أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2014
1661
التاريخ: 31-3-2016
2630
التاريخ: 24-11-2020
6087
التاريخ: 5-05-2015
7711
|
قال تعالى : { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات : 100].
بلغ إبراهيم ( عليه السلام ) من الكبر عتيا ، ولم يرزق ولدا ، فسأل ربه أن يهبه ذرية مؤمنة وخلفا صالحا « فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ » .
وهو إسماعيل ، ما في ذلك ريب ، بشهادة القرآن الكريم ، ويأتي البيان مفصلا بعد تفسير الآيات التي نحن بصددها .
« فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى » .
الضمير المستتر في بلغ يعود إلى الغلام المذكور في الآية السابقة ، ونعني به إسماعيل ، وضمير معه يعود إلى إبراهيم . وقد رأى في منامه أنه يذبح أو يقدم على ذبح ولده ، ففهم من هذه الرؤيا ان اللَّه قد أمره بذبحه . . وفهم الأنبياء يقين ، ومن أجل هذا عزم من غير تردد على أن يحقق رؤياه بالفعل ، وأخبر ولده بعزمه وطلب منه أن يبدي رأيه في ذلك بعد النظر والتأمل .
« قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ » . أجابه على الفور لا رأي لي ولا أمر مع أمر اللَّه وأمرك . . يا أبت اذبحني فلا قيمة للحياة في جنب مرضاة اللَّه ومرضاتك . .
افصل يا أبت رأسي عن جسدي وأنت عندي البر الرحيم ما دمت تبغي وجه اللَّه وتستجيب لدعواه . . ثم أخذ إسماعيل يخفف عن أبيه ويهون عليه أمر الذبح ويقول :
« سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ » . أتلقى الذبح رابط الجأش قوي اليقين .
( فَلَمَّا أَسْلَما وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ونادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) . لما مدّ إسماعيل عنقه للذبح وهوى عليه إبراهيم بسكينة مفوضا كل منهما أمره لمن له الأمر - جاء النداء من الآمر الأعلى : هذا تأويل رؤياك . .
انه العزم والاقدام منك على الذبح إخلاصا للَّه ، والانقياد من إسماعيل لأمر اللَّه طيب النفس ، أما الذبح بالذات فما هو بمقصود .
وتسأل : إذا كان الذبح غير مقصود فما هو الغرض من الأمر به ؟
الجواب : يرى البعض ان الغرض من ذلك ان يظهر اللَّه سبحانه للملأ والأجيال عظمة كل من إبراهيم وإسماعيل في تضحيته وإخلاصه للَّه ، فيكون موضع التقديس والتقدير إلى يوم يبعثون . وقال آخر : الغرض ان تبدل سارة غيرتها من هاجر أم إسماعيل ، وتكف قسوتها عن إبراهيم . . ونضيف نحن إلى هذين القولين ان اللَّه سبحانه أراد أيضا أن يضرب ذلك مثلا للمؤمن الحق وانه الذي يطيع اللَّه في كل شيء حتى في ذبح ولده وفلذة كبده ، ويومئ إلى هذا قوله تعالى : « إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ » أي ان هذا العزم على التضحية بالنفس والأهل امتثالا لأمر اللَّه هو وحده المحكّ للمؤمن حقا وواقعا ، والحد الفاصل بينه وبين من يخيل إليه انه من المؤمنين وما هو من الايمان في شيء .
« وفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ » . المراد بالذبح المذبوح . وقيل كان كبشا ، وقال آخر : بل كان وعلا . . وأيا كان الفداء فنحن غير مسؤولين عن معرفة نوعه ، ولا تتصل هذه المعرفة بحياتنا من قريب أو بعيد . وطريف قول من قال انه كان كبشا أملح ، ورعى في الجنة أربعين عاما ، وان إبراهيم ( عليه السلام ) أعطى طحاله وأنثييه لإبليس . . وإذا رعى في الجنة أربعين عاما فكم يكون وزنه يا ترى ؟
« وتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ » . تقدم هذا النص في الآية 78 وما بعدها من هذه السورة نفسها .
« وبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ وبارَكْنا عَلَيْهِ وعَلى إِسْحاقَ » . هذه البشارة من اللَّه لإبراهيم بولد ثان انما هي جزاء على صبره وإقدامه على ذبح ولده طاعة للَّه . وفي قاموس الكتاب المقدس : ان سارة ولدت إسحاق ولها من العمر 90 سنة ، ولإبراهيم مائة سنة ، وان معنى إسحاق في العبرية يضحك . أما هاجر فقد ولدت إسماعيل ولإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة « ومِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ » . والمحسن من هذه الذرية هو الذي اتبع ملة أبيه إبراهيم حنيفا ، والظالم من حاد عنها .
هل الذبيح إسماعيل أو اسحق ؟
ذهب البعض إلى ان الذبيح - أي الذي أمر إبراهيم بذبحه - هو اسحق وليس إسماعيل . . ولا مصدر لهذا القول إلا إسرائيليات كعب الأحبار وحسد اليهود لأبناء إسماعيل ، وليس هذا بكثير على بني إسرائيل ، أما الأدلة على ان الذبيح هو إسماعيل فهي :
أولا : قوله تعالى : « فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ » فإنه يدل بصراحة على ان المبشر به والساعي والذبيح صفات لموصوف واحد ، وهو الولد البكر لإبراهيم ، وبكر إبراهيم هو إسماعيل باتفاق المسلمين والنصارى واليهود ، فلقد جاء في التوراة الأصحاح 16 الآية 15 من سفر التكوين ما نصه بالحرف : « وكان إبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لأبرام » أي إبراهيم ، وإذا عطفنا على هذا ما جاء في التوراة من السفر المذكور الأصحاح 17 الآية 17 وما بعدها : ان اللَّه لما بشّر إبراهيم بإسحاق من سارة سقط على وجهه وقال في قلبه : هل يولد لي وأنا ابن مائة سنة ، وسارة بنت تسعين ؟ . إذا جمعنا بين الآيتين تكون حصيلتهما ان إسماعيل هو الولد البكر ، وانه يكبر اسحق بأربعة عشر عاما ، وبينا ان البكر هو الذبيح ، فالذبيح - إذن - إسماعيل لا اسحق .
ثانيا : قوله تعالى : « وبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ » حيث جاءت هذه البشارة لإبراهيم بإسحاق جزاء له على طاعته للَّه في ذبح ولده البكر ، كما قدمنا ، فلا بد - وهذه هي الحال - أن يكون زمن إسحاق متأخرا عن زمن الذبيح ، تماما كما يتأخر الثواب على العمل عن نفس العمل .
ثالثا : قوله تعالى في الآية 71 من سورة هود : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ ومِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ) فإن اللَّه بشّر سارة بإسحاق وبولده يعقوب في آن واحد ، فكيف يأمر بذبح إسحاق بعد أن بشّر به وبنسله ؟ وما ذا تقول سارة عند ما تسمع الأمر بذبح وليدها بعد أن سمعت البشارة به وبولده ؟ .
رابعا : لو كان الذبيح إسحاق لوجب أن يكون النحر والسعي ورمي الجمار في أرض الشام حيث كانت سارة وولدها إسحاق ، وليس بمكة حيث كانت هاجر وولدها إسماعيل .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|