أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-8-2016
636
التاريخ: 25-8-2016
790
التاريخ: 3-8-2016
801
التاريخ: 25-8-2016
1396
|
تنوع القيود :
حينما يقال إذا زالت الشمس صل متطهرا، فالجعل يتحقق بنفس هذا الانشاء، واما المجعول وهو وجوب الصلاة فعلا، فهو مشروط بالزوال، ومقيد به. فلا وجوب قبل الزوال.
ونلاحظ قيدا آخر وهو الطهارة، وهذا القيد ليس قيدا للوجوب المجعول لوضوح ان الشمس إذا زالت وكان الانسان محدثا، وجبت عليه الصلاة ايضا، وانما هو قيد لمتعلق الوجوب، اي للواجب وهو الصلاة.
ومعنى كون شيء قيدا للواجب ان المولى حينما أمر بالصلاة امر بحصة خاصة منها لا بها كيفما اتفقت، حيث ان الصلاة تارة تقع مع الطهارة، واخرى بدونها، فاختار الحصة الاولى وامر بها.
وحينما نحلل الحصة الاولى نجد انها تشتمل على صلاة، وعلى تقيد بالطهارة، فالأمر بها امر بالصلاة وبالتقيد، ومن هنا نعرف ان معنى اخذ الشارع شيئا قيدا في الواجب تحصيص الواجب به، والامر به بما هو مقيد بذلك القيد. وفي المثال السابق حينما نلاحظ الطهارة مع ذات الصلاة، لا نجد ان احدهما علة للآخر، او جزء العلة له، ولكن حينما نلاحظ الطهارة مع تقيد الصلاة بها، نجد ان الطهارة علة لهذا التقيد، إذ لولاها لما وجدت الصلاة مقيدة ومقترنة بالطهارة. ومن ذلك نستخلص، ان اخذ الشارع قيدا في الواجب يعني اولا:
تحصيص الواجب به، ثانيا: ان الامر يتعلق بذات الواجب والتقيد بذلك القيد، وثالثا: ان نسبة القيد إلى التقيد نسبة العلة إلى المعلول، وليس كذلك نسبته إلى ذات الواجب. وقد يؤخذ شئ قيدا للوجوب وللواجب معا، كشهر رمضان الذي هو قيد لوجوب الصيام فلا وجوب للصيام بدون رمضان، وهو ايضا قيد للصيام الواجب، بمعنى ان الصوم المأمور به هو الحصة الواقعة في ذلك الشهر خاصة، وبموجب كون الشهر قيدا للوجوب، فالوجوب تابع لوجود هذا القيد، وبموجب كونه قيدا للواجب يكون الوجوب متعلقا بالقيد به، اي ان الامر متعلق بذات الصوم وبتقيده بان يكون في شهر رمضان.
احكام القيود المتنوعة:
لا شك في ان الواجبات تشتمل على نوعين من القيود: احدهما: قيود يلزم على المكلف تحصيلها، بمعنى انه لو لم يحصلها لاعتبر عاصيا للأمر بذلك الواجب، كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، والآخر القيود التي لا يلزم على المكلف تحصيلها، بمعنى انه لو لم يأت بها المكلف، وبالتالي لم يأت بالواجب، لا يعتبر عاصيا كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج.
والقضية التي نبحثها هي محاولة التعرف على الفرق بين هذين النوعين من القيود، وما هو الضابط في كون القيد مما يلزم تحصيله أو لا؟ والصحيح ان الضابط في ذلك ان كل ما كان قيدا لنفس الوجوب، فلا يجب تحصيله، ولا يكون المكلف مسؤولا عن إيجاده من قبل ذلك الوجوب، لانه ما لم يوجد القيد لا وجود للوجوب، كما تقدم. وكلما كان القيد قيدا لمتعلق الوجوب، اي للواجب، فهذا يعني ان الوجوب قد تعلق بالمقيد كما تقدم، اي بذات الواجب وبالتقيد بالقيد المذكور، وحينئذ يلاحظ هذا
القيد فان كان قيدا في نفس الوقت للوجوب ايضا، لم يكن المكلف مسؤولا عقلا من قبل ذلك الوجوب عن ايجاده، وانما هو مسؤول متى ما وجد القيد عن ايجاد ذات الواجب وايجاد تقيده بذلك القيد، وان لم يكن القيد قيدا للوجوب، بل كان قيدا للواجب، فهذا يعني ان الوجوب فعلي حتى لو لم يوجد هذا القيد، واذا كان الوجوب فعليا فالمكلف مسؤول عن امتثاله والاتيان بمتعلقه، وهو المقيد وكان عليه حينئذ عقلا ان يوفر القيد لكي يوجد المقيد الواجب.
ونستخلص من ذلك: اولا: انه كلما كان القيد قيدا للوجوب فقط فلا يكون. المكلف مسؤولا عن إيجاد القيد.
وثانيا: انه كلما كان القيد قيدا للواجب فقط، فالمكلف مسؤول عن ايجاد القيد.
وثالثا: انه كلما كان القيد قيدا للوجوب وللواجب معا، فالمكلف غير مسؤول عن ايجاد القيد، ولكنه مسؤول عن ايجاد التقيد حينما يكون القيد موجودا. وإذا ضممنا إلى هذه النتائج ما تقدم من انه لا إدانة بدون قدرة، وان القدرة شرط في التكليف، نستطيع ان نستنتج القاعدة القائلة: إن كل القيود التي تؤخذ في الواجب دون الوجوب، لا بد ان تكون اختيارية ومقدورة للمكلف، لان المكلف مسؤول عن توفيرها، كما عرفنا آنفا، ولا مسؤولية ولا تكليف الا بالمقدور، فلا بد اذن ان تكون مقدورة، وهذا خلافا لقيود الوجوب فانها قد تكون مقدورة كالاستطاعة، وقد لا تكون كزوال الشمس، لان المكلف غير مسؤول عن ايجادها.
قيود الواجب على قسمين:
عرفنا حتى الآن من قيود الواجب القيد الذي يأخذه الشارع قيدا، فيحصص به الواجب ويأمر بالحصة الخاصة، كالطهارة وتسمى هذه بالقيود او المقدمات الشرعية. وهناك قيود ومقدمات تكوينية يفرضها الواقع بدون جعل من قبل المولى، وذلك من قبيل ايجاد واسطة نقل، فانها مقدمة تكوينية للسفر بالنسبة إلى من لا يستطيع المشي على قدميه، فاذا وجب السفر كان توفير واسطة النقل مقدمة للواجب حتى بدون ان يشير اليها المولى، او يحصص الواجب بها، وتسمى بالمقدمة العقلية. والمقدمات العقلية للواجب من ناحية مسؤولية المكلف تجاهها كالقيود الشرعية، فان أخذت المقدمة العقلية للواجب قيدا للوجوب لم يكن المكلف مسؤولا عن توفيرها، والا كان مسؤولا عقلا عن ذلك، بسبب كونه ملزما بامتثال الامر الشرعي الذي لا يتم بدون ايجادها.
والمسؤولية تجاه قيود الواجب سواء كانت شرعية او عقلية، انما تبدأ بعد ان يوجد الوجوب المجعول، ويصبح فعليا بفعلية كل القيود المأخوذة فيه، فالمسؤولية تجاه الطهارة والوضوء مثلا، تبدأ من قبل وجوب صلاة الظهر بعد ان يصبح هذا الوجوب فعليا يتحقق شرطه وهو الزوال، واما قبل الزوال فلا مسؤولية تجاه قيود الواجب، إذ لا وجوب لكي يكون الانسان ملزما عقلا بامتثاله، وتوفير كل ماله دخل في ذلك.
المسؤولية قبل الوجوب:
إذا كان للواجب مقدمة عقلية او شرعية وكان وجوبه منوطا بزمان معين، وافترضنا ان تلك المقدمة من المتعذر على المكلف ايجادها في ذلك الزمان، ولكن كان بإمكانه إيجادها قبل ذلك، فهل يكون المكلف مسؤولا عقلا عن توفيرها أو لا؟ ومثال ذلك: ان يعلم المكلف بانه لن يتمكن من الوضوء والتيمم عند الزوال لانعدام الماء والتراب، ولكنه يتمكن منه قبل الزوال، فهل يجب عليه ان يتوضأ قبل الزوال أو لا؟ والجواب: ان مقتضى القاعدة هو عدم كونه مسؤولا عن ذلك، إذ قبل الزوال لا وجوب للصلاة لكي يكون مسؤولا من ناحيته عن توفير المقدمات للصلاة، وإذا ترك المقدمة قبل الزوال فلن يحدث وجوب عند الزوال ليبتلى بمخالفته لأنه سوف يصبح عند الزوال عاجزا عن الاتيان بالواجب، وكل تكليف مشروط بالقدرة، فلا ضير عليه في ترك ايجاد المقدمة قبل الزوال، وكل مقدمة يفوت الواجب بعدم المبادرة إلى الاتيان بها قبل زمان الوجوب، تسمى بالمقدمة المفوتة.
وبهذا صح ان القاعدة تقتضي عدم كون المكلف مسؤولا عن المقدمات المفوتة.
ولكن قد يتفق احيانا ان يكون للواجب دائما مقدمة مفوتة على نحو لو لم يبادر المكلف إلى ايقاعها قبل الوقت لعجز عن الواجب في حينه. ومثال ذلك: الوقوف بعرفات الواجب على من يملك الزاد والراحلة، فان الواجب منوط يظهر اليوم التاسع من عرفة، ولكن لو لم يسافر المكلف قبل هذا الوقت، لما ادرك الواجب في حينه، وفي مثل ذلك لا شك فقهيا في ان المكلف مسؤول عن ايجاد المقدمة المفوتة قبل الوقت، وقد وقع البحث اصوليا في تفسير ذلك وتكييفه، وانه كيف يكون المكلف مسؤولا عن توفير المقدمات لامتثال وجوب غير موجود بعد، وستأتي بعض المحاولات في تفسير ذلك في حلقة مقبلة.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|