تعريف وتمهيد:

يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1594/5) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. وسنرى أن أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقياس عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة)، وبعبارة أخرى عادت البلاد في هذا العهد إلى نظام دول المدن الذي كان أول نظام سياسي ظهر في حضارة وادي الرافدين في العصر الذي سميناه "عصر فجر السلالات" أو عصر دول المدن، ولذلك فيصح أن تطلق على هذا العهد الجديد اسم "عصر دول المدن الثاني"(1). وقد يسمى بأسماء أخرى منها عصر "أيسن ولارسة" وبوجه خاص القسم الأول من هذا العصر الذي دام زهاء القرنين ونصف القرن والذي حكمت فيه جملة دول مدن أشهرها وأقواها سلالتها "أيسن" و "لارسة" المتعاصرتين، ويعقب ذلك قيام حمورابي (1750 - 1792 ق.م) وفضاؤه على دول المدن وعودة نظام مملكة القطر، وهو الشطر الثاني من العصر البابلي القديم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وبهذا المعنى سماه الباحث (أزارد) وبالألمانية "Zwischen Zeit" وهو مصطلح استعمله الباحثون الألمان في تأريخ وادي النيل أو ما يرادف المصطلح الانجليزي "العصر المتوسط" او العصر الوسيط (Intermediary Period) وهي الفترة التي تفصل ما بين عهد ما يسمى في تاريخ مصر بالمملكة القديمة (عصر الأهرام) وبين عهد الاسرتين الحادية عشر  والثانية عشرة، وحل فيه محل مملكة القطر الواحدة حكم دويلات النبلاء وأمراء الإقطاع. اما بالنسبة إلى تاريخ العراق القديم فيعثر الباحث المذكور عصر فجر السلالات (2370 – 2800 ق.م) العصر المتوسط الأول والعهد البابلي القديم موضوع كلامنا العصر المتوسط الثاني. راجع كتابه المرموز له: ZZB, 1ff.