أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
1775
التاريخ: 29-8-2016
1427
التاريخ: 31-8-2016
2190
التاريخ: 30-8-2016
1726
|
الاطلاق يقابل التقييد، فان تصورت معنى ولاحظت فيه وصفا خاصا او حالة معينة، كان ذلك تقييدا، وان تصورته بدون ان تلحظ معه أي وصف او حالة اخرى كان ذلك إطلاقا، فالتقييد إذن هو لحاظ خصوصية زائدة في الطبيعة، والاطلاق عدم لحاظ الخصوصية الزائدة.
والطبيعة محفوظة في كلتا الحالتين: غير انها تتميز في الحالة الاولى بأمر وجودي وهو لحاظ الخصوصية، وتتميز في الحالة الثانية بأمر عدمي وهو عدم لحاظ الخصوصية.
ومن هنا يقع البحث في ان كلمة انسان مثلا أو أي كلمة مشابهة هل هي موضوعة للطبيعة المحفوظة في كلتا الحالتين فلا التقييد دخيل في المعنى الموضوع له ولا الاطلاق، بل الكلمة بمدلولها تلائم كلا الامرين، او ان الكلمة موضوعة للطبيعة المطلقة فتدل الكلمة بالوضع على الاطلاق وعدم لحاظ القيد.
وقد وقع الخلاف في ذلك، ويترتب على هذا الخلاف أمران:
أحدهما: إن استعمال اللفظ وارادة المقيد على طريقة تعدد الدال والمدلول يكون استعمالا حقيقا على الوجه الاول، لان المعنى الحقيقي للكلمة محفوظ في ضمن المقيد والمطلق على السواء، ويكون مجازا على الوجه الثاني لان الكلمة لم تستعمل في المطلق مع انها موضوعة للمطلق، اي للطبيعة التي لم يلحظ معها قيد بحسب الفرض.
والامر الآخر: إن الكلمة إذا وقعت في دليل حكم، كما إذا أخذت موضوعا للحكم مثلا ولم نعلم ان الحكم هل هو ثابت لمدلول الكلمة على الاطلاق، او لحصة مقيدة منه أمكن على الوجه الثاني ان نستدل بالدلالة الوضعية للفظ على الاطلاق، لانه مأخوذ في المعنى الموضوع له وقيد له فيكون من القيود التي ذكرها المتكلم فنطبق عليه قاعدة احترازية القيود فثبت ان المراد الجدي مطلقا ايضا.
وأما على الوجه الاول فلا دلالة وضعية للفظ على ذلك، لان اللفظ موضوع بموجبه للطبيعة المحفوظة في ضمن المطلق والمقيد، وكل من الاطلاق والتقييد خارج عن المدلول الوضعي للفظ. فالمتكلم لم يذكر في كلامه التقييد ولا الاطلاق فلا يمكن بالطريقة السابقة ان نثبت الاطلاق بل لا بد من طريقة اخرى.
والصحيح هو الوجه الاول: لان الوجدان العرفي شاهد بان استعمال الكلمة في المقيد على طريقة تعدد الدال والمدلول ليس فيه تجوز، وعلى هذا الاساس نحتاج في إثبات الاطلاق إلى طريقة أخرى، إذا ما دام الاطلاق غير مأخوذ في مدلول اللفظ وضعا فهو غير مذكور في الكلام فلا يتاح تطبيق قاعدة احترازية القيود عليه.
والطريقة الاخرى هي ما يسميها المحققون المتأخرون بقرينة الحكمة وجوهرها التمسك بدلالة تصديقية لظهور عرفي سياقي آخر غير ذلك الظهور الحالي السياقي الذي تعتمد عليه قاعدة احترازية القيود، فقد عرفنا سابقا ان هذه القاعدة تعتمد على ظهور عرفي سيأتي مفاده، ان ما يقوله يريده حقيقة، ويوجد ظهور عرفي سياقي آخر مفاده: ان لا يكون شئ دخيلا وقيدا في مراده الجدي وحكمه ولا يبينه باللفظ، لان ظاهر حال المتكلم انه في مقام بيان تمام مراده الجدي بخطابه، وحيث ان القيد ليس مبينا في حالة عدم نصب قرينة على التقييد فهو إذن ليس داخلا في المراد الجدي والحكم الثابت، وهذا هو الاطلاق المطلوب.
وهكذا نلاحظ ان كلا من قرينة الحكمة التي تثبت الاطلاق وقاعدة احترازية القيود تبتنى على ظهور عرفي سياقي حالي غير الظهور العرفي السياقي الحالي الذي تعتمد عليه الاخرى، فالقاعدة تبتنى على ظهور حال المتكلم في ان ما يقوله يريده، وقرينة الحكمة تبتنى على ظهور حال المتكلم في ان كل ما يكون قيدا في مراده الجدي يقوله في الكلام الذي صدر منه لابراز ذلك المراد الجدي اي انه في مقام بيان تمام مراده الجدي بخطابه.
وقد يعترض على قرينة الحكمة هذه بان اللفظ إذا لم يكن يدل بالوضع إلا على الطبيعة المحفوظة في ضمن المقيد والمطلق معا فلا دال على الاطلاق، كما لا دال على التقييد، مع ان احدهما ثابت في المراد الجدي جزما، لان موضوع الحكم في المراد الجدي اما مطلق واما مقيد، وهذا يعني أنه على اي حال لم يبين تمام مراده بخطابه ولا معين حينئذ لافتراض الاطلاق في مقابل التقييد.
ويمكن الجواب على هذا الاعتراض بان ذلك الظهور الحالي السياقي لا يعني سوى ان يكون كلامه وافيا بالدلالة على تمام ما وقع تحت لحاظه من المعاني بحيث لا يكون هناك معنى لحظه المتكلم ولم يأت بما يدل عليه، لا ان كل ما لم يلحظه لا بد ان يأتي بما يدل على عدم لحاظه، فان ذلك مما لا يقتضيه الظهور الحالي السياقي، وعليه فإذا كان المتكلم قد اراد المقيد مع انه لم ينصب قرينة على القيد، فهذا يعني وقوع أمر تحت اللحاظ، زائد على الطبيعة وهو تقيدها بالقيد، لان المقيد يتميز بلحاظ زائد ولا يوجد في الكلام ما يبين هذا التقييد الذي وقع تحت اللحاظ، واذا كان المتكلم قد أراد المطلق فهذا لا يعني وقوع شيء تحت اللحاظ زائدا على الطبيعة، لان الاطلاق، كما تقدم عبارة عن عدم لحاظ القيد، فصح ان يقال: إن المتكلم لو كان قد اراد المقيد لما كان مبينا لتمام مرامه. لان القيد واقع تحت اللحاظ، وليس مدلولا للفظ، واذا كان مراده المطلق، فقد بين تمام ما وقع تحت لحاظه، لان نفس الاطلاق ليس واقعا تحت اللحاظ بل ونستخلص من ذلك اننا بتوسط قرينة الحكمة نثبت الاطلاق، ونستغني بذلك عن اثباته بالدلالة الوضعية عن طريق اخذه قيدا في المعنى الموضوع له اللفظ، ثم تطبيق قاعدة احترازية القيود عليه، لكن يبقى هناك فارق عملي بين اثبات الاطلاق بقرينة الحكمة، واثبات بالدلالة الوضعية، وتطبيق قاعدة احترازية القيود، وهذا الفارق العملي يظهر في حالة اكتناف الكلام بملابسات معينة تفقده الظهور السياقي الذي تعتمد عليه قرينة الحكمة، فلا يعود لحال المتكلم ظهور في انه في مقام بيان تمام مراده الجدي بكلامه وأمكن ان يكون في مقام بيان بعضه، ففي هذه الحالة لا تتم قرينة الحكمة لبطلان الظهور الذي تعتمد عليه، فلا يمكن اثبات الاطلاق لمن يستعمل قرينة الحكمة لإثباته، وخلافا لذلك من يثبت الاطلاق بالدلالة الوضعية وتطبيق قاعدة احترازية القيود، فإن بإمكانه ان يثبت الاطلاق في هذه الحالة أيضا، لان الظهور الذي تعتمد عليه هذه على القاعدة غير الظهور الذي تعتمد عليه قرينة الحكمة كما عرفنا سابقا، وهو ثابت على أي حال.
ثم إن الاطلاق الثابت بقرينة الحكمة، تارة يكون شموليا، أي مقتضيا لاستيعاب الحكم لتمام افراد الطبيعة. واخرى يكون بدليا يكتفى في امتثال الحكم المجهول فيه إيجاد أحد الافراد.
ومثال الاول: اطلاق الكذب في (لا تكذب)، ومثال الثاني: اطلاق الصلاة في (صل).
والاطلاق تارة يكون أفراديا واخرى يكون أحواليا ، والمقصود بالإطلاق الافرادي ان يكون للمعنى أفراد فيثبت بقرينة الحكمة انه لم يرد به بعض الافراد دون بعض، والمقصود بالإطلاق الاحوالي ان يكون للمعنى أحوال، كما في اسماء الاعلام، فإن مدلول كلمة زيد وإن لم يكن له افراد ولكن له أحوال متعددة، فيثبت بقرينة الحكمة، انه لم يرد به حال دون حال ، هو عدم لحاظ القيد الزائد.
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|