، مما يوفر للوتد ان يمسك الجبل راسخا ثابتا في مكانه، مهما اثرت فيه القوى والضغوط.

ويمكن تشبيه الجبل في كون جذوره اكبر من قسمه الظاهر ، بالسفينة الطافية على وجه الماء ، فان الجز الغاطس منها هو اكبر من الجزء الطافي ، وهذا ما يحفظها من الانقلاب والغرق ، مهما عتت بها الرياح والامواج.

ثانية : ان الوتد المغروس في اديم الارض يمسك طبقات الارض نفسها ، بعضها ببعض ، فيمنعها من الاضطراب والميدان ، تماما كما يقوم الوتد الحديدي (الاسفين) بمسك الصفائح المعدنية عندما نغرسه فيها . ذلك ان سطح الارض يتألف من طبقات مختلفة التركيب منضدة فوق بعضها  ، وانغراس الجبال في اعماقها يمسك تلك الطبقات ببعضها ن من ان تتفكك او تنزلق ، فتتفتت وتتكسر . وهذا مؤدى قوله تعالى : {وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء : 31]. وقول الامام علي (عليه السلام) : ( فسكنت من الميدان [اي سكنت الارض من الاضطراب ] لرسوب الجبال في قطع اديمها )) وقوله عليه السلام : ((ووتد بالصخور ميدان ارضه)).