أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2017
4689
التاريخ: 11-5-2017
4860
التاريخ: 5-1-2022
5632
التاريخ: 28-1-2016
2939
|
الصلح هو سبب من أسباب انقضاء الدعوى الجزائية في الحالات التي يتوقف تحريك الدعوى الجزائية فيها على شكوى من المجني عليه ، ويحدث أثره بقوة القانون سواء تم في مرحلة التحقيق أم في مرحلة المحاكمة .(1) والأصل أن الدعوى الجزائية لا يجوز الصلح بشأنها لان الدعوى الجزائية من حق الهيئة الاجتماعية ، لذا لا يجوز الصلح بشأنها فيسقط حق المجتمع فيها .(2) ألا انه إذا كان هذا الأصل فان هناك استثناء يرد عليه ، حيث أجازت المادة (194) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي الصلح(3) في الدعاوى التي يتوقف تحريكها على شكوى من المجني عليه. و تأسيساً على ما تقدم فان عرض العفو على المتهم يلتقي مع الصلح في أن كل منهما يعد سبباً من الأسباب الخاصة لانقضاء الدعوى الجزائية،(4) لا نهما لا يشملان الجرائم جميعها وإنما كل منهما خاص بنوع معين من الجرائم ، كما أن كليهما ذات طبيعة شخصية، وكذلك يتشابه عرض العفو على المتهم والصلح من حيث الأثر الذي يترتب على القرار الصادر بشأنهما ، إذ يترتب على القرار الصادر بقبول الصلح الأثر نفسه المترتب على الحكم بالبراءة(5). وكذلك الحال فيما يتعلق بقرار وقف الإجراءات القانونية وقفاً نهائياً الصادر بشأن عرض العفو على المتهم ، فان الأثر المترتب عليه هو الأثر نفسه المترتب على الحكم بالبراءة.(6) لذلك فان المستفيد من الصلح ومن عرض العفو على المتهم لا يعد عائداً في حالة ارتكابه جريمة أخرى في المستقبل .إلا أن الصلح يختلف عن عرض العفو على المتهم في ان الصلح حق منحه المشرع للمجني عليه(7)، أو من يقوم مقامه قانوناً(8). وهذا الحق هو حق شخصي يتعلق بشخص المجني عليه، لذلك فهو لا ينتقل إلى الورثة(9) . اما عرض العفو على المتهم فهو من اختصاص قاضي التحقيق بعد اخذ موافقة محكمة الجنايات . كما أن طلب الصلح يقبل في جميع مراحل الدعوى الجزائية ، سواء كانت في مرحلة التحري وجمع الأدلة أم في مرحلة التحقيق أم في مرحلة المحاكمة حتى صدور قرار في الدعوى أما إذا صدر قرار فيها فلا يقبل الصلح بعد ذلك(10)، في حين أن عرض العفو على المتهم يقتصر على مرحلة التحقيق الابتدائي. والجرائم التي يجوز الصلح فيها هي الجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى الجزائية فيها على شكوى من المجني عليه ،(11)كما يجب ان تكون هذه الجرائم واقعة بين أفراد الناس كأن تصيب أموالهم أو أشخاصهم وبذلك لا يجوز الصلح عن الجرائم الواقعة على الأموال العائدة للدولة(12) , أما إذا اتلف شخص مالاً عائداً للدولة فلا يجوز الصلح في هذه الأموال ، بل تتخذ الإجراءات القانونية ضد الجاني ويتم توقيع العقاب عليه(13) ، والجرائم التي يجوز الصلح عنها هي جرائم غير خطيرة وتقتصر على الجنح والمخالفات أما الجنايات فلا يجوز الصلح عنها(14). أما عرض العفو على المتهم فانه لا يجوز عرضه إلا في الجنايات الخطيرة الغامضة.
كما يختلف عرض العفو على المتهم عن الصلح من حيث سبب تشريع كل منها فالسبب الذي دفع المشرع إلى قبول الصلح في الجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى الجزائية فيها على شكوى من المجني عليه او من يمثله قانوناً هو رغبته في رفع النزاع وإزالة الخصومات بين الناس واستقرار التعامل بينهم على التراضي بعيداً عن المنازعات، كما ان هذا النوع من الجرائم يرتكب بين شخصين توجد بينهم علاقة قرابة ، فحفاظا على هذه العلاقة من الانهيار وتحولها إلى علاقة عداوة ، مما دفع المشرع إلى قبول الصلح عن تلك الجرائم .(15) في حين أن السبب الذي دفع المشرع إلى جواز عرض العفو على المتهم في الجرائم الخطيرة الغامضة، هو إن عرض العفو سيؤدي إلى تحقيق فائدة كبيرة للمجتمع وتتمثل هذه الفائدة في الكشف عن الجرائم الغامضة ، والكشف عن كافة ملابساتها والظروف المحيطة بها ، ومن ثم التوصل إلى بقية المساهمين فيها .(16)
فضلاً عن أن عرض العفو على المتهم يختلف عن الصلح من حيث اشتراط اخذ موافقة جهة معينة ، فعرض العفو على المتهم ، وكما ذكر سابقاً فان قاضي التحقيق بوصفه السلطة المختصة بعرض العفو على المتهم لا يستطيع عرض العفو إلا بعد اخذ موافقة محكمة الجنايات ، ويشترط اخذ هذه الموافقة في جميع الحالات التي يجوز فيها لقاضي التحقيق عرض العفو على المتهم ، أما الصلح فان المادة (195) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي قد فرقت بين ثلاث حالات من حيث اشتراط اخذ موافقة جهة أخرى على طلب الصلح المقدم من المجني عليه أو من يمثله قانوناً ، الحالة الأولى إذا كانت الجرائم التي يجوز الصلح فيها معاقباً عليها بالحبس مدة سنة او بالغرامة فان الصلح فيها يتم بين المجني عليه أو من يمثله قانوناً وبين المتهم ، دون حاجة لأخذ موافقة قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة . والحالة الثانية إذا كانت الجرائم التي يجوز الصلح فيها معاقباً عليها بالحبس مدة تزيد على السنة ، فان الصلح لا يتم إلا بعد اخذ موافقة قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة ، أما الحالة الثالثة الخاصة بجرائم التهديد والإيذاء وأتلاف الأموال أو تخريبها فان هذه الجرائم وان كان معاقباً عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنة فان الصلح عنها لا يتم إلا بعد اخذ موافقة قاضي التحقيق أو المحكمة المختصة.
_____________________
1- د.محمد علي السالم عياد الحلبي :الوسيط في شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ، ج1، مكتبة دار الثقافة ، عمان ، 1996 ، ص177 د. سامي النصراوي : دراسة في اصول المحاكمات الجزائية ، ج1 ، مطبعة السلام ، بغداد ، 1978 ، ص167 فايز السيد اللمساوي .ود. اشرف فايز اللمساوي : الصلح الجنائي في جرائم الجنح والمخالفات ،ط1 ،مكتبة رجال القضاء ، 1999 ، ص15 .
2- د. عبد الحكم فوده : انقضاء الدعوى الجنائية وسقوط عقوبتها ، منشاة المعارف ، الإسكندرية ، 2005 ، ص338 .
3- كما اخذ بنظام الصلح عدد من القوانين الأجنبية والعربية ، إلا أن هذه القوانين قد اختلفت في تنظيم أحكام الصلح فمنها من ضيق الحالات التي يجوز فيها الصلح ومنها من وسع من تلك الحالات ، فبالنسبة إلى القانون الانكليزي ، فان الشريعة العامة الانكليزية قد استقرت منذ زمن طويل على مبدأ تحريم الصلح في المسائل الجنائية إلا انه مع ذلك اخذ القانون الانكليزي بنظام الصلح في بعض الحالات منها حالة الصلح الذي يؤدي إلى استعادة الأشياء المسروقة .
أما القانون الفرنسي فقد أجاز التصالح في جرائم الإخلال بنظام الكمارك والتعامل النقدي وبنظام الضرائب غير المباشرة وبنظام البريد والمياه والغابات ونظام صيد الحيوانات ونظام صيد الأسماك في الأنهار والبحار ونظام الإذاعة بالراديو والتلفزيون . د. محمود سمير عبد الفتاح : النيابة العمومية وسلطاتها في إنهاء الدعوى الجنائية بدون محاكمة ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، 2003 ، ص302 وص344 .
وكذلك القانون الكويتي قد أجاز الصلح في الجرائم التي يتوقف تحريك الدعوى الجزائية فيها على شكوى من المجني عليه ، وكذلك في جرائم الإيذاء والتعدي التي لا تزيد عقوبتها على الحبس لمدة خمس سنوات وجرائم انتهاك حرمة الملك والتخريب والإتلاف الواقع على أملاك الإفراد والتهديد وابتزاز الأموال بالتهديد .
انظر المادة (240) من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي .
4- حيث تنقسم الأسباب التي تؤدي إلى انقضاء الدعوى الجزائية إلى قسمين :
أ ـ أسباب عامة تنطبق على جميع الجرائم سواء كانت جنايات أم جنح أم مخالفات .
ب ـ أسباب خاصة ببعض الجرائم وبتوافرها تنقضي الدعوى الجزائية الخاصة بتلك الجرائم.
د. حمودي الجاسم: دراسة مقارنة في اصول المحاكمات الجزائية ، ج1 ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1962 ، ص99 ـ د. عباس الحسني : شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية الجديد ،المجلد الثاني ، المكتبة الوطنية ، بغداد ، 1972 ، ص287 .
5- انظر المادة (198 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي والفقرة (6) من المادة (186) من قانون اصول المحاكمات الجزائية البحريني والفقرة (2) من المادة (85) من قانون إجراءات المحاكم الجنائية الإماراتي .
كما قضت محكمة التمييز في قرارها المرقم 1655 ـ جنايات / والمؤرخ في 16 /1/ 1974 بأنه ((إذا وقع الصلح في جريمة يجوز قبول الصلح عنها فلا يصح إدانة المتهم الذي تم قبول الصلح عنه لان الصلح بمثابة البراءة وهو يناقض الإدانة ولا يجوز اجتماع قرارين متناقضين في جريمة واحدة )) أشار إليه إبراهيم المشاهدي : مصدر سابق ، ص202 .
6- انظر الفقرة (ب) من المادة (200) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي.
7- وفي حالة اذا تعدد المجني عليهم في جريمة يجوز الصلح عنها ،وقدم طلب الصلح من احدهم او بعضهم ، نجد ان قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي عندما نظم أحكام الصلح في المواد (194ـ 198)منه لم يرد نصاً خاصاً ينظم هذه الحالة في حين أن قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي قد نظم ذلك حيث نصت المادة (242) منه على أن ((إذا تعدد المجني عليهم في جريمة ، وصدر العفو أو الصلح عن بعضهم فلا يكون له أثاره إلا إذا اقره الباقون ، أو إذا أقرته المحكمة رغم معارضتهم إذا تبين لها أنها معارضة تعسفية)) . لذلك كان على المشرع العراقي أن يرد نصا مماثلا لهذا النص .
إلا انه بما أن الحق في الصلح هو حق شخصي يتعلق بشخص المجني عليه ، لذلك فانه إذا تعدد المجني عليهم في جريمة يجوز الصلح عنها وقدم طلب الصلح من احدهم ، فلا يكون لهذا الصلح أي اثر وإنما يجب أن يصدر الصلح من جميع المجني عليهم .
د. رمضان جمال كامل : التصالح وأثره على الدعوى الجنائية ، المركز القومي ، بلا سنة طبع ، ص65 .
8- انظر المادة (194) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي.
9- أي إذا توفى المجني عليه أثناء تداول الدعوى الجزائية سواء في مرحلة الاستدلال أم التحقيق أم المحاكمة ، ولم يقر بالصلح مع المتهم قبل الوفاة او يتقديم به من يمثله قانونا ، فيسقط الحق في الصلح ولا ينتقل إلى الورثة وإذا ما صدر منهم فانه يعد بمثابة تنازل ويقتصر اثره على الحق المدني فقط ولا يؤثر على الدعوى الجزائية .
د. سعيد حسب الله عبد الله : شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، دار الحكمة للطباعة والنشر ، الموصل ، 1990،ص88 .
10- انظر الفقرة (أ) من المادة (197) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي . والفقرة (1/ب) من المادة (85) من قانون إجراءات المحاكم الجنائية الإماراتي .
11- انظر الفقرة (أ) من المادة (3) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي .
12- انظر الفقرة (أ-4) من المادة (3) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي. كما قضت محكمة التمييز في قرارها المرقم( 254 ) ـ هيأة موسعة ثانية ـ 1981 صدر بتاريخ 15ـ 8 ـ1981 بان (لا يجوز قبول الصلح الواقع بين المتهم والدائرة الحكومية عن جريمة إتلاف أموال الدولة أو تخريبها لان تحريك الدعوى الجزائية في هذه القضية لا يتوقف على شكوى ).
مجموعة الإحكام العدلية : قسم الإعلام القانوني في وزارة العدل ، العدد الثالث ـ السنة الثانية عشر ـ 1981 ص75.
13- عبد الجيار العريم : شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية ،ج1، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1950، ص241.
14- باستثناء ما ورد في المادة (3) من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي . لمزيد من التفاصيل انظر د. سامي النصراوي : ((دراسة في اصول .....)) ،ج1 ، مصدر سابق ، ص170 ـ كما قضت محكمة التمييز في قرارها المرقم 3623 ـ جنايات ـ1974 في 12ـ 4 ـ 1975 بان (إذا كانت عقوبة الجريمة السجن فإنها لا تقبل الصلح لان الصلح لا يقبل إلا في الجرائم المعاقب عليها بالحبس )
مجموعة الإحكام العدلية ـ قسم الإعلام القانوني في وزارة العدل ـ العدد الثاني ـ السنة السادسة , 1975 ، ص266 .
15- محمود محجوب عبد النور :الصلح وأثره في إنهاء الخصومة في الفقه الإسلامي ، ط1 ، دار الجيل ، بيروت ، 1987 ، ص33 ـ د. عباس الحسني : مصدر سابق ، ص122 علي عبد الله حمادة : وسائل بديلة ومستحدثة لمواجهة أزمة العدالة الجنائية ، بحث منشور على الموقع http://www.barasy.com
16- د. محمد معروف عبد الله : مصدر سابق ، ص157. وانظر أيضاً المذكرة الإيضاحية لقانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي والمذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الكويتي .
|
|
لصحة القلب والأمعاء.. 8 أطعمة لا غنى عنها
|
|
|
|
|
حل سحري لخلايا البيروفسكايت الشمسية.. يرفع كفاءتها إلى 26%
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تحتفي بذكرى ولادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام)
|
|
|