أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
1473
التاريخ: 6-08-2015
1276
التاريخ: 2-07-2015
1685
التاريخ: 4-08-2015
1894
|
اعلم أن كل ما تطلق عليه سبحانه وعلى غيره فإنما تطلق عليهما بمعنيين مختلفين ليسا في درجة واحدة، حتى إن الوجود الذي هو أعم الأشياء اشتراكا لا يشمله و غيره على نهج واحد، بل كل ما سواه فإنما هو موجود به، إن اللّه يمسك السماوات و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده، وهكذا في سائر صفاته كالعلم و القدرة والإرادة و المحبة و الرحمة و الغضب و الجبار وغيرها، فكل ذلك لا يشبه فيه الخالق الخلق بل هو في حق الخلق يصحبه نقص و شين بخلافه في حق الخالق فإنه مقدس عن القصورات و النقائص، و إنما تطلق بعض الصفات كالرحمن الرحيم و العطوف و نحوها في حقه تعالى باعتبار غاياتها التي هي الكمالات دون مباديها التي هي النقائص، و واضع اللغات وضع هذه الأسامي أولا للخلق لأنها أسبق إلى العقول و الإفهام، و فهم معانيها في حقه تعالى عسر جدا و بيانها أعسر منه بل كلما قيل في تقريبها إلى الإفهام فهو تبعيد له من وجه كما تقدم في كلام أمير المؤمنين عليه السّلام إن قيل كان فعلى تأويل أزلية الوجود، و إن قيل لم يزل فعلى تأويل نفي العدم. وعن هشام بن الحكم عن الصادق عليه السّلام أنه قال للزنديق حين سأله ما هو قال: هو شيء بخلاف الأشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى و إنه شيء بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم و لا صورة و لا يحس و لا يجس و لا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الأوهام و لا تنقصه الدهور و لا تغيره الأزمان. فقال له السائل فنقول إنه سميع بصير. قال: هو سميع بصير، سميع بغير جارحة، و بصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه و يبصر بنفسه، و ليس قولي إنه سميع يسمع بنفسه و يبصر بنفسه أنه شيء و النفس شيء آخر، و لكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسئولا و إفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول سميع بكله لا أن الكل منه له بعض، و لكني أردت افهامك و التعبير عن نفسي و ليس مرجعي إلى كل ذلك إلا إلى أنه السميع البصير العليم الخبير بلا اختلاف الذات و لا اختلاف المعنى. و قد عرفت أن صفاته تعالى ذاته تعالى، فهو كما قيل وجود كله، وجوب كله، علم كله، حياة كله، لا أن شيئا منه علم و شيئا آخر قدرة ليلزم التركب في ذاته، و لا أن شيئا منه علم و شيئا آخر قدرة ليلزم التكثر في صفاته، ولا تتعجب من ذلك فإنك إذا حدثت نفسك بشيء فأنت حينئذ عليم به سميع له بصير إياه متكلم به، بل أنت إذ تراك علم و سمع و بصر و كلام. بل و أنت في الحال معلوم و مسموع و مبصر، و كل ما يوهم التشبيه من الصفات من الغضب و الرضا و الفرح و الأسف و نحوها. فبدايته التي هي الانفعال منفية عنه تعالى، وغايته التي هي الكمال ثابتة له تعالى، و ذلك لأن صفات المخلوقات و الموجودات تختلف بحسب المظاهر و المقامات، فهي إنما تكون في كل مقام بحسبه، فالغضب في الجسم جسماني يظهر بثوران الدم و حرارة الجلد و حمرة الوجه، وفي النفس نفساني إدراكي يظهر بإرادة الانتقام و التشفي عن الغيظ، و في العقل عقلي يظهر بالحكم الشرعي بتعذيب طائفة أو خزيهم لإعلاء دين اللّه، وهو بالنسبة إلى اللّه تعالى ما يليق بمفهومات صفاته الموجودة بوجود ذاته. و كذلك الشهوة فإنها في النبات الميل إلى جذب الغذاء و النمو، و في الحيوان الميل إلى ما يوافق طبعه و يشتهيه، و في النفس الإنسانية الميل إلى ما يلائم الناطقة من كرائم الملكات، و في العقل الابتهاج بمعرفة اللّه و صفاته و أسمائه و أفعاله مما يعرف في اللّه سبحانه كون ذاته مبدأ الخيرات و غايتها و خلقه الخلق لكي يعرف، و على هذا القياس سائر الصفات. و هو سبحانه بحسب كل صفة و نعت ليس كمثله شيء في تلك الصفة، لأن المخلوق
لا يكون أبدا مثل خالقه في شيء من الأشياء لأنه محتاج و خالقه غير محتاج، فلا حد لصفة اللّه و لا كيف لأنهما من خواص الممكن. و يمكن توجيه آخر للصفات التي توهم التشبيه و هو أنها ترجع إلى خواص أوليائه و أمنائه، فإن أولياء اللّه لما قويت ذواتهم و كملت صفاتهم و انشرحت صدورهم لم يحتجبوا بالخلق عن الحق، فكلما يصدر من الأفعال و الأعمال و المجاهدات و المخاصمات كان للّه و باللّه و من اللّه و إلى اللّه و في اللّه، فإن غضب كان غضبه للّه ، و إن أغضب فكذلك، و إن رضي أو أرضى فكذلك، و هكذا في جميع ما يفعل أو ينفعل فيصح نسبة صفاته و أفعاله إلى اللّه تعالى. كما ورد في الحديث القدسي الصحيح المتفق عليه بين الفريقين المروي في الكافي و غيره (لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها ) و روى الصدوق في كتاب التوحيد بإسناده عن الصادق عليه السّلام في قوله عز و جل: { فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } [الزخرف: 55]. قال إن اللّه سبحانه لا يأسف كأسفنا و لكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون و يرضون و هم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضاء نفسه، و سخطهم سخط نفسه لأنه جعلهم الدعاة إليه و الأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك و ليس ذلك يصل إلى اللّه كما يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك، و قد قال من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة و دعاني إليها، وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } [النساء: 80].و قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]. و كل هذا و شبهه على ما ذكرت لك، وهكذا الرضا و الغضب و غيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك، و لو كان يصل إلى المكوّن الأسف و الضجر و هو الذي أحدثهما و أنشأهما لجاز لقائل أن يقول إن المكوّن يبيد يوما لأنه إذا دخله الضجر و الغضب دخله التغيير، فإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه بالإبادة و لوكان ذلك كذلك لم يعرف المكوّن من المكوّن، و لا القادر من المقدور، و لا الخالق من المخلوق، تعالى اللّه عن هذا القول علوا كبيرا.
|
|
دراسة تحدد أفضل 4 وجبات صحية.. وأخطرها
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|